إذ كان من المقرر أن المدعى هو المكلف قانونًا بإثبات دعواه وتقديم الأدلة التي تؤيد ما يدعيه، بما مؤداه أن يقع على عاتق المطعون ضده الأول عبء إثبات أن حرمانه من الإجازة - فيما يُجاوز من رصيدها ثلاثة أشهر - كان راجعًا إلى الطاعنة، وكان المطعون ضده الأول لم يُقدم ما يدل على أن الطاعنة هي التي تسببت في حرمانه من الإجازة فإن دعواه بالنسبة لهذا الشق تكون عارية من الدليل
وقررت محكمة النقض في حكمها
بعد الاطلاع على الأوراق وسماع التقرير الذي تلاه السيد المستشار المقرر والمرافعة وبعد المداولة.
حيث إن الوقائع - على ما يبين من الحكم المطعون فيه وسائر الأوراق - تتحصل في أن المطعون ضده الأول أقام الدعوى رقم ..... لسنة 1997 عمال طنطا الابتدائية على الطاعنة شركة ..... للكتان والزيوت - بطلب الحكم بإلزامها أن تؤدى له المقابل النقدي لرصيد إجازاته التي لم يستعملها ومكافأة نهاية الخدمة التي تُعادل راتب أربعة أشهر، وقال بيانًا لها أنه كان يشغل وظيفة رئيس مجلس الإدارة والعضو المنتدب للشركة الطاعنة وبتاريخ 29/ 9/ 1996 صدر قرار الجمعية العمومية للشركة القابضة التي تتبعها الطاعنة - بإنهاء خدمته وإذا امتنعت الطاعنة عن صرف المقابل النقدي لرصيد إجازاته التي لم يستعملها ومكافأة نهاية الخدمة المستحقة له، فقد أقام الدعوى بطلباته سالفة البيان، أدخلت الطاعنة المطعون ضدها الثانية خصمًا في الدعوى. دفعت الطاعنة بعدم قبول الدعوى لرفعها قبل الأوان وبسقوطها بالتقادم الحولي، ندبت المحكمة خبيرًا، وبعد أن قدم تقريره حكمت بتاريخ 29/ 8/ 2004 بعدم قبول إدخال المطعون ضدها الثانية وبإلزام الطاعنة أن تؤدى للمطعون ضده الأول مبلغ 10623.92 جنيه مقابل رصيد الإجازات ومكافأة نهاية الخدمة، استأنف المطعون ضده الأول هذا الحكم لدى محكمة استئناف طنطا بالاستئناف ..... لسنة 54 ق، كما استأنفته الطاعنة لدى ذات المحكمة بالاستئناف رقم ..... لسنة 54 ق وبعد أن أمرت المحكمة بضم الاستئناف الثاني إلى الأول قضت بتاريخ 20/ 12/ 2005 في الاستئناف الأول بتعديل الحكم المستأنف وإلزام الطاعنة أن تؤدى للمطعون ضده الأول مبلغ 58254.50 جنيه مقابل رصيد الإجازات بعد خصم الاستقطاعات القانونية وتأييده فيما عدا ذلك وفى الاستئناف الثاني برفضه، طعنت الطاعنة في هذا الحكم بطريق النقض وقدمت النيابة مذكرة أبدت فيها الرأي بنقضه، وإذ عُرض الطعن على المحكمة في غرفة مشورة حددت جلسة لنظره وفيها التزمت النيابة رأيها.
وحيث إن مبنى الدفع المُبدى من النيابة بعدم قبول الطعن بالنسبة للمطعون ضدها الثانية أن الحكم المستأنف قضى بعدم قبول إدخالها خصمًا في الدعوى وتأيد ذلك بالحكم المطعون فيه وبذلك لم تعد خصمًا في النزاع الذي فصل فيه الحكم المطعون فيه.
وحيث إن هذا الدفع في محله، ذلك أنه - وعلى ما جرى به قضاء هذه المحكمة - لا يكفى فيمن يختصم في الطعن أن يكون قد سبق اختصامه في الدعوى التي صدر فيها الحكم المطعون فيه بل يجب أن تكون له مصلحة في الدفاع عن الحكم حين صدوره. لما كان ذلك، وكان الحكم المطعون فيه قد أيد الحكم الابتدائي فيما قضى به من عدم قبول إدخال المطعون ضدها الثانية خصمًا في الدعوى، ولم يحكم عليها بشيء وكانت الطاعنة لم تؤسس طعنها على أسباب تتعلق بها، فإن اختصامها يكون غير مقبول.
وحيث إن الطعن بالنسبة للمطعون ضده الأول استوفى أوضاعه الشكلية.
