وحيث إن النعى بهذا الوجه فى محله. ذلك أن تعيين العناصر المكونة للضرر والتى يجب أن تدخل فى حساب التعويض هى - وعلى ما جرى به قضاء هذه المحكمة - من المسائل القانونية التى تهيمن عليها محكمة النقض فإذا كان الحكم المطعون فيه قد قضى بالتعويض دون أن يبين كنه عناصر الضرر فإنه يكون قد عابه البطلان لقصور أسبابه الواقعية. لما كان ذلك وكان الحكم المطعون فيه لم يحل على حكم أول درجة فى بيان العناصر المكونة للضرر وإنما أيده لما أنشأه من أسباب، وقد أقام قضاءه بالتعويض على مجرد قوله "ويحق من ثم للمستأنف ضدها إجبارها عن الكف عن هذا الفعل فضلاً عن تعويض ما أصابها من أضرار" دون بيان لعناصر هذا الضرر المقضى بالتعويض عنه فإنه يكون معيبا بالقصور والخطأ فى تطبيق القانون مما يوجب نقضه دون حاجة لبحث باقى أوجه الطعن
وقررت محكمة النقض في حكمها
بعد الاطلاع على الأوراق وسماع التقرير الذى تلاه السيد المستشار المقرر والمرافعة وبعد المداولة.
حيث إن الطعن استوفى أوضاعه الشكلية.
وحيث إن الوقائع - على ما يبين من الحكم المطعون فيه وسائر أوراق الطعن - تتحصل فى أن الشركة المطعون ضدها أقامت الدعوى رقم .... لسنة .... تجارى كلى شمال القاهرة على الطاعنة والمطعون ضدهما الثانى والثالث انتهت فيها إلى طلب الحكم بإلزام الشركة الطاعنة بأن تؤدى لها مبلغ 100000 جنيه على سبيل التعويض المؤقت ورفع كافة إعلانات الطرق والمبانى التى وضعت عليها كلمة هوندا " أينما وجدت مع الحكم عليها بغرامة تهديدية عن كل يوم من تاريخ المطالبة فى 30/ 8/ 1993 حتى تمام رفع الإعلانات وشطب الاسم التجارى والعلامة التجارية " هوندا " من اسم الشركة الطاعنة المدون بالسجل الخاص بها. وقالت بيانا لذلك إنها منتجة للسيارة " هوندا " وتداول طرازتها المختلفة تحت هذا الاسم التجارى وبها علامة "H" باللغتين العربية والإنجليزية وكلمة " سيفيك " التى تميز هذه المنتجات بوضع مبتكر يدل بذاته عليها. وإذ فوجئت الشركة الطاعنة تنسب لنفسها هذا الاسم وتتسمى فى السجل التجارى الخاص بها باسم " هوندا إيجبت " مما يوحى لجمهور المستهلكين بأنها جزء من الشركة الأصلة وينطوى على غش وتضليل ومنافسة غير مشروعة وإضرار بها فقد أقامت الدعوى وبتاريخ 29/ 2/ 1996 حكمت المحكمة بشطب كلمة " هوندا " من السجل التجارى للشركة الطاعنة وبإلزامها برفع وإزالة كلمة " هوندا " وعلامة "H" وكلمة سيفيك من إعلانات الطرق والمبانى ومقار الشركة وفروعها وورشها أينما وجدت وبأن تؤدى للمطعون ضدها الأولى مبلغ 20000 جنيه تعويضاً نهائياً مادياً وأدبياً ومبلغ 1000 جنيه من تاريخ المطالبة القضائية الحاصل فى 23/ 9/ 1993 وحتى تمام رفع الإعلانات. استأنفت الشركة الطاعنة هذا الحكم بالاستئنافين رقمى 1211، 1404 لسنة 113 ق القاهرة. وبتاريخ 24/ 7/ 1996. قضت المحكمة فى الاستئنافين بتأييد الحكم المستأنف. طعنت الطاعنة فى هذا الحكم بطريق النقض. وقدمت النيابة العامة مذكرة أبدت فيها الرأى بنقض الحكم المطعون فيه. وإذ عرض الطعن على المحكمة فى غرفة مشورة فحددت جلسة لنظره وفيها التزمت النيابة رأيها.
