وحيث إن هذا النعي غير سديد ذلك أن النص في المادة 59 من القانون رقم 8 لسنة 1990 بإصدار قانون التجارة البحرية على أنه "يجوز الحجز التحفظي على السفينة بأمر من رئيس المحكمة الابتدائية المختصة أو من يقوم مقامه ويجوز الأمر بتوقيع هذا الحجز ولو كانت السفينة متأهبة للسفر" يدل على أن المشرع استلزم حصول الدائن بدين بحري متعلق بسفينة على إذن من القضاء بإيقاع الحجز التحفظي وأن الأمر الذي يصدر من القاضي بالحجز لا يعد بمثابة حجز عام شامل لأموال المدين وإنما هو حجز محدد لا ينفذ إلا على السفينة الصادر بشأنها أمر الحجز دون غيرها من سفن ولو كانت مملوكة للمدين طالما أن القاضي لم يأذن بالحجز عليها ذلك أن إيقاع الحجز على غير السفينة التي تعلق بها أمر القاضي يعد بمثابة قرض للحجز بإرادة الدائن وليس بأمر وإذن من القضاء، وإذ التزم الحكم المطعون فيه هذا النظر وقضى ببطلان الحجز لأن السفينة التي جرى عليها إيقاع الحجز غير تلك التي انصب عليها أمر الحجز، وكان لا يغني عن ذلك أن تكون السفينة المحجوز عليها مملوكة للمدين طالما أن القاضي لم يأذن بالحجز عليها، فإن النعي على الحكم المطعون فيه بهذا السبب يكون على غير أساس.
وقررت محكمة النقض في حكمها
بعد الاطلاع على الأوراق، وسماع التقرير الذي تلاه السيد القاضي المقرر/ شريف حشمت جادو "نائب رئيس المحكمة" والمرافعة، وبعد المداولة.
وحيث إن الطعن استوفى أوضاعه الشكلية.
وحيث إن الوقائع - على ما يبين من الحكم المطعون فيه وسائر الأوراق - تتحصل في أن الطاعنة أقامت الدعوى رقم...... لسنة 2000 تجاري بحري..... الابتدائية وكانت طلباتها الختامية الحكم بثبوت الدين وصحة إجراءات الحجز الموقع على السفينة "........." مع إلزام المطعون ضدهما الأول والثاني بفوائد التأخير من تاريخ تأدية الخدمة وحتى تمام السداد مع شمول الحكم بالنفاذ المعجل وقالت بيانًا لذلك أنها استصدرت الأمر رقم...... لسنة 2000 من قاضي الأمور الوقتية بمحكمة........ الابتدائية بتوقيع الحجز على تلك السفينة باعتبار أنها تداين ملاكها بمبلغ 46942 دولار أمريكي قيمة توريدات تمت لسفينة أخرى لهم تسمى "...." وهي سفينة شقيقة للسفينة المطلوب الحجز عليها، وبتاريخ../ ../ 2000 تم إيقاع الحجز وإذ توجب المادة 65 من قانون التجارة البحرية رفع دعوى بالدين وصحة الحجز في ميعاد حددته فقد أقامت الدعوى، وبموجب صحيفة معلنة للطاعنة تدخل المطعون ضده الثالث بصفته هجوميًا في الدعوى وكانت طلباته الختامية الحكم ببطلان محضر الحجز ورفض الدعوى الأصلية ورد خطاب الضمان المقدم منه وإلزام الطاعن بأن تؤدي له مبلغ 1506.55 دولار أمريكي ومبلغ 2424.10 جنيه مصري وذلك على سبيل التعويض المؤقت على سند من أنه تم الحجز على السفينة "........." وهي غير تلك التي صدر ضدها أمر الحجز وأن ملاك السفينة الأولى غير مدينين للطاعنة وقد لحقهم ضرر بنوعية من جراء الحجز الخاطئ واضطروا إلى إيداع خطاب ضمان خزينة المحكمة حتى يأمر القاضي برفع الحجز، ندبت المحكمة خبيرًا ثم أعادت المأمورية إليه وبعد أن أودع تقريره حكمت بتاريخ... من.... سنة 2006 برفض الدعوى الأصلية وفي التدخل الهجومي بقبوله وببطلان محضر الحجز وإلغاء أمر الحجز رقم 32 لسنة 2000 واعتباره كأن لم يكن وبرد خطاب الضمان للمطعون ضده الثالث وإلزام الطاعنة بأن تؤدي له المبلغ المطالب به كتعويض مؤقت. استأنفت الطاعنة هذا الحكم بالاستئنافين رقمي.... لسنة 29،...... لسنة 29 لدى محكمة استئناف...... "مأموري........." وبتاريخ...... من..... سنة 2007 قضت المحكمة برفض الاستئنافين وتأييد الحكم المستأنف. طعنت الطاعنة على هذا الحكم بطريق النقض وأودعت النيابة مذكرة أبدت فيها الرأي بنقض الحكم المطعون فيه جزئيًا. وإذ عرض الطعن على هذه المحكمة في غرفة مشورة حددت جلسة لنظره وفيها التزمت النيابة رأيها.
