المقرر - أن لمحكمة النقض من تلقاء نفسها، كما يجوز لكل من الخصوم وللنيابة إثارة الأسباب المتعلقة بالنظام العام ولو لم يسبق التمسك بها أمام محكمة الموضوع أو في صحيفة الطعن متى توافرت عناصر الفصل فيها من الوقائع والأوراق التي سبق عرضها على محكمة الموضوع ووردت هذه الأسباب على الجزء المطعون فيه من الحكم وليس على جزء آخر منه أو حكم سابق عليه لا يشمله الطعن واكتسب قوة الشيء المحكوم فيه
وقررت محكمة النقض في حكمها
بعد الاطلاع على الأوراق وسماع التقرير الذي تلاه السيد المستشار المقرر والمرافعة وبعد المداولة.
حيث إن الطعن استوفى أوضاعه الشكلية.
وحيث إن الوقائع - على ما يبين من الحكم المطعون فيه وسائر الأوراق - تتحصل في أن المطعون ضده أقام على الطاعن الدعوى رقم.... لسنة..... إيجارات بنها الابتدائية بطلب الحكم بفسخ عقد الإيجار المؤرخ 1/ 6/ 1989 وإخلاء العين المؤجرة المبينة بالصحيفة والتسليم لتخلفه عن الوفاء بأجرتها اعتباراً من 1/ 8/ 1989 حتى رفع الدعوى في 16/ 4/ 1994 رغم تكليفه بالوفاء بالأجرة ومقدارها 1169.5 جنيهاً شاملة 2% رسم نظافة. حكمت المحكمة بالطلبات. استأنف الطاعن هذا الحكم بالاستئناف رقم.... لسنة..... ق طنطا - مأمورية بنها - التي قضت بتاريخ 21/ 12/ 1994 بتأييد الحكم المستأنف، طعن الطاعن في هذا الحكم بطريق النقض، وقدمت النيابة مذكرة أبدت فيها الرأي برفض الطعن. وإذ عرض الطعن على هذه المحكمة في غرفة مشورة حددت جلسة لنظره وفيها التزمت النيابة رأيها.
وحيث إنه لما كان لمحكمة النقض من تلقاء نفسها، كما يجوز لكل من الخصوم وللنيابة إثارة الأسباب المتعلقة بالنظام العام ولو لم يسبق التمسك بها أمام محكمة الموضوع أو في صحيفة الطعن متى توافرت عناصر الفصل فيها من الوقائع والأوراق التي سبق عرضها على محكمة الموضوع ووردت هذه الأسباب على الجزء المطعون فيه من الحكم وليس على جزء آخر منه أو حكم سابق عليه لا يشمله الطعن واكتسب قوة الشيء المحكوم فيه، وكان المقرر - في قضاء هذه المحكمة - أن مؤدى نص الفقرة "ب" من المادة 18 من قانون إيجار الأماكن رقم 136 لسنة 1981 أن المشرع اعتبر تكليف المستأجر بالوفاء بالأجرة شرطاً أساسياً لقبول دعوى الإخلاء بسبب التأخير في سداد الأجرة، فإذا خلت منه أو وقع باطلاً بأن خلا من بيان الأجرة المتأخرة المستحقة والتي يستطيع المستأجر أن يتبين منها حقيقة المبلغ المطلوب منه بمجرد اطلاعه على التكليف، أو كان التكليف يتضمن المطالبة بأجرة تجاوز الأجرة المستحقة فعلاً في ذمة المستأجر، فإن دعوى الإخلاء تكون غير مقبولة. وأن بطلان التكليف بالوفاء من النظام العام وتقضي به المحكمة من تلقاء نفسها، وإذ كان مؤدى نص المادتين 8، 10 من القانون 38 لسنة 1967 بشأن النظافة العامة - وعلى ما جرى به قضاء هذه المحكمة - أن المشرع قد أجاز للمجالس المحلية في المدن وفي القرى التي يحددها المحافظ بقرار يصدره أن تفرض على شاغلي العقارات ملاكاً كانوا أو مستأجرين رسماً يخصص لشئون النظافة العامة لا يتجاوز نسبة 2% من القيمة الإيجارية، مما مفاده أن فرض رسم النظافة أمر جوازي متروك لمطلق تقدير المجالس المحلية في حدود النسبة المذكورة، كما يختلف نطاق سريان هذا الرسم بالنسبة للقرى وفقاً لما يراه المحافظ في هذا الصدد، مما مؤداه أن المناط في اعتبار رسم النظافة جزء من الأجرة ويسري عليه حكمها هو صدور قرار من المجلس المختص بفرض هذا الرسم وتعيين مقداره في حدود نسبة 2% من القيمة الإيجارية وأن تدخل العين المؤجرة في النطاق المكاني لسريانه سواء لأنها كائنة في إحدى المدن أو صدر قرار من المحافظ المختص بمد سريان أحكام القانون 38 لسنة 1967 على القرية الكائن بها العين المؤجرة. لما كان ذلك، وكان الطاعن قد تمسك في دفاعه أمام محكمة الاستئناف بأن عين النزاع لا تخضع لرسم النظافة وقدم للتدليل على ذلك شهادة صادرة عن الوحدة المحلية لمركز كفر الجزار محافظة القليوبية مؤرخة 20/ 10/ 1994 تفيد أن قرية بطا مركز كفر الجزار الكائنة بها العين موضوع النزاع لا تخضع لرسم النظافة - لم ينازعه المطعون ضده بشأنها - وإذ تضمن التكليف بالوفاء المعلن للطاعن بتاريخ 27/ 10/ 1993 المطالبة بمبلغ 22 جنيهاً قيمة رسم نظافة فإنه يكون قد تضمن المطالبة بأجرة تجاوز الأجرة المستحقة قانوناً ومن ثم يكون التكليف بالوفاء قد وقع باطلاً وحابط الأثر وتقضي به المحكمة باعتبار أن عناصره الواقعية كانت مطروحة على محكمة الموضوع، وإذ خالف الحكم المطعون فيه هذا النظر وقضى بالإخلاء معتداً في ذلك بالتكليف بالوفاء سالف البيان رغم بطلانه المتعلق بالنظام العام فإنه يكون معيباً بما يوجب نقضه دون حاجة لبحث أسباب الطعن.