لما كان البين من الأوراق أن النيابة العامة أسندت للطاعن أنه وآخرين سبق الحكم عليهم بصفتهم موظفين عموميين سهلوا الاستيلاء بغير حق على مواد البضاعة المملوكة للشركة وهى بذاتها الواقعة التى دارت عليها المرافعة بجلسة المحاكمة وقضى الحكم بإدانته عنها، فإن زعم الطاعن بأن الحكم أضاف واقعة لم يشملها وصف الاتهام يكون غير صحيح
وقررت محكمة النقض في حكمها
وحيث أن الطاعن ينعى على الحكم المطعون فيه أنه إذا دانه بجريمة تسهيل الاستيلاء بغير حق على مال عام قد شابه القصور فى التسبيب والفساد فى الاستدلال ومخالفة الثابت بالأوراق والإخلال بحق الدفاع والخطأ فى تطبيق القانون، ذلك بأنه خلال من بيان واقعة الدعوى بما تتحقق به أركان الجريمة والأفعال التى قارفها الطاعن ومؤدى أدلة الثبوت كما لم يدلل على توافر القصد الجنائى فى حق الطاعن تدليلاً سائغًا واعتنق صورة للواقعة تخالف الحقيقة والواقع واستدل على ثبوت الجريمة بأدلة غير مقبولة بدلالة أن المحكمة أضافت تهمة جديدة للطاعن بوصف التسبب بإهماله فى إلحاق ضرر جسيم بأموال الجهة التى يعمل بها إلا أنها أغفلت التصدى لها، وعول فى قضائه على أقوال شهود الإثبات مع أنها لا تصلح للإدانة، هذا إلى أن الحكم أسند إلى.... أن تحرياته السرية دلت على أن الموزع.... يوجد ثمة تواطؤ بينه وبين الطاعن وآخرين فى عملية إبرام عقد التوزيع وعقود البيع معه فى حين أن هذا الشاهد لم يقل بأن هناك تواطؤ بين الموزع والطاعن وتمسك المدافع عن الطاعن بأسباب الحكم الصادر من محكمة النقض فى الطعن رقم... لسنة..... والمقدم صورته - والذى قضى بنقض الحكم السابق صدوره بإدانة باقى المتهمين وذلك تدليلاً على انتفاء التهمة المسندة إليه إلا أن الحكم أغفل هذا الدفاع إيرادًا ورداً وأطرح بما لا يصلح ردًا دفاع الطاعن القائم على بطلان أمر الإحالة لتجهيله وتعميمه للوصف إذ أسند للطاعن تعاقده مع باقى المتهمين مع الموزع على تسويق البضاعة بغير تقديمه للضمانات فى حين أن الطاعن لم يتعاقد وليس من وظيفته هذا التعاقد فضلاً عن انتفاء مسئوليته لخلو الأوراق من دليل على اشتراك المتهمين...... و...... مع الطاعن بطريقى الاتفاق والمساعدة فى ارتكاب جريمة تسهيل الاستيلاء على مال الشركة وانصراف نيته إلى هذا التسهيل وأخيرًا فإن الحكم أنزل عقوبة الغرامة البالغ قدرها 100 مليم 85903 جنيه على الطاعن وإلزامه برد مثل هذا المبلغ فى حين كان يتعين إلزام الطاعن وآخرين سبق الحكم عليهم متضامين بها إلا أن الحكم لم يلتزم بهذا النظر. كل ذلك يعيب الحكم ويستوجب نقضه.
