المقرر في قضاء محكمة النقض أنه وإن كان لكل من الشركاء على الشيوع حق ملكية حقيقية في حصته الشائعة, وأنه إذا تمكن أحدهم البناء على جزء من العقار الشائع, فإنه لا يُعد بانياً في ملك غيره, وكل ما للشريك الآخر أن يطالب من أقام البناء بقسمة العقار المملوك لهما على الشيوع, ثم يترتب حقه على ما ظهر من نتيجة القسمة, إلا أن مناط ذلك أن يكون القدر الذي بنى عليه معادلاً لنصيبه فيه, فإذا جاوزه اعتبر بانياً في ملك غيره وبسوء نية بالنسبة لما أقامه على ما يجاوز حصته
وقررت محكمة النقض في حكمها
بعد الاطلاع على الأوراق وسماع التقرير الذي تلاه السيد المستشار المقرر والمرافعة وبعد المداولة.
حيث إن الطعن استوفى أوضاعه الشكلية.
وحيث إن الوقائع - على ما يبين من الحكم المطعون فيه وسائر الأوراق - تتحصل في أن الطاعنة الأولى أقامت الدعوى رقم 671 لسنة 1990 مدني بور سعيد الابتدائية على المطعون ضدهم أولاً - ورثة المرحوم...... - بطلب الحكم بندب خبير لبيان ما تم من بناء مستحدث في العقار المبين بالصحيفة ومقداره وتكاليف هذا البناء وقت إنشائه وقيمة ما يخص كل من المطعون ضدهم سالفيّ البيان في هذه التكاليف وإلزامهم بما عسى أن يسفر عنه تقرير الخبير, وقالت بياناً لدعواها إنها تمتلك حصة شائعة في كامل أرض وبناء ذلك العقار مقدارها ستة عشر قيراطاً ويمتلك المطعون ضدهم المذكورين الحصة الباقية ومقدارها ثمانية قراريط بطريق الميراث عن والدهم وأنها قامت باستكمال بناء الدورين الثالث والرابع وغرفتين ودورة مياه بالدور الخامس بالعقار آنف البيان وذلك على نفقتها الخاصة وإذ كان هؤلاء المطعون ضدهم يتملكون في هذه المباني حصة مساوية لنصيبهم السابق بيانه وفقاً لأحكام الالتصاق وامتنعوا عن محاسبتها عن نصيبهم في تكاليف هذه المباني فقد أقامت الدعوى بطلباتها سالفة البيان, وجه المطعون ضدهم - أولاً - طلباً عارضاً إلى الطاعنين والمطعون ضدهما - ثانياً وثالثاً - بطلب الحكم بإزالة المباني التي أقامتها الطاعنة الأولى على أملاكهم على سند من وجود عقد مؤرخ 17 من فبراير سنة 1957 اتفق بموجبه الملاك المشتاعون على قسمة المال الشائع قسمة مهاياة, وأن الطاعنة الأولى أقامت البناء على حصتهم في العقار بدون موافقتهم وبالرغم من اعتراضهم ثم قامت ببيع حصتها في العقار للطاعن الثاني الذي باعها للمطعون ضدهما الثاني الثالث, ندبت المحكمة خبيراً وبعد أن أودع تقريره وأحالت الدعوى إلى التحقيق, وسمعت أقوال الشهود حكمت بتاريخ 26 من فبراير سنة 1995 في الدعوى الأصلية بإلزام المطعون ضدهم أولاً بأن يؤدوا للطاعنة الأولى مبلغ 8513.70 جنيهاً وفي الدعوى الفرعية برفضها. استأنف المطعون ضدهم أولاً هذا الحكم لدى محكمة استئناف الإسماعيلية "مأمورية بور سعيد" بالاستئناف رقم 402 لسنة 36 ق, وبتاريخ 7 فبراير سنة 1996 قضت المحكمة بإلغاء الحكم المستأنف وبإزالة المباني التي أقامتها الطاعنة الأولى بالعقار المبين بالصحيفة على نفقتها. طعن الطاعنان في هذا الحكم بطريق النقض وأودعت النيابة مذكرة أبدت فيها الرأي بنقض الحكم المطعون فيه, إذ عُرض الطعن على هذه المحكمة في غرفة مشورة حددت جلسة لنظره وفيها التزمت النيابة رأيها.
