بعد الاطلاع على الأوراق وسماع التقرير الذي تلاه السيد القاضي المقرر والمرافعة وبعد المداولة.
حيث إن الطعن استوفى أوضاعه الشكلية.
وحيث إن الوقائع - على ما يبين من الحكم المطعون فيه وسائر الأوراق - تتحصل في أن المطعون ضده أقام على الطاعن الدعوى رقم .... لسنة 1993 إيجارات طنطا الابتدائية بطلب الحكم بفسخ عقد الإيجار المؤرخ 1/3/1990 مع التسليم وسداد القيمة الإيجارية المتأخرة حتى صدور الحكم، وقال بياناً لها إنه بموجب عقد الإيجار سالف الذكر استأجر الطاعن – المحل - المبين بالصحيفة لقاء أجرة شهرية مقدارها 80 جنيه، وقد امتنع عن سدادها عن الفترة من 1/8/1993 حتى 1/10/1993 بإجمالي مبلغ 160 جنيه رغم تكليفه بالوفاء فأقام الدعوى، حكمت المحكمة بالطلبات. استأنف الطاعن هذا الحكم بالاستئناف رقم ..... لسنة 45 قضائية لدى محكمة استئناف طنطا، وبتاريخ 29/1/1995 قضت المحكمة بتأييد الحكم المستأنف. طعن الطاعن في هذا الحكم بطريق النقض، وأودعت النيابة مذكرة أبدت فيه الرأي بنقض الحكم المطعون فيه، وإذ عرض الطعن على المحكمة في غرفة مشورة حددت جلسة لنظره، وفيها التزمت النيابة رأيها.
وحيث إنه مما ينعاه الطاعن على الحكم المطعون فيه الخطأ في تطبيق القانون، وفي بيان ذلك يقول إنه تمسك في دفاعه أمام محكمة الاستئناف ببراءة ذمته من دين الأجرة المطالب بها وقدم تدليلاً على ذلك إيصال سداد أجرة العين محل النزاع عن شهر أغسطس عام 1994 والمؤرخ 1/8/1994 مما مؤداه سداد الأجرة عن المدة السابقة عليه بما فيها الأجرة عن الفترة المطالب بها وهي عن المدة من 1/8/1993 حتى 1/10/1993 وذلك إعمالاً للقرينة المستمدة من المادة 587 من القانون المدني إلا إن الحكم المطعون فيه أطرح هذا الدفاع وقضى بعدم قبول الطعن بالتزوير - المبدى من جانب المطعون ضده على الإيصال المقدم منه سالف الذكر – بزعم أنه غير منتج لكونه غير داخل ضمن الفترة المطالب بها في حين أنه لو ثبت صحة هذا الإيصال لكان قرينة على سداد الأجرة المطالب بها والسابقة عليه ويترتب عليه بطلان التكليف بالوفاء، مما يعيبه ويستوجب نقضه.
وحيث إن هذا النعي في محله، ذلك أن المقرر – في قضاء هذه المحكمة – أن المشرع اعتبر تكليف المستأجر بالوفاء شرطاً أساسياً لقبول دعوى الإخلاء – بسبب التأخير في سداد الأجرة – فإذا ما خلت منه الدعوى تكون غير مقبولة، وكانت المادة 587 من القانون المدني تعطي المستأجر قرينة قانونية بسيطة يجوز إثبات عكسها على أن قيامه بسداد الأجرة عن مدة معينة كان قرينة على الوفاء بما سبقها. لما كان ذلك، وكان الطاعن قد تمسك أمام محكمة الاستئناف بالدلالة المستمدة من إيصال سداد أجرة العين محل النزاع عن شهر أغسطس 1994 بأنه قرينة على سداده للأجرة عن المدة السابقة عليه والتي تدخل ضمن المدة التي شملها التكليف بالوفاء حتى يثبت العكس إلا الحكم المطعون فيه التفت عن هذا الدفع وما استدل به عليه، ولم يقسطه حقه في البحث والتمحيص، بل انتهى إلى أن طعن المطعون ضده على هذا الإيصال بالتزوير غير منتج لأنه عن مدة لاحقة على المدة الواردة بالتكليف بالوفاء رغم أن هذا الدفاع من شأنه - لو صح – أن يتغير به وجه الرأي في الدعوى لما له من أثر على صحة التكليف بالوفاء، وهو شرط أساسي لقبول دعوى الإخلاء للتأخير أو الامتناع عن سداد الأجرة، بما يعيبه ويوجب نقضه لهذا الوجه دون حاجة لبحث باقي أوجه الطعن.