وحيث إنه عن الدفع المبدى من المطعون ضدهما الثانى والثالث بعدم قبول الطعن بالنسبة لهما فهو فى غير محله بالنسبة للأول ذلك أن طلب الشركة المطعون ضدها محو ما تم بشأن الاسم التجارى والعلامة التجارية الخاصة بها من السجل التجارى للشركة الطاعنة إنما هو موجه إلى مصلحة السجل التجارى التى قامت أصلاً بإجراء تلك التسجيلات وهى المنوط بها تنفيذ الحكم بمحوها بما يجعل المطعون ضده الثانى - وزير التموين - خصما حقيقيا فى الدعوى يصح اختصامه فى هذا الطعن، والدفع فى محله بالنسبة للمطعون ضده الثالث باعتبار أن الوزير هو الذى يمثل الدولة فى الشئون المتعلقة بوزارته دون مديرى المصالح والفروع التابعة للوزارة التى ليست لها الشخصية الاعتبارية المستقلة.
وحيث إن الطعن فيما عدا ما تقدم استوفى أوضاعه الشكلية.
وحيث إن الطعن أقيم على أربعة أسباب تنعى الطاعنة بالوجهين الأول والثانى من السبب الأول والوجهين الثانى والسادس من السبب الرابع على الحكم المطعون فيه الخطأ فى تطبيق القانون والقصور فى التسبيب والاخلال بحق الدفاع وفى بيان ذلك تقول إن المحكمة الاستئنافية جحزت الاستئنافين للحكم قبل أن تتمكن من إبداء دفاعها وتقديم مستنداتها الجوهرية. ولم تجبها إلى طلب إعادة الدعوى للمرافعة - والذى أرفقت به مسنتدات تؤيد استئنافها - كما تمسكت بطلب ندب خبير فى الدعوى - بعد أن عدلت محكمة الدرجة الأولى عن هذا الإجراء دون بيان سبب عدولها عنه - إلا أن الحكم لم يشر إليه مما يعيبه بما سلف ويوجب نقضه.
وحيث إن هذا النعى فى غير محله - ذلك أن إعادة الدعوى للمرافعة والتصريح بتقديم مستندات ليس حقاً للخصوم يتحتم إجابتهم إليه بل هو متروك لمحكمة الموضوع التى تستقل بتقدير مدى الجد فى هذا الطلب. كما وأن طلب تعيين الخبير هو من الرخص التى تملك محكمة الموضوع عدم الاستجابة إليه متى وجدت فى أوراق الدعوى ومستنداتها ما يكفى لتكوين عقيدتها ولها أن تعدل عما أمرت به من ندب خبير متى رأت عدم لزوم ندب خبير فيها - إن هى لم تجب الطاعنة إلى طلبها لأن إجابته من إطلاقاتها فلا يعيب الحكم الالتفات عنه.
وحيث تنعى الطاعنة بالوجه الثالث من السبب الثانى على الحكم المطعون فيه مخالفة القانون وفى بيان ذلك تقول إن تسجيل العلامة التجارية واستعمالها بصفة مستمرة لمدة خمس سنوات على الأقل من تاريخ التسجيل هو مناط الحماية التى أسبغها القانون رقم 57 لسنة 1939 على ملكيتها وإذ خلت الأوراق من ثبوت تسجيل الشركة المطعون ضدها الأولى لعلامتها التجارية فينتفى مناط حمايتها وإذ خالف الحكم الابتدائى المؤيد بالحكم المطعون فيه هذا النظر فإنه يكون معيباً بما يستوجب نقضه.
