المقرر في قضاء هذه المحكمة أن الحكم الذي يصدر عن القضاء المستعجل بطرد المستأجر من العين المؤجرة للتأخير في وفاء الأجرة لا يقيد محكمة الموضوع إذا ما طرح النزاع أمامها من المستأجر بدعوى التمكين، فلها أن تعيده إلى العين المؤجرة إذا ما أوفى الأجرة المستحقة عليه وملحقاتها إلى المؤجر قبل إقفال باب المرافعة في الدعوى أمام محكمة الموضوع، بحسبان أن اختصاص القضاء المستعجل يقف عند حد اتخاذ إجراء وقتي مبناه ظاهر الأوراق ولا يمس أصل الحق، ولا يغير من ذلك النص في الفقرة الثانية من المادة 18/ ب من القانون رقم 136 لسنة 1981 على عدم تنفيذ حكم القضاء المستعجل بالطرد إذا ما سدد المستأجر الأجرة والمصاريف والأتعاب عند تنفيذ الحكم إذ قصارى ما تهدف إليه هو إعطاء هذه الفرصة للمستأجر لتوقي التنفيذ دون أن تضع شرطاً بأن يتم السداد قبل التنفيذ لإعمال حكم الفقرة الأولى من هذه المادة، بل له أن يتوقى الحكم بالإخلاء بسداد الأجرة وملحقاتها قبل إقفال باب المرافعة في الدعوى أمام محكمة الموضوع، كما لا ينال من ذلك أيضاً الاتفاق على وقوع الفسخ عند التخلف عن سداد الأجرة ل
وقررت محكمة النقض في حكمها
بعد الاطلاع على الأوراق وسماع التقرير الذي تلاه السيد المستشار المقرر والمرافعة وبعد المداولة.
حيث إن الطعنين استوفيا أوضاعهما الشكلية.
وحيث إن الوقائع - على ما يبين من الحكم المطعون فيه وسائر الأوراق - تتحصل في أن المطعون ضده الأول في الطعنين أقام على "......." الطاعن في الطعن الأول والمطعون ضده الثاني في الطعن الثاني الدعوى رقم 518 لسنة 1982 مدني شمال القاهرة الابتدائية بطلب الحكم بصفة مستعجلة بعدم تأثير الحكم الصادر في الدعوى رقم 6395 لسنة 1980 مدني مستعجل القاهرة وبعدم الاعتداد بمحضر التسليم المؤرخ 22/ 11/ 1981 وبتمكينه من الشقة المؤجرة له بموجب عقد الإيجار المؤرخ 18/ 11/ 1974 وقال بياناً لذلك، إنه بمقتضى عقد الإيجار سالف البيان استأجر من الطاعن الشقة محل النزاع بإيجار شهري قدره 34.850 ملجـ ثم سافر للعمل بالسعودية، وعند عودته فوجئ بالطاعن حصل على حكم في الدعوى رقم 6395 لسنة 1980 مدني مستعجل القاهرة بطرده من تلك الشقة بمقولة تأخره في سداد الأجرة فبادر بسدادها بإنذارات عرض ومحاضر إيداع ومن ثم أقام الدعوى وجه الطاعن دعوى فرعية للمطعون ضده الأول طالباً الحكم بفسخ عقد الإيجار المؤرخ 18/ 11/ 1974 سند الدعوى لاحتجازه أكثر من مسكن في البلد الواحد بدون مقتض تدخل........ (الطاعن في الطعن الثاني) في الدعوى طالباً رفضها على سند من أنه المستأجر لشقة النزاع بموجب عقد إيجار مؤرخ 22/ 11/ 1981، أحالت المحكمة الدعوى إلى التحقيق وبعد سماع شهود الطرفين حكمت برفض طلبات الخصم المتدخل الموضوعية وبإجابة المطعون ضده الأول إلى طلباته وبرفض الدعوى الفرعية، استأنف الطاعن "......" هذا الحكم بالاستئناف رقم 3225 لسنة 103 ق القاهرة كما استأنفه الطاعن "........." بالاستئناف رقم 3335 لسنة 103 ق القاهرة قضت المحكمة بتاريخ 20/ 1/ 1988 بتأييد الحكم المستأنف، طعن الطاعنان في هذا الحكم بطريق النقض بالطعنين رقمي 1077، 1255 لسنة 58 ق، وقدمت النيابة مذكرة في كل من الطعنين أبدت فيهما الرأي برفضهما، وإذ عرض الطعنان على هذه المحكمة في غرفة مشورة، أمرت بضمهما ليصدر فيهما حكم واحد وحددت جلسة لنظرهما، وفيها التزمت النيابة رأيها.
