استقر جمهور الفقه المصرى على أن مانع العدة من النظام العام بحيث يجب الأخذ به ولو كانت شريعة معينة لا تنظمه، وتعتبر أحكام الشريعة الإسلامية هى الواجبة التطبيق فى حالة خلو شريعة معينة من حكم العدة بما مؤداه سريان أحكامها بشأن العدة على طوائف الكاثوليك والبروتستانت الذين لم تنظم قواعدهم شيئًا عن العدة، وبالتالى يجب على المرأة أن تنتظر بعد انقضاء زواجها ولا تعقد زواجًا جديدًا حتى تضع حملها إن كانت حاملاً، فإن لم تكن حاملاً كان عليها أن تنتظر أربعة أشهر وعشرة أيام هجرية بعد وفاة زوجها إن أرادت الزواج من جديد، أو تنتظر ثلاثة قروء بعد الحكم نهائيًا بتطليقها أو ببطلان زواجها أو بفسخه، وذلك إذا انقضى عقد زواجها بأحد هذه الأسباب بعد الدخول بها.
وقررت محكمة النقض في حكمها
بعد الاطلاع على الأوراق وسماع التقرير الذى تلاه السيد المستشار المقرر والمرافعة، وبعد المداولة.
حيث إن الطعون استوفت أوضاعها الشكلية.
وحيث إن الوقائع - على ما يبين من الحكم المطعون فيه وسائر الأوراق - تتحصل فى أن الطاعن فى كل الطعون أقام الدعوى رقم... لسنة 2002 كلى أحوال شخصية جنوب القاهرة على المطعون ضدها فيهم للحكم برد وبطلان عقد زواجه منها المؤرخ 12/ 7/ 2002، وقال بيانًا لذلك إنه تزوج بها فى ذلك التاريخ وفقًا لمذهب الطائفة الإنجيلية وقيد هذا الزواج بسجل الأحوال المدنية برقم 2268 لسنة 2002 توثيق عابدين بتاريخ 13/ 7/ 2002، إلا أنه لم يدخل بها ولم يعاشرها معاشرة الأزواج وحدد زفافه عليها يوم 31/ 7/ 2002، وقد علم قبل هذا التاريخ أنها أخفت عليه زواجها من آخر يدعى..... بتاريخ 20/ 12/ 1997 وطلقت منه بتاريخ 10/ 7/ 2002 بإشهاد طلاق مقيد برقم 1435 أ لسنة 2002، وقد أقرت بوثيقة الزواج بأنها لم يسبق لها الزواج، وإذ لم تنتظر فترة العدة المنصوص عليها شرعًا وقانونًا وأقدمت على عقد الزواج من الطاعن بعد يومين من تاريخ طلاقها من زوجها السابق فإن عقد الزواج يكون باطلاً لاقترانه بالغش والتدليس، ومن ثم فقد أقام الدعوى، بتاريخ 19/ 12/ 2002 حكمت المحكمة ببطلان عقد الزواج، استأنفت المطعون ضدها هذا الحكم بالاستئناف رقم..... لسنة 120 ق القاهرة، وبتاريخ 12/ 11/ 2003 قضت المحكمة بإلغاء الحكم المستأنف ورفض الدعوى، طعن الطاعن فى هذا الحكم بطريق النقض بالطعون أرقام 873، 876، 899، 902، 908 لسنة 73 ق أحوال شخصية وقدمت النيابة مذكرة فى كل طعن أبدت فيها الرأى بنقض الحكم فى الطعن الأول وبرفض باقى الطعون، عرضت الطعون على المحكمة فى غرفة مشورة فحددت جلسة لنظرها وفيها ضمت الطعون الأربعة الآخرون للأول، والتزمت النيابة رأيها.
وحيث إن مما ينعاه الطاعن على الحكم المطعون فيه - فى كل الطعون - مخالفة القانون والخطأ فى تطبيقه والقصور فى التسبيب والفساد فى الاستدلال وفى بيان ذلك يقول إن الحكم قضى برفض الدعوى تأسيسًا على أن الطرفين من طائفة الإنجيليين التى تتبع المذهب البروتستانتى، وأن هذه الطائفة لا تعرف العدة كمانع من موانع الزواج ولا يبطل الزواج الذى حصل خلالها، وعلى أن الثابت بالمحضر الإدارى رقم 14821 لسنة 2002 مدينة نصر أن المطعون ضدها قد طلقت من زوجها..... بتاريخ 27/ 2/ 2002 وأن زواجها من الطاعن بعد انتهاء عدتها، مع أن القول بأن طائفة الإنجيليين لا تعرف العدة يخالف النظام العام فى مصر، وأن عدة الذمية المطلقة من مسلم تخضع لأحكام الشريعة الإسلامية، وأن المحضر الإدارى سالف الذكر تم بعد رفع الدعوى وتحرر لخدمتها، وأنه يتعارض مع الدليل المستمد من إشهاد الطلاق الموثق بتاريخ 10/ 7/ 2002 على أن الطلاق الثابت به هو الذى يعتد به بداية لمدة العدة، وإذ خالف الحكم المطعون فيه هذا النظر فإنه يكون معيبًا بما يستوجب نقضه.