وحيث إن هذا النعى غير مقبول ذلك أنه لما كان الدفاع الوارد بوجه النعى هو سبب قانونى يخالطه واقع لم يسبق طرحه على محكمة الموضوع فإنه لا يجوز إثارته لأول مرة أمام محكمة النقض ويضحى النعى بهذا الوجه غير مقبول.
وحيث إن حاصل النعى بالوجهين الثانى والسادس من السبب الثانى مخالفة الحكم المطعون فيه للقانون ذلك أن الشركة المطعون ضدها الأولى أسست طلبها بالتعويض على المسئولية التقصيرية وفقاً لنص المادة 163 من القانون المدنى إلا أن الحكم المطعون فيه أقام قضاءه على التعسف فى استعمال الحق وفقاً لنص المادة الخامسة من القانون المدنى ودون أن يبين أياً من حالاته التى حمل عليها قضاءه فإنه يكون فضلاً عن مخالفته للقانون والخطأ فى تطبيقه قد غير من تلقاء نفسه سبب الدعوى وأساسها القانونى بما يعيبه ويوجب نقضه.
وحيث إن هذا النعى فى غير محله ذلك أن البين من مدونات الحكم المطعون فيه أنه أقام قضاءه على مجاوزة الطاعنة بأفعالها للحدود الموضوعية لحقها فى الترويج لسيارات الشركة المطعون ضدها الأولى وهو ما يعد منها خطأ تقصيرياً تقوم به مسئوليتها التقصيرية وليس تعسفا فى استعمال حق لها.
وحيث إن الطاعنة تنعى بالوجه الأول من السبب الثالث على الحكم المطعون فيه الخطأ فى الإسناد وفى فهم الواقع والفساد فى الاستدلال ومخالفة الثابت بالأوراق وفى بيان ذلك تقول إن الحكم اعتبر الأعمال التى قامت بها خطأ يستوجب مسئوليتها فى حين أن الطاعنة لم تزور أو تقلد علامة الشركة المطعون ضدها الأولى ولم تقم بأى عمل يؤدى إلى اللبس أو الخلط أو ما يسبب اضطراباً فى أحوالها وأن ما قامت به كان دعاية وإعلاناً وترويجاً للشركة المطعون ضدها الأولى بناء على طلبها مما عاد عليها بالربح بما يعيب الحكم بما سلف ويستوجب نقضه.
وحيث إن هذا النعى بهذا الوجه مردود، ذلك أنه وإن كان من المقرر - فى قضاء هذه المحكمة - أن تكييف الفعل المؤسس عليه طلب التعويض بأنه خطأ أو نفى هذا الوصف عنه هو من المسائل التى يخضع قضاء محكمة الموضوع فيها لرقابة محكمة النقض. إلا ان استخلاص الخطأ الموجب للمسئولية هو مما يدخل فى حدود السلطة التقديرية لمحكمة الموضوع ما دام هذا الاستخلاص سائغاً مستمداً من عناصر تؤدى إليه من وقائع الدعوى وكان الحكم المطعون فيه قد أقام قضاءه بثبوت خطأ الشركة الطاعنة على قوله " وإن كان يحق للشركة المستأنفة القيام بأعمال الدعاية والإعلان لسيارات هوندا تنشيطا لمبيعاتها فإن لهذا الحق - كأى حق - حدوده الموضوعية إذ لا يجوز أن يستطيل بأى حال إلى حق المستأنف عليها على علامتها التجارية واسمها التجارى الذى نظم نطاقه وحدد أحكامه قانون العلامات التجارية 57 لسنة 1939 والقانون رقم 55 لسنة 1951 فى شأن الأسماء التجارية وكذا الاتفاقات الدولية المتعلقة بها وبموجب هذا الحق يكون لصاحب الاسم أو العلامة التجارية أن يمنع الغير من الاعتداء عليها أو استعمالها. وكان الثابت من الأوراق أن الشركة المستأنفة تسمت بالسجل التجارى الخاص بها باسم " هوندا إيجبت " كما وأنها دأبت على استعمال كلمة " هوندا والحرف المميز " H " الذى تستخدمه الشركة المستأنف ضدها على كافة الإعلانات عن شركاتها وبأنها راعية لهوندا فى مصر مع رفع الكلمة والحرف المذكورين على واجهات مقارها وفروعها ومركز الخدمة الذى أقامته خصيصا لسيارات هوندا وهو ما يبنى فى ظاهر الأمر - وعلى خلاف الواقع - أنها نائبة أو وكيلة عن شركة هوندا أو مكلفة على نحو ما بالترويج لسياراتها وصيانتها وأن أفعال المستأنفة تلك تشكل فى جانبها صورة من صور الخطأ الذى من شانه أن يخدع الغير المتعامل معها أو يحمله على الاعتقاد بأن لها حقوقاً على الاسم والعلامة هوندا على خلاف الواقع. لما كان ذلك وكان الحكم المطعون فيه قد استند فى استخلاص خطأ الشركة الطاعنة إلى أسباب سائغة مستمدة من عناصر لها أصلها الثابت بالأوراق وتؤدى إلى النتيجة التى انتهى إليها فإن النعى يكون جدلاً موضوعياً لا يجوز إثارته أمام هذه المحكمة.