وحيث إن الحكم المطعون فيه قد بين واقعة الدعوى بما تتوافر به كافة العناصر القانونية للجريمة التى دان الطاعن بها وأورد على ثبوتها فى حقه أدلة سائغة من شأنها أن تؤدى إلى ما رتبه الحكم عليها مستمدة من أقوال شهود الإثبات وما قرره المحكوم عليهما..... و...... بالتحقيق الإدارى للشركة وبتحقيقات النيابة العامة ومما ثبت من تقرير الجهاز المركزى للمحاسبات وتقرير إدارة خبراء وزارة العدل ومن وصف وتجديد اشتراطات شغل وظيفة رئيس قسم الوكلاء والموزعين. لما كان ذلك، وكان من المقرر أن القانون لم يرسم شكلاً خاصًا يصوغ فيه الحكم بيان الواقعة المستوجبة للعقوبة والظروف التى وقعت فيها، فمتى كان ما أورده الحكم - كما هو الحال فى الدعوى المطروحة - كافيًا فى تفهم الواقعة بأركانها وظروفها حسبما استخلصتها المحكمة كان ذلك محققا لحكم القانون لارتكاب الطاعن لجناية تسهيل الاستيلاء بغير حق على مال مما نص عليه فى المادة 113 من قانون العقوبات مما يضحى معه منعاه فى هذا الشأن غير سديد. لما كان ذلك، وكان لا يلزم أن يتحدث الحكم استقلالاً عن توافر القصد الجنائى فى جريمة تسهيل الاستيلاء بغير حق على مال عام بل يكفى أن يكون فيما أورده من وقائع وظروف ما يدل على قيامه - كما هو الحال فى الدعوى المطروحة - فإن ما يثيره الطاعن من قصور الحكم فى استظهار القصد الجنائى يكون فى غير محله، ومع ذلك فإن الحكم عرض لتوافر العقد الجنائى لدى الطاعن فأثبته فى حقه بقوله: "أما عن توافر القصد الجنائى فى حق المتهم بعنصرية: العلم والإرادة مما يدل عليه ما يلى. 1 - معرفة المتهم السابقة بالموزع وانتماؤهما إلى بلدة واحدة ينبئ فى ظل ظروف الدعوى وملابساتها عن إحاطته بسوء سمعته وحقيقة مركزه المالى. 2 - إغفاله الإشارة إلى سوء سمعة الموزع وحقيقة مركزه المالى والحكم عليه فى قضايا جنائية وهروبه من العدالة لا يصح عدة وليد إهمال فى التحرى، يدل على ذلك أن اللجنة التى كفلها رئيس مجلس إدارة الشركة بمحاولة تحصيل مستحقات الشركة من الموزع بالطرق الودية توجهت إليه بتاريخ...... وكان من بينها المتهم ولم تجد صعوبة فى الوقوف على حقيقة أمره، وإذا كان المتهم قد استشعر أن الزعم بأن عدم مطابقة تحرياته لحقيقة مركز المتهم الأخلاقى والجنائى والمالى كان وليد خطأ غير عمدى هو مما يستعصى على القبول فاعتصم بتحقيقات النيابة بأن معاينته كانت بقصد الوقوف على مدى ملائمة المحل لعرض منتجات الشركة، وأنه ليس مختصًا بالتحرى عن الموزع، وإن هذه التحريات لا يستلزمها تحرير عقد التوزيع، فإن هذا القول مردود بما قرره رئيس مجلس الإدارة وكذلك ما قرره كل من...... مدير المبيعات بالشركة و....... رئيس قسم العقود بها "سبق الحكم عليهما" وما ثبت من وصف وظيفة رئيس قسم الوكلاء والموزعين مصدقًا لأقوالهم على النحو المبسوط آنفًا. 3 - قيام المتهم بإعداد بيانات عقد التوزيع والتوقيع عليه ثم عرضه بمعرفته على مدير المبيعات لاعتماده بالرغم من أن هذه المرحلة من العقد مما يختص بها قسم العقود. 4 - سعى المتهم لدى قسم العقود لإعفاء الموزع من الضمانات وتقديمه طلبًا بذلك ذيل بموافقة منسوبة إلى مدير المبيعات. 