وحيث إن الطعن أُقيم على سببين ينعى الطاعنان بالأول منها على الحكم المطعون فيه الخطأ في تطبيق القانون والقصور, وفي بيان ذلك يقولان إن أعمال تعلية العقار الذي تمتلك الطاعن الأولى حصة شائعة في مقدارها ستة عشر قيراطاً تدخل ضمن أعمال الإدارة المعتادة التي يجوز للطاعنة القيام بها باعتبارها مالكة لأغلبية الحصص, كما وأن الثابت من تقرير الخبير المنتدب في الدعوى أن المباني المستجدة بدء في إنشائها في سنة 1982, سنة 1983 وتم الانتهاء منها في سنة 1987 ولم يعترض المطعون ضدهم أولاً مالكو الحصة الأقل عليها حتى تاريخ مطالبتهم لقيمة نصيبهم في تكاليف هذه المباني بالدعوى الأصلية مما يعتبر موافقة ضمنة منهم على تشييدها غير أن الحكم المطعون فيه انتهى إلى القضاء بإزالة هذه المباني على سند من أن قيام الطاعنة ببناء الأدوار محل النزاع بعد من قبيل أعمال الإدارة غير المعتادة التي يشترط للقيام بها أن يكون مالكاً لثلاثة أرباع المال الشائع ولم يرد على ما تمسك به الطاعنان من أن سكوت المطعون ضدهم المذكورين طوال الشائع تلك الفترة يعد إقراراً منهم لما أقامته الطاعنة الأولى من بناء مما يعيب الحكم ويستوجب نقضه.
وحيث إن هذا النعي مردود ذلك أن النص في المادة 828/ 1 من القانون المدني على أن "(1) ما يستقر عليه رأي أغلبية الشركاء في أعمال الإدارة المعتادة يكون ملزماً للجميع, وتحسب الأغلبية على أساس قيمة الأنصباء....." وفي المادة 829/ 1 منه على أن "(1) للشركاء الذين يملكون على الأقل ثلاثة أرباع المال الشائع, أن يقرروا في سبيل تحسين الانتفاع بهذا المال من التغييرات الأساسية والتعديل في الغرض الذي أعد له ما يخرج عن حدود الإدارة المعتادة....." يدل على أن أعمال الإدارة التي يكون لأغلبية الشركاء في المال الشائع القيام بها دون أن يكون لباقي الشركاء الاعتراض عليها هي أعمال الإدارة التي لا تخرج عن حدود الإدارة المعتادة أما ما يخرج عنها فإنها تكون لمن يملكون ثلاثة أرباع المال الشائع على الأقل وفقاً للإجراءات التي أوردتها المادة 829 المشار إليها؛ لما كان ذلك, كانت الأعمال التي قامت بها الطاعنة الأولى المالكة لحصة شائعة مقدارها 16 قيراطاً من 24 قيراط في العقار محل النزاع من استكمال بناء الدور الثالث وبناء الدور الرابع وغرفتين ودورة مياه بالدور الخامس في ذات العقار تعد من قبيل الأعمال التي تخرج عن حدود الإدارة المعتادة, وإذ التزم الحكم المطعون فيه هذا النظر فإنه يكون قد طبق القانون تطبيقاً صحيحاًًً، وإذ كان الحكم المطعون فيه قد أورد في مقام الرد على ما تمسك به الطاعنان من حصول إقرار من المطعون ضدهم سالفيّ البيان لعمل الطاعنة الأولى بتشييد المباني إليها الآتي ".... وكان الثابت من كتاب محافظة بور سعيد المشار إليه آنفاً اعتراض المستأنف الأول - المطعون ضده الأول في أولاً - على قيام المستأنف الأولى - الطاعنة الأولى - بالبناء على العقار محل التداعي وكانت أقوال شاهديه والمستأنفين أمام محكمة أول درجة والتي تطمئن إليها المحكمة ويرتاح وجدانها قد أبانت أن البناء تم دون موافقتهم ورغم اعتراضهم, متى كان ما تقدم وكانت المستأنف عليها الأولى لا تمتلك الأغلبية التي تتيح لها البناء وهو عمل من أعمال الإدارة غير المعتادة وكان المستأنفون لم يوافقوا على البناء وإنما قامت بذلك العمل منفردة....." وهو من الحكم استخلاص سائغ وكاف لحمل قضائه فيما انتهى إليه من حصول البناء دون موافقة المطعون ضدهم أولاً, فإن النعي عليه بالقصور والخطأ في تطبيق القانون بهذا السبب يكون على غير أساس.
