الحصة الشائعة يصح - وعلى ما جرى عليه قضاء هذه المحكمة - أن تكون محلاً لأن يحوزها حائز على وجه التخصيص والانفراد بنية تملكها ولا يحول دون ذلك اجتماع يد الحائز بيد مالك العقار مما يؤدي إلى المخالطة بينهما لأن هذه المخالطة ليست عيباً في ذاتها وإنما العيب فيما ينشأ عنها من غموض وإبهام فإذا استطاع الشريك في العقار الشائع أن يحوز حصة باقي شركائه المشتاعين حيازة تقوم على معارضة حق الملاك لها على نحو لا يترك محلاً لشبهة الغموض والخفاء أو مظنة التسامح واستمرت هذه الحيازة دون انقطاع خمس عشرة سنة فإنه يكتسب ملكيتها بالتقادم.
وقررت محكمة النقض في حكمها
بعد الاطلاع على الأوراق وسماع التقرير الذي تلاه السيد المستشار المقرر والمرافعة وبعد المداولة.
حيث إن الطعن استوفى أوضاعه الشكلية.
وحيث إن الوقائع - على ما يبين من الحكم المطعون فيه وسائر الأوراق - تتحصل في أن الطاعنة والمطعون ضدهما الأخيرين أقاموا على المطعون ضدهم الثلاثة الأول الدعوى رقم 8367 سنة 1979 مدني جنوب القاهرة الابتدائية بطلب الحكم بتثبيت ملكيتهم لكامل أرض وبناء العقار المبين بالصحيفة بما يترتب على ذلك ما آثار ومنها عدم سريان البيع الصادر من المطعون ضدها الثانية للمطعون ضدها الثالثة عن حصة بالعقار في حقهم وكف منازعتهم لهم في ملكيتهم له، وقالوا بياناً لها إنهم ومورثهم من قبل المرحوم........ ويضعون اليد على هذا العقار المدة الطويلة المكسب للملكية منذ عام 1912، وقد أقامت أرملة شقيق مورثهم عن نفسها وبصفتها وصية على ولديها القاصرين "في ذلك الحين" المطعون ضدهما الأول والثانية الدعوى رقم 4439/ 1951 مدني كلي مصر تطالبه فيها بريع النصف شائعاً في العقار المذكور بدعوى أن هذا القدر مملوك لهم فتمسك مورثهم في تلك الدعوى بأنه المالك وحده لكامل العقار وقد أوقفت تلك الدعوى حتى يفصل نهائياً في الملكية، ومنذ ذلك الحين لم يحركوا ساكناً واستمر مورثهم يباشر حيازته للعقار بغير منازع حتى وفاته في سنة 1957 فخلفوه في ذلك حتى فوجئوا مؤخراً ببيع المطعون ضدها الثانية حصة قدرها 12 س، 3 ط مشاعاً في العقار محل النزاع للمطعون ضدها الثالثة فأقاموا الدعوى، ندبت المحكمة خبيراً، وبعد أن قدم تقريره، قضت بتاريخ 22/ 11/ 1986 برفضها، استأنفت الطاعنة والمطعون ضدهما الأخيران هذا الحكم لدى محكمة استئناف القاهرة بالاستئناف رقم 10747 سنة 103 ق بتاريخ 14/ 6/ 1988 حكمت بالتأييد، طعنت الطاعنة في هذا الحكم بطريق النقض وقدمت النيابة مذكرة أبدت فيها الرأي برفض الطعن وإذ عرض الطعن على هذه المحكمة في غرفة مشورة حددت جلسة لنظره وفيها التزمت النيابة رأيها.
وحيث إن مما تنعاه الطاعنة في سببي الطعن على الحكم المطعون فيه القصور والفساد في الاستدلال وفي بيانه تقول إن الحكم المطعون فيه بنى قضاءه برفض الدعوى على أن وضع يد مورث الطاعنة والمطعون ضدهما الأخيرين من بعده على حصة مورث المطعون ضدهما الأول والثانية في عقار النزاع يشوبه الغموض والإبهام نتيجة الشيوع وأن المطعون ضدها الثانية باعت حصتها الميراثية في هذا العقار للمطعون ضدها الثالثة في 1/ 12/ 1972 وهو ما يعكر أيضاً صفو حيازتهم، مهدراً بذلك ما أورده في مدوناته من معارضة مورث الطاعنة والمطعون ضدهما الأخيرين للملكية المطعون ضدهما الأول والثانية في العقار بإنكاره مطالبتهما له في الدعوى رقم 4439/ 1951 مدني كلي مصر بريع حصتهما فيه بأنه وحده المالك له والتي أوفقت في 17/ 6/ 1954 حتى يفصل نهائياً في دعوى الملكية وظل الوضع منذ ذلك التاريخ ودون منازعة منهما، حتى وفاة مورثهم في سنة 1957 وخلافتهم له في وضع اليد على كامل العقار وحتى إقامة دعواهم في سنة 1979، وبذلك يكون قد مضى على مجابهة مورثهم لهما بملكيته لكامل العقار واستمرار حيازته له وهم من بعد مدة تزيد على خمسة عشر سنة بما لا يترك مجالاً لشبهة غموض أو مظنة تسامح في حيازتهم له، كما أن بيع المطعون ضدها الثانية لحصتها الميراثية في العقار للمطعون ضدها الثالثة بموجب العقد المؤرخ 1/ 12/ 1972 لا يعد تعكيراً للحيازة لأنهم لم يكونوا طرفاً فيه ولم يختصموا في دعوى صحته ونفاذه حتى يكون لهذا التصرف وهذا الإجراء أثر في مواجهتهم وهو يعيب الحكم المطعون فيه ويستوجب نقضه.
