العبرة فى وصف الحكم بأنه حضورى أو معتبر كذلك أو غيابى طبقًا للقانون هو بحقيقة الواقع الثابت بمحاضر الجلسات لا بما تصفه به المحكمة وكان البين من الأوراق أن محكمة أول درجة سمعت بينة المطعون ضدها بمثول وكيل الطاعن أمامها الذى استأجل لجلسة..... لإحضار شهوده وبتلك الجلسة الأخيرة مثلت المطعون ضدها وغاب الطاعن وفيها قررت المحكمة حجز الدعوى للحكم فيكون الطاعن قد غاب بعد ثبوت الدعوى فى مواجهته بالطرق الشرعية ومن ثم فإن الحكم الصادر فيها يعتبر حضوريًا لا تجوز المعارضة فيه وإذ وصفت محكمة أول درجة هذا الحكم بأنه غيابيًا على خلاف الثابت بمحاضر الجلسات إلا أن ذلك لا يرتب بطلانه
وقررت محكمة النقض في حكمها
بعد الاطلاع على الأوراق، وسماع التقرير الذى تلاه السيد المستشار المقرر/ والمرافعة، وبعد المداولة.
حيث إن الطعن استوفى أوضاعه الشكلية.
وحيث إن الوقائع - على ما يبين من الحكم المطعون فيه وسائر الأوراق تتحصل فى أن المطعون ضدها أقامت على الطاعن الدعوى رقم..........، بطلب الحكم ببطلان مراجعته لها الحاصلة بتاريخ........ بالإشهاد رقم......... على يد مأذون ناحية بولاق، وإثبات طلاقها منه الحاصل فى......... على أنه المكمل للثلاث والتفريق بينهما، وقالت بيانًا لذلك إنها زوجة للطاعن بموجب عقد شرعى مؤرخ..........، ودخل بها وعاشرها معاشرة الأزواج، وأنه قبل الدخول بها قام بتطليقها ثم أعادها لعصمته، وبعد الدخول بها طلقها للمرة الثانية......... ثم أعادها لعصمته بتاريخ...........، ثم طلقها للمرة الثالثة بتاريخ.......... دون أن يثبت بوثيقة الإشهاد بأن الطلاق المكمل للثلاث وبتاريخ......... ردها لعصمته على خلاف أحكام الشرع، ومن ثم أقامت دعواها، وأحالت المحكمة الدعوى للتحقيق وبعد أن سمعت شاهدى المطعون ضدها حكمت غيابيًا بتاريخ.........باعتبار الطلاق الحاصل فى.............. المكمل للثلاث وبطلان مراجعة الطاعن للمطعون ضدها الحاصل فى............ والتفريق بينهما، استأنف الطاعن هذا الحكم بالاستئناف رقم........... وبتاريخ........... قضت المحكمة بتأييد الحكم المستأنف، طعن الطاعن فى هذا الحكم بطريق النقض وقدمت النيابة مذكرة أبدت فيها الرأى برفض الطعن، وإذ عرض الطعن على هذه المحكمة فى غرفة مشورة حددت جلسة لنظره وفيها التزمت النيابة رأيها.
وحيث إن الطعن أقيم على ثلاثة أسباب ينعى الطاعن بالوجه الأول من السبب الأول والوجه الأول من السبب الثانى على الحكم المطعون فيه، والإخلال بحق الدفاع، والفساد فى الاستدلال، وفى بيان ذلك يقول إنه تمسك بصحيفة الاستئناف ببطلان حكم أول درجة لوصفه بأنه غيابيًا حال أنه مثل بوكيل عنه بجلسة......، إلا أن الحكم المطعون فيه انتهى بأسباب غير سائغة إلى رفض هذا الدفاع مما يعيبه، ويستوجب نقضه.
وحيث إن هذا النعى مردود، ذلك أن العبرة فى وصف الحكم بأنه حضورى أو معتبر كذلك أو غيابى طبقًا للقانون هو بحقيقة الواقع الثابت بمحاضر الجلسات لا بما تصفه به المحكمة، وكان البين من الأوراق أن محكمة أول درجة سمعت بينة المطعون ضدها بمثول وكيل الطاعن أمامها الذى استأجل لجلسة............. لإحضار شهوده وبتلك الجلسة الأخيرة مثلت المطعون ضدها وغاب الطاعن وفيها قررت المحكمة حجز الدعوى للحكم، فيكون الطاعن قد غاب بعد ثبوت الدعوى فى مواجهته بالطرق الشرعية ومن ثم فإن الحكم الصادر فيها يعتبر حضوريًا لا تجوز المعارضة فيه، وإذ وصفت محكمة أول درجة هذا الحكم بأنه غيابيًا على خلاف الثابت بمحاضر الجلسات إلا أن ذلك لا يرتب بطلانه، وكان من المقرر - فى قضاء هذه المحكمة - أنه إذا كان النعى على الحكم المطعون فيه لا يحقق سوى مصلحة نظرية بحتة ولا يعود على الطاعن منه أية فائدة فإن النعى يكون غير مقبول، وكان النعى على وصف الحكم الابتدائى بأنه غيابى لم يصادر على حق كان مقررًا للطاعن كما أنه لا يعود عليه بأية فائدة ومن ثم فإنه يكون غير مقبول.
