وإذ اكتفى الحكم المطعون فيه ردًا على هذا الدفاع بالقول بأن الصورية بين المتعاقدين لا تثبت بغير الكتابة، وكان هذا الذي قرره الحكم لا يواجه دفاع الطاعنة ولا يصلح ردًا عليه ذلك أن قيام المانع الأدبي - إذا توافرت شروطه - لدى العاقد الذي يطعن بالصورية يجيز له إثبات هذه الصورية بالبينة والقرائن إعمالاً لنص المادة 62 من قانون الإثبات، وكانت محكمة الاستئناف قد حجبت نفسها بهذا النظر الخاطئ عن إعمال سلطتها في تقدير الظروف التي ساقتها الطاعنة لتبرير قيام المانع الأدبي الذي تمسكت به وعن الإدلاء برأيها فيما إذا كانت هذه الظروف وما استدلت به من قرائن وما قدمته من مستندات تأييدًا لدفاعها تعتبر مانعة لها من الحصول على الدليل الكتابي اللازمة لإثبات الصورية التي ادعتها أو غير مانعة فإن حكمها المطعون فيه يكون معيبًا بالقصور في التسبيب والخطأ في تطبيق القانون.
وقررت محكمة النقض في حكمها
بعد الاطلاع على الأوراق وسماع التقرير الذي تلاه السيد القاضي والمرافعة، وبعد المداولة. حيث إن الطعن استوفى أوضاعه الشكلية. وحيث إن الوقائع - على ما يبين من الحكم المطعون فيه وسائر الأوراق - تتحصل في أن المطعون ضده الأول أقام الدعوى رقم ....... لسنة 2010 مدني جنوب القاهرة الابتدائية على الطاعنة، بطلب الحكم بصحة ونفاذ العقد المؤرخ .../../ 2009 المتضمن بيع الطاعنة له الشقة المبينة بالأوراق مقابل ثمن مقداره 1752000 جنيهًا، كما أقامت الطاعنة دعوى فرعية بطلب الحكم ببطلان عقد البيع سالف البيان تأسيسًا على صوريته صورية مطلقة، ومحكمة أول درجة حكمت بعدم قبول الدعوى الأصلية وبرفض الدعوى الفرعية، استأنف الطرفان هذا الحكم بالاستئنافات أرقام...، ....، ..... لسنة 128 ق أمام محكمة استئناف القاهرة وبعد أن ضمت المحكمة الاستئنافات الثلاث قضت بتاريخ ../ ../ 2013 بصحة ونفاذ عقد البيع المؤرخ ../ ../ 2009 وبتأييد الحكم المستأنف فيما عدا ذلك. طعنت الطاعنة في هذا الحكم بطريق النقض، وقدمت النيابة مذكرة أبدت فيه الرأي برفض الطعن، وإذ عرض الطعن على المحكمة في غرفة مشورة فحددت جلسة لنظره وفيها التزمت النيابة رأيها. وحيث إن مما تنعاه الطاعنة على الحكم المطعون فيه القصور في التسبيب ومخالفة القانون ذلك بأنها تمسكت أمام محكمة الموضوع بصورية عقد البيع المؤرخ ../ ../ 2009 صورية مطلقة وبأنها لم تقبض الثمن المسمى فيه، وطلبت إحالة الدعوى إلى التحقيق لإثبات هذه الصورية بكافة طرق الإثبات القانونية لوجود مانع أدبي حال دون الحصول على ورقة ضد من ابنها المتصرف إليه هو رابطة الأمومة، وإنها قصدت من هذا العقد تسهيل حصوله على قرض بنكي، واستدلت على ذلك بما ساقته من قرائن وما قدمته من مستندات تأييدًا لدفاعها إلا أن الحكم أطرح هذا الدفاع استنادًا إلى أن الصورية بين المتعاقدين لا تثبت بغير الكتابة وهو ما لا يصلح ردًا على دفاعها المتقدم مما يعيبه