الصفـحة الرئيـسية دليل إستخدام البوابة باحث التشريعات باحث النقض باحث الدستورية باحث الإدارية العليا نحن

انضم الى قناة مرافعاتنا


إيقافتشغيل / السرعة الطبيعيةللأعلىللأسفلزيادة السرعة تقليل السرعة

طبقاً للمادة 290 مرافعات يجوز للمحكمة أن تحكم بتزوير الورقة المقدمة إليها ولو لم يدع أمامها بالتزوير، فإن هي استعملت حقها هذا فإنها لا تكون قد قضت بما لم يطلبه الخصوم

وقررت محكمة النقض في حكمها

بعد الاطلاع على الأوراق وسماع التقرير الذي تلاه السيد المستشار المقرر والمرافعة وبعد المداولة.
حيث إن الطعن استوفى أوضاعه الشكلية.
وحيث إن الوقائع تتحصل - كما يبين من الحكم المطعون فيه وسائر أوراق الطعن - في أن الطاعنة أقامت على المطعون ضدهم الدعوى رقم 342 سنة 1953 كلي أمام محكمة أسيوط الابتدائية طالبة الحكم بإثبات صحة التعاقد عن عقد البيع العرفي المؤرخ في 5 من أكتوبر سنة 1946 والصادر إليها من مورث المطعون ضدهم ببيع أربعة عشر فداناً نظير ثمن قدره ألفان وثمانمائة جنيه مع التسليم. دفع المطعون ضدهم الدعوى بأن عقد البيع موضوع هذه الدعوى هو عقد مزور وأضافوا بأن ظروف تحريره تدل على أنه اصطنع في اللحظات الأخيرة من حياة المورث فيأخذ حكم الوصية وإذ لم تحرر بخط المتوفى أو لم يصدق على توقيعه عليها فإنها تعتبر باطلة وبتاريخ 17 من نوفمبر سنة 1953 قرر الحاضر عن المطعون ضدهم بالطعن بالتزوير على عقد البيع المذكور مؤيداً طعنه بشواهد عدة حاصل الشاهد الأول منها أن مورث المطعون ضدهم سلم إلى الأستاذ سعد أبو رويش باعتباره محامياً عنه في قضاياه وزوجاً لحفيدته الطاعنة ورقة ممضاة منه على بياض أثبت في أعلاها طلب سماد لزراعة القطن وترك البياض ليملأه المحامي ببيان الأطيان المطلوب السماد عنها إلا أنه قامت عقبات دون الطلب المذكور واستغنى عنه المورث لكن الورقة ظلت تحت يد المحامي فملأ فراغها بصيغة عقد بيع نسب صدوره من مورث المطعون ضدهم إلى الطاعنة ببيع أربعة عشر فداناً نظير ثمن قدره 4800 ج ومحكمة أسيوط الابتدائية قضت في 27 من يناير سنة 1954 بإحالة الدعوى إلى التحقيق ليثبت المدعى عليهم (المطعون ضدهم) بكافة الطرق القانونية ما تضمنه الشاهد الأول على أن يكون للمدعية (الطاعنة) النفي مقيمة قضاءها في هذا الصدد على أن ما ينسبه المطعون ضدهم إلى الطاعنة بالشاهد الأول من شواهد التزوير يعتبر خيانة أمانة منطبقة على الفقرة الأولى من المادة 340 من قانون العقوبات فلا يجوز الإثبات بشهادة الشهود أو القرائن إلا إذا وجد مانع أدبي وأن في العلاقة بين زوج الطاعنة ومورث المطعون ضدهم باعتبار ذلك الزوج وكيلاً عن الأخير في قضاياه وزوجاً لحفيدته ما يعتبر مانعاً أدبياًًً يحول دون الحصول على كتابة تثبت الغرض الذي من أجله سلمت الورقة على بياض وبعد أن نفذت المحكمة حكم التحقيق بسماع شهود الطرفين إثباتاً ونفياً قضت في 18 من مايو سنة 1955 برفض الدعوى مقيمة قضاءها - بعد إطراحها أقوال الشهود جميعاً على ما ساقته من عندها من قرائن رأت منها أنها تستيقن من ظاهر العقد وملابساته أن مورث المطعون ضدهم قد وقع على ورقة على بياض ثم سلمها إلى الأستاذ سعد أبو رويش زوج الطاعنة لشأن من شئونه القانونية التي يباشرها عنه ذلك المحامي وهو شأن لم يكشف عنه التحقيق - لكن المحامي ملأ فراغ الورقة بصيغة عقد البيع موضوع الدعوى وهي واقعة اعتبرتها المحكمة خيانة أمانة - رفعت الطاعنة استئنافاً عن هذا الحكم قيد برقم 116 سنة 33 قضائية ومحكمة استئناف أسيوط قضت في 6 من أبريل سنة 1960 بتأييد الحكم المستأنف - طعنت الطاعنة في هذا الحكم بطريق النقض وقدمت النيابة العامة مذكرة طلبت فيها رفض الطعن وعرض الطعن على دائرة فحص الطعون فقررت إحالته إلى هذه الدائرة وبالجلسة المحددة لنظره صممت النيابة على رأيها السابق.