وحيث إن الطاعنين ينعيان على الحكم المطعون فيه الخطأ في تطبيق القانون والقصور في التسبيب والفساد في الاستدلال، وفي بيان ذلك يقولان إن الحكم الابتدائي المؤيد بالحكم المطعون فيه أغفل الرد على دفاعهما بأن وفاء المطعون ضده الأول بالأجرة كان تالياً لتنفيذ حكم الطرد المستعجل وليس سابقاً عليه حسبما نصت على ذلك المادة 18/ ب من القانون رقم 136 لسنة 1981، كما اعتد الحكم بالوفاء بالأجرة الذي تم قبل إقفال باب المرافعة في دعوى التمكين الموضوعية التي رفعها الحائز السابق للعين، وهي ليست من دعاوى الإخلاء التي أجاز فيها المشرع توقي الحكم بالإخلاء بسداد الأجرة قبل إقفال باب المرافعة فيها، هذا إلى أن الحكم المستعجل قضى بالإخلاء لتحقق الشرط الصريح الفاسخ مما يعيب الحكم ويستوجب نقضه.
وحيث إن هذا النعي مردود، ذلك أن المقرر في قضاء هذه المحكمة أن الحكم الذي يصدر من القضاء المستعجل بطرد المستأجر من العين المؤجرة للتأخير في وفاء الأجرة لا يقيد محكمة الموضوع إذا ما طرح النزاع أمامها من المستأجر بدعوى التمكين، فلها أن تعيده إلى العين المؤجرة إذا ما أوفى الأجرة المستحقة عليه وملحقاتها إلى المؤجر قبل إقفال باب المرافعة في الدعوى أمام محكمة الموضوع، بحسبان أن اختصاص القضاء المستعجل يقف عند حد اتخاذ إجراء وقتي مبناه ظاهر الأوراق ولا يمس أصل الحق، ولا يغير من ذلك النص في الفقرة الثانية من المادة 18/ ب من القانون رقم 136 لسنة 1981 على عدم تنفيذ حكم القضاء المستعجل بالطرد إذا ما سدد المستأجر الأجرة والمصاريف والأتعاب عند تنفيذ الحكم إذ قصارى ما تهدف إليه هو إعطاء هذه الفرصة للمستأجر لتوقي التنفيذ دون أن تضع شرطاً بأن يتم السداد قبل التنفيذ لإعمال حكم الفقرة الأولى من هذه المادة، بل له أن يتوقى الحكم بالإخلاء بسداد الأجرة وملحقاتها قبل إقفال باب المرافعة في الدعوى أمام محكمة الموضوع، كما لا ينال من ذلك أيضاً الاتفاق على وقوع الفسخ عند التخلف عن سداد الأجرة لمخالفة ذلك لنص آمر متعلق بالنظام العام في قانون إيجار الأماكن. لما كان ذلك، وكان الحكم الابتدائي المؤيد بالحكم المطعون فيه قد انتهى إلى أن المطعون ضده الأول - المستأجر - قد أوفى الأجرة المستحقة عليه وملحقاتها قبل إقفال باب المرافعة في الدعوى الموضوعية التي تعيد طرح دعوى فسخ العقد لعدم سداد الأجرة وقضي فيها على هذا الأساس بتمكينه من عين النزاع فإنه يكون قد طبق القانون تطبيقاً صحيحاً ولا يعيبه تحدي الطاعن بأن المطعون ضده الأول أوفى الأجرة المستحقة عليه بعد تنفيذ حكم الطرد المستعجل ذلك أن النص في الفقرة الثانية من المادة 18/ ب من القانون رقم 136 لسنة 1981 لم تضع شرطاً بأن يتم السداد قبل التنفيذ لإعمال حكم الفقرة الأولى من هذه المادة ليتوقى الحكم بالإخلاء، إنما قصارى ما تهدف إليه هو إعطاء فرصة للمستأجر لتوقي التنفيذ، كما ذهب الحكم إلى أن الحكم المستعجل لا حجية له عند نظر دعوى الموضوع وأهدر الاتفاق على الشرط الصريح الفاسخ في العقد لمخالفته لنص آمر متعلق بالنظام العام، ومن ثم فإن النعي يضحى على غير أساس.
