النص فى الفقرة الثانية من المادة 269 من قانون المرافعات المدنية والتجارية على التزام المحكمة المحال إليها الدعوى بما انتهت إليه محكمة النقض فيما فصلت فيه من مسائل قانونية. مبدأ واجب الإعمال فى المواد الجنائية. أساس وعلة ذلك؟ المسألة القانونية. ماهيتها: تلك التى طرحت على محكمة النقض وأدلت فيها برأيها عن قصد وبصر فاكتسب حكمها قوة الشيء المحكوم فيه بشأنها. أثر ذلك؟ محكمة النقض لا تعلوها محكمة. تصديها لصحة وصف الحكم المنقوض واعتباره غيابيًا. فصلاً فى مسألة قانونية حازت قوة الشيء المحكوم فيه. لازمه ألا تعاود محكمة الإعادة التصدى لهذه المسألة أو مناقشة آثارها. وجوب اقتصار بحثها فيما لا يمس هذه الحجية. مخالفة الحكم المطعون فيه هذا النظر وقضاؤه بعدم جواز المعارضة. خطأ فى تطبيق القانون حجبه عن نظر المعارضة من حيث الشكل والموضوع
وقررت محكمة النقض في حكمها
ومن حيث إن مما ينعاه الطاعن على الحكم المطعون فيه أنه إذ قضى بعدم جواز معارضته الاستئنافية قد شابه الخطأ فى تطبيق القانون، ذلك بأنه خالف حجية حكم محكمة النقض الصادر فى ذات الدعوى بشأن وصف الحكم المنقوض من أنه فى حقيقته حكمًا غيابيًا مما تجوز المعارضة فيه. مما يعيب الحكم ويستوجب نقضه.
ومن حيث إنه ولئن كان القانون رقم 57 لسنة 1959 بشأن حالات وإجراءات الطعن أمام محكمة النقض فى المواد الجنائية قد خلا من نص مماثل لما نصت عليه المادة 269 من قانون المرافعات المدنية والتجارية فى فقرتها الثانية من أنه يتحتم على المحكمة التى أحيلت إليها القضية أن تلتزم بما انتهت إليه محكمة النقض فيما فصلت فيه من مسائل قانونية، فإن هذا المبدأ واجب الإعمال فى المواد الجنائية أيضًا لأنه لا وجه للتفرقة بين ما تفصل فيه محكمة النقض من مسائل قانونية مدنية كانت أو جنائية بل أن وجوب تقيد محكمة الإعادة بما تفصل فيه محكمة النقض من مسائل قانونية فى المواد الجنائية أوجب وألزم لتعلقها بالحريات التى يجب أن تستقر المبادئ التى تحكمها وتكفل حمايتها، ولا يتأتى ذلك إلا بالالتزام بما تفصل فيه محكمة النقض من مسائل قانونية. لما كان ذلك، وكان يقصد بالمسألة القانونية فى هذا المجال هى تلك المسألة التى تكون قد طرحت على محكمة النقض وأدلت فيها برأيها عن قصد وبصر فاكتسب حكمها قوة الشيء المحكوم فيه بشأنها بحيث يمتنع على محكمة الإعادة عند نظر الدعوى المساس بهذه الحجية. لما كان ذلك، وكانت محكمة النقض - وهى محكمة لا تعلوها محكمة - قد تصدت لصحة وصف الحكم المنقوض واعتبرت أن عدم حضور الطاعن بنفسه جلسة المحاكمة الاستئنافية وحضور وكيل عنه - على الرغم من أن النيابة العامة هى التى طعنت فى الحكم الابتدائى الصادر فى جنحة مما يجوز فيها الحبس - هو فى حقيقته غيابيًا ورتبت على ذلك جواز الطعن فيه بطريق المعارضة، فإنها بذلك تكون قد فصلت فى مسألة قانونية حازت قوة الشيء المحكوم فيه فى هذه الدعوى مما كان لازمه ألا تعاود محكمة الإعادة التصدى لهذه المسألة بأى حال من الأحوال بعد أن فصلت فيها محكمة النقض أو تناقش الآثار المترتبة على قضاء محكمة النقض فيها لما فى ذلك من مساس بحجية قضائها فى الدعوى، وكان يجب أن يقتصر بحثها فى المسائل التى لا تمس هذه الحجية. لما كان ذلك، وكان الحكم المطعون فيه قد خالف هذا النظر وقضى بعدم جواز المعارضة الاستئنافية المقامة من الطاعن فإنه يكون قد أخطأ فى تطبيق القانون وحجبه ذلك الخطأ عن نظر تلك المعارضة من حيث الشكل والموضوع بما يوجب نقضه. لما كان ذلك، وكان لا يكفى سبق الطعن فى الحكم الصادر فى قضية أمام محكمة النقض لكى تصبح هذه المحكمة مختصة بالفصل فى موضوعها إذا حصل الطعن أمامها مرة ثانية فى الحكم الصادر فى القضية عينها وقبل هذا الطعن، بل يجب فوق ذلك أن يتحقق شرطان أساسيان: أولهما أن تكون محكمة النقض قد حكمت فى المرة الأولى بنقض الحكم المطعون فيه كما حكمت بذلك فى المرة الثانية، وثانيهما أن يكون كلا الحكمين اللذين نقضتهما المحكمة قد فصل فى موضوع الدعوى، وإذ كان الحكم السابق نقضه بناءً على الطعن فى المرة الأولى قد قضى بعدم جواز المعارضة وهو ليس حكمًا فاصلاً فى موضوع الدعوى، فإن نقض الحكم موضوع الطعن الماثل لا يكفى لإيجاب اختصاص محكمة النقض بالفصل فى موضوع الدعوى. لما كان ما تقدم، فإنه يتعين أن يكون النقض مقرونًا بالإعادة ودون حاجة إلى بحث باقى أوجه الطعن.