وحيث إن الطاعن ينعى بالوجه الثانى من السبب الأول والوجه الثانى من السبب الثانى على الحكم المطعون فيه الإخلال بحق الدفاع، وفى بيان ذلك يقول إن محكمة الاستئناف سايرت محكمة أول درجة وأهدرت حقه فى إحضار شهود لنفى بينة المطعون ضدها وما جاء بالطلب رقم 146 لدار الإفتاء والذى استند إليه الحكم المطعون فيه فى قضائه الأمر الذى يعيبه، ويستوجب نقضه.
وحيث إن هذا النعى مردود، ذلك أنه من المقرر - فى قضاء هذه المحكمة - أن لمحكمة الموضوع السلطة التامة فى تحصيل فهم الواقع فى الدعوى وتفسير إقرارات الخصوم وتقدير ما إذا كان يمكن اعتبارها اعترافًا ببعض وقائع الدعوى أم لا وكذا تقدير القرائن المطروحة عليها والتى تخضع - طبقًا للقواعد العامة فى الإثبات - لتقدير محكمة الموضوع التى يكون لها مطلق الحرية فى تقدير قوتها فى الإثبات فيجوز لها أن تعتبرها دليلاً كاملاً أو مبدأ ثبوت بالكتابة أو مجرد قرينة أو لا تأخذ بها أصلاً دون معقب عليها فى ذلك من محكمة النقض متى كان تقديرها سائغًا وله أصل ثابت بالأوراق لما كان ذلك، وكان البين من مدونات الحكم المطعون فيه أن محكمة الاستئناف فى نطاق سلطتها الموضوعية قد أخذت بما ورد بالطلب رقم......... المقدم من الطاعن إلى دار الإفتاء - والغير مجحود منه - لبيان الحكم الشرعى فى واقعة الدعوى الماثلة واعتبرته دليلاً كاملاً على إقراره بتطليق المطعون ضدها ثلاث مرات، وقضت فى الاستئناف استنادًا إليه، وكان هذا الاستخلاص سائغًا وله معينه الصحيح من الأوراق ويدخل فى سلطة محكمة الموضوع، ومن ثم يكون النعى على الحكم المطعون فيه فى هذا الخصوص لا يعدو أن يكون جدلاً موضوعيًا لا تجوز إثارته أمام محكمة النقض، ولا على محكمة الموضوع من بعد إن هى لم تستجب لطلب الطاعن إحالة الاستئناف للتحقيق لنفى ما جاء بهذا الطلب إذ أن تقدير ذلك يدخل فى سلطتها الموضوعية وليس حقًا للخصوم تلتزم بإجابتهم إليه وما دام أنها وجدت فى أوراق الدعوى ومستنداتها ما يكفى لتكوين عقيدتها ومن ثم فإن النعى على الحكم فى هذا الشأن يضحى على غير أساس.
وحيث إن الطاعن ينعى بالسبب الثالث على الحكم المطعون فيه مخالفة القانون وفى بيان ذلك يقول أن المادة 21 من القانون رقم 1 لسنة 2000 نصت على أنه "لا يعتد فى إثبات الطلاق عند الإنكار إلا بالإشهار والتوثيق...". "وكان هذا القانون قد سرى نفاذه قبل الفصل فى الاستئناف الماثل، وكان الطالب رقم........ غير كافٍ لإثبات واقعة الطلاق ومن ثم يضحى اعتداد الحكم المطعون فيه بما ورد فى هذا الطلب معيبًا مما يستوجب نقضه. وحيث إن هذا النعى غير سديد، ذلك أنه ولئن كان من المقرر - فى قضاء محكمة النقض - أنه إذا استحدث القانون الجديد أحكامًا متعلقة بالنظام العام فإنها تسرى بأثر فورى على المراكز والوقائع القانونية القائمة وقت نفاذه ولو كانت ناشئة قبله، إلا أن شرط ذلك أن يستحدث القانون الجديد حكمًا جديدًا يتعلق بذاتية القواعد الموضوعية الآمرة سواء بالإلغاء أو التغيير إضافة أو حذفًا، أما إذا كان التعديل منصبًا على بعض شروط إعمال القاعدة الآمرة دون مساس بذاتيتها أو حكمها كما لو استوجب تطبيقها توافر شروط خاصة أو اتخاذ إجراءات معينة سواء كانت بإجراءات التقاضى أو الإثبات ولم تكن مطلوبة ولا مقررة من قبل فإن التعديل لا يسرى فى هذه الحالة إلا من تاريخ نفاذه وعلى الوقائع والمراكز التى تنشأ فى ظله دون أن يكون له أثر على الوقائع التى نشأت فى ظل القانون السابق باعتبار أن القانون الذى رفعت الدعوى فى ظله هو الذى يحكم شروط قبولها وإجراءاتها وقواعد إثباتها. لما كان ذلك، وكان البين أن دعوى المطعون ضدها بإثبات واقعة طلاقها المكمل للثلاثة قد نشأت فى ظل العمل بالمرسوم بقانون رقم 25 لسنة 1929 المعدل بالقانون رقم 100 لسنة 1985 والتى أوضحت المذكرة الإيضاحية للقانون الأخير إثبات واقعة البطلان بكافة طرق الإثبات، وكان الحكم المطعون فيه قد استند فى إثبات الطلاق المشار إليه إلى بينة المطعون ضدها الصحيحة وإلى ما تضمنته الفتوى الصادرة عن دار الإفتاء فإنه يكون قد طبق صحيح القانون ويكون النعى عليه بمخالفته لنص المادة 21 من القانون لسنة 2000 على غير أساس.
ولما تقدم يتعين رفض الطعن.