وحيث إن الطاعنة تنعى بالسبب الأول على الحكم الصادر من المحكمة الابتدائية في 27 من يناير سنة 1954 الذي أيده الحكم المطعون فيه أنه قد شابه بطلان جوهري لمخالفته نص المادة 116 من قانون المرافعات لأن ذلك الحكم الابتدائي لم يرد به ذكر لتلاوة تقرير التلخيص الذي أوجبت المادة 116 المشار إليها وضعه وتلاوته ومن ثم يكون هذا الحكم باطلاً ويكون باطلاً بالتالي محضر التحقيق الذي عمل تنفيذاً له - كما أن الحكم المطعون فيه قد شابه البطلان أيضاً... ذلك أنه وإن ورد به ما يفيد تلاوة محكمة الاستئناف تقرير التلخيص إلا أن التقرير الذي تلي على ما يبين من صورته المقدمة بملف الطعن ليس هو التقرير الذي عناه المشرع في المادة 116 المشار إليها إذ لم يشر إلى أن محكمة الدرجة الأولى قد التفتت عن الطعن بالتزوير الذي صور به المطعون ضدهم طعنهم على عقد البيع واعتبرته في حقيقته خيانة أمانة - كما لم يشر التقرير أيضاً إلى تنازل المطعون ضدهم عن الطعن بالتزوير مع ما لهذين الأمرين من الأثر في تبيان موضوع الدعوى وطلبات الخصوم فيها هذا إلى أن هذا التقرير عند تعرضه لدفاع الخصوم ودفاعهم قد أحال في معظمها على صحيفة الاستئناف وبذلك جاء عديم الجدوى غير محقق للغرض منه - كما أن السيد المستشار واضع التقرير لم يكن من بين أعضاء الهيئة التي أصدرت الحكم المطعون فيه مما كان يتعين معه وضع تقرير جديد وتلاوته.
وحيث إن النعي مردود في شقه الأول بأنه وإن خلت الصورة الرسمية للحكم الابتدائي والتي قدمتها الطاعنة لهذه المحكمة مما يفيد تلاوة تقرير التلخيص إلا أنه من المقرر أنه يجوز الاستدلال من محاضر الجلسات على تلاوة تقرير التلخيص في حالة خلو الحكم من هذا البيان وإذ كانت الطاعنة لم تقدم لهذه المحكمة سوى محضر جلسة 16 من أكتوبر سنة 1953 الذي أشار إلى أن القضية أجلت لجلسة 18 من نوفمبر سنة 1953 ولم تقدم الطاعنة صورة رسمية من محضر هذه الجلسة الأخيرة لتثبت خلوه أيضاً مما يفيد حصول تلك التلاوة فإن نعيها على الحكم بالبطلان لعدم تلاوة المحكمة تقرير التلخيص يكون عارياً عن الدليل - والنعي مردود في شقه الثاني بأنه يبين من الصورة الرسمية لتقرير التلخيص الذي تلته محكمة الاستئناف والمقدمة بملف الطعن أن هذا التقرير تضمن بياناً لموضوع الدعوى وطلبات الخصوم ودفاعهم ودفوعهم فيها وأشار إلى بعض أسباب الاستئناف وأحال في باقيها إلى صحيفة الاستئناف - ولما كان كل ما أوجبه القانون في المادتين 407 مكرراً و408 من قانون المرافعات أن يضع العضو المقرر في الدائرة الاستئنافية تقريراً يلخص فيه موضوع الاستئناف