وإذ سوغ الحكم تصدى أعضاء الرقابة الإدارية للكشف عن الجرائم والمخالفات التى تقع من القضاة فإنه يكون قد أخطأ فى تطبيق القانون وفى تأويله وأن ما ذهب إليه الحكم المطعون فيه فى مجال رده على هذا الدفع من أن المادة الثامنة من قانون الرقابة الإدارية خولت لها إجراء التحريات والمراقبة السرية بوسائلها الفنية المختلفة كلما رأت مقتضى لذلك، فإنه فضلاً عن عدم تعلقه بالرد على الدفع المثار فإنه مردود بأن هذا النص قد نسخ بقوة الدستور الذى نص فى المادة 45 منه على أن لحياة المواطنين الخاصة حرمة يحميها القانون، وللمراسلات البريدية والبرقية والمحادثات التليفونية وغيرها من وسائل الاتصال حرمة، وسريتها مكفولة، ولا تجوز مصادرتها أو الإطلاع عليها أو رقابتها إلا بأمر قضائى مسبب ولمدة محددة وفقًا لأحكام القانون. أما ما ذهب إليه الحكم المطعون فيه من أن قانون السلطة القضائية لم يرد به نص يمنع تطبيق نصوص قانون إعادة تنظيم الرقابة الإدارية على القضاة، فهو مردود بأن قانون السلطة القضائية لم يكن فى حاجة إلى النص على هذا المنع ما دام أن قانون الرقابة الإدارية وفقًا لنص المادة الرابعة منه لا يمتد إلى القضاة
وقررت محكمة النقض في حكمها
ن موضوع الطعن المقدم من كل من الطاعنين الثلاثة الأول:
ومن حيث إن مما ينعاه الطاعنون الثلاثة الأول على الحكم المطعون فيه إنه إذ دان الأول بجرائم الرشوة والإخلال بواجبات وظيفته، ودان الثانى بجرائم الاشتراك فى تقديم رشوة لموظف عمومى والإخلال بواجبات وظيفته والتوسط لدى قاضى لصالح متهم، ودان الثالث بجريمة الاشتراك مع موظف عمومى للإخلال بواجبات وظيفته، قد شابة القصور فى التسبيب والفساد فى الاستدلال والخطأ فى تطبيق القانون وفى تأويله، ذلك بأن تمسك الطاعنون الثلاثة الأول ببطلان إذن التسجيل والمراقبة الصادر بتاريخ 30 من مايو سنة 2001 والأذون التى تلته، لصدورها دون إجراء تحريات سابقة، وهو ما جرت عليه أقوال عضو الرقابة الإدارية المأذون له فى تحقيقات النيابة العامة، كما دفعوا بانحسار اختصاص هيئة الرقابة الإدارية عن مراقبة القضاة والكشف عن المخالفات التى تقع منهم، وفقًا لما ورد بقانون إعادة تنظيمها الصادر بالقرار بقانون رقم 54 لسنة 1964، إلا أن الحكم المطعون فيه أطرح الدفع الأول بما لا يكفى لإطراحه، وأطرح الدفع الثانى برد غير صحيح قانونًا، مما يعيب الحكم ويستوجب نقضه.
ومن حيث إن البين من مدونات الحكم المطعون فيه أنه أطرح الدفع ببطلان أذون التسجيل لصدورها دون إجراء تحريات فى قوله: "وما أثاره الدفاع من أن هذه الأذون الصادرة من مجلس القضاء الأعلى باطلة لعدم تسبيبها مردود بأن المحكمة تعتد بأن ما ورد بهذه الأذون من استناد لاطمئنانها لمعلومات وتحريات الرقابة الإدارية، يعد كافيًا فى عقيدة المحكمة لصدورها، كما أنها صدرت على تحريات جدية إذ تطمئن المحكمة لجدية التحريات لأنها تضمنت معلومات كافية لتمييز شخصية كل من المتهمين عن غيرهم من الأشخاص وبيان أنه يرتكب جريمة مؤثمة قانونًا". لما كان الإعلان العالمى لحقوق الإنسان الصادر عن هيئة الأمم المتحدة سنة 1948 قد نص فى مادته الثانية عشرة على أن "لا يعرض أحد لتدخل تعسفى فى حياته الخاصة أو أسرته أو مسكنه أو مراسلاته، أو لحملات على شرفه وسمعته، ولكل شخص الحق فى حماية القانون من مثل