5 - ما قرره رئيس مجلس إدارة الشركة من وجود تواطؤ بين المتهم وآخرين من موظفى الشركة - سبق الحكم عليهم - وبين الموزع وضح مظهره على نحو ما سلف. 6 - ما دلت عليه تحريات الشرطة من حصول مثل هذا التواطؤ. وهذا الذى أورده الحكم من أدلة وشواهد سائغ وكاف للتدليل على ثبوت قصد تسهيل الاستيلاء بغير حق على مال الشركة. لما كان ذلك، وكان من المقرر أن لمحكمة الموضوع أن تستمد اقتناعها بثبوت الجريمة من أى دليل تطمئن إليه طالما أن هذا الدليل له مأخذه الصحيح من الأوراق، كما لها أيضًا أن تستخلص من أقوال الشهود وسائر العناصر المطروحة أمامها على بساط البحث الصورة الصحيحة لواقعة الدعوى وأن تطرح ما يخالفها من صور أخرى ما دام استخلاصها سائغًا مستندًا إلى أدلة مقبولة فى العقل والمنطق ولها أصلها فى الأوراق وهى فى ذلك ليست مطالبة بالأخذ بالأدلة المباشرة بل لها أن تستخلص صورة الدعوى كما ارتسمت فى وجدانها بطريق الاستنتاج والاستقراء وكافة الممكنات العقلية ما دام ذلك سليمًا متفقًا مع حكم العقل والمنطق وهو الحال فى الدعوى المطروحة فى شأن استقرار اتيان الطاعن الأفعال المكونة لجريمة تسهيل الاستيلاء بغير حق على المال العام التى دين بها، كان من المقرر أن وزن أقوال الشهود وتقدير الظروف التى يؤدون فيها شهادتهم وتعويل القضاء على أقوالهم مرجعه إلى محكمة الموضوع تقدره التقدير الذى تطمئن إليه، وهى متى أخذت بشهادتهم فإن ذلك يفيد أنها أطرحت جميع الاعتبارات التى ساقها الدفاع لحملها على عدم الأخذ بها، ومن ثم فإن ما يثيره الطاعن فى هذا الصدد ينحل إلى جدل موضوعى فى واقعة الدعوى وتقدير أدلتها مما تستقل به محكمة الموضوع ولا يجوز إثارته أمام محكمة النقض. لما كان ذلك، وكان البين من الأوراق أن النيابة العامة أسندت للطاعن أنه وآخرين سبق الحكم عليها بصفتهم موظفين عموميين سهلوا الاستيلاء بغير حق على مواد البضاعة المملوكة للشركة وهى بذاتها الواقعة التى دارت عليها المرافعة بجلسة المحاكمة وقضى الحكم بإدانته عنها، فإن زعم الطاعن بأن الحكم أضاف واقعة لم يشملها وصف الاتهام يكون غير صحيح. هذا فضلاً عن أن خطأ المحكمة باضافة جريمة أخرى للطاعن لم تقع منه لا ينال من صحته طالما لم توقع عليه سوى عقوبة واحدة هى المقررة للجريمة التى وردت بقرار الاتهام ودارت عليها المرافعة واقتصرت أسباب الحكم عليها، لما كان ذلك، وكان من المقرر أنه لا يعيب الحكم خطؤه فى الاسناد ما لم يتناول من الأدلة ما يؤثر في عقيدة المحكمة. وكان البين من الحكم المطعون فيه أن ما ينعاه عليه الطاعن من خطئه فى الإسناد فيما حصله من أقوال العقيد..... من أن تحرياته السرية دلت على أن الموزع...... يوجد ثمة تواطؤ بينه وبين الطاعن - على فرض قيامه - لم يكن له أثر فى منطق الحكم أو النتيجة التى انتهى إليها، فإن ما يثيره الطاعن فى هذا الصد لا يكون مقبولاً، لما كان ذلك وكان من المقرر أن القاضى وهو يحاكم متهما يجب أن يكون مطلق الحرية فى هذه المحاكمة غير مقيد بشىء مما تضمنه حكم صادر فى ذات الواقعة على متهم آخر، ولا مبال بأن يكون من وراء قضائه على مقتضى العقيدة التى تكونت لديه قيام تناقض بين حكمه والحكم السابق صدوره على مقتضى العقيدة التى تكونت لدى القاضى الآخر، فإن ما ينعاه الطاعن فى هذا الخصوص لا يكون سديدًا، لما كان ذلك، وكان الدفع بعدم ارتكاب الطاعن للجريمة مردودا بأن نفى التهمة من أوجه الدفاع الموضوعية التى لا تستأهل ردًا طالما كان الرد عليها مستفادًا من أدلة الثبوت التى أوردها الحكم. ومن ثم فإن النعى على الحكم فى هذا الشأن يكون فى غير محله، لما كان ذلك، وكان