إذ كان الحكم الصادر ببطلان البروتستو قد بني على أن هذا البروتستو كان عن مبالغ لم تكن مستحقة الأداء وقت توجيهه، فإنه لا تعارض بين هذه الحقيقة وبين ما استند إليه الحكم المطعون فيه للقضاء بشهر إفلاس الطاعن، من أنه توقف عن دفع ديونه في يوم رفع دعوى المطالبة بتاريخ لاحق على اليوم الذي حل فيه أجل الوفاء بالدين
وققرت محكمة النقض في حكمها
بعد الاطلاع على الأوراق وسماع التقرير الذي تلاه السيد المستشار المقرر والمرافعة وبعد المداولة.
حيث إن الطعن استوفى أوضاعه الشكلية.
وحيث إن الوقائع - على ما يبين من الحكم المطعون فيه وسائر الأوراق - تتحصل في أن المطعون ضده أقام الدعوى رقم 8/ 64 إفلاس كلي سوهاج ضد الطاعن طالباً الحكم بشهر إفلاسه تأسيساً على أنه يداينه في مبلغ 8615 ج و690 م بموجب حكم صدر في 15 من إبريل سنة 1950 في الدعوى رقم 145/ 1950 تجاري كلي سوهاج وتأيد في 7/ 1/ 1960 في الاستئناف رقم 380/ 32 ق أسيوط وأن هذا الدين نشأ عن عملية تجارية هي تعهد الطاعن له بتوريد أقطان وتوقف الطاعن عن دفعه وقت أن كان تاجراً. وبتاريخ 29/ 3/ 1965 قضت محكمة أول درجة برفض الدعوى تأسيساً على أن الطاعن كان قد اعتزل التجارة قبل توقفه عن دفع ذلك المبلغ وفي وقت لم يكن فيه الدين محقق الوجود. استأنف المطعون ضده هذا الحكم لدى محكمة استئناف أسيوط بالاستئناف رقم 408/ 40 ق، وبتاريخ 8/ 3/ 1966 قضت المحكمة بإلغاء الحكم المستأنف وبشهر إفلاس الطاعن. طعن الطاعن في هذا الحكم بطريق النقض وقدمت النيابة العامة مذكرة أبدت فيها الرأي برفض الطعن، وفي الجلسة المحددة لنظره تمسكت النيابة بهذا الرأي.
وحيث إن الطعن أقيم على سببين ينعى الطاعن بالسبب الأول منهما على الحكم المطعون فيه الخطأ في تطبيق القانون والتناقض في الأسباب ومخالفة الثابت في الأوراق، وفي بيان ذلك يقول إن الحكم قضى بشهر إفلاسه على أساس أن ذمته كانت مشغولة بمبلغ 3590 ج و800 م من المبلغ المحكوم به في الدعوى رقم 145/ 1950 تجاري كلي سوهاج واستئنافها رقم 980/ 32 ق أسيوط وذلك قبل اعتزال الطاعن التجارة قولاً من الحكم بأن محاسبة تمت بين الطاعن وبين المطعون ضده في 29/ 3/ 1950. حرر الطاعن على نفسه بناء عليها سنداً إذنياً في ذلك التاريخ يستحق السداد في 15/ 10/ 1950 وقبل أن يقيم عليه المطعون ضده دعوى المطالبة السابقة البيان، وأنه بذلك يكون الطاعن متوقفاً عن دفع ديونه من وقت رفع تلك الدعوى عليه في 30/ 11/ 1950. هذا في حين أن الثابت في الدعوى رقم 145/ 1950 تجاري كلي سوهاج المتقدمة الذكر وفي الدعوى المضمومة إليها رقم 565/ 1950 مدني كلي سوهاج والتي كان الطاعن قد أقامها على المطعون ضده بطلب براءة ذمته من المبلغ موضوع الدعوى الأولى وبشطب البروتستو الذي وجهه إليه المطعون ضده عن الدين موضوع المطالبة بها، الثابت أن المحكمة قضت بندب خبير لتصفية الحساب بين الطرفين بما مؤداه أن ذلك المبلغ كان مثار منازعة لم تنحسم إلا بصدور الحكم في الدعوى المذكورة، وإذ أغفل الحكم قيام هذه المنازعة وقضى بشهر إفلاس الطاعن، فإنه يكون قد أخطأ في تطبيق القانون. ويقول الطاعن إنه بينما ورد في أسباب الحكم أن الدين الذي قضى بشهر الإفلاس من أجله كان محقق الوجود قبل رفع الدعوى رقم 145/ 1950 تجاري كلي سوهاج السابقة البيان، إذ بالحكم يقرر في موضع آخر أن الطاعن كان متوقفاً عن دفع ديونه قبل اعتزاله التجارة ثم يعود فيذكر مرة أخرى أن الطاعن توقف عن دفع هذه الديون منذ أن طالبه المطعون ضده بها رسمياً في 30/ 11/ 1950 وهو مما يعيب الحكم بالتناقض. ويضيف الطاعن أنه على الرغم مما هو ثابت في الأوراق من أنه أقام دفاعه في الدعوى على أنه كان قد ورد للمطعون ضده قبل تحرير ورقة المحاسبة التي تمت بينهما في 29/ 3/ 1950 مقداراً من الأقطان يكفي للوفاء بما هو مستحق عليه للمطعون ضده واستدل على ذلك بالحكم الصادر في الدعوى رقم 145 سنة 1950 تجاري كلي سوهاج واستئنافها رقم 380/ 32 ق أسيوط فقد قرر الحكم المطعون فيه أن الطاعن أقام منازعة في المبلغ موضوع تلك الدعوى على أساس أن العمليات التجارية قد استمرت بينه وبين المطعون ضده بعد تحرير ورقة المحاسبة المشار إليها الأمر الذي يعيب الحكم بمخالفة الثابت في الأوراق.
