من المقرر أن جريمة التزوير بطبيعتها جريمة وقتية تقع وتنتهى بمجرد وقوع التزوير فى محرر بإحدى الطرق المنصوص عليها فى القانون، ولذا يجب أن يكون سريان مدة السقوط بها فى ذلك الوقت، واعتبار يوم ظهور التزوير تاريخًا للجريمة محله بشرط ألا يكون قد قام الدليل على وقوعها فى تاريخ سابق، وأنه إذا دفع لدى محكمة الموضوع بأن تزوير المحرر حصل فى تاريخ معين، وأن الدعوى الجنائية قد سقطت فيجب عليها أن تحقق هذا الدفع ثم ترتب على ما يظهر لها النتيجة التى تقتضيها. كما أن جريمة استعمال المحرر المزور جريمة مستمرة تبدأ بتقديم الورقة والتمسك بها، وتبقى مستمرة ما بقى مقدمها متمسكا بها، ولا تبدأ مدة سقوط الدعوى إلا من تاريخ الكف عن التمسك بها أو التنازل عنها - ولو ظلت فى يد الجهة المستعملة أمامها. أو من تاريخ الحكم بتزويرها
وقررت محكمة النقض في حكمها
وحيث إنه عن الدفع المبدى من المتهم بانقضاء الدعوى الجنائية بمضى المدة. فلما كان البين من المفردات المنضمة أن الدعوى الجنائية رفعت على الطاعن بوصف أنه فى يوم.......... ارتكب تزويرًا فى محرر عرفى واستعمل هذا المحرر المزور. ومحكمة أول درجة عاقبته وأيدتها فى ذلك محكمة ثانى درجة، وكان الطاعن قد ادعى أمام محكمة ثانى درجة أن الدعوى الجنائية قد سقطت بمضى المدة فإن النعى على الحكم فى هذا الخصوص يتصل بحكم القانون على الواقعة. لما كان ذلك، وكان قانون الإجراءات الجنائية يقضى فى المادتين 15، 17 منه بانقضاء الدعوى الجنائية فى مواد الجنح بمضى ثلاث سنوات من يوم وقوع الجريمة، وتنقطع المدة بإجراءات التحقيق أو الاتهام أو المحاكمة وكذلك بالأمر الجنائى أو بإجراءات الاستدلال إذا اتخذت فى مواجهة المتهم أو إذا أخطر بها بوجه رسمى. لما كان ذلك، وكانت جريمة التزوير بطبيعتها جريمة وقتية تقع وتنتهى بمجرد وقوع التزوير فى محرر بإحدى الطرق المنصوص عليها فى القانون، ولذا يجب أن يكون سريان مدة السقوط بها فى ذلك الوقت، واعتبار يوم ظهور التزوير تاريخًا للجريمة محله بشرط ألا يكون قد قام الدليل على وقوعها فى تاريخ سابق، وأنه إذا دفع لدى محكمة الموضوع بأن تزوير المحرر حصل فى تاريخ معين، وأن الدعوى الجنائية قد سقطت فيجب عليها أن تحقق هذا الدفع ثم ترتب على ما يظهر لها النتيجة التى تقتضيها. كما أن جريمة استعمال المحرر المزور جريمة مستمرة تبدأ بتقديم الورقة والتمسك بها، وتبقى مستمرة ما بقى مقدمها متمسكا بها، ولا تبدأ مدة سقوط الدعوى إلا من تاريخ الكف عن التمسك بها أو التنازل عنها. ولو ظلت فى يد الجهة المستعملة أمامها. أو من تاريخ الحكم بتزويرها. لما كان ذلك، وكانت المحكمة قد ناقشت المتهم حول تاريخ تحرير الإيصال العرفى سند الاتهام فقرر أنه حرر فى عام......... ولما كان الثابت من الأوراق جميعها أن المتهم قدم الإيصال المزور فى الجنحة المباشرة التى أقامها بداءة ضد المدعى بالحقوق المدنية بتاريخ..... وظل متمسكا به حتى بعد أن طعن عليه المدعى بالحقوق المدنية بالتزوير ومتى ورد تقرير قسم أبحاث التزييف والتزوير يفيد تزويره، ثم أقيمت عليه دعوى التزوير، وظلت إجراءات المحاكمة متصلة حتى صدر الحكم بمعاقبة المتهم فيها، ومن ثم فإن مدة الثلاث سنوات اللازمة لانقضاء الدعوى الجنائية وفق المادة 15 من قانون الإجراءات الجنائية - بالنسبة للجريمتين التزوير والاستعمال - لا تكون قد مضت من يوم اتخاذ آخر إجراء من الإجراءات القاطعة للتقادم سالفة البيان ومن ثم يضحى ما يثيره المتهم فى هذا الصدد ولا محل له.