وطلبات الخصوم وأسانيد كل منهم ودفوعهم ودفاعهم وأن يتلى هذا التقرير في الجلسة ومن ثم فإن التقرير على النحو المشار إليه يكون متضمناً جميع البيانات التي أوجب القانون اشتماله عليها - ولا يغير من ذلك أن أشار التقرير - استتماماً لبعض عناصره - إلى ما جاء بصحيفة الاستئناف في شأنها إذ أن هذه الإحالة تفيد أن الحكم اعتبر ما أحال إليه جزءاً متمماً للتقرير على تقدير منه بوجوب تلاوته بنصه أما ما تنعاه الطاعنة من إغفال وضع تقرير جديد وتلاوته عند تغيير بعض أعضاء الهيئة فمردود بأنه وإن كان يجب تلاوة التقرير من جديد عند حصول هذا التغيير إلا أنه لا يشترط أن يكون التقرير الذي يتلى في هذه الحالة من عمل أحد أعضاء الهيئة الجديدة بل يكفي تلاوة التقرير الذي وضعه العضو المقرر الأول لأن تلاوة هذا التقرير تفيد أن العضو الذي تلاه قد أقره وتبناه ولم يجد داعياً لوضع تقرير جديد وتتحقق بهذه التلاوة الغاية من إيجاب وضع التقرير وتلاوته ومن ثم يكون النعي على غير أساس.
وحيث إن الطاعنة تنعى بالسبب الثاني على الحكم المطعون فيه مخالفة المواد 346، 348، 350 من قانون المرافعات وفي بيان ذلك تقول إنها تقدمت في يوم 24 من أبريل سنة 1960 إلى قلم كتاب محكمة استئناف أسيوط للاطلاع على مسودة الحكم فلم تجدها بالملف فطلبت من الكاتب المختص شهادة بذلك لكنه امتنع عن إعطائها تلك الشهادة مما حدا بها إلى إبلاغ الأمر إلى رئيس نيابة استئناف أسيوط الذي أصدر أمراً إلى الكاتب المختص لإعطائها الشهادة المطلوبة فحرر لها الكاتب شهادة فحواها أن مسودة الحكم أودعت في 6/ 4/ 1960 وقد طلبت الطاعنة الاطلاع على هذه المسودة إلا أن الكاتب رفض ذلك لأن الملف وما به من مسودة الحكم ونسخته الأصلية لم يكن موجوداً بالمحكمة فاضطرت الطاعنة لإبلاغ الأمر إلى النيابة لإجراء التحقيق في ذلك ولما كان التحقيق لم ينته خلال ميعاد الطعن فإن الطاعنة لم تستطع أن تقدم صورة منه للدلالة على أن مسودة الحكم ونسخته الأصلية لم يودعا في الميعاد القانوني وهو الأمر المخالف لنص المادتين 348، 350 من قانون المرافعات مما يشوب الحكم بالبطلان.
وحيث إن هذا النعي مردود بأنه وإن كان عدم إيداع مسودة الحكم عقب النطق به إذا كان النطق به محدداً له جلسة غير جلسة المرافعة موجباً لبطلان الحكم حسبما تقضي بذلك المادة 346 من قانون المرافعات إلا أنه لما كانت الطاعنة لم تقدم الدليل على عدم إيداع المسودة عقب النطق بالحكم كما لم تقدم ما يدل على إجراء التحقيقات المشار إليها بسبب الطعن فإن نعيها بهذا السبب يكون عارياًً عن الدليل.