هذا التدخل أو تلك الحملات". وعقب صدور هذا الإعلان حرصت معظم دساتير الدول على التأكيد على حماية حياة المواطنين الخاصة، فنص الدستور المصرى القائم فى وثيقة إعلانه على أن سيادة القانون ليست ضمانًا مطلوبًا لحرية الفرد فحسب، لكنها الأساس الوحيد لمشروعية السلطة فى الوقت. ونص فى صدر المادة 41 منه على أنه: "الحرية الشخصية حق طبيعى وهى مصونة لا تمس". كما نص فى المادة 45 على أنه: "لحياة المواطنين الخاصة حرمة يحميها القانون، وللمراسلات البريدية والبرقية والمحادثات التليفونية وغيرها من وسائل الاتصال حرمة، وسريتها مكفولة، ولا يجوز مصادرتها أو الإطلاع عليها أو رقابتها إلا بأمر قضائى مسبب، ولمدة محددة ووفقًا لأحكام القانون". ومفاد القواعد الدستورية سالفة البيان، أن حق الجماعة فى الدفاع عن مصالحاها الحيوية ينبغى أن يوازن حق الفرد فى الحرية. لما كان الإذن بالتفتيش هو من أخطر الإجراءات التى تتخذ ضد الفرد وأبلغها أثرا عليه، فقد حرص المشرع على تقييد حرية سلطة التحقيق عند إصدارها هذا الإذن، فلا يصح إصداره إلا لضبط جريمة جناية أو جنحة واقعة بالفعل وترجحت نسبتها إلى متهم معين، وأن هناك من الدلائل ما يكفى للتصدى لحرمة مسكنه أو لحريته الشخصية لكشف مبلغ اتصاله بالجريمة، ومن أجل ذلك، جرى قضاء هذه المحكمة على أن إذن التفتيش ليس وسيلة من وسائل جمع المعلومات أو التحريات أو التنقيب عن الجريمة، وأن تقدير جدية التحريات وكفايتها لتسويغ إصدار الإذن بالتفتيش وإن كان موكولاً إلى سلطة التحقيق التى أصدرته تحت رقابة محكمة الموضوع، إلا أنه إذا كان المتهم قد دفع ببطلان هذا الإجراء، فإن يتعين على المحكمة أن تعرض لهذا الدفع الجوهرى وأن تقول كلمتها فيه بأسباب كافية وسائغة. إن مراقبة المحادثات التليفونية وتسجيلها هو إجراء من إجراءات التفتيش إلا أنه نظرًا لخطورة هذا الإجراء باعتباره يتعرض لمستودع سر الفرد ويزيل الحظر على بقاء سريته مقصورة على نفسه ومن أراد ائتمانه عليه، فيباح لغيره الاطلاع على مكنون سره، فقد حرص الدستور فى المادة 45 منه على تأكيد حرمته وسريته واشترط لمراقبة المحادثات التليفونية صدور أمر قضائى مسبب، كما جاء المشرع فى قانون الإجراءات الجنائية مسايرًا لأحكام الدستور فاشترط لإجازة هذه المراقبة وانتهاك سريتها قيود إضافية بخلاف القيود الخاصة بإذن التفتيش السابق إيرادها نص عليها فى المواد 95، 95 مكررا، 206 منه، وكان من المقرر أنه ينبغى على السلطة الآمرة بالمراقبة والتسجيل مراعاة هذه القيود والتحقق من توافرها وإلا بطل الإجراء وما يترتب على ذلك من عدم الاعتداد بالدليل المستمد منه، لما كان ذلك، وكان من البين من الإطلاع على المفردات المضمومة تحقيقًا لوجه الطعن أن أقوال المأذون له عضو الرقابة الإدارية فى تحقيقات النيابة العامة قد جرت على أنه لم يقم بإجراء أى تحريات عن الواقعة إلا بعد صدور إذن مجلس القضاء الأعلى له بالمراقبة والتسجيل وحتى انتهاء فترة سريانه، وهذا القول يؤكده الواقع الماثل فى الدعوى الراهنة على ما يبين من المفردات إذ أن عضو الرقابة الإدارية حرر محضرًا بتاريخ 29 من مايو سنة 2001 أثبت فيه ورود معلومات إليه عن الطاعن الأول مفادها أنه قاضى مرتشى وأنه على صلة ببعض النسوة الساقطات جهل أسمائهن وأنهن يتدخلن لديه فى القضايا المختص