وحيث إن هذا النعي بجميع أوجهه مردود، ذلك أنه لما كان لمحكمة الموضوع أن تستخلص من أية ورقة في الدعوى جدية المنازعة التي تثار بشأن الدين المطلوب الحكم بشهر إفلاس التاجر من أجله، وكان القانون لا يشترط للحكم بشهر الإفلاس تعدد الديون التي يتوقف التاجر عن الوفاء بها، وكان يبين من الاطلاع على الحكم المطعون فيه أنه لم يستند في قضائه بشهر إفلاس الطاعن إلى القضاء بمديونيته للمطعون ضده في الحكم الصادر في الدعوى 145/ 1950 تجاري كلي سوهاج، بل حصل مما ورد في مدونات ذلك الحكم وباعتباره ورقة في الدعوى. إنه بتاريخ 29/ 3/ 1950 تمت محاسبة بين طرفي الخصومة أسفرت عن مديونية الطاعن للمطعون ضده في مبلغ 3590 ج 800 م لم يورد ما يقابلها من أقطان تنفيذاً للعقد الذي التزم بموجبه بالتوريد، وأنه في ذات التاريخ وقع الطاعن على سند إذني بمديونيته للمطعون ضده بالمبلغ المتقدم الذكر، واتفق على استحقاق ذلك المبلغ في 15/ 10/ 1950، وخلص الحكم المطعون فيه من ذلك الذي حصله من الحكم السابق على النحو السالف بيانه إلى عدم جدية المنازعة التي أثارها الطاعن بشأن مديونيته بذلك المبلغ وإلى أنه توقف عن دفعه قبل الوقت الذي اعتزل فيه التجارة، إذ حدد تاريخ ذلك التوقف باليوم الذي أقام فيه المطعون ضده على الطاعن الدعوى رقم 145/ 1950 تجاري كلي سوهاج في 30/ 11/ 1950، وإذ رتب الحكم المطعون فيه على هذا الذي حصله من أوراق الدعوى وظروفها قضاءه بشهر إفلاس الطاعن واعتباره متوقفاً عن الدفع في يوم 30/ 11/ 1950 وهو تاريخ إعلانه بدعوى المطالبة بالدين والسابق على اعتزاله للتجارة، فإن النعي عليه بالخطأ في تطبيق القانون والتناقض يكون على غير أساس. ولا يجدي الطاعن بعد ذلك ما يثيره من أن الحكم قد نسب إليه، على خلاف الثابت في الأوراق أنه أقام منازعة في الدين موضوع الدعوى المشار إليه على أن العمليات التجارية استمرت بينه وبين المطعون ضده، طالما أن الحكم قد نفى جدية منازعة الطاعن في مديونيته بالمبلغ موضوع السند الإذني المقدم الذكر ومشغولية ذمته بقيمة ذلك السند في تاريخ تحرير ورقة المحاسبة، وذلك طبقاً لما أثبته الحكم الصادر في الدعوى رقم 145/ 1950 تجاري كلي سوهاج، وعلى النحو السالف بيانه، بما يكون معه النعي على الحكم بمخالفة الثابت في الأوراق على غير أساس.
وحيث إن الطاعن ينعى على الحكم بالسبب الثاني للطعن الخطأ في تطبيق القانون، ويقول في بيان ذلك إن الثابت أنه طلب في الدعوى رقم 595/ 1950 تجاري كلي سوهاج شطب البروتستو الذي وجهه إليه المطعون ضده عن المبلغ في الدعوى رقم 145/ 1950 تجاري كلي سوهاج، وأن المحكمة أجابته إلى هذا الطلب تأسيساً على أن ذلك المبلغ لم يكن مستحق الأداء وقت إعلانه بهذا البروتستو، وإذ صار هذا الحكم نهائياً وحاز قوة الأمر المقضي وقضى الحكم المطعون فيه رغم ذلك بشهر إفلاسه بناء على ما قرره ذلك الحكم من أنه مدين للمطعون ضده في دين محقق الوجود، فإنه يكون قد أخطأ في تطبيق القانون.
وحيث إن هذا النعي مردود، ذلك أنه لما كان يبين من مطالعة الحكم الصادر في الدعوى رقم 595/ 1950 مدني كلي سوهاج ببطلان البروتستو المعلن للطاعن في 9 من أغسطس سنة 1950 أنه بني على أن هذا البروتستو كان عن مبالغ لم تكن مستحقة الأداء وقت توجيهه، وكان لا تعارض بين هذه الحقيقة وبين ما استند إليه الحكم المطعون فيه للقضاء بشهر إفلاس الطاعن من أنه توقف عن دفع ديونه في يوم رفع دعوى المطالبة بتاريخ 30/ 11/ 1950 وهو بتاريخ لاحق على اليوم الذي حل فيه أجل الوفاء بالدين في 15/ 10/ 1950 فإن النعي على الحكم بالخطأ في تطبيق القانون في هذا الخصوص يكون على غير أساس.
وحيث إنه لما تقدم يتعين رفض الطعن.