وحيث إنه عن موضوع الدعوى فلما كان من المقرر أن مجرد تغيير الحقيقة فى محرر عرفى بإحدى الطرق المنصوص عليها فى القانون يكفى لتوافر جريمة التزوير متى كان من الممكن أن يترتب عليه فى الوقت الذى وقع فيه تغيير الحقيقة ضرر للغير، سواء أكان المزور عليه أم أى شخص آخر، ولو كان هذا الضرر محتملاً. ولما كان الثابت من تقرير قسم أبحاث التزييف والتزوير الذى تطمئن المحكمة إلى النتيجة التى انتهى إليها أن التوقيع المنسوب للمدعى بالحقوق المدنية...... الموقع به أسفل عبارات إيصال الأمانة غير المؤرخ موضوع الطعن هو توقيع صحيحًا وصادر من يد صاحبه وأن التوقيع المنسوب له وإن كان توقيعًا صحيحًا إلا أنه لم يوقع به أصلا على عبارات هذا الإيصال، ومن ثم تكون التهمة المسندة للمتهم قد توافرت فى حقه، إذ توافر ركن الضرر من تزوير إيصال الأمانة سند الاتهام واستعماله بالمطالبة به أمام القضاء وذلك على خلاف الحقيقة لما قد يترتب على ذلك من مساس بحقوق المدعى بالحقوق المدنية المالية، ومن ثم فإنه يتعين عقابه عملاً بالمادة 215 من قانون العقوبات مع إعمال المادة 32 منه للارتباط بين جريمتى التزوير والاستعمال، وعملاً بالمادة 304/ 2 من قانون الإجراءات الجنائية، وذلك على النحو المبين بمنطوق هذا الحكم. لما كان ذلك، وكان من المقرر قانونًا طبقًا لنص المادة 261 من قانون الإجراءات الجنائية أن المدعى بالحقوق المدنية يعتبر تاركا لدعواه المدنية إذا تخلف عن الحضور أمام المحكمة بغير عذر مقبول بشرط أن يكون قد أعلن لشخصه، والحكمة من اشتراط الإعلان لشخص المدعى هى التحقق من علمه اليقينى بالجلسة المحددة لنظر الدعوى، ولما كان قضاء هذه المحكمة - محكمة النقض - قد جرى على أنه متى أوجب القانون الإعلان لاتخاذ إجراء أو بدء ميعاد فإن أى طريقة أخرى لا تقوم مقامه، وكان الثابت من الاطلاع على الأوراق أن المدعى بالحقوق المدنية لم يحضر الجلسات رغم إعلانه لشخصه دون عذر مقبول، وقد طلب المتهم الحكم باعتباره تاركا لدعواه المدنية، ومن ثم فإنه يتعين القضاء بذلك على النحو الثابت بمنطوق هذا الحكم. وحيث إنه عن طلب المتهم القضاء له بطلباته فى الدعوى الأصلية، فإنه لما كان الثابت من الأوراق أنه ما إن رفع دعواه بطريق الادعاء المباشر ضد المدعى بالحقوق المدنية مطالبا إياه بقيمة إيصال الأمانة سند الاتهام حتى بادر الأخير بالطعن عليه بالتزوير، وأحيلت الأوراق إلى النيابة العامة لاتخاذ شئونها فيها، وبعد أن ورد تقرير قسم أبحاث التزييف والتزوير قدمت النيابة المتهم للمحاكمة بتهمتى التزوير والاستعمال وعاقبته محكمة أول درجة وأيدتها فى ذلك محكمة ثانى درجة، وفات محكمة الموضوع بدرجتيها الفصل فى دعواه - جنائيا ومدنيا - فإنه وعلى ما جرى به قضاء هذه المحكمة - محكمة النقض - يكون للمدعى بالحقوق المدنية أن يرجع إلى ذات المحكمة للفصل فيما أغفلته عملاً بالمادة 193 من قانون المرافعات المدنية والتجارية. ولما كان المقرر أن الطعن فى الحكم بالنقض لا يجوز إلا فيما فصلت فيه محكمة الموضوع، فإن منعى الطاعن القضاء له بطلباته فى الدعوى الأصلية يكون غير جائز لعدم صدور حكم قابل له، ويكون ما يثيره فى هذا الخصوص لا محل له.