وحيث إن مما ينعاه الطاعنان في السبب الثاني على الحكم المطعون فيه الخطأ في تطبيق القانون والقصور وفي بيان ذلك يقولان إن المباني المستحدثة محل النزاع تم الانتهاء من تشييدها في سنة 1987 ولم يطلب المطعون ضدهم الأول إزالتها خلال سنة من هذا التاريخ وقد أبدى هذا الطلب منهم لأول مرة في صورة الطلب العارض الذي أعلنت صحيفته بتاريخ 2/ 10/ 1993 ومن ثم فقد تمسك الطاعنان أمام محكمة الموضوع بسقوط الحق في طلب الإزالة, غير أن الحكم المطعون فيه لم يعرض لهذا الدفاع ويقسطه حقه من البحث والتمحيص تمهيداً لإعمال أثره وانتهى إلى القضاء بإزالة هذه المباني مما يعيبه ويستوجب نقضه.
وحيث إن هذا النعي في محله ذلك أنه لما كان البيّن مما سلف في الرد على السبب الأول سلامة ما انتهى إليه الحكم المطعون فيه من أن قيام الطاعنة الأولى بتشييد البناء المستحدث في العقار الشائع يعيد من أعمال الإدارة غير المعتادة وإنه تم دون موافقة المطعون ضدهم أولاً باقي الشركاء في هذا العقار, وكان من المقرر في قضاء هذه المحكمة أنه وإن كان لكل من الشركاء على الشيوع حق ملكية حقيقة في حصته الشائعة, وأنه إذا تمكن أحدهم البناء على جزء من العقار الشائع, فإنه لا يُعد بانياً في ملك غيره, وكل ما للشريك الآخر أن يطالب من أقام البناء بقسمة العقار المملوك لهما على الشيوع, ثم يترتب حقه على ما يظهر من نتيجة القسمة, إلا أن مناط ذلك أن يكون القدر الذي بني عليه معادلاً لنصيبه فيه, فإذا جاوزه اعتبر بانياً في ملك غيره وبسوء نية بالنسبة لما أقامه على ما يجاوز حصته. وكان مفاد المادة 924 من القانون المدني أنه إذا كان صاحب الأدوات الباني في أرض غيره سيء النيابة كان لصاحب الأرض أن يطلب الإزالة عن نفقة الباني وإعادة الشيء إلى أصلة مع التعويض إن كان له محل وذلك في معاد سنة من اليوم الذي يعلم فيه بإقامة المنشآت, فإذا مضت سنة أو إذا طلب صاحب الأرض استبقاء المنشآت تملك الأخيرة هذه المنشآت بالالتصاق مقابل دفع أقل القيمتين قيمة البناء مستحقاً الإزالة أو ما زاد في ثمن الأرض بسبب البناء, ولا يعتبر ميعاد السنة التي يتعين طلب الإزالة خلالها مرعياً إلا برفع طلب الإزالة إلى القضاء وإلا سقط الحق فيه؛ لما كان ذلك، وكان الطاعنان قد تمسكا في مذكرتهما المقدمة أمام محكمة أول درجة بجلسة 30/ 5/ 1994 بأن الثابت من تقرير الخبير المنتدب في الدعوى أن المباني المستجدة المطالب بإزالتها قد بُدئ في إنشائها في 1982, 1983 وتم الانتهاء منها في سنة 1987 وأن الدعوى بطلب إزالتها لم ترفع إلا بعد إقامة الدعوى الأصلية بمطالبتهم بقيمة حصتهم في التكاليف سنة 1990 رغم علمهم بالبناء ورضاهم به مما لا يجيز لهم طلب الإزالة، وكان حقيقة هذا الدفع ومرماه هو دفع بسقوط الحق في طلب الإزالة لرفعه بعد الميعاد ويعد مطروحاً على محكمة الاستئناف دون حاجة لإعادة ترديده منهما أمامها لصدور حكم أول درجة لصالح الطاعنين, وإذ انتهى الحكم المطعون فيه إلى القضاء بإزالة المباني محل النزاع ورفض دعوى الطاعنين الأصلية بالمطالبة بقيمة المنشآت ودون أن يعرض لهذا الدفع وأثره في كل من الدعويين الأصلية والفرعية فإنه يكون معيباً بما يوجب نقضه لهذا السبب دون حاجة لبحث باقي ما ورد في السبب الثاني.
وحيث إن الموضوع غير صالح للفصل فيه.