وحيث إن الطاعنة تنعى بالسبب الثالث على الحكم المطعون فيه مخالفة القانون والقصور في التسبيب لعدم رده على ما أبدته من دفاع جوهري وفي بيان ذلك تقول إن المطعون ضدهم أبدوا دفاعهم في الدعوى في المذكرة التي قدموها إلى محكمة الدرجة الأولى والتي قدمت الطاعنة صورة رسمية منها أمام هذه المحكمة وحاصل دفاعهم كما جاء بهذه المذكرة أنهم طعنوا على عقد البيع بالتزوير وأضافوا طعناً آخر هو أن العقد عمل في اللحظات الأخيرة من حياة مورثهم مما يعتبر معه العقد وصية باطلة لعدم تحريرها كلها بخط المتوفى أو التصديق على توقيعه عليها - وتقول الطاعنة إنها تمسكت أمام محكمة الاستئناف بأن طعنهم على العقد بالوصية يعتبر إقراراً منهم بصدوره من المورث وأنه لما كان المطعون ضدهم قد تنازلوا عن الطعن بالتزوير أمام محكمة الدرجة الأولى فقد كان يجب أن يحاجوا بهذا الإقرار وأن يقضى في الدعوى على أساسه - لكن الحكم المطعون فيه رغم تمسك الطاعنة بهذا الدفاع الجوهري والذي قد يتغير به وجه الرأي في الدعوى لم يعن بالرد عليه فجاء مشوباً بالقصور. هذا إلى أن في عدم إعمال حكم الإقرار باعتباره حجة قاطعة على المقر مخالفة لنص المادتين 408 و409 من القانون المدني كما أن الحكم قد خالف القانون أيضاً حين أجاز إثبات عكس ما ورد في عقد البيع بالبينة.
وحيث إن هذا النعي مردود بأن الحكم الابتدائي الذي أيده الحكم المطعون فيه قد أورد في أسبابه رداً على ما أثارته الطاعنة من أن الطعن على العقد بالوصية يعتبر إقراراً بصحته - أورد ما يلي "كما أن الطعن عليه "أي على عقد البيع" من جانب المدعى عليهم (المطعون ضدهم) في أول مذكرة بأنه لو صح ينطوي على وصية باطلة وذلك بعد الطعن عليه بالتزوير فلا تناقض فيما ذهبوا إليه وليس في ذلك ما يضفي على العقد الإقرار بصحته وإنما هو دفع احتياطي لما عساه أن تنتهي إليه عقيدة المحكمة بصدد الطعن بالتزوير" وهذا الذي قرره الحكم فيه الرد الكافي على ما أثارته الطاعنة من دفاع في هذا الخصوص ذلك أن المطعون ضدهم انتهوا في المذكرة المشار إليها إلى طلب رفض الدعوى على أساس أن العقد مزور فإن ثبتت صحته فعلى أساس أنه وصية باطلة لصدوره في اللحظات الأخيرة من حياة مورثهم، والقول بالأساس الثاني لا يعتبر بمثابة إقرار من المطعون ضدهم بصحة العقد إذ أنه لا يعتبر إقراراً ما يسلم به الخصم اضطراراً واحتياطاً لما عسى أن تتجه إليه المحكمة من إجابة الخصم إلى بعض طلباته إلا أن هذا التسليم لا ينطوي على نزول من جانب صاحبه عن حقه في مطالبة خصمه بإثبات ما يدعيه ومن ثم فإن الحكم المطعون فيه حين قرر أن تسليم المطعون ضدهم بأن العقد يعتبر وصية باطلة لا يعتبر إقراراً حتى يكون حجة على المطعون ضدهم - لا يكون مخالفاً للقانون - أما النعي على الحكم بتجويزه الإثبات بالبينة فيما يخالف ما اشتمل عليه دليل كتابي فمردود بأن الحكم المطعون فيه قد خالف الحكم الابتدائي في تكييفه للواقعة المنسوبة إلى الطاعنة فلم يعتبرها خيانة أمانة كما ذهب إلى ذلك الحكم الابتدائي بل اعتبرها تزويراً تأسيساً على ما انتهى إليه في فهم الواقع من أصل الورقة التي حرر عليها عقد البيع موضوع الدعوى سلمت من مورث المطعون ضدهم إلى زوج الطاعنة باعتباره وكيلاً عنه في أعماله القضائية وقد صدرت هذه الورقة بعبارة طلب سماد ثم ترك تحت هذه العبارة فراغ لملئه بالبيانات اللازمة للطلب ووقع المورث بعد هذا الفراغ ثم حصلت الطاعنة على هذه الورقة ونزعت الجزء المشتمل على العنوان وملأت فراغ الورقة بشروط عقد البيع