من المقرر أن لمحكمة الموضوع سلطة مطلقة في الأخذ باعتراف المتهم في حق نفسه وعلى غيره من المتهمين متى اطمأنت إلى صحته ومطابقته للحقيقة والواقع ولو لم يكن معززاً بدليل آخر، وهي من بعد - غير ملزمة بمتابعة المتهم في مناحي دفاعه الموضوعي وفي كل شبهة يثيرها والرد على ذلك ما دام الرد مستفاداً ضمناً من القضاء بالإدانة استناداً إلى الأدلة التي أوردها الحكم، فإن الطعن ينحل إلى مجرد جدل موضوعي يهدف إلى التشكيك فيما خلصت إليه المحكمة في تدليل سائغ وهو ما لا يجوز إثارته أمام محكمة النقض.
وقررت محكمة النقض في حكمها
أولاً: عن الطعن المقدم من الطاعنة الأولى: حيث إن مبنى الطعن هو أن الحكم المطعون فيه إذ دان الطاعنة بجريمة الاعتياد على ممارسة الدعارة قد شابه الفساد في الاستدلال، ذلك أنه عول في الإدانة على اعتراف متهمة أخرى عليها في حين أن أقوالها لا يعتد بها ويكذبها أن الرجال الذين ضبطوا بالمنزل عند تفتيشه نفوا ممارسة الجنس مع الطاعنة فضلاً عن أن التقرير الطبي الشرعي أثبت أنها ما تزال بكراً مما يعيب الحكم ويستوجب نقضه. وحيث إن الحكم المطعون فيه حصل الواقعة بما تتوافر به العناصر القانونية لجريمة الاعتياد على ممارسة الدعارة التي دان بها الطاعنة وأورد على ثبوتها في حقها أدلة سائغة من شأنها أن تؤدي إلى ما رتبه عليها، لما كان ذلك، وكانت الطاعنة لا تنازع في سلامة إسناد الحكم بشأن ما أورده من اعتراف المتهمة الأخرى عليها، وكان من المقرر أن لمحكمة الموضوع سلطة مطلقة في الأخذ باعتراف المتهم في حق نفسه وعلى غيره من المتهمين متى اطمأنت إلى صحته ومطابقته للحقيقة والواقع ولو لم يكن معززاً بدليل آخر، وهي من بعد - غير ملزمة بمتابعة المتهم في مناحي دفاعه الموضوعي وفي كل شبهة يثيرها والرد على ذلك ما دام الرد مستفاداً ضمناً من القضاء بالإدانة استناداً إلى الأدلة التي أوردها الحكم، فإن الطعن ينحل إلى مجرد جدل موضوعي يهدف إلى التشكيك فيما خلصت إليه المحكمة في تدليل سائغ وهو ما لا يجوز إثارته أمام محكمة النقض. لما كان ما تقدم، فإن الطعن يكون على غير أساس مما يتعين معه رفضه موضوعاً. ثانياً: عن الطعن المقدم من الطاعنة الثانية والطاعن الثالث: حيث إن مبنى الطعن هو أن الحكم المطعون فيه إذ دان الطاعنين بجريمة تعريض أكثر من حدث للانحراف قد أخطأ في تطبيق القانون، ذلك أنهما دفعا بعدم جواز نظر الدعوى لسابقة الفصل فيها في الجنحة رقم....... لسنة 1980 مستأنف غرب الإسكندرية بيد أن الحكم أطرح هذا الدفع بما لا يتفق وصحيح القانون، مما يعيبه ويستوجب نقضه. وحيث إنه يبين من الرجوع إلى المفردات التي أمرت المحكمة بضمها أن الواقعة في الدعوى الماثلة وفي الجنحة رقم..... لسنة 1980 مستأنف غرب الإسكندرية تتحصل في أن منزل الطاعنين جرى تفتيشه بتاريخ...... بناء على إذن النيابة بعد أن دلت التحريات على إدارته للدعارة وضبطت به كل من....... والحدثين....... الطاعنة الأولى.....