وحيث إن الطاعنة تنعى بالوجه الثانى من السبب الثالث على الحكم المطعون فيه الخطأ فى تطبيق القانون والفساد فى الاستدلال وفى بيان ذلك تقول إن الحكم الابتدائى المؤيد بالحكم المطعون فيه أطرح ما قدمته من مستندات على سند من أنها مكاتبات عرفية ليس لها حجية فى الإثبات رغم عدم جحدها مما يعيبه بما سلف ويستوجب نقضه.
وحيث إن هذا النعى غير مقبول. ذلك أن المادة 253 من قانون المرافعات إذ أوجبت أن تشتمل صحيفة الطعن بالنقض على بيان الأسباب التى بنى عليها الطعن إنما قصدت بهذا البيان - وعلى ما جرى به قضاء هذه المحكمة - أن تحدد أسباب الطعن وتعرف تعريفاً واضحاً كاشفاً عن المقصود منها كشفاً وافياً نافياً عنها الغموض والجهالة بحيث يبين منها العيب الذى يعزوه الطاعن إلى الحكم المطعون فيه، وموضعه منه وأثره فى قضائه. لما كان ذلك، وكانت الطاعنة لم تبين المستندات التى تعزو للحكم إهدارها ودلالتها وأثرها فى الحكم، فإن النعى يكون مجهلاً ومن ثم غير مقبول.
وحيث إن الطاعنة تنعى بالوجه الثانى من السبب الرابع على الحكم المطعون فيه القصور فى التسبيب وفى بيان ذلك تقول إن الحكم المطعون قد أيد حكم أول درجة فى قضائه بالتعويض دون أن يبين ماهية الأضرار التى قدر التعويض عنها مما يعيبه ويستوجب نقضه.
وحيث إن النعى بهذا الوجه فى محله. ذلك أن تعيين العناصر المكونة للضرر والتى يجب أن تدخل فى حساب التعويض هى - وعلى ما جرى به قضاء هذه المحكمة - من المسائل القانونية التى تهيمن عليها محكمة النقض فإذا كان الحكم المطعون فيه قد قضى بالتعويض دون أن يبين كنه عناصر الضرر فإنه يكون قد عابه البطلان لقصور أسبابه الواقعية. لما كان ذلك وكان الحكم المطعون فيه لم يحل على حكم أول درجة فى بيان العناصر المكونة للضرر وإنما أيده لما أنشأه من أسباب، وقد أقام قضاءه بالتعويض على مجرد قوله "ويحق من ثم للمستأنف ضدها إجبارها عن الكف عن هذا الفعل فضلاً عن تعويض ما أصابها من أضرار" دون بيان لعناصر هذا الضرر المقضى بالتعويض عنه فإنه يكون معيبا بالقصور والخطأ فى تطبيق القانون مما يوجب نقضه دون حاجة لبحث باقى أوجه الطعن.