وحيث إن الطاعنين ينعيان، على الحكم المطعون فيه الفساد في الاستدلال والخطأ في تطبيق القانون، وفي بيان ذلك يقولان إن المستندات المقدمة في الدعوى الفرعية تفيد احتجاز المطعون ضده الأول لمسكن آخر بمصر الجديدة منها إيصال النور وشهادة قيد الأولاد بالمدرسة، إلا أن الحكم المطعون فيه لم يعن بتحقيق واقعة الاحتجاز ولم يرد على هذه المستندات مما يعيبه ويستوجب نقضه.
وحيث إن هذا النعي غير سديد، ذلك أن النص في الفقرة الأولى من المادة الثامنة من القانون رقم 49 لسنة 1977 في شأن تأجير وبيع الأماكن وتنظيم العلاقة بين المؤجر والمستأجر المقابلة لنص المادة 5/ 1 من القانون رقم 52 لسنة 1969 على أنه "لا يجوز للشخص أن يحتجز في البلد الواحد أكثر من مسكن دون مقتض." يدل على أن مناط الاحتجاز - وعلى ما جرى به قضاء هذه المحكمة - هو أن ينفرد المستأجر بالسيطرة المادة والقانونية على المسكنين أو المساكن التي أبرم عقود إيجارها وأن واقعة الاحتجاز مادية تخضع في إثباتها ونفيها لسلطان قاضي الموضوع متى أقام قضاءه على أسباب سائغة. لما كان ذلك وكان الحكم الابتدائي المؤيد بالحكم المطعون فيه قد أقام قضاءه بنفي احتجاز المطعون ضده الأول لمسكن آخر بخلاف العين موضوع النزاع على ما استخلصه من أقوال شهود الطرفين الذين سمعوا أمام محكمة أول درجة وأن مستندات الطاعن لم تؤيد الاحتجاز، وكان هذا الذي خلص إليه الحكم لا مخالفة فيه للقانون وهو استخلاص سائغ له أصله الثابت بالأوراق ومن ثم فإن النعي بهذا السبب لا يعدو أن يكون من قبيل الجدل الموضوعي في سلطة محكمة الموضوع في فهم الواقع في الدعوى وتقدير الدليل فيها مما لا تجوز إثارته أمام محكمة النقض.
وحيث إن الطاعنين ينعيان على الحكم المطعون فيه، الخطأ في تطبيق القانون وفي بيان ذلك يقولان إن الحكم أورد في مدوناته بتحريم تحرير عقدين لمسكن واحد تطبيقاً لنص المادة 24 من القانون رقم 49 لسنة 1977 رغم أن الطاعن الأول لم يرتكب هذه المخالفة، إذ المقصود بهذا الحظر أن يتم لذات الوحدة في أثناء قيام العلاقة الإيجارية الأولى، إلا أن الثابت أنه قد صدر حكم من القضاء المستعجل بفسخ العقد المبرم بين الطاعن والمطعون ضده الأول وصار ذلك القضاء نهائياً وتم تنفيذه بإخلاء العين المؤجرة فيكون للمؤجر - الطاعن الأول - الحق في تأجير تلك العين للغير بعقد جديد دون أن يترتب على ذلك مخالفة لنص المادة 24 سالفة الذكر، مما يعيبه ويستوجب نقضه.