وحيث إن مما تنعاه الطاعنة على الحكم المطعون فيه الخطأ في تطبيق القانون وفى بيان ذلك تقول إن خدمة المطعون ضده الأول انتهت في 6/ 9/ 1992 بالقرار الصادر بتعيينه رئيسًا لمجلس الإدارة والعضو المنتدب للشركة الطاعنة وأصبح من هذا التاريخ وكيلاً عن الشركة القابضة في إدارة الشركة الطاعنة، ولم يرفع دعواه إلا بعد انقضاء أكثر من سنة من تاريخ انتهاء خدمته المشار إليه بما لازمه القضاء بسقوط الحق في إقامة الدعوى بالتقادم الحولي المنصوص عليه بالمادة 698 من القانون المدني هذا إلى أن الحكم قد قضى بأحقية المطعون ضده الأول في مقابل رصيد الإجازات بكامله بالمخالفة للائحة الشركة التي تقصره على ثلاثة أشهر فقط، كما أنه لم يثبت خطأ الطاعنة في عدم منحه إجازاته لأنه لم يتقدم بطلب بها ورفضته، وإذ خالف الحكم المطعون فيه هذا النظر فإنه يكون معيبًا بما يستوجب نقضه.
وحيث إن هذا النعي في محله، ذلك أنه لما كان سقوط الدعاوى الناشئة عن عقد العمل بالتقادم بانقضاء سنة تبدأ من تاريخ انتهاء العقد عملاً بأحكام المادة 698 من القانون المدني إنما راعى الشارع فيه استقرار الأوضاع الناشئة عن عقد العمل والمواثبة إلى تصفية المراكز القانونية لكلٍ من رب العمل والعامل على حد سواء، ولما كان مفاد نصوص المواد 21، 22، 34 من قانون شركات قطاع الأعمال العام الصادر بالقانون رقم 203 لسنة 1991 أن يُشكل مجلس إدارة الشركة التابعة من رئيس غير متفرغ تُعينه الجمعية العامة للشركة بناء على ترشيح مجلس إدارة الشركة القابضة الذي - لا يُعتبر أعضاؤه من العاملين بالشركة إعمالاً لحكم المادة الثالثة من القانون المذكور - وأعضاء غير متفرغين يُعينهم مجلس إدارة الشركة القابضة ويُمثلون الجهات المساهمة في الشركة، ويُشترط في الرئيس والأعضاء أن يكونوا من ذوى الخبرة، وكذلك عدد مماثل للأعضاء المعينين ينتخبون من العاملين بالشركة، فإذا ساهم في رأس مال الشركة أشخاص من القطاع الخاص يُضاف إلى مجلس الإدارة أعضاء غير متفرغين يُمثلون هذه الجهات، ولمجلس إدارة الشركة القابضة في الحالتين أن يختار من بين الأعضاء المعينين عضوًا منتدبًا أو أكثر يتفرغ للإدارة ويجوز أن يعهد المجلس إلى رئيس مجلس إدارة الشركة التابعة بأعمال العضو المنتدب، ويحدد ما يتقاضاه العضو المنتدب في أى من الحالتين من راتب مقطوع، كما يتم تحديد ما يتقاضاه أعضاء مجلس الإدارة بما فيهم العضو المنتدب لقاء مهامهم في الإدارة من مكافأة عضوية وبدل حضور جلسات ومكافأة سنوية تُمثل حصة من الأرباح لا تزيد عن 5٪ من الربح القابل للتوزيع بعد تخصيص ربح لا يقل عن 5٪ من رأس المال للمساهمين والعاملين كحصة أولى، ولازم ذلك عدم سريان أحكام نظم العاملين بالشركات التابعة عليهم، ذلك أن الهدف من إصدار قانون شركات قطاع الأعمال العام - وعلى ما أفصحت عنه المذكرة الإيضاحية له - أن تتوافر لهذه الشركات إدارة لا تختلف في نوعيتها وشكلها عن الإدارة المستخدمة في المشروعات الخاصة سعيًا إلى أن تكون العلاقة بين المالك والإدارة شبيهة بالعلاقة التعاقدية التي يوكل فيها المالك للإدارة مهمة إدارة الاستثمار ويمنحها في ذلك صلاحيات وحريات كاملة دون أن يفقده حقه في الرقابة والمحافظة على ماله، وبالتالي فإن علاقة رئيس وأعضاء مجلس إدارة الشركة التابعة المعينين تقوم في جوهرها على الوكالة وتمثيل مجموع المساهمين في هذه الشركات سواء كانت جهات حكومية أم مساهمين عاديين، فهم وكلاء عن المساهمين، وترتيبًا على ما تقدم إذا تم تعيين عامل في شركة تابعة رئيسًا لمجلس إدارتها أو عضوًا فيه اكتسب صفة الوكيل عن المساهمين وانحسرت عنه صفته كعامل وانتهت خدمته فيها بهذه الصفة. لما كان ذلك، وكان الثابت في الأوراق أن المطعون ضده الأول كان من عِداد العاملين في الشركة الطاعنة إلى أن صدر قرار الشركة القابضة للصناعات الكيماوية رقم ..... في 17/ 9/ 1992 بتعيينه رئيسًا لمجلس إدارة الطاعنة