لما كان الطعن قد قرر به من رئيس نيابة، لم يفصح - في التقرير - عن دائرة اختصاصه الوظيفي، وبالتالي صفته في الطعن في الحكم، فإن الطعن يكون قد قرر به من غير ذي صفة، ولا يغني في هذا الصدد أن يكون الطعن قد قرر به من ذي صفة فعلاً ما دام لم يثبت بالتقرير ما يدل على هذه الصفة، لما هو مقرر من أن تقرير الطعن هو ورقة شكلية من أوراق الإجراءات التي يجب أن تحمل بذاتها مقوماتها الأساسية باعتبارها السند الوحيد الذي يشهد بصدور العمل الإجرائي عمن صدر منه على الوجه المعتبر قانوناً، فلا يجوز تكملة أي بيان في التقرير بدليل خارج عنه غير مستمد منه، ومن ثم يكون الطعن غير مقبول شكلاً.
وقررت محكمة النقض في حكمها
أولاً: طعن النيابة العامة:
من حيث إنه لما كان الطعن قد قرر به من رئيس نيابة، لم يفصح - في التقرير - عن دائرة اختصاصه الوظيفي، وبالتالي صفته في الطعن في الحكم، فإن الطعن يكون قد قرر به من غير ذي صفة، ولا يغني في هذا الصدد أن يكون الطعن قد قرر به من ذي صفة فعلاً ما دام لم يثبت بالتقرير ما يدل على هذه الصفة، لما هو مقرر من أن تقرير الطعن هو ورقة شكلية من أوراق الإجراءات التي يجب أن تحمل بذاتها مقوماتها الأساسية باعتبارها السند الوحيد الذي يشهد بصدور العمل الإجرائي عمن صدر منه على الوجه المعتبر قانوناً، فلا يجوز تكملة أي بيان في التقرير بدليل خارج عنه غير مستمد منه، ومن ثم يكون الطعن غير مقبول شكلاً.
ثانياً: طعن المحكوم عليه:
من حيث إن الطاعن ينعى على الحكم المطعون فيه أنه إذ دانه بجريمة إحراز جوهر مخدر - هيروين - بغير قصد الاتجار أو التعاطي أو الاستعمال الشخصي وفي غير الأحوال المصرح بها قانوناً قد شابه بطلان وقصور في التسبيب وفساد في الاستدلال، ذلك بأن المحكمة التي أصدرت الحكم لم تكن مشكلة تشكيلاً صحيحاً إذ ضمت بين أعضائها "قاضياً" على خلاف ما نصت عليه المادة 367 من قانون الإجراءات الجنائية، يضاف إلى ذلك أن الحكم لم يعرض لدفاع الطاعن بإمكان الغير من دس المخدر عليه ورد برد غير سائغ على دفعه ببطلان إذن التفتيش لابتنائه على تحريات غير جدية بدلالة أن الضابط الذي أجراها لم يتول المراقبة بنفسه، وعدم إمكانه ذلك، ولصدور الإذن عن جريمة مستقبلة، مما يعيب الحكم ويستوجب نقضه.
من حيث إن الحكم المطعون فيه بين واقعة الدعوى بما تتوافر به كافة العناصر القانونية للجريمة التي دان الطاعن بها وأقام عليها في حقه أدلة سائغة تؤدي إلى ما رتبه الحكم عليها. لما كان ذلك، وكان القانون لا يرتب بطلان تشكيل محكمة الجنايات إلا في الحالة التي تشكل فيها من أكثر من واحد من غير المستشارين - على ما ورد بالفقرة الأخيرة من المادة 367 من قانون الإجراءات الجنائية - وكان يبين من الحكم المطعون فيه أنه صدر من هيئة مشكلة من اثنين من مستشاري محكمة الاستئناف، ومن الأستاذ.... وهو - على ما أفادت به نيابة النقض الجنائي - رئيس بالمحكمة الابتدائية، يوم إصدار الحكم، ولا يغير من ذلك ما ورد في ديباجته من أن العضو المذكور "قاضي"، إذ أن ذلك يعد مجرد خطأ في الكتابة وزلة قلم لا تخفى، ولما كانت العبرة في الكشف عن صحة الحكم هي بحقيقة الواقع، وكان الحكم المطعون فيه قد صدر في الواقع من هيئة مشكلة وفق قانون الإجراءات الجنائية، فإن ما ينعاه الطاعن في هذا الصدد بدعوى البطلان يكون في غير محله. لما كان ذلك، وكان ما يثيره الطاعن بشأن احتمال دس المخدر عليه ونعيه على الحكم التفاته عن هذا الدفاع، مردوداً بما هو مقرر من أن لمحكمة الموضوع كامل الحرية في تكوين عقيدتها مما ترتاح إليه من أقوال الشهود ومتى أخذت بشهادة شاهد فإن ذلك يفيد أنها أطرحت جميع الاعتبارات التي ساقها الدفاع لحمها على عدم الأخذ بها، وفي قضائها بالإدانة لأدلة الثبوت التي أوردتها دلالة على أنها لم تعتد بدفاع الطاعن حول احتمال دس المخدر عليه، فإن ما ينعاه الحكم في هذا الخصوص لا يكون له محل. لما كان ذلك، وكان من المقرر أن تقدير جدية التحريات وكفايتها لإصدار الإذن بالتفتيش هو من المسائل الموضوعية التي يوكل الأمر فيها إلى سلطة التحقيق تحت إشراف محكمة الموضوع، ومتى كانت المحكمة قد اقتنعت بجدية الاستدلالات التي بني عليها إذن التفتيش وكفايتها لتسويغ إصداره وأقرت النيابة على تصرفها في هذا الشأن، كما هو الحال في الدعوى، فإنه لا معقب عليها فيما ارتأته لتعلقه بالموضوع لا بالقانون، وإذ كان القانون لا يوجب حتماً أن يتولى رجل الضبط القضائي بنفسه مراقبة الأشخاص المتحرى عنهم أو أن يكون على معرفة سابقة بهم بل له أن يستعين فيما يجريه من تحريات أو أبحاث أو ما يتخذه من وسائل التنقيب بمعاونيه من رجال السلطة العامة والمرشدين السريين ومن يتولون إبلاغه عما وقع بالفعل من جرائم ما دام أنه اقتنع شخصياً بصحة ما نقلوه إليه وبصدق ما تلقاه من معلومات، وكان الحكم المطعون فيه قد أثبت في مدوناته - بما لا ينازع الطاعن في صحة إسناد الحكم بشأنه أن الرائد... قد استصدر إذن النيابة بالتفتيش بعد أن دلت التحريات على أن - الطاعن وآخر يحوزان ويحرزان المواد المخدرة فإن مفهوم ذلك أن الأمر قد صدر لضبط جريمة تحقق وقوعها من مقارفيها لا لضبط جريمة مستقبلة أو محتملة، وإذ انتهى الحكم إلى إطراح الدفع ببطلان إذن التفتيش على نحو يتفق وصحيح القانون، فإن ما ينعاه الطاعن في هذا الصدد لا يكون سديداً. لما كان ما تقدم، فإن الطعن برمته يكون على غير أساس متعيناً رفضه موضوعاً.