المقرر - فى قضاء محكمة النقض - أن الحكم برد وبطلان الورقة المقدمة سندًا فى الدعوى لا يعنى بطلان التصرف ذاته، وإنما بطلان الورقة المثبتة له فحسب، ولا ينال ذلك من صحة التصرف أو يمنع إثباته بأى دليل آخر مقبول قانونًا
وقررت محكمة النقض في حكمها
بعد الاطلاع على الأوراق وسماع التقرير الذى تلاه السيد المستشار المقرر والمرافعة وبعد المداولة.
حيث إن الطعن استوفى أوضاعه الشكلية.
وحيث إن الوقائع - على ما يبين من الحكم المطعون فيه وسائر الأوراق - تتحصل فى أن الطاعن أقام الدعوى...... لسنة 1987 مدنى طنطا الابتدائية على المطعون ضدهن الثلاثة الأول، بطلب الحكم بصحة ونفاد عقد البيع المؤرخ 24/ 9/ 1987 الذى اشترى بموجبه من المطعون ضدهن حديقة مساحتها 12 س 21 ط 41 ف مبينة الحدود والمعالم بالصحيفة والعقد مقابل ثمن مقداره خمسمائة ألف جنيه. طعن المطعون ضدهن على عقد البيع بالتزوير. وتدخل المطعون ضده الرابع فى الدعوى بطلب رفضها فيما يتعلق بمساحة 20 ط 18 ف فى كامل العقار المبيع على سند من أنه يتملكها بالشراء بموجب عقد بيع اقترن بوضع اليد المدة الطويلة المكسبة للملكية. ووجه المطعون ضدهن دعوى فرعية بطلب الحكم بإلزام الطاعن بأن يسلم لهن الأرض موضوع النزاع تأسيسًا على أن وضع يده عليها بلا سند. قبلت المحكمة التدخل وندبت قسم أبحاث التزييف والتزوير بمصلحة الطب الشرعى لإجراء المضاهاة - وبعد أن أودع الخبير تقريره - حكمت بتاريخ 18/ 4/ 1990برد وبطلان عقد البيع سالف البيان. ثم حكمت بتاريخ 27/ 11/ 1991 فى الدعوى الأصلية برفضها، وفى الدعوى الفرعية بإجابة المطعون ضدهن إلى طلباتهن، وفى موضوع التدخل برفضه. استأنف الطاعن الحكم بالاستئناف رقم..... لسنة 41ق طنطا. وبتاريخ 5/ 2/ 1994 قضت محكمة الاستئناف بتأييد الحكم المستأنف. طعن الطاعن فى هذا الحكم بطريق النقض وقدمت النيابة مذكرة أبدت فيها الرأى برفض الطعن. وعرض الطعن على هذه المحكمة فى غرفة مشورة فحددت جلسة لنظره وفيها التزمت النيابة رأيها.
وحيث إن مما ينعاه الطاعن على الحكم المطعون فيه القصور فى التسبيب والإخلال بحق الدفاع ومخالفة الثابت بالأوراق، وفى بيان ذلك يقول إنه قدم أمام محكمة الموضوع بدرجتيها مستندًا عبارة عن مسودة لعقد البيع سند الدعوى المقضى ببطلانه تحمل ذات بياناته وموقع عليها من الطرفين ولم يطعن عليها المطعون ضدهن بثمة مطعن، وقد تمسك بدلالة هذا المستند لإثبات شرائه للأطيان محل النزاع من المطعون ضدهن - إلا أن الحكم المطعون فيه طرح هذا المستند بمقولة إنه هو ذات العقد المقضى برده وبطلانه رغم اختلاف كل منهما عن الآخر على نحو يؤدى إلى اعتبار كل منهما عقدًا مستقلاً، وهو ما يجعل من المستند سالف الذكر دليلاً جديدًا فى الدعوى مما كان يتعين معه على المحكمة فحصه وتمحيصه وأن تقول كلمتها بشأنه وصولا لإثبات صحة التعاقد بين الطرفين من عدمه، مما يعيب الحكم ويستوجب نقضه.
وحيث إن هذا النعى فى محله ذلك أن المقرر - فى قضاء هذه المحكمة - أن الحكم برد وبطلان الورقة المقدمة سندًا فى الدعوى لا يعنى بطلان التصرف ذاته، وإنما بطلان الورقة المثبتة له فحسب، ولا ينال ذلك من صحة التصرف أو يمنع إثباته بأى دليل آخر مقبول قانونًا، وأن مخالفة الثابت بالأوراق التى تبطل الحكم هى تحريف محكمة الموضوع للثابت ماديًا ببعض المستندات أو ابتناء الحكم على فهم حصلته المحكمة مخالفًا لما هو ثابت بأوراق الدعوى. لما كان ذلك، وكان الثابت فى الأوراق أن الحكم المطعون فيه قد أقام قضاءه برفض الدعوى على سند من أن المستند المقدم من الطاعن - مسودة العقد - هو ذات العقد سند الدعوى المقضى برده وبطلانه - حال أن الثابت من الصورة الضوئية غير المجحودة لمسودة العقد أنها تختلف اختلافًا جوهريًا عن ذلك العقد المقضى برده وبطلانه، وآية ذلك أن العقد الأخير قد حررت بياناته على الآلة الكاتبة فى ورقتين منفصلتين وذيلت كل ورقة منهما بتوقيعات منسوبة لطرفيه، بينما المسودة حررت بياناتها بخط اليد فى ورقة واحدة مدون على وجهيها بيانات العقد يحمل الأول منها عدة توقيعات منسوب صدورها لوكيل المطعون ضدها الثالثة بينما يحمل الثانى توقيعات منسوب صدورها للطرفين والذين هم ذات أطراف العقد الأول بما يجعل كلا منهما مستندًا مغايرا للآخر ومستقلاً عنه، ومن ثم فإن الحكم المطعون فيه إذ اعتبر تلك المسودة هى ذات العقد المقضى برده وبطلانه فإنه يكون معيبًا بمخالفة الثابت بالأوراق، وقد حجبه ذلك عن التحقق من صحة المستند سالف البيان، بما يشوبه أيضا بقصور يبطله ويوجب نقضه لهذا السبب دون حاجة لبحث باقى أوجه الطعن.