الصفـحة الرئيـسية دليل إستخدام البوابة باحث التشريعات باحث النقض باحث الدستورية باحث الإدارية العليا نحن

انضم الى قناة مرافعاتنا


إيقافتشغيل / السرعة الطبيعيةللأعلىللأسفلزيادة السرعة تقليل السرعة

المادة 916 من القانون المدني تنص في فقرتها الثالثة على أن "إذا أثبت الورثة أن التصرف صدر من مورثهم في مرض الموت، اعتبر التصرف صادراًَ على سبيل التبرع، ما لم يثبت من صدر له التصرف عكس ذلك" فإن مؤدى ذلك أنه إذا ثبت صدور التصرف في مرض الموت، فإن البيع يكون هبة مستترة، ولا يُؤْبَه بالثمن المكتوب في العقد، وإنما يكلف المشتري بإثبات أنه دفع ثمناً في المبيع ومقدار هذا الثمن الذي دفعه قبل التقرير بمدى سريان البيع في حق الورثة إعمالاً لحكم المادة 477 من القانون المشار إليه.

وقررت محكمة النقض في حكمها 

بعد الاطلاع على الأوراق وسماع التقرير الذي تلاه السيد المستشار المقرر والمرافعة وبعد المداولة.
حيث إن الطعن استوفى أوضاعه الشكلية.
وحيث إن الوقائع - على ما يبين من الحكم المطعون فيه وسائر الأوراق - تتحصل في أن الطاعنين أقاموا الدعوى.... لسنة.... مدني طنطا الابتدائية (مأمورية المحلة الكبرى) على المطعون ضدهم بطلب الحكم ببطلان عقد البيع الابتدائي المؤرخ 29/ 4/ 1983 واعتباره كأن لم يكن مع ما يترتب على ذلك من آثار، وبإلغاء التوكيل العام رقم.... لسنة..... توثيق سمنود، وبتثبيت ملكيتهم للمنزل المبين بصحيفة دعواهم، وتسليمه إليهم خالياً. وقالوا بياناً لدعواهم إن والدهم المرحوم........ كان يمتلك قطعة أرض مساحتها 154 م2 أقام عليها منزلاً من طابقين، وبعد وفاته، فوجئوا بأن المطعون ضدها الأولى باعت المنزل إلى مورث باقي المطعون ضدهم بعقد مؤرخ 29/ 4/ 1983 وذلك بالتوكيل العام رقم..... لسنة..... سمنود الصادر لها من مورثهم. وإذ كان هذا البيع باطلاً لصدوره في مرض موت الأخير، وممن لا تملك البيع، ولعدم قبض ثمن مقابل المبيع، فقد أقاموا الدعوى للحكم لهم بما سلف ذكره من الطلبات. ومحكمة أول درجة حكمت بعدم قبول الدعوى. استأنف الطاعنون الحكم بالاستئناف رقم..... لسنة...... ق طنطا. وبتاريخ 7/ 4/ 1993 قضت المحكمة بتأييد الحكم المستأنف. طعن الطاعنون في هذا الحكم بطريق النقض، وقدمت النيابة مذكرة أبدت فيها الرأي برفض الطعن، وإذ عرض الطعن على المحكمة في غرفة مشورة حددت جلسة لنظره وفيها التزمت النيابة رأيها.
وحيث إن مما ينعى به الطاعنون على الحكم المطعون فيه، مخالفة القانون، والخطأ في تطبيقه، والقصور في التسبيب، وفي بيان ذلك يقولون إنهم تمسكوا أمام محكمة الموضوع بأن مورثهم كان في مرض الموت عند إبرام عقد البيع موضوع النزاع، وأيدوا دفاعهم بشاهدتين رسميتين صادرتين من المجلس الطبي بمديرية الشئون الصحية بالغربية جاء بهما أنه كان مريضاً بشلل اهتزازي، وبتصلب في الشرايين، وبذهول، وبتوهان، وبرعشة بالأطراف منذ 2/ 4/ 1983. وإذ لم يعن الحكم باستظهار دلالة هذين المستندين، وأقام قضائه على اطمئنانه إلى أقوال شهود المطعون ضدها الأولى، ومورث باقي المطعون ضدهم من أن مورث الطاعنين كان بصحة جيدة وقت إبرام عقد البيع، وأنه وقع عليه بنفسه، في حين أن واحداً من هؤلاء الشهود قرر أنه لا يعلم شيئاً عن العقد، بينما شهد الثاني بأن المورث كان ملازماً الفراش لمرضه، وأن الحاضرين أدخلوا إليه العقد، للتوقيع عليه، وشهد الثالث بأن المورث كان حاضراً مجلس العقد، ووقع عليه بنفسه، وهي أقوال متضاربة لا تصلح لإقامة الحكم عليها، فإنه يكون معيباً بما يستوجب نقضه، ولا يصححه ما استطرد إليه من أن البيع تم بثمن المثل لأنهم - الطاعنون - تمسكوا في جميع مراحل التقاضي - بأنه صدر في مرض الموت، وعلى سبيل التبرع.