بنظرها، وقد خلت التسجيلات والتحقيقات فيما بعد عن وجود أى دور لأى من النسوة الساقطات، وأضاف بمحضره أن الطاعن الأول سينظر قضية للمتهم الرابع فى الدعوى وأنه تلقى منه بعض الهدايا العينية وطلبت الإذن بالمراقبة والتسجيل، وعقب صدور الإذن له اقتصر دور عضو الرقابة الإدارية على تفريغ ما أسفرت عنه عملية التسجيل واتصال كل من المتهمين الآخرين بالطاعن الأول، وطلبه مراقبة هؤلاء نظرًا لما تكشف له من أحاديث دارت بين المتهمين: مما مفاده أنه استعمل مراقبة المحادثات التليفونية كوسيلة من وسائل جمع المعلومات والتنقيب عن الجرائم المسند إلى المتهمين وارتكابها وهو الأمر الذى حرمه القانون حفاظًا على سرية المحادثات التليفونية التى حرص الدستور على حمايتها. لما كان ما تقدم، وكان الإذن الأول الصادر بتاريخ 30 من مايو سنة 2001 بالمراقبة والتسجيل قد بنى على مجرد معلومات وردت إلى المأذون له بصورة مرسلة وأنه لم يجر بشأن أى تحريات حسبما جرت أقواله فى تحقيقات النيابة العامة قبل حصوله على الإذن ومن ثم يبطل هذا الإذن، كما يستطيل هذا البطلان إلى الأذون التالية له، لأنها جاءت امتداد له وأقيمت على نتاج تنفيذ هذا الإذن وما تلاه فى حلقات متشابكة وارتبط كل منها بالإذن الذى سبقه ارتباطًا لا يقبل التجزئة وينتفى معه استقلال كل إذن عن الآخر. لما كان ذلك، وكان الحكم المطعون فيه قد خالف هذا النظر وسوغ صدور أذون المراقبة والتسجيل رغم عدم إجراء تحريات سابقة يكون قد أخطأ فى تطبيق القانون فوق فساده فى الاستدلال ومن ثم يتعين بطلان الدليل المستمد من تنفيذ هذه الأذون وعدم التعويل أو الاعتداد بشهادة من أجراها إذ أن معلوماته استقيت من إجراءات مخالفة للقانون. هذا فضلاً عن أنه عن الوجه الآخر للطعن فإن البين من الإطلاع على قرار رئيس الجمهورية بالقانون رقم 117 لسنة 1958 بإعادة تنظيم النيابة الإدارية والمحاكمات التأديبية فى الإقليم المصرى أن النيابة الإدارية كانت تتكون من قسمين هما قسم الرقابة وقسم التحقيق على ما أفصحت عنه المادة الثانية من القرار بقانون سالف الإشارة بما مفاده أن الرقابة الإدارية كانت جزء من النيابة الإدارية إلا أنه بتاريخ 16 من مارس سنة 1964 صدر قرار رئيس الجمهورية بالقانون رقم 54 لسنة 1964 بإعادة تنظيم الرقابة الإدارية حدد فيه اختصاصات الرقابة الإدارية كما جاءت المادة الرابعة من القرار بقانون سالف الإشارة محددة مجال عمل الرقابة الإدارية بنصها علي أنه "تباشر الرقابة الإدارية اختصاصاتها فى الجهاز الحكومى وفروعه والهيئات العامة والمؤسسات العامة والشركات التابعة لها والجمعيات العامة والخاصة وأجهزة القطاع الخاص التى تباشر أعمالا عامة، وكذلك جميع الجهات التى تسهم الدولة فيها بأى وجه من الوجوه". ولقد أفصحت المذكرة الإيضاحية لهذا القرار بقانون عن مناسبة إصداره بقولها: "نظرًا لازدياد تبعات الرقابة الإدارية فقد رئى تحقيقًا للصالح العام فصلها عن النيابة الإدارية، حتى تستطيع أن تؤدى رسالتها على الوجه المرغوب فيه". لما كان ذلك، وكان مبدأ الشرعية وسيادة القانون هو أساس الحكم في الدولة طبقًا لنص المادة 64 من الدستور وهو مبدأ يوجب خضوع سلطات الدولة للقانون والتزام حدوده فى كافة أعمالها وتصرفاتها بما يصون للشرعية بنيانها، وأن استقلال القضاء وحصانته ضمانان