وحيث إن هذا النعى سديد ذلك أن النص فى المادة الخامسة مكررًا من المرسوم بقانون رقم 25 لسنة 1929 المضافة بالقانون رقم 100 لسنة 1985 على أن " على المطلق أن يوثق إشهاد طلاقه لدى الموثق المختص خلال ثلاثين يومًا من تاريخ إيقاع الطلاق وتعتبر الزوجة عالمة بالطلاق بحضورها توثيقه فإذا لم تحضر كان على الموثق إعلان إيقاع الطلاق لشخصها على يد محضر، وعلى الموثق تسليم نسخة إشهاد الطلاق إلى المطلقة أو من ينوب عنها وفق الإجراءات التى يصدر بها قرار من وزير العدل، وتترتب آثار الطلاق من تاريخ إيقاعه إلا إذا أخفاه الزوج عن الزوجة، فلا تترتب آثاره من حيث الميراث والحقوق المالية الأخرى إلا من تاريخ علمها به " يدل على أن آثار الطلاق تسرى فى حق الزوجة من تاريخ إيقاعه إلا إذا تعمد الزوج إخفاءه عنها فلا تترتب من حيث الميراث والحقوق المالية الأخرى إلا من تاريخ علمها به، أما العدة فتبدأ من تاريخ الطلاق سواء علمت به الزوجة أو لم تعلم لأنها تتعلق بحق الله تعالى لاتصالها بحقوق وحرمات أوجب الله رعايتها.
وإذ تقضى الشريعة الإسلامية بأنه إذا انقضى عقد زواج المرأة بعد الدخول بها بسبب طلاق أو بطلان أو فسخ أو وفاة زوجها، فإنه يجب أن تتربص المرأة مدة معينة تسمح بالتأكد من خلو رحمها من الحمل قبل عقد زواجها بآخر، والمدة التى تنتظرها المرأة لاستبراء رحمها تسمى بالعدة وقد شرعت منعًا لاختلاط الأنساب أو حدادًا على الزوج المتوفى، ولا تعرف شرائع المسيحيين العدة بهذا المعنى..... غير أنها تأثرت بالعرف الشرقى وبأحكام الشريعة الإسلامية مما جعلها تشترط مدة معينة تنتظرها المرأة بعد انقضاء زواجها الأول وقبل زواجها الجديد.
واستقر جمهور الفقه المصرى على أن مانع العدة من النظام العام بحيث يجب الأخذ به ولو كانت شريعة معينة لا تنظمه، وتعتبر أحكام الشريعة الإسلامية هى الواجبة التطبيق فى حالة خلو شريعة معينة من حكم العدة بما مؤداه سريان أحكامها بشأن العدة على طوائف الكاثوليك والبروتستانت الذين لم تنظم قواعدهم شيئًا عن العدة، وبالتالى يجب على المرأة أن تنتظر بعد انقضاء زواجها ولا تعقد زواجًا جديدًا حتى تضع حملها إن كانت حاملاً، فإن لم تكن حاملاً كان عليها أن تنتظر أربعة أشهر وعشرة أيام هجرية بعد وفاة زوجها إن أرادت الزواج من جديد، أو تنتظر ثلاثة قروء بعد الحكم نهائيًا بتطليقها أو ببطلان زواجها أو بفسخه، وذلك إذا انقضى عقد زواجها بأحد هذه الأسباب بعد الدخول بها. وكان المقرر - فى قضاء هذه المحكمة - أنه يشترط لصحة الإقرار أن يُفيد ثبوت الحق المقر به على سبيل الجزم واليقين فلو شابته مظنة أو اعتورته إثارة من شك فى بواعث صدوره فلا يؤاخذ به صاحبه، ولا يعتبر من قبيل الإقرار بمعناه.
وأن أسباب الحكم تعتبر مشوبة بفساد الاستدلال إذا انطوت على عيب يمس سلامة الاستنباط ويتحقق ذلك إذا استندت المحكمة فى اقتناعها إلى أدلة غير صالحة من الناحية الموضوعية للاقتناع بها أو إلى عدم فهم العناصر الواقعية التى تثبت لديها أو وقوع تناقض بين هذه العناصر كما فى حالة عدم اللزوم المنطقى للنتيجة التى انتهت إليها فى حكمها بناء على تلك العناصر التى ثبتت لديها. لما كان ذلك وكان البين من الأوراق أن الطاعن تمسك أمام محكمة الموضوع بالدفاع الوارد بسبب النعى إلا أن الحكم المطعون فيه رفض هذا الدفاع تأسيسًا على أن لائحة الأقباط الإنجيليين لا تعرف البطلان للزواج فى فترة العدة، واعتد بإقرار مطلقها فى المحضر الإدارى رقم 14821 لسنة 2002 مدينة نصر بأن الطلاق قد تم فى 27/ 2/ 2002 رغم أن هذا الإقرار مشوب بالمظنة والشك فى بواعث صدوره مما يجعله غير مؤاخذ به صاحبه ولا يعتبر من قبيل الإقرار بمعناه، ومن ثم لا يعدو أن يكون وسيلة دفاع فرضتها عليه الظروف ولا يدل على حقيقة وقوع الطلاق فى ذلك التاريخ، وإذ كان مانع العدة من النظام العام يجب الأخذ به ولو كانت شريعة الطرفين لا تنظمه، وكانت الشريعة الإسلامية هى الواجبة التطبيق فى هذه الحالة، فإن الحكم المطعون فيه يكون مشوبًا بمخالفة القانون والفساد فى الاستدلال بما يوجب نقضه دون حاجة لبحث باقى أسباب الطعن.
وحيث إن الموضوع صالح للفصل فيه، ولما تقدم وكان الحكم الابتدائى قد انتهى إلى قضاء صحيح، ومن ثم يتعين القضاء فى موضوع الاستئناف رقم...... لسنة 120 ق القاهرة برفضه وتأييد الحكم المستأنف.