وكذلك لا يجوز لمحكمة الموضوع فى جميع الأحوال أن تحكم بعكس ما قررته الهيئة العامة للمواد الجنائية بمحكمة النقض "لأن هذا النص قد خلا مما يقيد محكمة الإعادة فى هاتين الحالتين دون غيرهما والقول بغير ذلك تخصيص دون مقتض ولا سند له فضلاً عن أن ما تضمنه هذا النص لا يعدو فى حقيقته أن يكون من صور الالتزام بما تفصل فيه محكمة النقض من مسائل قانونية والذى يجب أن يعمم على كافة ما تفصل فيه محكمة النقض من هذه المسائل لتلتزم بها محكمة الإعادة، وحبذا لو تناول هذه المسألة تعديل تشريعى والقول بغير ذلك مضيعة للوقت والجهد لا طائل من ورائه إلا إطالة أمد التقاضى بغير مبرر فضلاً عن مجافاته للعقل والمنطق وتأباه طبيعة محكمة النقض التى هى فى الأصل محكمة القانون. لما كان ذلك، وكان يقصد بالمسألة القانونية فى هذا المجال هى تلك المسألة التى تكون قد طرحت على محكمة النقض وأدلت فيها برأيها عن قصد وبصر فاكتسب حكمها قوة الشىء المحكوم فيه بشأنها بحيث يمتنع على محكمة الإعادة عند نظر الدعوى المساس بهذه الحجية، وكان المشرع وإن ناط بالمحكمة الدستورية العليا تفسير القوانين، إلا أن ذلك لا يصادر حق جهات القضاء الأخرى فى تفسير القوانين وإنزال تفسيرها على الواقعة المعروضة عليها مادام لم يصدر بشأن النص المطروح تفسير ملزم من السلطة التشريعية أو من المحكمة الدستورية العليا طبقًا للأوضاع المقررة فى قانونها بشأن طلبات التفسير، وكانت محكمة النقض وهى محكمة لا تعلوها محكمة وبما تقتضيه وظيفتها من تفسير للقوانين قد تصدت لتفسير نصوص القانون رقم 54 لسنة 1964 بشأن الرقابة الإدارية وذلك فى حكمها الصادر فى الدعوى المعروضة بتاريخ..... وقضت بعدم ولاية هيئة الرقابة الإدارية بالنسبة لرجال القضاء وانحسار اختصاصها عنهم وانحصاره فى العاملين بالجهاز الحكومى بالدولة - ورتبت على ذلك آثارًا سبقت الإشارة إليها - فإنها تكون بذلك قد فصلت فى مسألة قانونية حازت قوة الشىء المحكوم فيه فى هذه الدعوى مما كان لازمه ألا تعاود محكمة الإعادة التصدى لهذه المسألة بأى حال من الأحوال بعد أن فصلت فيها محكمة النقض أو تناقش الآثار المترتبة على قضاء محكمة النقض فيها لما فى ذلك من مساس بحجية قضائها فى الدعوى، وكان يجب أن يقتصر بحثها فى المسائل التى لا تمس هذه الحجية وغنى عن البيان أن هذا القول لا يصادر حق محكمة الموضوع فى تفسير نصوص القوانين على غير ما تراه محكمة النقض ولكن يكون ذلك فى دعاوى أخرى لأن أحكام محكمة النقض ليس لها طبيعة لائحية وتقتصر حجيتها على حدود النزاع المطروح فى ذات الدعوى بين الخصوم أنفسهم ولا يمتد أثر هذه الحجية إلى غيرها. لما كان ما تقدم، فإنه ودون ما حاجة إلى مناقشة الأسباب التى ساقتها محكمة الإعادة وأجهدت نفسها فى البحث عنها وخالفت بها محكمة النقض ما كان لهذه المحكمة - محكمة الإعادة - أن تعاود بحث تلك المسألة مرة أخرى بعد أن قضت فيها محكمة النقض بحكم حاز قوة الأمر المقضى حتى لو صادف الدعوى بعد صدور حكم النقض حكم أو تفسير مغاير من جهة ملزمة لأن حجية الأحكام تسمو على اعتبارات النظام العام. وإذ غاب هذا النظر عن محكمة الإعادة أو خالفته فإن ذلك مما يعيب حكمها بمخالفة القانون والخطأ فى تطبيقه بما يوجب نقضه.
وقررت محكمة النقض في حكمها