أساسيان لحماية الحقوق والحريات، على ما نصت عليه المادة 65 من الدستور. وكان الدستور القائم قد قسم سلطات الدولة إلى ثلاث سلطات هى التشريعية والتنفيذية والقضائية ونص فى المادة 153 منه فى الفصل الثالث من الباب الخامس تحت مسمى السلطة التنفيذية على أن الحكومة هى الهيئة التنفيذية والإدارية العليا للدولة. بينما نص فى المادة 165 وما بعدها في الفصل الرابع من الباب الخامس تحت مسمى السلطة القضائية علي أن السلطة مستقلة ونصت المادة 168 على أن القضاة غير قابلين للعزل، وينظم القانون مساءلتهم تأديبيًا. لما كان ذلك، وكان من المقرر أنه متى كانت عبارة القانون واضحة لا لبس فيها فإنه يجب أن تعد تعبيرًا صادقًا عن إرادة الشارع ولا يجوز الإنحراف عنها عن طريق التفسير أو التأويل أيًا كان الباعث على ذلك، ولا الخروج عن النص متى كان واضحًا جلى المعنى قاطعًا فى الدلالة على المراد منه وأنه لا محل للاجتهاد إزاء صراحة نص القانون واجب التطبيق، وكان البين من نص المادة الرابعة من القرار بقانون رقم 54 لسنة 1964 بإعادة تنظيم الرقابة الإدارية سالفة الإشارة فى صريح لفظه وواضح دلالته أن المشرع حدد الأوصاف التى يتعين بها الأشخاص المقصودين بهذا الخطاب والشروط التى تعين الوقائع التى ينطبق عليها هذا الخطاب، ومن ثم قانون الرقابة الإدارية القائم قد حدد الأشخاص الذين تباشر الرقابة الإدارية اختصاصاتها بالنسبة لهم دون غيرهم وأنه ينطبق على فئة من الأفراد معينة بأوصافها لا بدواتها هم موظفى الجهاز الحكومى وفروعه والهيئات العامة والمؤسسات العامة والشركات التابعة لهم والجمعيات العامة والخاصة وأجهزة القطاع الخاص التى تباشر أعمالاً عامة وكذلك جميع الجهات التى تسهم الدولة فيها بأى وجه من الوجوه. لما كان ذلك، وكان رجال السلطة القضائية طبقًا للدستور ليسوا من موظفى الجهاز الحكومى وفروعه ونص الدستور فى المادة 168 منه على أن القانون ينظم مساءلتهم تأديبيًا، وجاء قانون السلطة القضائية الصادر بالقرار بقانون رقم 46 لسنة 1972 ونص فى المادة 67 منه على أن رجال القضاء غير قابلين للعزل، ونص في الفصل التاسع من الباب الثانى على كيفية مساءلة القضاء تأديبيًا فى المواد 93 إلى 115، ومفاد ما سلف إيراده أن القضاة ليسوا فوق المساءلة وإنما حدد الدستور والمشرع هذه القواعد حرصا على استقلال القضاء وحصانته ومواجهة الكيدية وخطر التعسف أو التحكم مما يعصف بمبدأ استقلال القضاء ويفرغ الحصانة القضائية من مضمونها. لما كان ما تقدم، فإن اختصاص الرقابة الإدارية طبقًا لنص قانونها القائم مقصور على موظفى الجهات المبينة بنص المادة الرابعة من القانون وانحسار اختصاصها عن الكشف عن المخالفات التى تقع من القضاء أثناء مباشرتهم لواجبات وظائفهم أو بسببها والتى تخضع للقواعد المنصوص عليها فى قانونى السلطة القضائية والإجراءات الجنائية. ويؤكد هذا النظر أن اختصاصات الرقابة الإدارية عدا الكشف عن المخالفات الإدارية والمالية والجرائم الجنائية التي تقع من العاملين والتى نصت عليها المواد 2، 3، 5، 6 من قانون إعادة تنظيمها تتمثل فى بحث وتحرى أسباب القصور فى العمل والإنتاج وكشف عيوب النظم الإدارية والفنية والمالية، وبحث الشكاوى التى يقدمها المواطنين وبحث مقترحاتهم فيما يعن لهم بقصد تحسين الخدمات وانتظام سير