المقرر- فى قضاء محكمة النقض- أن علم المؤجر بواقعة التأجير من الباطن أو التنازل وسكوته فترة طويلة دون اعتراض يجوز اعتباره تنازلاً من جانبه عن استعمال حقه فى طلب إخلاء المكان المؤجر لسبب التأجير من الباطن أو التنازل
وقررت محكمة النقض في حكمها
بعد الاطلاع على الأوراق وسماع التقرير الذى تلاه السيد المستشار المقرر والمرافعة وبعد المداولة.
حيث إن الطعن استوفى أوضاعه الشكلية.
وحيث إن الوقائع - على ما يبين من الحكم المطعون فيه وسائر الأوراق - تتحصل فى أن المطعون ضدها أقامت على الطاعن الدعوى رقم 1956 لسنة 1994 مدنى محكمة الإسكندرية الابتدائية بطلب الحكم بطرده من المحل المبين بالصحيفة والتسليم وقالت بياناً لذلك إن آخر يدعى......- استأجر منها هذا المحل بموجب العقد المؤرخ 1/ 8/ 1941 وقد لاحظت تواجد الطاعن فيه لفترة طويلة دون المستأجر الذى تبين فيما بعد وفاته فتكون يده عليه بلاسند. دفع الطاعن الدعوى بشرائه المحل من المستأجر بالجدك، حكمت المحكمة برفض الدعوى. استأنفت المطعون ضدها الحكم بالاستئناف رقم 532 لسنة 51 ق أمام محكمة استئناف الاسكندرية التى قضت بتاريخ 23 من مايو سنة 1990 بإلغاء الحكم المستأنف وبالإخلاء. طعن الطاعن فى هذا الحكم بطريق النقض وقدمت النيابة مذكرة أبدت فيها الرأى بنقضه، وإذ عُرِض الطعن على هذه المحكمة فى غرفة مشورة فحددت جلسة لنظره وفيها التزمت النيابة رأيها.
وحيث إن مما تنعاه الطاعن على الحكم المطعون فيه الخطأ فى تطبيق القانون والقصور فى التسبيب وفى بيان ذلك يقول إن الحكم خلص إلى أن العين مؤجرة مخزناً للأخشاب طبقاً للثابت بعقد الإيجار وبالتالى لا ينطبق فى شأنه أحكام البيع بالجدك، دون أن يعرض لدفاعه القائم على إقرار المطعون ضدها بصحيفة الدعوى من أن العين تستخدم محلاً تجارياً، كما لم يرد على ما أبداه من دفاع مفاده أن تواجده بالعين محل النزاع طيلة خمسة وعشرين عاماً يزاول فيها النشاط التجارى منذ عام 1967 فى ظل الملاك السابقين للعقار وحتى تاريخ انتقال الملكية للمطعون ضدها عام 1993 وإلى تاريخ إقامة الدعوى ودون اعتراض منهم بما يعد تنازلاً عن الحق فى طلب الإخلاء وهو دفاع جوهرى لم يرد عليه الحكم مما يعيبه ويستوجب نقضه.
وحيث إن هذا النعى فى محله، ذلك أن المقرر - فى قضاء هذه المحكمة - أن كل طلب أو وجه دفاع يدلى به لدى محكمة الموضوع ويطلب إليها بطريق الجزم أن تفصل فيه ويكون الفصل فيه مما يجوز أن يترتب عليه تغيير وجه الرأى فى الدعوى. يجب على محكمة الموضوع أن تجيب عليه فى أسباب الحكم، ومن المقرر أيضاً أن تخلى المستأجر عن العين بالتنازل عنها للغير بغير إذن كتابى صريح من المالك يخول المؤجر طلب الإخلاء إذ أن ذلك يعد خروجاً من المستأجر على نص عقد الإيجار كاملاً بحكم قوانين إيجار الأماكن المتعاقبة، بيد أن الكتابة فى الإذن الخاص ليست ركناً شكلياً بل هى وسيلة لإثبات التنازل عن الشرط المانع لا لصحته، فيمكن الاستعاضة عنها بالبينة أو بالقرائن فى الحالات التى تجيزها القواعد العامة استثناءً فيجوز إثبات التنازل الضمنى بالقرائن اعتباراً بأن الإرادة الضمنية تستمد من وقائع مادية وهى تثبت بجميع الوسائل، وأن علم المؤجر بواقعة التأجير من الباطن أو التنازل وسكوته فترة طويلة دون اعتراض يجوز اعتباره تنازلاً من جانبه عن استعمال حقه فى طلب إخلاء المكان المؤجر لسبب التأجير من الباطن أو التنازل. لما كان ذلك، وكان الثابت بالأوراق أن الطاعن نازع فى حقيقة النشاط الذى يتم مزاولته بالمحل المؤجر مقرراً أنه يستخدم فى تجارة الأثاث فى ظل المستأجر السابق وهو من بعده وليس مخزناً للأخشاب ودلل على ذلك بما أوردته المطعون ضدها فى صحيفة الدعوى من أن العين مؤجرة محلاً تجارياً، كما تمسك بأن المؤجر تنازل من جانبه عن استعمال حقه فى طلب إخلاء العين المؤجرة مستدلاً على ذلك بأنه استأجر العين منذ عام 1967 واستمر فى ذات نشاط المستأجر الأصلى- تجارة الأخشاب - واستخرج التراخيص اللازمة باسمه منذ العام المذكور وذلك بعلم الملاك السابقين للعقار وموافقتهم وحتى تاريخ انتقال الملكية للمطعون ضدها عام 1993، والتى أقامت دعواها عام 1995 طبقاً للثبات بدفاعه بالمذكرة المقدمة منه أثناء حجز الدعوى للحكم أمام محكمة أول درجة والتى تُعد مطروحة على محكمة الاستئناف، وإذ لم يتضمن الحكم المطعون فيه هذا الدفاع إيراداً ورداً رغم جوهريته ومما يجوز أن يتغير به وجه الرأى فى الدعوى فإنه يكون معيباً بالقصور بما يوجب نقضه لهذا السبب دون حاجة لبحث باقى أسباب الطعن.