ويستوجب نقضه. وحيث إن هذا النعي في محله، ذلك بأنه لما كان مؤدى نص المادة 63من قانون الإثبات إنه يجوز الإثبات بالبينة فيما كان يجب إثباته بالكتابة إذا وجد مانع أدبي يحول دون الحصول على دليل كتابي, والبينية لا تكمل التدليل الكتابي بل تحل محله فيجوز أن تنقص الثابت بالكتابة أو تضيف إليه, وكانت الموانع الأدبية ترجع على وجه الإفراد إلى الظروف الخاصة التي انعقد فيها التصرف والعلاقة بين طرفيه, فأن صلة القرابة ولئن كانت لا تعد بذاتها مانعًا أدبيًا من الحصول على دليل كتابي وموكول تقديرها لقاضي الموضوع وفقًا لظروف كل حالة وملابساتها، إلا أنه متى تمسك الخصم بوجود مانع أدبي هو صلة القرابة الوثيقة كرابطة الأبوة أو الأمومة حالت دون الحصول على دليل كتابي فإنه يعد دفاعًا جوهريًا يتعين على محكمة الموضوع أن تبحثه وتقول كلمتها فيه وإلا كان حكمها قاصرًا. لما كان ذلك، وكانت الطاعنة قد تمسكت في دفاعها أمام محكمة الموضوع بصورية عقد البيع المؤرخ ../ ../ 2009 صورية مطلقة وطلبت إحالة الدعوى إلى التحقيق لإثبات هذه الصورية بكافة طرق الإثبات القانونية وبوجود مانع أدبي حال دون حصولها على دليل كتابي من المطعون ضده الأول - المتصرف إليه - هو رابطة الأمومة، ودللت على ذلك بتفاهة وبخس الثمن المسمى في ذلك العقد وبأنها لم تقبض هذا الثمن وقدمت تأييدًا لدفاعها صورة رسمية من العقد المشهر رقم .... لسنة 2009 المتضمن بيع المطعون ضده الأول لشقة في عقار النزاع بتاريخ ../ ../2007 بمبلغ مقداره 8176000 جنيهًا وقال أنه لا يتصور أن تبيع شقة مماثلة بالعقار ذاته بعد سنتين من تاريخ هذا العقد بثمن مقداره 1752000 جنيهًا أي بأقل من الربيع، كما قدمت خطاب من البنك...... يتضمن تحويل مبلغ تزيد عن مليون جنه من حساب مشترك للطاعنة وابنها - المطعون ضده الأول - إلى حساب آخر باسم الأخير وحده، للتدليل على إنها لم تقبض شيئًا من الثمن الوارد بالعقد ولم يصدر منها أن تعامل على هذا الحساب المشترك، وإذ اكتفى الحكم المطعون فيه ردًا على هذا الدفاع بالقول بأن الصورية بين المتعاقدين لا تثبت بغير الكتابة، وكان هذا الذي قرره الحكم لا يواجه دفاع الطاعنة ولا يصلح ردًا عليه ذلك أن قيام المانع الأدبي - إذا توافرت شروطه - لدى العاقد الذي يطعن بالصورية يجيز له إثبات هذه الصورية بالبينة والقرائن إعمالاً لنص المادة 62 من قانون الإثبات، وكانت محكمة الاستئناف قد حجبت نفسها بهذا النظر الخاطئ عن إعمال سلطتها في تقدير الظروف التي ساقتها الطاعنة لتبرير قيام المانع الأدبي الذي تمسكت به وعن الإدلاء برأيها فيما إذا كانت هذه الظروف وما استدلت به من قرائن وما قدمته من مستندات تأييدًا لدفاعها تعتبر مانعة لها من الحصول على الدليل الكتابي اللازمة لإثبات الصورية التي ادعتها أو غير مانعة فإن حكمها المطعون فيه يكون معيبًا بالقصور في التسبيب والخطأ في تطبيق القانون.
|
|