وحيث إن هذا النعي في محله، ذلك أن البين من الحكم المطعون فيه قضائه على دعامتين: أولاهما هي اطمئنان المحكمة إلى ما شهد به شهود المطعون ضدهم من أن مورث الطاعنين كان في صحة جيدة لدى توقيعه على العقد المدعى صدوره في مرض الموت، وثانيهما هي أنه بافتراض صدور العقد في مرض الموت فقد جاء في العقد أن ثمن المبيع خمسة عشر ألف جنيه وهو ثمن المثل دون منازعة من الطاعنين، ومن ثم يسري العقد في حقهم إعمالاً لحكم المادة 477/ 1 من القانون المدني.
وحيث إن النص في المادة الحادية عشرة من قانون الإثبات على أن "المحررات الرسمية حجة على الناس كافة بما دون فيها من أمور قام بها محررها في حدود مهمته، أو وقعت من ذوي الشأن في حضوره، ما لم يتبين تزويرها بالطرق المقررة قانوناً" - مؤداه أنه لا يجوز إهدار حجية المحرر الرسمي - في الحالتين المشار إليهما في النص - إلا عن طريق الطعن عليه بالتزوير، ومن ثم لا يصح إطراحه وتحري ثبوت الدعوى من غيره. لما كان ذلك وكان الثابت في الأوراق - وحصله الحكم الابتدائي المؤيد بالحكم المطعون فيه - أن الطاعنين في معرض التدليل على صدور عقد البيع موضوع النزاع من مورثهم في مرض موته - قدموا شهادتين رسميتين تفيدان أن المجلس الطبي بمدينة المحلة الكبرى قرر أن توقيع الكشف الطبي على مورث المذكور في 4/ 4/ 1983، 15/ 6/ 1983 أسفر عن أنه مصاب "بتوهان، وذهول، ورعشة بالأطراف، وتصلب في شرايين المخ، وشلل اهتزازي" وأن الحكم التفت عن التحدث عما قد يكون لهاتين الشهادتين من دلالة على صدور عقد البيع المؤرخ 29/ 4/ 1983 في مرض موت المورث، فإن الدعامة الأولى التي أقام عليها قضاءه تكون قد انهارت، ويكون الحكم - في هذا الخصوص - مشوباً بقصور يبطله، ويوجب نقضه.
وحيث إن المادة 916 من القانون المدني تنص في فقرتها الثالثة، على أن "إذا أثبت الورثة أن التصرف صدر من مورثهم في مرض الموت، اعتبر التصرف صادراًَ على سبيل التبرع، ما لم يُثبت من صدر له التصرف عكس ذلك" فإن مؤدى ذلك أنه إذا ثبت صدور التصرف في مرض الموت، فإن البيع يكون هبة مستترة، ولا يؤبه بالثمن المكتوب في العقد، وإنما يكلف المشتري بإثبات أنه دفع ثمناً في المبيع ومقدار هذا الثمن الذي دفعه قبل التقرير بمدى سريان البيع في حق الورثة إعمالاً لحكم المادة 477 من القانون المشار إليه. لما كان ذلك، وكان الحكم المطعون فيه قد اكتفى - في دعامته الثانية - بمجرد القول بأن "البين من الاطلاع على عقد البيع محل النزاع أنه تم منجزاً بين طرفيه بثمن قدره خمسة عشر ألف جنيه بدون طعن من المستأنفين على هذا العقد وأركانه، فإنه يكون نافذاً في حقهم كورثة دون حاجة إلى إقرارهم أو إجازتهم" فإن الحكم - فضلاً عن مخالفته القانون، وخطئه في تطبيقه، يكون مشوباً بقصور يبطله، ويوجب نقضه دون حاجة لبحث باقي أوجه الطعن.