مفاد النص في المادة 985/ 1 من القانون المدني أن حق الانتفاع يمكن كسبه بالشفعة في حالة بيعه استقلالاً دون الرقبة الملابسة له إذا ما توافرت شروط الأخذ بالشفعة.
وقررت محكمة النقض في حكمها
بعد الاطلاع على الأوراق وسماع التقرير الذي تلاه السيد المستشار المقرر والمرافعة وبعد المداولة.
حيث إن الطعن استوفى أوضاعه الشكلية.
وحيث إن الوقائع على ما يبين من الحكم المطعون فيه وسائر أوراق الطعن تتحصل في أن المطعون ضدهم الثمانية الأول أقاموا الدعوى رقم 5335 سنة 1977 مدني كلي الإسكندرية بطلب الحكم بأحقيتهم في أن يأخذوا بالشفعة العقار المبين بصحيفة الدعوى رقبة ومنفعة لقاء ثمن قدره 22500 ج منه 7500 ج مقابل ملكية حق المنفعة، 1500 ج مقابل ملكية حق الرقبة ولقاء المصاريف والملحقات إن وجدت وعلى أن تكون لهم (المدعين) الملكية رقبة ومنفعة للذكر مثل حظ الأنثيين. وقالوا بياناً لطلباتهم إنهم يملكون العقار المشفوع به الذي يجاور العقار المشفوع فيه فضلاً عن أن لهم حق ارتفاق بالمطل عليه وإذ علموا مصادفة بحصول البيع للطاعنين بموجب عقد تم تسجيله فقد أنذروا طرفيه برغبتهم في الأخذ بالشفعة وأقاموا دعواهم - حكمت المحكمة - للمدعين بطلباتهم - استأنف الطاعنون هذا الحكم بالاستئناف رقم 527 سنة 36 ق. الإسكندرية. وبجلسة 28/ 4/ 1981 حكمت المحكمة بتأييد الحكم المستأنف. طعن الطاعنون في هذا الحكم بطريق النقض وقدمت النيابة مذكرة أبدت فيها برفض الطعن وإذ عرض الطعن على المحكمة في غرفة مشورة حددت جلسة لنظره وفيها التزمت النيابة رأيها.
وحيث إن الطاعنين ينعون بالسببين الأول والثاني على الحكم المطعون فيه البطلان ومخالفة القانون وقالوا بياناً لذلك أن إنذار الشفعة هو جزء من تصرف قانوني من شأنه نقل الملك فإذا ما وقعه وكيل عن الشفعاء تعين أن يكون موكلاً منهم وقت توجيه الإنذار وأن ينص في سند وكالته على امتدادها إلى التصرفات الناقلة للملك - ولما كان إنذار الشفعة موقعاً عليه من أحد المحامين دون - الشفعاء - ودون أن يكون المحامي المذكور موكلاً منهم وقت توجيهه فإن الإنذار يكون باطلاً ولا تضحى الإجازة اللاحقة مما يترتب عليه بطلان كافة الآثار المترتبة عليه وإذ خالف الحكم المطعون فيه هذا النظر فإنه يكون معيباً بما يستوجب نقضه.
وحيث إن هذا النعي مردود ذلك أن من المقرر في قضاء هذه المحكمة أن مباشرة المحامي للإجراء نيابة عن موكله لا يستلزم حصوله على سند بالوكالة قبل مباشرته للإجراء ما لم ينص القانون على غير ذلك لما كان ما تقدم وكان المشرع لم يتطلب أن يكون المحامي الموقع على إنذار الشفعة مفوضاً تفويضاً خاصاً بالتصرف أو موكلاً في ذلك بتوكيل سابق فإن النعي بذلك يكون على غير أساس.
وحيث إن الطاعنين ينعون بالسبب الثالث على الحكم المطعون فيه مخالفة القانون والخطأ في تطبيقه وقالوا بياناً لذلك إن الشفعاء طلبوا الأخذ بالشفعة باعتبارهم شركاء في العقار المشفوع به وعلى أن تكون ملكية العقار المشفوع فيه للذكر منهم ضعف ما للأنثى وأودعوا الثمن على هذا الأساس بما مؤداه أن الطلبات تنطوي على دعاوى متعددة دون أن يصاحب كل منها إيداع الثمن كاملاً وهو مما يعتبر تجزئه للشفعة بما كان لازمه القضاء بعدم قبول الدعوى وإذ خالف الحكم المطعون فيه هذا النظر فإنه يكون معيباً بما يقتضي نقضه.
