المقرر فى قضاء هذه المحكمة أنه ولئن كان عدم ترجمة المستندات التى تقيم عليها المحكمة قضاءها من اللغة الإنجليزية إلى اللغة العربية يجعل حكمها مخالفاً لقانون السلطة القضائية الذى يقرر أن لغة المحاكم هى اللغة العربية إلا أنه لا يشترط الرسمية فى هذه الترجمة إلا حيث لا يسلم الخصوم بصحة الترجمة العرفية المقدمة للمستند ويتنازعون فى أمرها
وقررت محكمة النقض في حكمها
بعد الاطلاع على الأوراق وسماع التقرير الذى تلاه السيد المستشار المقرر والمرافعة وبعد المداولة.
حيث إن الطعن استوفى أوضاعه الشكلية.
وحيث إن الوقائع - على ما يبين من الحكم المطعون فيه وسائر أوراق الطعن - تتحصل فى أن الشركة المطعون ضدها أقامت الدعوى رقم... لسنة.... كلى بور سعيد ضد الطاعن بطلب الحكم بإلزامه بأن يدفع لها مبلغ 954500.00 جنيه والفوائد، ندبت المحكمة خبيراً وبعد أن أودع تقريره قضت بتاريخ 30/ 12/ 1989 بعدم قبول الدعوى لرفعها على غير ذى صفة، استأنفت الشركة المطعون ضدها هذا الحكم بالاستئناف رقم.... لسنة.... ق تجارى بور سعيد، ندبت المحكمة خبيراً فى الدعوى وبعد أن أودع تقريره قضت بتاريخ 3/ 4/ 1995 بإلغاء الحكم المستأنف وبإلزام الطاعن بأن يدفع للشركة المطعون ضدها مبلغ 589464.14 دولار أمريكى، طعن الطاعن فى هذا الحكم بطريق النقض، وقدمت النيابة العامة مذكرة أبدت فيها الرأى برفض الطعن، وإذ عُرض على هذه المحكمة فحددت جلسة لنظره وفيها التزمت النيابة رأيها.
وأقيم الطعن على أربعة أسباب ينعى الطاعن بالسبب الأول على الحكم المطعون فيه بالخطأ فى تطبيق القانون من أربعة وجوه، حاصل النعى بالوجه الأول منها أن الحكم المطعون فيه ألغى قضاء محكمة أول درجة تأسيساً على ما انتهى إليه الخبير فى تقريره بأن السفينة تمتلكها الشركة المطعون ضدها التابعة للشركة الأم وهى شركة الصين للنقل المحيطى، فى حين أن الثابت على نطاق العالم بأن الصين دولة شيوعية وأن نظامها يجعل من الدولة المالك الوحيد لكل أدوات الإنتاج وأن الشركات التى تعمل فى نطاق الدولة الشيوعية هى فى الواقع وحدات إدارة تقوم على إدارة أدوات الإنتاج فضلاً على أن ما انتهى إليه الحكم يتعارض مع حقائق المذهب الشيوعى.
وحيث إن هذا النعى مردود، ذلك أن المقرر - فى قضاء هذه المحكمة - بأن التمسك بقانون بقانون أجنبى لا يعدو أن يكون مجرد واقعة يجب إقامة الدليل عليها وكان مرد ذلك هو الاستجابة للاعتبارات العملية التى لا يتيسر معها للقاضى الإلمام بهذا القانون، فإن مناط تطبيق هذه القاعدة أن يكون القانون الأجنبى غريباً عن القاضى يصعب عليه الوقوف على أحكامه والوصول إليه. لما كان ذلك, وكان الطاعن لم يقم الدليل على وجود نظام أجنبى لدولة الصين الشعبية يخولها ملكية جميع وسائل الإنتاج وحدها وأن شركاتها مجرد وحدات إدارة لهذه الوحدات الإنتاجية. ومن ثم يكون النعى عار من الدليل ويتعين عدم قبوله.
وحيث إن الطاعن ينعى بالوجه الثانى من السبب الأول بأن الحكم المطعون فيه عول فى قضائه بإقرار ملكية الشركة المطعون ضدها للسفينة وأقر صفتها بالتقاضى إستناداً إلى تقرير الخبير فى حين أن ذلك التقرير معيباً لإستناده إلى صور ضوئية جحدها الطاعن وغير مترجمة باللغة العربية.
وحيث إن هذا النعى غير مقبول، ذلك أن استخلاص توافر الصفة من سلطة محكمة الموضوع، وكان الثابت بالأوراق بأن الحكم المطعون فيه قد خلص إلى أن الشركة المطعون ضدها تمتلك السفينة موضوع النزاع أخذاً من تقرير الخبير المندوب فى الدعوى، ومن ثم فإن النعى لا يعدو أن يكون فى حقيقته جدلاً موضوعياً فيما لمحكمة الموضوع من سلطة وهو ما لا تجوز إثارته لدى محكمة النقض ومن ثم يكون النعى غير مقبول.