وحيث إن هذا النعي في محله ذلك أن الحصة الشائعة يصح - وعلى ما جرى عليه قضاء هذه المحكمة - أن تكون محلاً لأن يحوزها حائز على وجه التخصيص والانفراد بنية تملكها ولا يحول دون ذلك اجتماع يد الحائز بيد مالك العقار مما يؤدي إلى المخالطة بينهما لأن هذه المخالطة ليست عيباً في ذاتها وإنما العيب فيما ينشأ عنها من غموض وإبهام فإذا استطاع الشريك في العقار الشائع أن يحوز حصة باقي شركائه المشتاعين حيازة تقوم على معارضة حق الملاك لها على نحو لا يترك محلاً لشبهة الغموض والخفاء أو مظنة التسامح واستمرت هذه الحيازة دون انقطاع خمس عشرة سنة فإنه يكتسب ملكيتها بالتقادم، وكان المقرر أيضاً أن وضع اليد واقعة مادية لا ينفي صفة الهدوء عنها مجرد حصول تصرف قانوني على العين محل الحيازة ولا يعد هذا التصرف تصرفاً قاطعاً للتقادم، وأنه يجب لسلامة الحكم أن يؤسس على أسباب واضحة وأن يبين ما استند إليه الخصوم من أدلة واقعية وحجج قانونية وتحديد ما استخلص ثبوته من الوقائع وطريق هذا الثبوت، وكان البين من مدونات الحكم المطعون فيه أنه بعد أن خلص إلى أن حيازة مورث الطاعنة كانت لحسابه وحساب شقيقه الوارث معه "مورث المطعون ضدها الأولين" دون معارضة أو مجابهة لحق شقيقه المذكور وذلك حتى تمسك بملكيته للعقار كله في الدعوى رقم 4439 سنة 1951 مدني كلي مصر التي أقامتها زوجة شقيقه للمطالبة بالربع وهو ما مؤداه أنه اعتبر حيازة مورث الطاعنة قد أصبحت قانونية منذ هذه المجابهة. عاد الحكم وأقام قضاءه على قوله "ثم توفى مورث المستأنفين - الطاعنة والمطعون ضدهما الأخيرين - وأوقفت الدعوى في 8/ 8/ 1954 حتى يفصل في الملكية ولم يحرك المستأنفون ساكناً لإقامة دعواهم لإثبات تملكهم لعقار النزاع في حين ظل المستأنف عليهم ينازعون المستأنفين في العقار وباعت المستأنف عليها الثانية - المطعون ضدها الثانية - حصتها الميراثية في عقار النزاع للمستأنف عليها الثالثة - المطعون ضدها الثالثة - في 1/ 12/ 1972 وهو ما يعكر صفو حيازة المستأنفين رغم ما يشوبها من غموض وإيهام نتيجة الشيوع" لما كان ذلك وكان البيع الصادر من المطعون ضدها الثانية إلى المطعون ضدها الثالثة ليس من شأنه زوال الهدوء عن حيازة الطاعنة والمطعون ضدهما الأخيرين وكانت الأوراق قد خلت من المنازعات التي أطلق الحكم القول وجودها دون بيان ماهيتها أو إيراد الدليل عليها وعلى ما خلص إليه من غموض الحيازة رغم سبق اعتداده بالمجابهة الحاصلة من مورث الطاعنة فإنه الحكم المطعون فيه إذ استدل بهذه وتلك على تعكير الحيازة وغموضها ورتب على ذلك وحده قضاءه برفض الدعوى يكون فضلاً عن قصوره معيباً بالفساد في الاستدلال بما يوجب نقضه.