حيث إن مما ينعاه الطاعنان على الحكم المطعون فيه أنه إذ دان الأول بجريمتى الرشوة والإخلال بواجبات وظيفته ودان الثانى بجرائم الوساطة فى الرشوة والإخلال بواجبات وظيفته والتوسط لدى قاض قد شابه مخالفة القانون والخطأ فى تطبيقه ذلك أن الطاعنين كانا قد تمسكا إبان المحاكمة الأولى بانحسار اختصاص هيئة الرقابة الإدارية عن مراقبة القضاة والكشف عن المخالفات التى تقع منهم وقد رفضت المحكمة هذا الدفع ورغم قضاء محكمة النقض بقبوله ومعاودة الطاعنان التمسك بهذا الدفع وبقضاء محكمة النقض أمام محكمة الإعادة إلا أن هذه المحكمة لم تأخذ به واطرحته بما يخالف القانون، مما يعيب حكمها بما يستوجب نقضه.
وحيث إنه يبين من الأوراق أن الطاعنين كانا قد تمسكا فى دفاعهما إبان المحاكمة الأولى بانحسار اختصاص هيئة الرقابة الإدارية عن مراقبة القضاة والكشف عن المخالفات التى تقع منهم وقضت محكمة أمن الدولة العليا بحكمها الصادر فى..... برفض هذا الدفع وبإدانة الطاعنين وغيرهما - على النحو المبين تفصيلاً بالأوراق - وإذ طعن الطاعنان فى هذا الحكم بطريق النقض قضت محكمة النقض بحكمها الصادر بتاريخ.... فى الطعن رقم.... لسنة.... قضائية بنقض الحكم المطعون فيه والإعادة تأسيسًا على بطلان إذن التسجيل الصادر بتاريخ..... لصدوره دون تحريات سابقة عليه وعلى انحسار اختصاص هيئة الرقابة الإدارية عن مراقبة القضاة والكشف عن المخالفات التى تقع منهم أثناء تأدية واجبات وظيفتهم ورتبت على ذلك بطلان الأذون الصادرة للشاهد الأول - عضو الرقابة الإدارية - وبطلان ما قام به من إجراءات وبطلان الدليل المستمد من شهادته وقضت ببراءة متهمين آخرين لانحسار الأدلة قبلهما فى الأدلة المستمدة من الإجراءات التى قضت ببطلانها إعمالا للأثر العينى للبطلان وأعادت القضية إلى محكمة أمن الدولة العليا لبحث مدى اتصال الأدلة الأخرى القائمة فى الدعوى بالنسبة للطاعنين بالأدلة الباطلة. وإذ عاود الدفاع عن الطاعنين أمام محكمة الإعادة التمسك بانحسار اختصاص هيئة الرقابة الإدارية عن مراقبة القضاة وبما قضت به محكمة النقض فى هذا الشأن فقضت محكمة الإعادة بحكمها المطعون فيه بإدانة الطاعنين وعولت فى قضائها - من بين ما عولت عليه - على أقوال عضو الرقابة الإدارية وما قام به من إجراءات واطرحت الدفع المبدى من الطاعنين بقولها "وحيث إنه عن الدفع المبدى من الدفاع عن المتهم الأول بعدم ولاية الرقابة الإدارية بالنسبة لرجال القضاء كسلطة مستقلة وما قاله من أن حكم محكمة النقض الصادر فى الدعوى هو حكم بات انتهى إلى عدم ولاية الرقابة الإدارية بالنسبة للسلطة القضائية لكونها سلطة مستقلة بمقتضى المادة 165 من الدستور والدفع المبدى من الدفاع عن المتهم الثانى ببطلان جميع الأذون التى أصدرها مجلس القضاء الأعلى بتواريخ...،...،...،... لبطلان التحريات لعدم اختصاص الرقابة الإدارية بالتحرى عن القضاة ومن ثم بطلان شهادة عضو الرقابة الإدارية. فمردود ذلك أن مبدأ الفصل بين السلطات لا يحول دون التداخل فيما بينها آية ذلك ما للسلطة التنفيذية من حق حل السلطة التشريعية وما للأخيرة من حجب الثقة عن الأولى وما للسلطة القضائية من رقابة على أعمال الإدارة (السلطة التنفيذية) ومن تبعية القضاة إداريًا لوزير العدل (السلطة التنفيذية) ومن تبعية المجلس الأعلى للصحافة (السلطة الرابعة) لمجلس الشورى (السلطة التشريعية) بحسبان دوران تلك السلطات فى فلك واحد هو الدولة، كما أن استقلال