مثار النزاع ولما كان التكييف الصحيح لهذه الواقعة كما حصلتها المحكمة هو أنها تزوير إذ أن إزالة العنوان الذي كان مكتوباً بصدر الورقة للدلالة على طلب السماد إنما هو تغيير للحقيقة بالحذف وقد صاحب هذا الحذف إنشاء العقد المزور الذي كتب فوق الإمضاء فأصبح الفعلان تزويراً اجتمع فيه طريقتان من طرق التزوير المادي إحداهما حذف بيان من المحرر وثانيهما اصطناع عقد البيع - ولما كان يجوز للمحكمة بناء على نص المادة 290 من قانون المرافعات ولو لم يدع أمامها بالتزوير أن تحكم بتزوير الورقة فإن محكمة الاستئناف إذ كيفت الواقعة بأنها تزوير وأجازت بالتالي إثباتها بكل الطرق ثم استعملت حقها في الحكم بتزوير الورقة فإنها لا تكون مخالفة للقانون ويستوي في ذلك إن لم يطعن على الورقة بالتزوير أو طعن عليها وتنازل الطاعن عن طعنه ومن ثم يكون النعي برمته على غير أساس.
وحيث إن الطاعنة تنعى بالأسباب الرابع والسابع والثامن على الحكم المطعون فيه البطلان ومخالفة القانون وفي بيان ذلك تقول إن الحكم المطعون فيه قضى برفض الدعوى تأسيساً على أن عقد البيع هو عقد مزور مع أن المطعون ضدهم قد تنازلوا عن الادعاء بالتزوير فجاء قضاء الحكم في هذا الخصوص قضاء بما لم يطلبه الخصوم - كما أن الحكم في قضائه بالتزوير قد خالف قضاءاً نهائياً وهو القضاء الصادر به حكم المحكمة الابتدائية في 27/ 1/ 1954 والذي اعتبر الواقعة خيانة أمانة. هذا إلى أن القضاء بالتزوير قد أساء إلى مركز الطاعنة وأفاد المطعون ضدهم مع أنها هي التي استأنفت الحكم الابتدائي ولا يفيد من الطعن إلا من رفعه وأضافت الطاعنة أن تكييف الحكم المطعون فيه للواقعة على أنها تزوير بطريقتي الحذف والاصطناع إنما هو تكييف غير صحيح لأن شرط اعتباره كذلك أن يثبت على وجه اليقين ما كان مكتوباً في أعلا الورقة ثم حذف وكلا الحكمين الابتدائي والاستئنافي لم يثبت ذلك.
وحيث إن هذا النعي مردود بما سبق الرد به على السبب السابق من أنه يجوز للمحكمة بناء على نص المادة 290 من قانون المرافعات ولو لم يدع أمامها بالتزوير أن تحكم بتزوير الورقة فإذا استعملت المحكمة حقها هذا فإنها لا تكون قد قضت بما لم يطلبه الخصوم أما النعي على الحكم بمخالفته قضاء المحكمة الابتدائية النهائي فمردود بأنه ليس في الأوراق ما يفيد أن هذا القضاء قد أصبح نهائياً بل إن الطاعنة قد استأنفته مع الحكم الصادر في الموضوع كما هو ثابت من صحيفة الاستئناف على أن ما فعلته المحكمة لا يعدو أنها كيفت الواقعة بكيفها الصحيح والتكييف أمر يتعين على القاضي أن يقوم به من تلقاء نفسه ولو لم يطلب إليه أي من الخصوم ذلك ولا يعتبر هذا التكييف مخالفة للقضاء النهائي الذي تضمنه قضاء المحكمة الابتدائية في 27/ 1/ 1954 لأن ما فصل فيه ذلك الحكم هو جواز إثبات ما اشتمل عليه العقد بالبينة والحكم المطعون فيه لم يخرج عن هذا القضاء النهائي حين قضى بجواز الإثبات بالبينة وإن كان قد برر هذا التجويز بأن الواقعة تعتبر تزويراً ولا يعتبر ما أسبغه الحكم المطعون فيه على الواقعة من تكييف صحيح إساءة لمركز الطاعنة ما دام الحكم المطعون فيه لم يخرج في قضائه عما قضى به الحكم الابتدائي من جواز الإثبات بالبينة - وما دام ما انتهى إليه الحكم المطعون فيه من تكييف للواقعة هو التكييف الصحيح لها فإنه لا يهم بعد ذلك أن يكون الحكم لم يبين على وجه اليقين ما تناوله الحذف إذ بحسبه أن يثبت - في حدود سلطته التقديرية - أن ذلك الجزء المحذوف أياً كان مضمونه - لم يكن متعلقاً بتحرير عقد بيع.
