الصفـحة الرئيـسية دليل إستخدام البوابة باحث التشريعات باحث النقض باحث الدستورية باحث الإدارية العليا نحن

انضم الى قناة مرافعاتنا


إيقافتشغيل / السرعة الطبيعيةللأعلىللأسفلزيادة السرعة تقليل السرعة

متى كان يبين مما أورده الحكم أنه إنما استند إلى وجود دماء آدمية بملابس الطاعن, كقرينة يعزز بها أدلة الثبوت التى أوردها, ولم يتخذ منه دليلا أساسيا فى ثبوت الاتهام قبل الطاعنين, فإن النعى على الحكم استنادا إلى "أن الدماء لم تعرف فصيلتها وبالتالى فإن عجز الطاعن عن تعليل وجودها لا يؤدى إلى أن القول بأنها من دماء المجنى عليه ولا يسوغ الاستدلال بها" يكون غير مقبول(1).

وقررت محكمة النقض في حكمها

حيث إن مبنى الوجه الأول من الطعن هو الفساد فى الاستدلال، ذلك بأن الحكم المطعون فيه عول فى إدانة الطاعنين على أقوال الشاهد محمد إبراهيم إسماعيل فى التحقيقات رغم أنه عدل عنها فى جلستى المحاكمة وقرر أنه لم يستطع تمييز الجناة فى الظلام - وبالرغم من أن رواية الشاهد الأخيرة هى الأولى بالتصديق لما أثاره الحكم نفسه من أن الحادث وقع فى ظلام حالك فإن المحكمة أطرحتها لعلل غير سائغة.
وحيث أن الحكم المطعون فيه بعد أن بين واقعة الدعوى بما تتوافر به العناصر القانونية لجريمة القتل العمد مع سبق الإصرار والترصد التى دان بها الطاعنين وأورد على ثبوتها فى حقهما أدلة مستمدة من شهادة شهود الإثبات ومن أقوال الطاعنين ومن التقرير الطبى الشرعى وتقرير المعامل الكيماوية - عرض لأقوال محمد إبراهيم إسماعيل زوج المجنى عليها فى جلستى المحاكمة التى عدل فيها عن اتهام الطاعنين وأطرحها فى قوله: "ولا تعتد المحكمة بعد ذلك بتردد الشاهد الأول فى جلسة 11/ 5/ 1968 فى اتهام المتهمين بزعمه حين مناقشته تفصيلا أمام محكمة الجنايات أنه لم يتحقق من شخصية الجناة، كما لا تعتد المحكمة بعدول هذا الشاهد كلية بجلسة 11/ 1/ 1970 عن اتهام المتهمين الأربعة بمقولة أنه لم يتحقق البتة من قاتلى زوجته لأن ما تذرع به من انتشار الظلام حيث الحادث لا ينفى إمكان رؤية المرء لمن يتماسك معه أو لمن هو على مسافة خطوتين منه على ما قرر به هذا الشاهد ذاته - الأمر الذى تطمئن معه المحكمة إلى أن هذا العدول وذلك التردد من قبل الشاهد إنما مرجعهما رغبة فى استنقاذ المتهمين من براثن التهمة لكونهم أولاد عمومة جامعة ماسة سيما بعد مضى نيف وثلاث سنوات من تاريخ ارتكاب الحادث وهى فترة كافية لأن يرضخ فيها الشاهد للرجاء الملح بألا يضحى بعصوبته النسبية من جراء زوجة غريبة عنه وعن بلدته ولم يطل مكثها معه عن بعض عام. لما كان ذلك، وكان لمحكمة الموضوع بما لها من سلطة تقدير الأدلة أن تأخذ بما ترتاح إليه منها وأن تعول على أقوال الشاهد فى أية مرحلة من مراحل الدعوى ولو عدل عنها بعد ذلك، وكانت المحكمة قد أطمأنت إلى أقوال الشاهد فى التحقيقات للأسباب السائغة التى أوردتها فإن ما يثيره الطاعنان فى هذا الصدد ينحل إلى جدل موضوعى فى تقدير الدليل وهو ما تستقل به محكمة الموضوع ولا يجوز مجادلتها فيه أو مصادرة عقيدتها فى شأنه أمام محكمة النقض، ومن ثم يكون منعى الطاعنين على الحكم فى هذا الصدد غير سديد.