القضاء يعنى تحرر سلطته من أى تدخل من جانب السلطتين التشريعية والتنفيذية وعدم خضوع القضاة لغير القانون أى عدم الخضوع فى استخلاص كلمة القانون وتطبيقها لغير ضمير القاضى واقتناعه المجرد السليم "ولا يعنى استقلاله بانحرافه" كما أن الموظف بالجهاز الحكومى هو الذى يعهد إليه بعمل دائم فى خدمة مرفق عام تديره الدولة أو أحد أشخاص القانون العام الأخرى، عن طريق شغله منصبًا يدخل فى التنظيم الإدارى لذلك المرفق - وذلك وفقًا لتعريف الموظف الضيق فى القانون الإدارى حيث اعتبرت طوائف ليست من عداد الموظفين فى حكم الموظفين بالنسبة لبعض الجرائم أخذًا من المشرع بالمفهوم الواسع للموظف. كما أن القاضى وإن لم يكن موظفًا بمفهوم القانون الإدارى حيث إنه لا يعمل بمرفق عام أو معتبرًا فى حكم الموظف العام بالنسبة لجرائم معينة حيث إن المشرع لم يدرجه ضمن تلك الطوائف إلا أنه بلا جدال موظف عام بحسبان ما تربطه بالدولة من علاقة تنظيمية بمقتضى قانون الهيئة القضائية التى يعمل بها إثر تعيينه بالإدارة القانونية المقررة ويتقاضى عن عمله مرتبًا من الدولة - وإذ كان الأمر كذلك وكانت المادة 2/ ﺠ من القانون رقم 54/ 1964 قد نصت على اختصاص الرقابة الإدارية بالكشف عن المخالفات الإدارية والمالية والجرائم الجنائية التى تقع من الموظفين أثناء مباشرتهم واجبات وظائفهم إلى آخر ما نصت عليه. وكان القاضى موظفًا عامًا كما سلف القول فمن ثم تكون الرقابة الإدارية مختصة بالكشف عن المخالفات الإدارية والمالية والجرائم الجنائية التى تقع من القاضى أثناء مباشرته لواجبات وظيفته، ولا ينال من ذلك القول بانحسار اختصاص الرقابة الإدارية عن الكشف عن المخالفات التى تقع من القضاة وانحصار اختصاصها فى الجهاز الحكومى على سند ما نصت عليه المادة 4 من القانون سالف الذكر من أن الرقابة الإدارية تباشر اختصاصها فى الجهاز الحكومى إلى آخر ما نصت عليه لأن القول بذلك يصطدم مع مراد الشارع من حماية الوظيفة بصفة عامة من انحراف القائمين بها تستوى فى ذلك الوظيفة الحكومية والوظيفة القضائية والذى يظهر جليًا من نصه بالمادة 2/ ﺠ سالفة الذكر على اختصاص الرقابة الإدارية بالكشف عن المخالفات الإدارية والمالية والجرائم الجنائية التى تقع من الموظفين أثناء مباشرتهم لواجبات وظائفهم.... الخ. دون تفرقة بين موظف وآخر بل إن الوظيفة القضائية أجدر بالحماية من باب أولى ولا يحاج فى هذا الصدد من أنه لا اجتهاد مع صراحة النص إزاء ما نصت عليه المادة 4 من القانون سالف الذكر من أن الرقابة الإدارية تباشر اختصاصاتها فى الجهاز الحكومى..... الخ. ذلك أن صراحة النص لا تحول دون تفسيره وصولاً إلى مراد الشارع الذى عبر عنه بالمادة 2/ ﺠ من القانون سالف الذكر حسبما سلف بيانه. ومن الطرق التى يستعان بها وصولاً لذلك الهدف القياس من باب أولى آية ذلك ما نصت عليه المادة 237 عقوبات صراحة من أنه (من فاجأ زوجته حال تلبسها بالزنا وقتلها فى الحال هى ومن يزنى بها يعاقب بالحبس بدلاً من العقوبات المقررة فى المادتين 234، 236) أى يعاقب بعقوبة الجنحة بدلاً من عقوبة الجناية. فإن صراحة هذا النص بتحديده جريمة القتل لم تحل دون تطبيقه على من يحدث بزوجته إصابة تتخلف لديها من جرائها عاهة مستديمة إذا ما فاجأها فى تلك الحالة وذلك بطريق القياس من باب أولى. وطريقة الاستنتاج بطريقة القياس آية ذلك