وحيث إن الطعن أقيم على سببين تنعى الطاعنة بالسبب الأول منهما على الحكم المطعون فيه مخالفة القانون والخطأ في تطبيقه وفي بيان ذلك تقول إنها أقامت الدعوى بطلبين هما الحكم بإلزام المطعون ضدهما الأول والثاني بالمبالغ التي أنفقتها على السفينة المملوكة والتابعة لهما وبصحة إجراءات الحجز التحفظي الذي أوقعته ضمانًا لحقها وأنها تمسكت بصحيفة الاستئناف بأن الحكم الابتدائي قضى برفض الدعوى على سند من بطلان الحجز لإيقاعه على سفينة غير تلك التي أذن القاضي بالحجز عليها ولأن أمر الحجز لم يعلن لربان السفينة المطلوب الحجز عليها في الميعاد القانوني وأن محكمة أول درجة لم تعرض في قضائها للفصل في الطلب الأخر بالإلزام رغم أن طلب صحة الحجز هو طلب تبعى للطلب الأصلي بالإلزام وأن ثبوت بطلان الحجز التحفظي لا يؤدي حتمًا إلى رفض الطلب بأصل الحق إلا أن الحكم المطعون فيه لم يرد على هذا الدفاع مكتفيًا بتأييد الحكم الابتدائي لأسبابه بما يعيبه ويستوجب نقضه.
وحيث إن هذا النعي مردود ذلك أنه لما كان مفاد نص المادة 193 من قانون المرافعات - وعلى ما جرى به قضاء هذه المحكمة - أن الطلب الذي تغفله المحكمة يظل باقيًا على حاله ومعلقًا أمامها ويكون السبيل إلى الفصل فيه هو الرجوع إلى ذات المحكمة لتستدرك ما فاتها الفصل فيه سهوًا أو غلطًا ومن ثم فلا يجوز الطعن في الحكم بسبب إغفاله الفصل في بعض الطلبات. لما كان ذلك، وكان الثابت من الأوراق أن الطاعنة أقامت دعواها بطلب الحكم بثبوت الدين في ذمة المطعون ضدهما الأول والثاني عن المبالغ التي أنفقتها على سفينة تابعة لهما وبصحة إجراءات الحجز التحفظي الموقع علي سفينة أخرى لهما ضمانًا لدينها، وكان البين من الحكم الابتدائي أنه اقتصر في قضائه على الحكم ببطلان الحجز على سند من إيقاعه على سفينة غير تلك التي أذن القاضي بالحجز عليها، وخلا الحكم سواء في أسبابه أو منطوقه من الفصل في طلب الإلزام بأصل الحق، وإذ كان الحكم ببطلان الحجز بهذه المثابة لا ينطوي على قضاء ضمني حتمي برفض المطالبة بحسبان أن استعمال الحق في توقيع الحجز التحفظي على السفينة غير مرتبط بدعوى الوفاء بالحق وأن هذا الحجز ليس له من هدف سوى إيقاف السفينة إلى أن يتم الحصول على كفالة للوفاء بالدين فإن الحكم الابتدائي يكون بذلك أغفل الفصل في هذا الطلب بالإلزام ويبقى هذا الطلب معلقًا أمامها ولا سبيل للطاعنة للفصل فيه إلا الرجوع إلى ذات المحكمة لتستدرك ما فاتها ولا يجوز الطعن في الحكم بالاستئناف إذ أن الاستئناف لا يقبل إلا عن الطلبات التي فصل فيها الحكم صراحة أو ضمنًا ورفع عنه الاستئناف، وإذ التزم الحكم المطعون فيه هذا النظر ولم يتصد للفصل في طلب الإلزام الذي أغفل الحكم الابتدائي عن سهو الفصل فيه فإن النعي عليه بهذا السبب يكون على غير أساس.
وحيث إن الطاعنة تنعى بالسبب الثاني على الحكم المطعون فيه الفساد في الاستدلال والقصور في التسبيب إذ أقام قضاءه ببطلان الحجز على أن السفينة المحجوز عليها غير تلك التي صدر بشأنها أمر الحجز من القاضي المختص حال أن هاتين السفينتين شقيقتان مملوكتان لمدين واحد بما يجوز معه انصراف الحجز إلى أيهما الأمر الذي يعيب الحكم ويستوجب نقضه.
وحيث إن هذا النعي غير سديد ذلك أن النص في المادة 59 من القانون رقم 8 لسنة 1990 بإصدار قانون التجارة البحرية على أنه "يجوز الحجز التحفظي على السفينة بأمر من رئيس المحكمة الابتدائية المختصة أو من يقوم مقامه ويجوز الأمر بتوقيع هذا الحجز ولو كانت السفينة متأهبة للسفر" يدل على أن المشرع استلزم حصول الدائن بدين بحري متعلق بسفينة على إذن من القضاء بإيقاع الحجز التحفظي وأن الأمر الذي يصدر من القاضي بالحجز لا يعد بمثابة حجز عام شامل لأموال المدين وإنما هو حجز محدد لا ينفذ إلا على السفينة الصادر بشأنها أمر الحجز دون غيرها من سفن ولو كانت مملوكة للمدين طالما أن القاضي لم يأذن بالحجز عليها ذلك أن إيقاع الحجز على غير السفينة التي تعلق بها أمر القاضي يعد بمثابة قرض للحجز بإرادة الدائن وليس بأمر وإذن من القضاء، وإذ التزم الحكم المطعون فيه هذا النظر وقضى ببطلان الحجز لأن السفينة التي جرى عليها إيقاع الحجز غير تلك التي انصب عليها أمر الحجز، وكان لا يغني عن ذلك أن تكون السفينة المحجوز عليها مملوكة للمدين طالما أن القاضي لم يأذن بالحجز عليها، فإن النعي على الحكم المطعون فيه بهذا السبب يكون على غير أساس.
ولما تقدم يتعين رفض الطعن.