. لما كان ذلك، وكان مفاد ما قضى به نص المادة 49 من قانون الإجراءات الجنائية من تخويل مأمور الضبط القضائي الحق في تفتيش الشخص إذا ما قامت ضده أثناء تفتيش منزل المتهم قرائن قوية على أنه يخفي معه شيئًا يفيد في كشف الجريمة دون أن يصدر أمر قضائي ممن يملك سلطة إصداره أو أن تتوافر في حقه حالة التلبس يخالف حكم المادة 41 من الدستور التي تنص على أن: " الحرية الشخصية حق طبيعي وهي مصونة لا تمس، وفيما عدا حالة التلبس لا يجوز القبض على أحد أو تفتيشه أو حبسه أو تقييد حريته بان قيد أو منعه من التنقل إلا بأمر تستلزمه ضرورة التحقيق وصيانة أمن المجتمع ويصدر هذا الأمر من القاضي المختص أو النيابة العامة وذلك وفقًا لأحكام القانون. " فإن المادة 49 من قانون الإجراءات الجنائية تعتبر منسوخه ضمنًا بقوة الدستور نفسه منذ تاريخ العمل بأحكامه المنشورة في الجريدة الرسمية بالعدد 36 مكرر أ في 12/ 9/ 1971 دون تربص صدور قانون أدنى ولا يجوز الاستناد إليها في إجراء القبض والتفتيش منذ ذلك التاريخ، وذلك إعمالاً للقواعد العامة في ترتيب القوانين والتزام المحكمة بتطبيق التشريع صاحب السمو والصدارة ألا وهو الدستور، إذا كان نصه قابلاً للإعمال بذاته، وإهدار ما عداه من أحكام متعارضة معه أو مخالفة له إذ تعتبر منسوخة بقوة الدستور
وقررت محكمة النقض في حكمها
وحيث إن مما ينعاه الطاعنون على الحكم المطعون فيه أنه إذ دانهم بجريمة حيازة نبات الحشيش المخدر بغير قصد من القصود الخاصة المسماة في القانون جميعًا قد شابه الخطأ في تطبيق القانون وفي الإسناد والفساد في الاستدلال ذلك بأنه اطرح الدفع ببطلان القبض على الطاعنين الثاني والثالث لانتفاء حالة التلبس بدلالة ما ثبت من أقوال الضابط بتحقيقات النيابة العامة من أنه قام بضبطها قبل أن يتبين أمر المخدر المضبوط بما يخالف القانون، واستند في الإدانة إلى إقرار الطاعن الثالث بتحقيقات النيابة العامة بإحضار المضبوطات بالاشتراك مع باقي الطاعنين من منطقة ..... وعلمهم بكنهها بما لا أصل له في الأوراق، مما يعيب ويستوجب نقضه.
وحيث إن الحكم المطعون فيه بين واقعة الدعوى بقوله: " أن التحريات السرية التي أجراها الضابط .... الضابط بوحدة مباحث .... دلت على قيام المتهمين ..... و..... بحيازة المواد المخدرة سيما نبات البانجو المخدر على نحو يعاقب عليه القانون فاستصدر إذنًا من النيابة العامة بضبطهما وتفتيشهما وتفتيش مسكن الأول ونفاذًا لهذا الإذن انتقل يوم .... حيث دلف لمسكن المتهم الأول حيث تقابل مع المتهم الثاني وحال ذلك شاهد المتهمين ...... و....... يحاولان إخفاء جوال أبيض أسفل سرير بتلك الشقة وبتفتيش الجوال عثر داخله على أربع عشرة لفافة كبيرة الحجم تحوي كل منها نباتًا جافًا يشبه المخدر كما عثر بذات الشقة على ثلاثة أكياس يحوى كل منها عشر لفافات تحوي ذات المخدر وبمواجهة المتهمين الثلاثة بالمضبوطات أقروا له بحيازة المخدر المضبوط على نحو يعاقب عليه القانون. وإنهم أحضروا المخدر من منطقة ...... " وساق على ثبوت الواقعة لديه على هذه الصورة أدلة استمدها من أقوال الضابط ....... ومن تقرير المعمل الكيماوي وإقرار المتهمين الثالث والرابع بتحقيقات النيابة العامة وأقوال ......، وحصل أقوال الضابط بما لا يخرج عن مؤدى ما أورده في معرض سرده لواقعة الدعوى، ورد على الدفع ببطلان القبض بقوله: " أن ضبط المتهمين الثاني والثالث والرابع جاء نتاج إذن النيابة العامة بضبط المتهم الثاني وتفتيشه وتفتيش مسكن المتهم الأول أسفر عن العثور على المخدر المضبوط حوزة كل من الثاني والثالث والرابع في صورة جريمة متلبس بها بالنسبة للثالث والرابع ومن ثم فإن القبض على هؤلاء المتهمين وتفتيشهم يكون قد تم في إطار المشروعية الإجرائية ". لما كان ذلك، وكان مفاد ما قضى به نص المادة 49 من قانون الإجراءات الجنائية من تخويل مأمور الضبط القضائي الحق في تفتيش الشخص إذا ما قامت ضده أثناء تفتيش منزل المتهم قرائن