إن الحصول على توقيع شخص على محرر مثبت لتصرف لم تنصرف إرادته أصلاً إلى إبرامه يعد - وعلى ما جرى به قضاء محكمة النقض - تزويرًا تنعدم فيه هذه الإرادة ولو كان الحصول على هذا التوقيع وليد طرق احتيالية
وقررت محكمة النقض في حكمها
بعد الاطلاع على الأوراق وسماع التقرير الذي تلاه السيد المستشار المقرر والمرافعة، وبعد المداولة.
حيث إن الطعن استوفى أوضاعه الشكلية.
وحيث إن واقعات الطعن تخلص حسبما يبين من الحكم المطعون فيه وسائر الأوراق في أن المطعون ضدها أقامت الدعوى ........ سنة 1996 شبين الكوم الابتدائية بطلب الحكم بطرد الطاعنة من " الدكان " المؤجر لها منها على سند من إنها حررت لها إقرارًا ضمنته إنهاء العلاقة الإيجارية إلا أنها خالفت هذا الإقرار وامتنعت عن الإخلاء فأقامت الدعوى. طعنت الطاعنة على هذا الإقرار بالتزوير فندبت المحكمة خبيرًا وبعد أن أودع تقريره حكمت برفض الطعن بالتزوير وبصحة توقيعها على الإقرار وبتاريخ 27/ 10/ 2002 حكمت برفض الدفع بعدم قبول الدعوى لرفعها من غير ذي صفة وبإخلاء الطاعنة من العين. استأنفت الطاعنة هذا الحكم بالاستئناف رقم ........ سنة 35 ق طنطا " مأمورية شبين الكوم " وبتاريخ 28/ 3/ 2005 قضت بتأييد الحكم المستأنف، طعنت الطاعنة في هذا الحكم بطريق النقض وقدمت النيابة مذكرة أبدت فيها الرأي بنقض الحكم المطعون فيه وإذ عرض الطعن على هذه المحكمة في غرفة مشورة حددت جلسة لنظره وفيها التزمت النيابة رأيها.
وحيث إن مما تنعاه الطاعنة على الحكم المطعون فيه القصور في التسبيب والإخلال بحق الدفاع إذ أقام قضائه برفض ادعائها بتزوير صلب المحرر موضوع النزاع استنادًا إلى أن تحقيق الطعن محل التوقيع يعنى عدم ضرورة التطرق لموضوع الصلب باختلاس المحرر لما في ذلك من تناقض في إبدائها للطعن رغم استقلال كل من الصلب والتوقيع في الادعاء بالتزوير والأدلة المقدمة لتأييده بما كان يتوجب معه على المحكمة وقد قدم الطاعن دليله على تزوير الصلب أن يعنى ببحثه وتحقيقه لما له من أثر في الدعوى بما يعيب الحكم ويستوجب نقضه.
وحيث إن هذا النعي في محله ذلك أن النص في المادة 49 من قانون الإثبات على أن " يكون الإدعاء بالتزوير في أية حالة تكون عليها الدعوى بتقرير في قلم الكتاب وتبين في هذا التقرير كل مواضع التزوير المدعى بها وإلا كان باطلاً ". يدل على أن المشرع قد رسم إجراءات الإدعاء بالتزوير فأوجب على من يدعى عدم صحة المحرر أن يبين في تقرير الطعن مواضع التزوير التي يدعيها ولا يعول في تحديد هذه المواضع على غير هذا التقرير، ومواضع التزوير في الأوراق العرفية المعتادة التي تستمد حجيتها من التوقيع عليها كالعقود والمخالصات والإقرارات وما شابه ذلك من أوراق جرى العرف على تحريرها لا تخرج عن أن تنصب على التوقيع أو متن المحرر الذي جرى العرف على تسميته بصلب المحرر ويقصد بصلب المحرر مجموع البيانات المكتوبة فيه إثباتًا لواقعة أو تصرف. ويقصد بالتوقيع العلامة التي توضع على المحرر بالخط أو الإمضاء أو بصمة الختم أو بصمة الإصبع لتدل على أن صاحب هذا التوقيع قد أقر ما جاء في متن المحرر من بيانات ولا تمنع صحة التوقيع من المنازعة في صحة صلب المحرر للمغايرة بين كل من الموضعين وأن الحصول على توقيع شخص على محرر مثبت لتصرف لم تنصرف إرادته أصلاً إلى إبرامه يعد - وعلى ما جرى به قضاء هذه المحكمة - تزويرًا تنعدم فيه هذه الإرادة ولو كان الحصول على هذا التوقيع وليد طرق احتيالية. وكان دفاع الطاعنة أمام محكمة الموضوع قام على أن إقرار إنهاء العلاقة الإيجارية - المقدم من المطعون ضدها - مزور عليها صلبًا وتوقيعًا وإنها أبانت بتقرير الطعن بالتزوير دلائل ذلك وهى إنها لا تجيد القراءة والكتابة واختلاف مداد التوقيع عن مداد بيانات الصلب ووجود منازعات بينهما رددتها في إعلان شواهد التزوير فإن هذا الدفاع في تكييفه الصحيح يكون ادعاء بتزوير معنوي وينصب على متن المحرر وإذ خالف الحكم المطعون فيه هذا النظر وأقام قضاءه برفضه وبإخلائها من عين النزاع على أنه تضارب وتناقض منها في دفاعها بعد أن ثبت صحة توقيعها عليه وهو ما لا يواجه دفاعها ولا يصلح ردًا عليه مما يعيبه بالقصور المبطل بما يوجب نقضه في خصوص قضائه في الادعاء بتزوير المحرر على أن يستتبع ذلك نقض الحكم بالإخلاء من عين النزاع باعتباره مؤسسًا عليه. وذلك دون حاجة لبحث باقي أسباب الطعن.