، وقد أسندت النيابة للطاعنين في الدعوى الماثلة جريمة تعريض الحدثين السالفين للانحراف المعاقب عليها بمقتضى القانون رقم 31 لسنة 1974 بشأن الأحداث، بينما أسندت لهما في الجنحة رقم....... لسنة 1980 مستأنف غرب الإسكندرية جرائم إدارة مسكن للدعارة وتسهيل واستغلال بغاء المدعوة....... المعاقب عليها بمقتضى القانون رقم 10 لسنة 1961 في شأن مكافحة الدعارة وقضى في الدعوى الأخيرة بتاريخ....... ببراءة الطاعن الثالث مما أسند إليه وبمعاقبة الطاعنة الثانية بالحبس سنة مع الشغل وغرامة مائة جنيه والوضع تحت المراقبة مدة مساوية لمدة الحبس والغلق والمصادرة مع إيقاف تنفيذ العقوبة. لما كان ذلك، وكان البين من العرض المتقدم أن جريمة تعريض أكثر من حدث للانحراف موضوع اتهام الطاعنين في الدعوى الماثلة وما أسند إليهما في الدعوى الأخيرة المحكوم فيها من جرائم إدارة مسكن للدعارة وتسهيل واستغلال دعارة أنثى كانت وليد نشاط إجرامي يتحقق به معنى الارتباط المنصوص عليه في الفقرة الثانية من المادة 32 من قانون العقوبات لوقوع جميع هذه الجرائم تحقيقاً لغرض واحد وارتباطها ببعضها ارتباطاً لا يقبل التجزئة، وإذ نصت هذه المادة صراحة على اعتبار الجرائم المرتبطة جريمة واحدة والحكم بالعقوبة المقررة لأشدها فإنه يتأدى عن ذلك أن صدور حكم نهائي بالإدانة في جريمة يمنع من نظر الدعوى الجنائية عن الجريمة أو الجرائم المرتبطة بها ارتباطاً لا يقبل التجزئة إذا كان ذلك الحكم قد صدر في أشد الجرائم عقوبة، ولما كانت جريمة تسهيل دعارة أنثى المحكوم فيها نهائياً على الطاعنة الثانية في الدعوى رقم...... لسنة 1980جنح مستأنف غرب الإسكندرية معاقباً عليها طبقاً للفقرة "ب" من المادة الأولى من القانون رقم 10 لسنة 1961 في شأن مكافحة الدعارة بالحبس مدة لا تقل عن سنة ولا تزيد على خمس سنوات وبغرامة لا تقل عن مائة إلى خمسمائة جنيه أخذاً بما يبين من الأوراق من أن........ التي وقعت عليها هذه الجريمة لم تتم إحدى وعشرين سنة، وذلك بصرف النظر عن أن المحكمة أنزلت العقاب خطأ طبقاً للفقرة "أ" من المادة المذكورة إذ المقرر أن المحكمة ملزمة بأن تنزل الحكم الصحيح للقانون غير مقيدة بالوصف الذي أسبغ على الواقعة ولا بالقانون الذي طلب عقاب المتهم طبقاً لأحكامه، بينما جريمة تعريض أكثر من حدث للانحراف المسندة للطاعنة الثانية في الدعوى الحالية معاقب عليها بمقتضى الفقرة الثالثة من القانون رقم 31 لسنة 1974 بالحبس مدة لا تقل عن ستة أشهر ولا تزيد على خمس سنوات، فإن الجريمة الأولى بهذه المثابة تكون ذات العقوبة الأشد ويكون الحكم المطعون فيه إذ دان الطاعنة وقضى بمعاقبتها عن الجريمة الأخيرة قد أخطأ في تطبيق القانون بما يوجب نقضه. بالنسبة لها والقضاء بعدم جواز نظر الدعوى الجنائية لسبق الفصل فيها. وأما بالنسبة للطاعن الثالث، فإن القضاء ببراءته مما أسند إليه من جرائم في الدعوى رقم....... لسنة 1980 جنح مستأنف غرب الإسكندرية لا يحول دون عقابه عن الجريمة المسندة إليه في الدعوى الحالية رغم ارتباطها بها لأن مناط الارتباط في حكم المادة 32 من قانون العقوبات رهن بكون الجرائم المرتبطة قائمة لم يجر على إحداها حكم من الأحكام المعفية من المسئولية أو العقاب، فلا محل لإعمال حكم هذه المادة عند القضاء بالبراءة في إحدى التهم المرتبطة أو سقوطها أو انقضائها، ومن ثم يكون الحكم المطعون فيه قد أصاب صحيح القانون فيما انتهى إليه من رفض الدفع المبدى من هذا الطاعن بعدم جواز نظر الدعوى لسبق الفصل فيها.
|
|