وحيث إن هذا النعي غير سديد ذلك أن القاعدة المقررة لعدم تجزئة الشفعة تعني أنه لا يجوز للشفيع أن يأخذ بالشفعة في صفقة واحدة بعض المبيع دون بعضه الآخر حتى لا يضار المشتري بتبعيض الصفقة عليه. لما كان ذلك وكان الواقع الثابت بالأوراق أن الطاعنين اشتروا جميع أرض وبناء العقار المبين بصحيفة الدعوى للأول كامل حق المنفعة وللثاني والثالث حق الرقبة وأن المطعون ضدهم الثمانية الأول أعلنوا رغبتهم في أخذ كل العقار المبيع منفعة ورقبة بالشفعة وأقاموا الدعوى بطلب أحقيتهم في أخذ كل المبيع بالشفعة فإنه لا يكون ثمة تبعيض للصفقة على المشترين أو تجزئة للشفعة - ولا يغير من ذلك أن يرد في صحيفة الدعوى ما يشير إلى اقتسام الشفعاء للعقار المبيع على نحو معين أو إيداعهم الثمن جميعه كل بمقدار ما سيؤول إليه في ملكية العقار لأن ذلك من شأنهم وحدهم ولا أثر له على حقوق المشترين - لما كان ذلك وكان الحكم المطعون فيه قد أخذ بهذا النظر فإنه يكون قد التزم تطبيق القانون على وجهه الصحيح ويكون النعي عليه على غير أساس.
وحيث إن مبنى النعي بالسبب الرابع على الحكم المطعون فيه مخالفة القانون والخطأ في تطبيقه وقال الطاعنون بياناً لذلك أن المادة 936 من القانون المدني حددت الحالات التي يثبت فيها للجار الحق في الأخذ بالشفعة وليس من بينها حالة بيع حق الرقبة أو حق الانتفاع إذا بيع كل منهما مستقلاً عن الآخر ذلك أن الشفعة في حق الانتفاع لا تكون إلا لمالك الرقبة وفي بيع الرقبة لا تكون إلا لصاحب حق الانتفاع وإذ خالف الحكم المطعون فيه هذا النظر يكون معيباً ويتعين نقضه.
وحيث إن هذا النعي غير سديد أنه لما كان النص في المادة 985/ 1 من القانون المدني على أن "حق الانتفاع يكسب بعمل قانوني أدباً لشفعة أو بالتقادم" مفاده أن حق الانتفاع يمكن كسبه بالشفعة في حالة بيعه استقلالاً" دون الرقبة الملابسة له إذا ما توافرت شروط الأخذ بالشفعة وكان النص في المادة 936 من القانون المدني على أن "يثبت الحق في الشفعة ( أ ) لمالك الرقبة إذا بيع كل حق الانتفاع الملابس لها أو بعضه (ب) للشريك في الشيوع إذا بيع شيء من العقار الشائع إلى أجنبي (جـ) لصاحب حق الانتفاع إذا بيعت كل الرقبة الملابسة لهذا الحق أو بعضها (د) لمالك الرقبة في الحكر إذا بيع حق الحكر وللمستحكر إذا بيعت الرقبة (هـ) للجار المالك.." والنص في المادة 937 من ذات القانون على أن "إذا تزاحم الشفعاء يكون استعمال حق الشفعة على حسب الترتيب المنصوص عليه في المادة السابقة" مفادها أن المشرع قرر حق الشفعة لكل من مالك الرقبة ولصاحب حق الانتفاع لحكمة توخاها هي جمع شتات الملكية برد حق الانتفاع إلى مالك الرقبة ورد الرقبة إلى صاحب حق الانتفاع وتحقيقاً لذات الحكمة فقد جعل المشرع الأفضلية - عند تزاحم الشفعاء لمالك الرقبة على سائر الشفعاء عند بيع حق الانتفاع الملابس للرقبة التي يملكها وكذا لمالك حق الانتفاع عند التزاحم إذا بيعت كل الرقبة الملابسة لهذا الحق أو بعضها - وإذ قرر المشرع الأفضلية بين الشفعاء عند تزاحمهم وفق ما جرى به النص السالف فإن مؤدى ذلك أن الشفعة في حق الانتفاع أو في حق الرقبة مقررة أصلاً لسائر هؤلاء الشفعاء المنصوص عليهم - لتوفر الحكمة في تقرير الشفعة لكل منهم وهي منع المضارة على أن تجرى المفاضلة بينهم عند تزاحمهم - لما كان ما تقدم فإن الحكم المطعون فيه إذ قضى ثبوت حق الشفعة - مع انتفاء فرض التزاحم للمطعون ضدهم الثمانية الأول على سند من مقام حالة الجوار يكون قد أصاب في ذلك صحيح القانون ويكون النعي بهذا السبب على غير أساس.