وحيث إن الطاعنة تنعى بالسببين الخامس والسادس على الحكم المطعون فيه التخاذل ومخالفة القانون وفي بيان ذلك تقول إن هذا الحكم لم يبين على وجه اليقين فحوى العنوان المحذوف وبالتالي فلم يبين الغرض الحقيقي الذي من أجله سلمت الورقة كما لم يبين كيف حصلت الطاعنة على توقيع المورث مكتفياً بالقول بأن الورقة سلمت على بياض والأمر على هذا النحو لا يكون قاطعاً في تزوير العقد لاحتمال أن يكون من بين أغراض تسليم الورقة على بياض هو ملء فراغ الورقة بعقد البيع وبذلك جاء الحكم متخاذلاً في هذا الصدد - هذا إلى أن إثبات ملء هذا الفراغ بما يخالف ما اتفق عليه لا يكون إلا بالكتابة وتضيف الطاعنة أنه مع افتراض وجود المانع الأدبي على النحو الذي صوره الحكم فإن ذلك كان يستلزم تكليف المطعون ضدهم بإثبات أن الورقة سلمت على بياض لغرض معين متفق عليه مع المورث وأن الطاعنة خالفت هذا الاتفاق وإذ لم يثبت الحكم هذا الغرض المعين فقد انهار أساس القول بالمانع الأدبي لأن تسلم الورقة على بياض لا يمنع الاتفاق على ملء فراغ الورقة بعقد البيع وبذا جاء الحكم مخالفاً للقانون.
وحيث إن هذا النعي مردود بما سبق الرد به على الأسباب المتقدمة من أنه لا يهم في الأمر بيان ما كان في الجزء المنزوع من الورقة ما دامت المحكمة قد نفت في حدود سلطتها الموضوعية أن الجزء المنزوع من الورقة كان متعلقاً بعقد البيع وأن الغرض الذي من أجله سلمت الورقة هو تحرير عقد بيع أما ما تثيره الطاعنة في خصوص المانع الأدبي فإن الحكم المطعون فيه وقد انتهى في قضائه إلى أن الواقعة تعتبر تزويراً يجوز إثباتها بكافة طرق الإثبات فإن الحكم لم يكن بعد بحاجة إلى الالتجاء إلى المانع الأدبي لتبرير الإثبات بالبينة ومن ثم يكون ما جاء بالحكم في شأن توافر المانع الأدبي الذي قال به الحكم الابتدائي تزيداً يستقيم الحكم بدونه ويكون النعي على ما ورد بالحكم في هذا الخصوص غير منتج.
وحيث إن الطاعنة تنعى بالسبب التاسع على الحكم المطعون فيه القصور في التسبيب لعدم الرد على ما أثارته من دفاع وفي بيان ذلك تقول إنها تحدثت في صحيفة الاستئناف وفي مذكرتها التي قدمتها لمحكمة الاستئناف عن فساد ما استند إليه المطعون ضدهم من القرائن وقدمت المستندات الدالة على صحة ما تقول إلا أن الحكم المطعون فيه أغفل الرد على هذا الدفاع فجاء مشوباً بالقصور.
وحيث إن النعي على هذه الصورة يعتبر نعياً مجهلاً إذ لم تبين الطاعنة أوجه الدفاع أو المستندات التي تمسكت بها والتي تدعي أن الحكم المطعون فيه قصر في الرد عليها كما لم تبين مواطن القصور في الحكم ومن ثم يكون النعي غير مقبول.
وحيث إنه لما تقدم يتعين رفض الطعن.