العمل، وبحث ودراسة ما تنشره الصحافة من شكاوى أو تحقيقات صحفية تتناول نواحى الإهمال أو الاستهتار، وطلب وقف الموظف أو إبعاده عن أعمال وظيفته بناء على قرار من رئيس مجلس الوزراء، ورفع تقاريرهم متضمنة تحرياتها وأبحاثها ودراساتها ومقترحاتها إلى رئيس مجلس الوزراء لاتخاذ ما يراه بشأنها، وحق التحفظ على أية ملفات من الجهة الموجودة فيها، كل هذه الاختصاصات تكشف وتقطع بجلاء لا لبس فيه أو غموض على أن اختصاصات الرقابة الإدارية سالفة البيان صالحة للإعمال على الجهاز الحكومى وما يلحق به من هيئات عامة ومؤسسات عامة وفقا لنص المادة الرابعة من القرار بقانون رقم 54 لسنة 1964، وأنه لا يتأتى فى منطق العقل ممارسة الرقابة الإدارية لهذه الاختصاصات بالنسبة لأعمال السلطة القضائية والتى قوامها نظر قضية الأفراد والفصل فيها بأحكام قضائية حدد المشرع طرق الطعن فيها. لما كان ذلك، وكان الحكم المطعون فيه قد طرح هذا الدفع بقوله: "وعن الدفوع بعدم ولاية الرقابة الإدارية بالنسبة لمراقبة رجال القضاء، لأن اختصاصها يقتصر على العاملين المدنيين بالدولة ولأن القضاء سلطة مستقلة بنص الدستور، فإن هذه الدفوع مردودة بأنه وفقًا للقانون 54 لسنة 1964 وتعديلاته فإن الرقابة الإدارية تختص بالكشف عن المخالفات الإدارية والمالية والجرائم الجنائية التى تقع من العاملين أثناء مباشرتهم لواجبات وظائفهم أو بسببها "مادة 2 فقرة ج" وطبقًا للمادة الثامنة من ذات القانون يجوز للرقابة الإدارية أن تجرى التحريات والمراقبة السرية بوسائلها الفنية المختلفة كلما رأت مقتضى لذلك، ووفقًا للمادة التاسعة من القانون المشار إليه للرقابة الإدارية أن تجرى تفتيش أشخاص ومنازل العاملين المنسوب إليهم المخالفات بعد الحصول على إذن من رئيسها أو من النيابة العامة، وتأسيسًا على ذلك، فإن الدفع بعدم ولاية الرقابة الإدارية فى مراقبة القضاة يغدو لا أساس له قانونًا، سيما وأن قانون السلطة القضائية لا يوجد به نص يمنع تطبيق هذه النصوص عليهم فى الحدود المنصوص عليها بها، و بمراعاة استئذان مجلس القضاء الأعلى فيما نص عليه القانون، وأن استقلال القضاء لا يمنع خضوعه للقانون وأنه لا سند لما أثاره الدفاع من أن الرقابة الإدارية تقتصر على العاملين الخاضعين لقانون العاملين بالدولة فقط". لما كان ذلك، وكان ما أورده الحكم المطعون فيه على السياق المتقدم هو جهاد فى غير عدو إذ أنه لم يواجه الدفع البتة وانحصر فقط فى سرد سلطات ومكنات أعضاء هيئة الرقابة الإدارية حيال من يختصون بالكشف عن مخالفاتهم وهو أمر لم يثره الدفاع عن الطاعنين أو يجادلوا فيه، وإذ سوغ الحكم تصدى أعضاء الرقابة الإدارية للكشف عن الجرائم والمخالفات التى تقع من القضاة فإنه يكون قد أخطأ فى تطبيق القانون وفى تأويله وأن ما ذهب إليه الحكم المطعون فيه فى مجال رده على هذا الدفع من أن المادة الثامنة من قانون الرقابة الإدارية خولت لها إجراء التحريات والمراقبة السرية بوسائلها الفنية المختلفة كلما رأت مقتضى لذلك، فإنه فضلاً عن عدم تعلقه بالرد على الدفع المثار فإنه مردود بأن هذا النص قد نسخ بقوة الدستور الذى نص فى المادة 45 منه على أن "لحياة المواطنين الخاصة حرمة يحميها القانون، وللمراسلات البريدية والبرقية والمحادثات التليفونية وغيرها من وسائل الاتصال حرمة، وسريتها