وحيث إن الطاعنين ينعون بالسبب الخامس على الحكم المطعون فيه مخالفة القانون والخطأ في تطبيقه وقالوا بياناً لذلك - إن الحكم لم يقضي "بإلزام الشفعاء بأداء ملحقات الثمن من مصروفات رسمية وغيرها بمقولة أنه لا يلزم إيداعها مع الثمن بخزينة المحكمة وأن الطاعنين لم يطالبوا بها بالطريق القانوني حتى يحكم لهم بها في دعوى الشفعة وأنه يحق لهم المطالبة بها بدعوى مستقلة في حين أنه يتعين على المحكمة - عند الحكم في الشفعة أن تقضي بما تراه قائماً في ذمة الشفيع من الثمن والملحقات والمصاريف مقابل نقل ملكية المشترى إليه.
وحيث إن هذا النعي في محله ذلك أنه وإن كان المشرع لم يلزم الشفيع سوى بإيداع الثمن الحقيقي فحسب وأغفل ملحقات الثمن فيما يجب إيداعه بما ينبني عليه عدم سقوط الحق في الأخذ بالشفعة في حالة عدم إيداع الملحقات إلا أن دعوى الشفعة تتسع مع هذا لبحث النزاع الذي يقوم بين طرفي الخصومة حول إلزام الشفيع بأداء ملحقات الثمن من مصروفات رسمية وغير رسمية بحيث يتعين على المحكمة أن تفصل في هذه المنازعة سواء أثيرت من جانب الشفيع أو المشتري ما دامت مطروحة عليها - لما كان ذلك وكان البين من الأوراق أن الشفعاء المطعون ضدهم طلبوا الحكم بأحقيتهم في أخذ العقار بالشفعة مقابل الثمن والمصاريف والملحقات وأن الخصوم تجادلوا أمام محكمة الدرجة الأولى دفعاً ورداً في شأن قيمة هذه الملحقات ووجه الشفعاء للطاعنين اليمين الحاسمة في شأن قيمة السمسرة ومصاريف المهندس الذي عاين العقار كما استمرت المجادلة بين الخصوم في ذلك الشأن أمام محكمة الاستئناف بما مؤداه أن النزاع بشأن قيمة الملحقات التي يلزم الشفعاء بدفعها للطاعنين كان مطروحاً مع طلب الشفعة أمام محكمة الموضوع ومن ثم فهي تلتزم بالفصل فيه باعتبار أن الخصومة حق مشترك بين طرفيها وقد طرح كل منهما أمر هذه الملحقات في دفاعه وطلباته الموضوعية في الدعوى بما ينتفي معه وجه القول بوجوب المطالب بها استقلالاً بطلب عارض رغم كونها مطروحة فعلاً من جانب الطرفين وتناضلهم فيها طلباً ودفعاً - لما كان ما تقدم وكان الحكم المطعون فيه قد أقام قضاءه على أن الشفيع لا يلزم بإيداع ملحقات الثمن بخزينة المحكمة وأن الطاعنين وشأنهم في المطالبة بها بدعوى مستقلة بعد أن تقاعسوا عن اتخاذ الإجراء المناسب للمطالبة بها في دعوى الشفعة فإنه يكون معيباً بمخالفة القانون والخطأ في تطبيقه وهو ما يتعين معه نقضه في هذا الخصوص.
ولما تقدم يتعين نقض الحكم المطعون فيه نقضاً جزئياً في خصوص ما قضى به في شأن ملحقات الثمن.