وعضوًا منتدبًا بها، ومن ثم فقد زالت صفته كعامل بها، وانتهت خدمته من هذا التاريخ، وإذ أقام دعواه في 20/ 9/ 1997 بعد مضى أكثر من سنة من تاريخ انتهاء خدمته كعامل فإن حقه في مكافأة نهاية الخدمة يكون قد سقط بالتقادم الحولي، أما بالنسبة لمقابل رصيد الإجازات فلما كانت لائحة نظام العاملين بالشركة الصادرة نفاذًا لحكم المادة 42 من قانون شركات قطاع الأعمال لم تكن قد صدرت بعد في تاريخ انتهاء خدمة سالف الإشارة إليه وإعمالاً لحكم الفقرة الثانية من المادة الرابعة من القانون سالف الذكر يظل المطعون ضده الأول مُعاملاً بأحكام نظام العاملين بالقطاع العام الصادر بالقانون رقم 48 لسنة 1978 وإذ سكت ذلك القانون الأخير عن تنظيم حالة انتهاء خدمة العامل دون استنفاده رصيد إجازاته والمقابل النقدي عنها فإنه يتعين الرجوع إلى أحكام قانون العمل، ولما كانت المحكمة الدستورية قد قضت في القضية رقم 47 لسنة 18 ق بجلسة 17/ 5/ 1997 بعدم دستورية الفقرة الثالثة من المادة 45 من قانون العمل الصادر بالقانون رقم 137 لسنة 1981 المنطبق على واقعة النزاع فإن مؤدى ذلك - وعلى ما استقر عليه قضاء هذه المحكمة - انفتاح باب المطالبة بالمقابل النقدي لرصيد الإجازات فيما جاوز ثلاثة أشهر من اليوم التالي لنشر الحكم في الجريدة الرسمية في 29/ 5/ 1997 وعلى ذلك يبدأ سريان التقادم الحولي من ذلك التاريخ لمن انتهت خدمته قبل صدور الحكم ويقتصر ذلك على المطالبة بالمقابل النقدي فيما زاد عن ثلاثة أشهر، أما بالنسبة للمقابل عن الثلاثة أشهر فلم يكن هناك ما يحول بين العامل والمطالبة بها ومن ثم يبدأ سريان التقادم الحولي بالنسبة لها من تاريخ انتهاء خدمته، لما كان ما تقدم وكان البين من تقارير الخبراء أن للمطعون ضده الأول رصيد إجازات لم يستعملها حتى انتهاء خدمته بلغ 658 يومًا، وأنه لم يرفع الدعوى إلا بعد أكثر من سنة من تاريخ انتهاء خدمته على ما سلف بيانه ومن ثم يكون حقه في مقابل رصيد الإجازات عن ثلاثة أشهر قد سقط بالتقادم الحولي، وإذ خالف الحكم المطعون فيه هذا النظر وقضى برفض الدفع المُبدى من الطاعنة بسقوط الحق في رفع الدعوى بالتقادم الحولي بمقولة أن خدمة المطعون ضده الأول انتهت في 29/ 9/ 1996 - تاريخ عزله من مجلس الإدارة - فإنه يكون قد أخطأ في تطبيق القانون بما يوجب نقضه بالنسبة لهذا الشق وبالنسبة لمكافأة نهاية الخدمة، أما بالنسبة لِما زاد عن ثلاثة أشهر فإنه لما كان مفاد نص المادة 45 من قانون العمل وحكم المحكمة الدستورية العليا الصادر في شأنها والسالف الإشارة إليهما أن أحقية المطعون ضده الأول فيها مرهون بأن يكون حرمانه من استعمالها راجعًا إلى الطاعنة، وإذ خالف الحكم المطعون فيه هذا النظر وقضى بأحقيته فيها استنادًا إلى المادة 179 من القانون المدني بمقولة أن أداء المطعون ضده الأول للعمل خلال فترة إجازاته يؤدى إلى إثراء الطاعنة بقدر ما تجنيه من عائد ناتج عن هذا العمل وهو ما لا يُفيد أن عدم استعماله للإجازات حتى تاريخ انتهاء خدمته كان لسبب يرجع إلى الطاعنة فإنه يكون قد أخطأ في تطبيق القانون بما يوجب نقضه بالنسبة لهذا الشق أيضًا دون حاجة لبحث باقي أوجه الطعن.
وحيث إن الموضوع صالح للفصل فيه، ولما كان من المقرر أن المدعى هو المكلف قانونًا بإثبات دعواه وتقديم الأدلة التي تؤيد ما يدعيه، بما مؤداه أن يقع على عاتق المطعون ضده الأول عبء إثبات أن حرمانه من الإجازة - فيما يُجاوز من رصيدها ثلاثة أشهر - كان راجعًا إلى الطاعنة، وكان المطعون ضده الأول لم يُقدم ما يدل على أن الطاعنة هي التي تسببت في حرمانه من الإجازة فإن دعواه بالنسبة لهذا الشق تكون عارية من الدليل مما يتعين معه القضاء بإلغاء الحكم المستأنف وسقوط الحق في إقامة الدعوى بالتقادم الحولي بالنسبة لطلبي مكافأة نهاية الخدمة ومقابل رصيد الإجازات عن ثلاثة أشهر ورفضها بالنسبة لمقابل رصيد الإجازات فيما جاوز هذا القدر.