وحيث أن مبنى الوجه الثانى من الطعن هو التناقض فى التسبيب, ذلك بأن المحكمة اعتمدت فى إدانة الطاعنين على أقوال شاهد الإثبات بينما أهدرتها بالنسبة للمتهم الأخير الذى قضت ببراءته.
وحيث إنه لما كان من المقرر أن تقدير الأدلة بالنسبة إلى كل متهم هو من اختصاص محكمة الموضوع وحدها وهى حرة فى تكوين اعتقادها حسب تقديرها لتلك الأدلة واطمئنانها إليها بالنسبة إلى متهم وعدم اطمئنانها بالنسبة إلى ذات الأدلة بالنسبة إلى متهم آخر كما أن لها أن تزن أقوال الشهود فتأخذ منها بما تطمئن إليه فى حق أحد المتهمين وتطرح ما لا تطمئن إليه منها فى حق متهم آخر دون أن يكون هذا تناقضا يعيب حكمها ما دام يصح فى العقل أن يكون الشاهد صادقا فى ناحية من أقواله وغير صادق فى شطر منها وما دام تقدير الدليل موكولا إلى اقتناعها وحدها, فإن القضاء ببراءة المتهم الرابع لعدم اطمئنان المحكمة لأقوال شاهد الإثبات فى حقه لا يتناقض مع ما انتهى إليه الحكم من إدانة الطاعنين أخذا بأقوال الشاهد المذكور فى حقهما التى تأيدت بالأدلة الأخرى التى ساقتها المحكمة وثقت بها, ويكون ما ينعاه الطاعنان على الحكم من قالة التناقض فى التسبيب فى غير محله.
وحيث إن مبنى الوجهين الثالث والرابع من الطعن هو القصور فى التسبيب, ذلك بأن الحكم المطعون فيه سعيا منه للمواءمة بين الدليلين القولى والفنى حور فى شهادة شاهد الإثبات وصور الواقعة بأن الطاعنين انهالا على المجنى عليها بالسكين وضربا بالعصى الأمر الذى يخالف صريح شهادته من أن آلة الاعتداء التى استعملها الطاعنان هى العصا وحدها وأن المتهم الأول كان يحمل فأسا ولم يرد فى أقواله أن أيا من المتهمين كان يحمل سكينا.
وحيث إن الحكم المطعون فيه بعد أن أورد مضمون أقوال شاهد الرؤية فى التحقيقات من أن المتهم الأول - الذى قضت المحكمة بانقضاء الدعوى الجنائية بالنسبة له لوفاته - كان يحمل فأسا وأن كلا من الطاعنين كان يحمل عصا انهالا بها ضربا على المجنى عليها, عرض لقالة الدفاع بقيام التعارض بين الدليلين القولى والفنى ورد عليها فى قوله: "... كما لا تعتد المحكمة بما تبين من التقرير الطبى الشرعى من أن بالمجنى عليها جرحين قطعيين طعنيين يحدثان من جسم صلب حاد كسكين ومن أنه لم يرد بهذا التقرير ما يفيد استعمال الفأس فى الاعتداء على المجنى عليها - ذلك أن الظروف التى لازمت وقوع الحادث من مفاجأة وعجلة وليل لم تلحقه إضاءة, كل ذلك لا يدع للشاهد سبيلا للتحقق من بعض جزئيات الحادث كالآلة المستعملة فيه, ولاينال عدم تحققه منها من الاعتداد بأقواله عن الإسناد بعامة دعامة من دعامات الاتهام وركيزة من ركائزه." لما كان ذلك, وكان لمحكمة الموضوع أن تستبين الصورة الصحيحة التى وقع بها الحادث أخذا من كافة ظروف الدعوى وأدلتها واستنادا إلى المنطق والعقل, وكانت آلة الاعتداء ليست من الأركان الجوهرية فى الجريمة فإنه لا يقدح فى صحة الحكم أن يكون قد نسب إلى الطاعنين - دون سند من قالة شاهد الرؤية - أنهما استعملا مع العصى سكينا فى الإجهاز على المجنى عليها ما دام قد أثت فى حقهما بما لا يقبل الشك تواجدهما على مسرح الجريمة ومساهمتهما فى الاعتداء على المجنى عليها مع توافر ظرفى سبق الإصرار والترصد فى حقهما مما يجعلهما مسئولين عن نتيجة الاعتداء. ومن ثم يكون النعى على الحكم فى هذه الخصوصية غير سديد.