وحيث إن هذا النعي مردود، ذلك أن الحكم الابتدائي المؤيد بالحكم المطعون فيه إذ انتهى بأسباب سائغة إلى أن إخلاء المطعون ضده الأول من شقة النزاع تنفيذاً للحكم المستعجل بطرده لا حجية له أمام محكمة الموضوع عند نظر دعوى التمكين الموضوعية التي تعيد طرح دعوى فسخ العقد لعدم سداد الأجرة وإذ انتهى الحكم المطعون فيه إلى إجابة المطعون ضده الأول في طلباته وقضى بتمكينه من العين المؤجرة فإنه يعني اعتبار استئجاره للشقة محل النزاع ما زال قائماً مما يمتنع معه على المؤجر تحرير عقد الإيجار الثاني، فيخضع للحظر المنصوص عليه في المادة 24 من القانون رقم 49 لسنة 1977 ويعتبر العقد الثاني عقداً باطلاً ولو كان المستأجر الثاني حسن النية، وإذ انتهى الحكم الابتدائي المؤيد بالحكم المطعون فيه إلى تلك النتيجة الصحيحة فإن النعي يكون على غير أساس.
وحيث إن الطاعن في الطعن رقم 1077 لسنة 58 ق ينعى على الحكم المطعون فيه بالوجه الأول من السبب الأول القصور في التسبيب، وفي بيان ذلك يقول إن الحكم المطعون فيه لم يرد على أسباب الاستئناف التي تضمنتها الصحيفة وشرحتها المذكرات وقضى بتأييد الحكم المستأنف دون إشارة إلى أخذه بأسباب الحكم الابتدائي أو إيراد أسباب أخرى مما يعيبه ويستوجب نقضه.
وحيث إن هذا النعي مردود، ذلك أن المقرر أنه لا تثريب على المحكمة الاستئنافية إن هي أخذت بأسباب الحكم الابتدائي دون إضافة متى رأت في هذه الأسباب ما يغني عن إيراد جديد ولأن تأييدها له محمولاً على أسبابه ما يفيد أنها لم تجد فيما وجه إليه من مطاعن ما يستحق الرد عليها بأكثر مما تضمنته تلك الأسباب والتي تتضمن الرد المسقط لأسباب الاستئناف لما كان ذلك وكان البين من مدونات الحكم المطعون فيه أنه خلص في قضائه إلى أن الحكم الابتدائي قد انتهى إلى أن المطعون ضده الأول - المستأجر - قد أوفى الأجرة المستحقة عليه وملحقاتها قبل إقفال باب المرافعة في دعوى الموضوع التي تعيد طرح دعوى فسخ العقد لعدم سداد الأجرة وقضى في الدعوى على هذا الأساس بتمكينه من عين النزاع ورفض طلبات المتدخل والدعوى الفرعية، فإنه يكون قد طبق القانون تطبيقاً صحيحاً للأسباب التي بني عليها، بما مفاده أن الحكم المطعون فيه قد أحال إلى أسباب الحكم الابتدائي وأخذ بها فأصبحت بذلك جزءاً متمماً لأسبابه فلا جناح على الحكم المطعون فيه إن هو لم يفرد أسباباً خاصة للرد على تلك المطاعن ما دام أن قضاء الحكم المستأنف يكفي للرد عليها وتتضمن الرد المسقط لأسباب الاستئناف ومن ثم يكون النعي على الحكم المطعون فيه بالقصور في التسبيب على غير أساس.
ولما تقدم يتعين رفض الطعن.