وحيث إن الطاعن ينعى بالوجه الثالث من السبب الأول على الحكم المطعون فيه أنه عول فى قضائه على صور مستندات باللغة الصينية معها ترجمة باللغة الإنجليزية وغير مترجمة باللغة العربية بالمخالفة لأحكام القانون.
وحيث إن هذا النعى فى غير محله، ذلك أن المقرر فى قضاء هذه المحكمة أنه ولئن كان عدم ترجمة المستندات التى تقيم عليها المحكمة قضاءها من اللغة الإنجليزية إلى اللغة العربية يجعل حكمها مخالفاً لقانون السلطة القضائية الذى يقرر أن لغة المحاكم هى اللغة العربية إلا أنه لا يشترط الرسمية فى هذه الترجمة إلا حيث لا يسلم الخصوم بصحة الترجمة العرفية المقدمة للمستند ويتنازعون فى أمرها. لما كان ذلك وكان الطاعن لم ينازع أمام الخبير أو أمام محكمة الموضوع فى صحة الترجمة - العربية - العرفية للمستندات المقدمة فى الدعوى ولم يطلب ترجمة رسمية لها ومن ثم فإن ما يثيره الطاعن فى هذا الشأن يكون على غير أساس.
وحيث إن الطاعن ينعى بالوجه الرابع من السبب الأول، والسبب الثانى والرابع على الحكم المطعون فيه بأنه أقام قضاءه بما انتهى إليه الخبير بالرغم مما شابه من عيوب إذ أن المبالغ المقضى بها كتعويض لا تدخل ضمن عناصر التعويض المادى فضلاً عن أنه استبعد عناصر التعويض الواجبة ولم يبين الأدلة على توافر السببية بين الخطأ والضرر بما يعيبه ويستوجب نقضه.
وحيث إن هذا النعى غير سديد، ذلك أن المقرر فى قضاء هذه المحكمة أن تقدير توافر السببية بين الخطأ والضرر وعدم توافرها هو من المسائل الموضوعية تفصل فيها محكمة الموضوع بغير معقب عليها. وإن تقدير التعويض وإن كان من مسائل الواقع التى يستقل بها قاضى الموضوع إلا أن مناط ذلك أن يكون هذا التقدير قائماً على أساس سائغ مردود إلى عناصره الثابتة بالأوراق متكافئاً مع الضرر غير زائد عليه، وهو بذلك يشمل ما لحق المضرور من خسارة وما فاته من كسب، وأنه من إطلاقات قاضى الموضوع بحسب ما يراه مناسباً لجبر الضرر مادام تقديره قائماً على أسباب سائغة تبرره، ولا يوجد فى القانون نص يلزمه باتباع معايير معينة فى هذا الصدد. لما كان ذلك وكان الحكم المطعون فيه قد انتهى سائغاً إلى ثبوت مسئولية الطاعن المترتبة على توقيع الحجز التحفظى دون وجه حق على السفينة موضوع النزاع وقد ترتب على ذلك احتجاز السفينة بميناء بور سعيد لمدة واحد وستين يوماً وقد أدى ذلك إلى حدوث ضرر للشركة المطعون ضدها من جراء ذلك وتحمل الشركة تكاليف تشغيلها خلال فترة التوقف بالميناء وخلص الحكم إلى إلزام الشركة بمبلغ التعويض المقضى به استناداً إلى ما انتهى إليه الخبير فى تقريره باعتبار أن هذا المبلغ مناسباً لجبر هذا الضرر جميعه الذى أصاب الشركة. وكان ذلك من الحكم استخلاصاً سائغاً له أصله الثابت من الأوراق، ومن ثم فإن ما يثيره الطاعن بهذين السببين لا تعدو أن تكون جدلاً موضوعياً فى تقدير الأدلة مما تنحسر عنه رقابة محكمة النقض.
وحيث إن الطاعن ينعى بالسبب الثالث على الحكم المطعون فيه بأن أقام قضائه على تقرير خبير الدعوى والذى وقع فى تناقض سلفت الإشارة إليه إلى الحد الذى بات فيه هذا التناقض فى الأسباب يتعارض بعضه مع بعض بما تتماحى به الأسباب ويعدو الحكم خالياً منها معيباً بالبطلان.
وحيث إن النعى غير مقبول، ذلك أن المقرر فى قضاء هذه المحكمة أن العبرة فى بيان أسباب الطعن هى بما اشتملت عليه صحيفة الطعن وحدها بما لا يغنى عنه الإحالة فى هذا البيان إلى أوراق أخرى، وأنه طبقاً للمادة 253 من قانون المرافعات يجب أن تشتمل الصحيفة ذاتها على بيان هذه الأسباب بياناً دقيقاً كاشفاً عن المقصود منها كشفاً وافياً نافياً عنه الغموض أو الجهالة بحيث يبين منها العيب الذى يعزوه الطاعن إلى الحكم وموضعه منه وأثره فى قضائه. لما كان ذلك وكان الطاعن لم يبين أوجه العيب الذى يعزوه إلى الحكم وموضعه منه وأثره فى قضائه، ومن ثم يكون النعى مجهلاً ويتعين عدم قبوله.
لما تقدم يتعين رفض الطعن.