قوية على أنه يخفي معه شيئًا يفيد في كشف الجريمة دون أن يصدر أمر قضائي ممن يملك سلطة إصداره أو أن تتوافر في حقه حالة التلبس يخالف حكم المادة 41 من الدستور التي تنص على أن: " الحرية الشخصية حق طبيعي وهي مصونة لا تمس، وفيما عدا حالة التلبس لا يجوز القبض على أحد أو تفتيشه أو حبسه أو تقييد حريته بان قيد أو منعه من التنقل إلا بأمر تستلزمه ضرورة التحقيق وصيانة أمن المجتمع ويصدر هذا الأمر من القاضي المختص أو النيابة العامة وذلك وفقًا لأحكام القانون. " فإن المادة 49 من قانون الإجراءات الجنائية تعتبر منسوخه ضمنًا بقوة الدستور نفسه منذ تاريخ العمل بأحكامه المنشورة في الجريدة الرسمية بالعدد 36 مكرر أ في 12/ 9/ 1971 دون تربص صدور قانون أدنى ولا يجوز الاستناد إليها في إجراء القبض والتفتيش منذ ذلك التاريخ، وذلك إعمالاً للقواعد العامة في ترتيب القوانين والتزام المحكمة بتطبيق التشريع صاحب السمو والصدارة ألا وهو الدستور، إذا كان نصه قابلاً للإعمال بذاته، وإهدار ما عداه من أحكام متعارضة معه أو مخالفة له إذ تعتبر منسوخة بقوة الدستور. لما كان ذلك، وكان من المقرر في قضاء هذه المحكمة أن حالة التلبس تستوجب أن يتحقق مأمور الضبط القضائي من قيام الجريمة بمشاهدتها بنفسه أو إدراكها بحاسة من حواسه، وأنه ولئن كان تقدير الظروف التي تلابس الجريمة وتحيط بها وقت ارتكابها، ومدى كفايتها لقيام حالة التلبس أمرًا موكولاً إلى محكمة الموضوع، إلا أن ذلك مشروط أن تكون الأسباب والاعتبارات التي تبني عليها المحكمة تقديرها صالحة لأن تؤدي إلى النتيجة التي انتهت إليها، وكان ما أورده الحكم المطعون فيه في معرض بيانه لواقعة الدعوى، وما حصله من أقوال الضابط - على السياق المتقدم - لا يبين منه أنه تبين أمر المخدر قبل إمساكه بالطاعنين بل إن الثابت بأقواله بتحقيقات النيابة العامة - على ما يبين من المفردات المضمومة - إنه قام بضبط الطاعنين الثاني والثالث ثم قام بتفتيش الجوال الذي حاولا إخفاءه تحت السرير فعثر به على النبات المخدر، وكان مجرد محاولة الطاعنين الثاني والثالث إخفاء جوال أسفل سرير بالمسكن المأذون بتفتيشه ليس فيه ما يبرر القبض عليهما لعدم توافر المظاهر الخارجية التي تنبئ بذاتها عن وقوع الجريمة وتتوافر بها حالة التلبس التي تبيح لمأمور الضبط القضائي القبض والتفتيش. لما كان ما تقدم، فإن القبض الذي وقع على الطاعنين الثاني والثالث دون استصدار أمر قضائي يكون قد وقع في غير حالة تلبس بالجريمة ودون أن تتوافر الدلائل الكافية على اتهامهما بها، وإذ خالف الحكم المطعون فيه هذا النظر وانتهى إلى صحة هذا الإجراء ورفض الدفع ببطلان الضبط فإنه يكون قد أخطأ في تطبيق القانون خطأ حجبه عن تقدير ما قد يوجد بالدعوى من أدلة أخرى بما يوجب نقضه والإعادة. لما كان ذلك، وكان الحكم المطعون فيه قد أسند للطاعن الثالث إقرارًا بتحقيقات النيابة العامة بإحضار المضبوطات من منطقة ...... بالاشتراك مع باقي الطاعنين وعلمهم بكنهها، وكان البين من المفردات المضمومة - تحقيقًا لوجه الطعن - أن تحقيقات النيابة العامة خلت مما يفيد أن الطاعن الثالث أقر بما أسنده إليه الحكم، وإذ كان الأصل أنه يجب على المحكمة ألا تبنى حكمها إلا على أسس صحيحة من أوراق الدعوى وعناصرها، وأن يكون دليلها فيما انتهت إليه قائمًا في تلك الأوراق، فإن الحكم المطعون فيه إذ أقام قضاءه على ما لا أصل له في التحقيقات يكون باطلاً لابتنائه على أساس فاسد، ولا يغنى في ذلك ما ذكره الحكم من أدلة أخرى إذ الأدلة في المواد الجنائية ضمائم متساندة يشد بعضها بعضًا ومنها مجتمعة تتكون عقيدة القاضي بحيث إذا سقط أحدها أو استبعد تعذر التعرف على مبلغ الأثر الذي كان لهذا الدليل الباطل في الرأي الذي انتهت إليه المحكمة، أو ما كانت تقضي به لو أنها تفطنت إلى أن هذا الدليل غير قائم، لما كان ما تقدم، فإنه يتعين نقض الحكم المطعون فيه والإعادة دون حاجة إلى بحث باقي أوجه الطعن.