ما نصت عليه المادة 312 عقوبات صراحة من أنه (لا تجوز محاكمة من يرتكب سرقة إضرارًا بزوجه أو زوجته أو أصوله أو فروعه إلا بناءً على طلب من المجنى عليه)، فإن صراحة هذا النص بتحديده جريمة السرقة لم تحل دون تطبيقه على النصب وخيانة الأمانة تحقيقًا لمراد الشارع وذلك بطريقة الاستنتاج بطريق القياس ولا ينال من ذلك القول بأن بعض اختصاصات الرقابة الإدارية لا يتأتى ممارستها بالنسبة لأعمال السلطة القضائية إذ هى مقيدة بالنسبة لرجال القضاء بالقواعد المنصوص عليها بقانون السلطة القضائية بحيث يقتصر دورها على التحرى والأمر بعد ذلك متروك لمجلس القضاء الأعلى شأنها فى ذلك شأن الجهات المعنية بجهاز الشرطة التابع للسلطة التنفيذية والذى لم يقل أحد بانحسار اختصاصها عن الكشف عن المخالفات التى تقع من القضاة ولا ينال من ذلك ما قاله الدفاع عن المتهم الأول من أن حكم محكمة النقض الصادر فى الدعوى وهو حكم بات انتهى إلى عدم ولاية الرقابة الإدارية بالنسبة للسلطة القضائية لكونها سلطة مستقلة بمقتضى نص المادة 165 من الدستور ذلك ببيتوتة هذا الحكم تعنى حيازته لقوة الأمر المقضى فيما قضى به من براءة من ارتأى براءتهما أما بالنسبة لما عدا ذلك فلمحكمة الإعادة مخالفة ما جاء بأسبابه. لما كان ذلك، وكان يتعين الإشارة بادئ ذى بدء إلى أن الحكم المطعون فيه قد تردى فى خطأ حينما أشار إلى أنه يخالف حكم محكمة النقض فى أسبابه لأنه لم يخالف أسبابًا ولكنه خالف قضاء يتضمن فصلاً فى مسألة قانونية تتعلق بمدى ولاية هيئة الرقابة الإدارية بالنسبة لرجال السلطة القضائية، وقضى فيها بعدم ولايتها بالنسبة لهم وانحسار اختصاصها عنهم، وقد اعتنق الحكم المطعون فيه فى رده على الدفع المبدى من الطاعنين فى هذا الشأن مفهومًا سائدًا بأن محكمة الإعادة لا تتقيد بما تنتهى إليه محكمة النقض، فإنه يتعين القول بأنه إن صح هذا المفهوم بالنسبة لتقدير الوقائع والمسائل الموضوعية التى تتمتع محكمة الموضوع بحرية فى تقديرها، فإنه بالنسبة للمسائل القانونية فإن الأمر مختلف لأن القانون رقم 57 لسنة 1959 بشأن حالات وإجراءات الطعن أمام محكمة النقض فى المواد الجنائية ولئن خلا من نص مماثل لما نصت عليه المادة 269 من قانون المرافعات المدنية والتجارية فى فقرتها الثانية من أنه يتحتم على المحكمة التى أحيلت إليها القضية أن تلتزم بما انتهت إليه محكمة النقض فيما فصلت فيه من مسائل قانونية، فإن هذا المبدأ واجب الإعمال فى المواد الجنائية أيضًا لأنه لا وجه للتفرقة بين ما تفصل فيه محكمة النقض من مسائل قانونية مدنية كانت أو جنائية بل إن وجوب تقيد محكمة الإعادة بما تفصل فيه محكمة النقض من مسائل قانونية فى المواد الجنائية أوجب وألزم لتعلقها بالحريات التى يجب أن تستقر المبادئ التى تحكمها وتكفل حمايتها، ولا يتأتى ذلك إلا بالالتزام بما تفصل فيه محكمة النقض من مسائل قانونية ولا يعترض على ذلك بما نصت عليه المادة 44 من القانون 57 لسنة 1959 سالف الذكر من أنه "إذا كان الحكم المطعون فيه صادرًا بقبول دفع قانونى مانع من السير فى الدعوى ونقضته محكمة النقض وأعادت القضية إلى المحكمة التى أصدرته لنظر الموضوع فلا يجوز لهذه المحكمة أن تحكم بعكس ما قضت به محكمة النقض - كذلك لا يجوز لمحكمة الموضوع فى جميع الأحوال أن تحكم بعكس ما قررته الهيئة العامة للمواد الجنائية بمحكمة النقض "لأن هذا النص قد خلا مما يقيد محكمة الإعادة فى هاتين الحالتين دون غيرهما والقول بغير ذلك تخصيص دون مقتض ولا سند فضلاً عن أن ما تضمنه هذا النص لا يعدو فى حقيقته من صور الإلزام بما تفصل فيه محكمة النقض من مسائل قانونية والذى يجب أن يعمم على كافة ما تفصل فيه محكمة النقض من هذه المسائل لتلتزم بها محكمة الإعادة، وحبذا لو تناول هذه المسألة تعديل تشريعى والقول بغير ذلك مضيعة للوقت والجهد لا طائل من ورائه إلا إطالة أمد التقاضى بغير مبرر فضلاً عن مجافاته للعقل والمنطق وتأباه طبيعة محكمة النقض التى هى فى الأصل محكمة القانون. لما كان ذلك، وكان يقصد بالمسألة القانونية فى هذا المجال هى تلك المسألة التى تكون قد طرحت على محكمة النقض وأدلت فيها برأيها عن قصد وبصر فاكتسب حكمها قوة الشىء المحكوم فيه بشأنها بحيث يمتنع على محكمة الإعادة عند نظر الدعوى المساس بهذه الحجية، وكان المشرع وإن ناط بالمحكمة الدستورية العليا تفسير القـوانين، إلا أن ذلك لا يصادر حق جهات القضاء الأخرى فى تفسير القوانين وإنزال تفسيرها على الواقعة المعروضة عليها مادام لم يصدر بشأن النص المطروح تفسير ملـزم من السلطة التشريعية أو من المحكمة الدستورية العليا طبقًا للأوضاع المقررة فى قانونها بشأن طلبات التفسير، وكانت محكمة النقض وهى محكمة لا تعلوها محكمة وبما تقتضيه وظيفتها من تفسير للقوانين قد تصدت لتفسير نصوص القانون رقم 54 لسنة 1964 بشأن الرقابة الإدارية وذلك فى حكمها الصادر فى الدعوى المعروضة بتاريخ 25 من سبتمبر سنة 2002 وقضت بعدم ولاية هيئة الرقابة الإدارية بالنسبة لرجال القضاء وانحسار اختصاصها عنهم وانحصاره فى العاملين بالجهاز الحكومى بالدولة - ورتبت على ذلك آثارًا سبقت الإشارة إليها - فإنها تكون بذلك قد فصلت فى مسألة قانونية حازت قوة الشىء المحكوم فيه فى هذه الدعوى مما كان لازمه ألا تعاود محكمة الإعادة التصدى لهذه المسألة بأى حال من الأحوال بعد أن فصلت فيها محكمة النقض أو تناقش الآثار المترتبة على قضاء محكمة النقض فيها لما فى ذلك من مساس بحجية قضائها فى الدعوى، وكان يجب أن يقتصر بحثها فى المسائل التى لا تمس هذه الحجية - وغنى عن البيان أن هذا القول لا يصادر - حق محكمة الموضوع فى تفسير نصوص القوانين على غير ما تراه محكمة النقض ولكن يكون ذلك فى دعاوى أخرى لأن أحكام محكمة النقض ليس لها طبيعة لائحية وتقتصر حجيتها على حدود النزاع المطروح فى ذات الدعوى بين الخصوم أنفسهم ولا يمتد أثر هذه الحجية إلى غيرها. لما كان ما تقدم، فإنه ودون ما حاجه إلى مناقشة الأسباب التى ساقتها محكمة الإعادة وأجهدت نفسها فى البحث عنها وخالفت بها محكمة النقض ما كان لهذه المحكمة - محكمة الإعادة - أن تعاود بحث تلك المسألة مرة أخرى بعد أن قضت فيها محكمة النقض بحكم حاز قوة الأمر المقضى حتى لو صادف الدعوى بعد صدور حكم النقض حكم أو تفسير مغاير من جهة ملزمة لأن حجية الأحكام تسمو على اعتبارات النظام العام. وإذ غاب هذا النظر عن محكمة الإعادة أو خالفته فإن ذلك مما يعيب حكمها بمخالفة القانون والخطأ فى تطبيقه بما يوجب نقضه - دون حاجة لبحث باقى أوجه الطعن - ولما كان الطعن مقدمًا لثانى مرة فإنه يتعين تحديد جلسة لنظر الموضوع عملاً بنص المادة 45 من قانون حالات وإجراءات الطعن أمام محكمة النقض الصادر بالقانون رقم 57 لسنة 1959.