من المقرر أن أمر الإحالة هو عمل من أعمال التحقيق فلا محل لاخضاعه لما يجرى على الأحكام من قواعد البطلان ومن ثم فإن القصور فى أمر الإحالة لا يبطل المحاكمة ولا يؤثر على صحة إجراءاتها. كما أن إبطال أمر إحالة الدعوى إلى محكمة الموضوع بعد اتصالها بها يقتضى إعادتها إلى مرحلة الإحالة وهو أمر غير جائز باعتبار تلك المرحلة لا تخرج عن كونها جهة تحقيق فلا يجوز إعادة الدعوى إليها بعد دخولها فى حوزة المحكمة. مما يكون معه نعى الطاعن فى هذا الصدد غير مقبول، لما كان ذلك، وكان الحكم المطعون فيه قد عرض لدفاع الطاعن فى شأن انتفاء مسئوليته لخلو الأوراق من دليل على اشتراك آخرين مع الطاعن فى ارتكاب جريمة تسهيل الاستيلاء بغير حق على المال العام وأطرحه بقوله: "وغنى عن البيان أن الجريمة تكتسب تكييفها بالنظر إلى نشاط الفاعل, وقد عد الشارع الموظف العام فى جريمة تسهيل الاستيلاء لمصلحته، ومن ثم لا وجه لاحتجاج الدفاع بعدم توافر عناصر اشتراك الموزع وزوجته مع المتهم فى ارتكاب الجريمة إذ استظهار هذه العناصر مما يلزم لتقرير مسئولية الشريك - لا مسئولية الفاعل التى تقوم بمجرد اتجاه إرادته إلى تضييع المال على ربه مع علمه بسائر أركان الجريمة وعناصره التكوينية. لما كان من المقرر أن مسئولية المتهم تتحدد بما ينسب إليه من وقائع ولا يحاج بما يقضى به على متهم آخر ومن ثم فلا جدوى للطاعن من نعيه على الحكم بالقصور فى التدليل على توافر جريمة الاشتراك فى تسهيل الاستيلاء ما دام الثابت من الوقائع التى أثبتها ارتكاب الطاعن لجريمة تسهيل الاستيلاء بغير حق للغير على المال العام التى دين بها ومن ثم فإن ما يثيره الطاعن فى هذا الخصوص لا يكون له محل. لما كان ذلك وكانت المادة 44 من قانون العقوبات تنص على أنه "إذا حكم على جملة متهمين بحكم واحد لجريمة واحدة فاعلين كانوا أو شركاء فالغرامات يحكم بها على كل منهم على انفراد خلافا للغرامات النسبية فإنهم يكونون متضامنين فى الإلتزام بها ما لم ينص فى الحكم على خلاف ذلك، وكان من المقرر أن الغرامة التى نصت عليها المادة 118 من قانون العقوبات وإن كان الشارع قد ربط لها حدا أدنى لا يقل عن خمسمائة جنيه إلا أنها من الغرامات النسبية التى أشارت إليها المادة 44 سالفة الذكر والتى يجب الحكم بها على المتهمين معا ولا يستطاع التنفيذ عليهم بأكثر من مقدارها المحدد فى الحكم سواء فى ذلك أن يلزمهم الحكم بهذا المقدار متضامنين أو يخص كلاً منهم بنصيب منه. بيد أنه لما كان التضامن بين المتهمين فى الغرامات النسبية طبقًا لصريح نص المادة 44 آنفة البيان - مشروطًا - بأن يكون قد صدر بها على المتهمين حكم واحد وكان الطاعن والمحكوم عليهم الآخرين قد صدر ضد كل منهم حكم مستقل فإن شرط تضامنهم فى الغرامة يكون قد تخلف هذا من ناحية ومن ناحية أخرى فإن الأصل أن الرد هو بمثابة تعويض وليس عقوبة وعند تعدد الحكم عليهم يتعين الحكم عليهم بالرد متضامنين إعمالاً لنص المادة 169 من القانون المدنى وهو الأمر الذى تخلف فى الدعوى المطروحة - لأن القول بإلزام الطاعن وآخرين سبق الحكم عليهم متضامنين يخالف ما هو مقرر لنص المادة 307 من قانون الإجراءات الجنائية من أنه لا يجوز الحكم على غير المتهم المقامة عليه الدعوى، ومن ثم فإن هذا الوجه من النعى يكون غير سديد، لما كان ما تقدم فإن الطعن برمته يكون على غير أساس متعينًا رفضه موضوعًا