وحيث إن مبنى الوجه الخامس من الطعن هو القصور فى التسبيب, ذلك بأن الحكم المطعون فيه لم يورد من أقوال الخفيرين النظاميين وشيخ البلدة للشق الخاص بإنكار الطاعنين أمامهم للاتهام الموجه إليهم.
وحيث إنه من المقرر أن محكمة الموضوع لا تلتزم بأن تورد فى حكمها من أقوال الشهود إلا ما تقيم عليه قضاءها وفى عدم تعرضها لشق من أقوال بعض من سئلوا فى التحقيقات ما يفيد إطراحها لها إطمئنانا منها لأدلة الثبوت التى أوردها الحكم فإن ما يثيره الطاعنان فى هذا الشأن لا يكون له وجه.
وحيث إن مبنى الوجه السادس من الطعن هو الفساد فى الاستدلال، ذلك بأن حكم المطعون فيه اتخذ من تقرير المعامل الكيماوية الذى أثبت وجود دم آدمى بملابس الطاعن الثانى سندا مؤيدا لرواية شاهد الإثبات مع أن هذه الدماء لم تعرف فصيلتها ومن ثم فإن عجز هذا الطعن عن تعليل وجودها لا يؤدى إلى القول بأن هذه الدماء من دم المجنى عليها ولا يسوغ الاستدلال بها على إدانته.
وحيث إنه يبين من مطالعة الحكم المطعون فيه أنه بعد أن أورد أقوال شاهد الرؤية التى كانت ركيزة قضائه بالإدانة سرد أقوال الخفيرين النظاميين بما محصلة أنهما إنطلقا للبحث عن الطاعنين وبينما هما يتجهان صوب جسر طراد النيل إذ بالطاعنين يظهران وقد تلطخت ملابس ثانيهما كلها بالدماء وكان الطاعن الأول يسير برفقته فتوجه إليه أولهما بالسؤال عما فعلاه بالمجنى عليها فعاوده بالاعتراف بأنهما تخلصا منها بإلقائها فى النيل فقبضا عليهما واقتاداهما إلى شيخ البلدة. ثم أشار الحكم إلى أنه قد عثر بعد ذلك على جثة المجنى عليها طافية فى النيل وثبت من التحليل أن الدماء التى وجدت عالقة بملابس الطاعن الثانى دماء آدمية على عكس ما قرره فى التحقيقات من أنها دماء حيوان له ذبحه من يومين سابقين. لما كان ذلك, وكان يبين مما أورده الحكم مما سبق بيانه أنه إنما استند إلى وجود دماء آدمية بملابس الطاعن الثانى كقرينة يعزز بها أدلة الثبوت التى أوردها ولم يتخذ منه دليلا أساسيا فى ثبوت الاتهام قبل الطاعنين فإن النعى على الحكم فى هذه الخصوصية لا يكون مقبولا. 
وحيث إن مبنى الوجه الأخير من الطعن هو الإخلال بحق الدفاع, ذلك بأن الطاعنين دفعا بأن المجنى عليها لم تقتل فى المكان الذى عينه الشهود بدليل أن لم يعثر فى هذا المكان على آثار دماء إلا أن الحكم أطرح هذا الدفاع ورد عليه بما لا يصلح ردا.
وحيث إنه يبين من مطالعة الحكم المطعون فيه أنه عرض لما ساقه الدفاع عن الطاعنين فى هذا الوجه من الطعن ورد عليه فى قوله: "إن ما أثاره الدفاع من أن الحادث لم يقع بالمكان المشار إليه بالأوراق يدحضه العثور على طرحه المجنى عليها وفردة حذائها بذلك المكان" لما كان ذلك, وكان ما أورده الحكم ردا على منازعة الطاعنين فى مكان الحادث سائغا وله سنده الصحيح من أوراق الدعوى فإن ما يثيره الطاعنان فى هذا الوجه لا يكون له محل ولا يعدو أن يكون نعيا واردا على سلطة محكمة الموضوع فى استخلاص الصورة الحقيقية لواقعة الدعوى أخذا بأدلة الثبوت التى وثقت بها واطمأنت إليها مما تستقل به بغير معقب ولا يجوز الخوض فيه أمام محكمة النقض.
وحيث إنه لما تقدم, يكون الطعن برمته على غير أساس متعينا رفضه موضوعا.