مكفولة، ولا تجوز مصادرتها أو الإطلاع عليها أو رقابتها إلا بأمر قضائى مسبب ولمدة محددة وفقًا لأحكام القانون". أما ما ذهب إليه الحكم المطعون فيه من أن قانون السلطة القضائية لم يرد به نص يمنع تطبيق نصوص قانون إعادة تنظيم الرقابة الإدارية على القضاة، فهو مردود بأن قانون السلطة القضائية لم يكن فى حاجة إلى النص على هذا المنع ما دام أن قانون الرقابة الإدارية وفقًا لنص المادة الرابعة منه لا يمتد إلى القضاة كما سبق إيراده. لما كان ما تقدم، وكان من المقرر عدم اتخاذ إجراء جنائى إلا بناء على قانون، ومن ثم فإن ما قام به شاهد الإثبات الأول عضو الرقابة الإدارية فى الدعوى من إجراءات وصدور الإذون له بمراقبة القضاة وتسجيل الأحاديث التليفونية المرسلة منهم أو الواردة إليهم رغم عدم اختصاصه بالقيام بهذا الإجراء يكون كل ذلك قد تم فى غير سياج من الشرعية الدستورية والإجرائية ومن ثم بطلت جميع الإجراءات التى اتخذها فى الدعوى حيال القضاة وبطلت أذون المراقبة والتسجيل الصادرة له وما أسفر عنه تنفيذ تلك الأذون أيضا الدليل المستمد منها وعدم سماع شهادة من قام بهذا الإجراء الباطل إذ أن معلوماته استقيت من إجراءات مخالفة للقانون وأنه وأن كان علي الأجهزة الرقابية محاربة الفساد والانحراف بالوظيفة العامة إلا أنه يتعين عليها ألا تغتصب اختصاصًا ليس مقررًا لها فى القانون. لما كان ما تقدم، وكانت هذه المحكمة محكمة النقض قد خلصت إلى بطلان إذون التفتيش، إلا أن هذا البطلان لا يستطيل إلى إجراءات التحقيق اللاحقة عليه إذ ثبت لقاضى الموضوع أنها منقطعة الصلة بذلك الإجراء الباطل، ولما كانت الدعوى حسبما حصلها الحكم المطعون فيه لا يوجد بها دليل سوى الدليل المستمد من الإجراء الباطل بالنسبة للطاعن الثالث بعد أن أنكر بالتحقيقات وبجلسات المحاكمة ما أسند إليه فإنه يتعين الحكم ببراءته عملاً بالفقرة الأولى من المادة 39 من قانون حالات وإجراءات الطعن أمام محكمة النقض الصادر بالقانون رقم 57 لسنة 1959، بينما أورد الحكم فى مدوناته أدلة أخرى لاحقة بالنسبة للطاعنين الأول....... والثانى....... فإنه يتعين نقض الحكم المطعون فيه والإعادة بالنسبة لهما كى تقوم محكمة الموضوع بالفصل فيما إذا كانت هذه الأدلة اللاحقة متصلة بالإجراء الباطل ومتفرعة عنه أم أنها منقطعة الصلة بذلك الإجراء الباطل، لما كان ذلك، وكان الدفع المبدى ببطلان إذون التفتيش الصادرة فى الدعوى هو دفاع عينى لتعلقه بمشروعية الدليل فى الدعوى وجودًا وعدمًا ولا بأشخاص مرتكبيها ويترتب عليه استفادة باقى الطاعنين والذين لم يبدوا هذا الدفع منه بطريق اللزوم والتبعية وذلك بالنظر إلى وحدة الواقعة والأثر العينى للدفاع المشار إليه وكذلك قوة الأثر القانونى للارتباط بين المتهمين فى الجريمة، ومفاد ما تقدم استفادة الطاعن الرابع.... من هذا الدافع وإعمال أثره بالنسبة له رغم عدم إبدائه هذا الدفع، وكانت الدعوى حسبما حصلها الحكم المطعون فيه لا يوجد بها دليل قبل هذا الطاعن سوى الدليل المستمد من الإجراء الباطل بعد أن أنكر ما أسند إليه بالتحقيقات وبجلسات المحاكمة فإنه يتعين الحكم ببراءته عملاً بالفقرة الأولى من المادة 39 من قانون حالات وإجراءات الطعن أمام محكمة النقض الصادر بالقانون رقم 57 لسنة 1959 وذلك دون حاجة إلى بحث أوجه طعنه.