نصت المادة 52 من قانون المحاماة على عدم جواز الجمع بين المحاماة وبين الاشتغال بالتجارة ومن ثم فإن كل ما يترتب على هذا الحظر هو توقيع الجزاءات التأديبية التي نصت عليها المادة 142 مما مفاده أن المشرع لم يحرم على المحامي الاشتغال بالتجارة لعدم مشروعية محل الالتزام بل نص على هذا الحظر لاعتبارات قدرها تتعلق بمهمة المحاماة ومن ثم فإن الأعمال التي يقوم بها المحامي تعتبر صحيحة ويجوز للمطعون عليه وهو محام المطالبة بالأجر الذي يستحقه عن عمل السمسرة متى قام بها على الوجه الذي يتطلبه القانون.
وقررت محكمة النقض في حكمها
بعد الاطلاع على الأوراق وسماع التقرير الذي تلاه السيد المستشار المقرر والمرافعة وبعد المداولة.
حيث إن الطعن استوفى أوضاعه الشكلية.
وحيث إن الوقائع - على ما يبين من الحكم المطعون فيه وسائر الأوراق - تتحصل في أن - المطعون عليه قدم طلباً لنقابة المحامين بالدقهلية لإصدار قرار بإلزام الطاعن بصفته بأن يدفع مبلغ 5000 جنيه. وقال بياناً لطلبه أن الطاعن بصفته مصفياً لتركة المرحوم....... كلفه بكل ما يتصل بأعمال هذه التركة من قضايا وغيرها وأصدر له توكيلاً رسمياً عاماً ثم كلفه في شهر يناير سنة 1976 بأن يقوم بالتحضير لإجراء مزاد علني لبيع بعض الأراضي الفضاء بدائرة بندر المنصورة فقام بالنشر عنها في جريدتين وذكر فيهما أن الاستعلام عن شروط البيع وكافة المعلومات من مكتبه وتحدد لإجراء المزاد يوما 4، 5/ 3/ 1975، وكان خلال تلك الفترة يرد على الاستفسارات ليلاً ونهاراً، كما كان ينتقل مع بعض الراغبين في المزاد للمعاينة، ثم قام بإجراء المزاد كاملاً وبتحرير عقدين لكل قطعة أرض ونجح المزاد نتيجة لجهوده واتصالاته الشخصية وبلغ ثمن القطع المبيعة 98093 جنيهاً وانتهى إلى القول بأنه لما كان الطاعن بصفته لم يؤد له الأتعاب التي يستحقها عن تلك الأعمال فقد قدم طلبه لإصدار قرار بطلباته وأثناء نظر الطلب أمام النقابة عدل - المطعون عليه طلباته إلى إلزام الطاعن بصفته بأن يؤدي له مبلغ 5565 جنيهاً يخصم منها مبلغ 300 جنيه سبق أن دفعه له الطاعن فيكون الباقي 5265 جنيهاً واستند في طلب الزيادة إلى قيامه بمباشرة عدد من القضايا وتحرير إنذارات رسمية وخطابات مسجلة وأنه يقدر أتعابه عن ذلك بمبلغ 565 جنيهاً وقدم الطاعن لمجلس النقابة طلباً فرعياً لتقدير أتعاب المطعون عليه عن أعماله بمبلغ 100 جنيه ورفض ما عدا ذلك من الطلبات مع إلزامه بأن يرد له كافة المستندات المتعلقة بالتركة والقضايا وبتاريخ 22/ 11/ 1975 قرر مجلس نقابة المحامين بالدقهلية إلزام الطاعن بصفته بأن - يؤدي للمطعون عليه مبلغ 2700 جنيهاً ورفض الدعوى الفرعية استأنف الطاعن بصفته هذا القرار لدى محكمة استئناف المنصورة طالباً إلغاءه ورفض طلب المطعون عليه وقيد الاستئناف برقم 94 سنة 28 ق. وبتاريخ 30/ 5/ 1976 قضت المحكمة بتعديل القرار المستأنف إلى إلزام الطاعن بصفته بأن يؤدي للمطعون عليه مبلغ 1200 جنيه طعن الطاعن في هذا - الحكم بطريق النقض وقدمت النيابة العامة مذكرة أبدت فيها الرأي بنقض الحكم.
وحيث إن الطعن أقيم على خمسة أسباب، ينعى الطاعن بالسبب الأول على الحكم المطعون فيه مخالفة القانون والخطأ في تطبيقه من وجهين الأول أنه دفع بانعدام القرار المستأنف لأنه صدر من مجلس مكون من ثلاثة أعضاء فقط بينما يتعين ألا يقل أعضاء المجلس عن أربعة حسب مفهوم المخالفة لنصوص المواد 37، 46/ 5، 110، 23/ 4 من قانون المحاماة رقم 61 سنة 1968، إلا أن الحكم المطعون فيه رد على هذا الدفع بقوله أن المادة 45 من النظام الداخلي لنقابة المحامين بالدقهلية والذي وافق عليه مجلس النقابة العامة بجلسة 5/ 10/ 1972 تقضي بأن يعتبر تشكيل مجالس النقابات الفرعية صحيحاً إذا حضره ثلاثة أعضاء على الأقل... وأنه لا يوجد ثمة تعارض بين هذا النص ونص المادة 37 من قانون المحاماة. إلا أنه لما كان ما نصت عليه المادة 45 من النظام الداخلي لنقابة المحامين بالدقهلية يخالف ما نصت عليه المادة 23/ 4 من قانون المحاماة وكان من المقرر وفقاً لنص المادة الثانية من القانون المدني أنه لا يجوز إلغاء نص تشريعي إلا بتشريع لاحق ينص على هذا الإلغاء أو يشتمل على نص يتعارض مع نص القانون القديم وليس من هذا القبيل نصوص النظام الداخلي لنقابة المحامين... فإن الحكم إذ أقر نص المادة 45 من النظام الداخلي واتخذ منه سنداً لرفض الدفع ببطلان القرار المستأنف يكون قد خالف القانون وأخطأ في تطبيقه. الثاني أنه دفع بانعدام القرار المستأنف لأنه صدر في 22/ 11/ 1975 بعد أن كانت ولاية اللجنة التي أصدرته قد زالت في أكتوبر سنة 1975 بانتهاء مدتها (4 سنوات) وفقاً لنص المادة 19 من قانون المحاماة رقم 61 سنة 1968 المعدل بالقانون رقم 65 سنة 1970 ورد الحكم المطعون فيه على هذا الدفع بأن مجلس النقابة العامة أصدر في 22/ 12/ 1975 بمقتضى الاختصاص المخول له بنص المادة 30/ 1 من قانون المحاماة.. قرار جدد عضوية أعضاء جميع المجالس الفرعية التي انقضت مدتها في أكتوبر سنة 1975 لحين انتخاب المجالس الجديدة وبذلك يكون القرار صحيحاً.. إلا أنه لما كانت مدة مجلس النقابة العامة قد انتهت في أكتوبر سنة 1975 وزالت ولاية أعضائه ولم يعد يملك إصدار قرار بمد عضوية المجالس الفرعية. باعتبار أن فاقد الشيء لا يعطيه، وكان نص المادة 30 من قانون المحاماة من جهة أخرى وأن خول لمجلس النقابة العامة إصدار قرار بإنشاء نقابة فرعية إلا أنه لم يخوله سلطة تجديد عضوية أشخاص أعضائها إذ أن الجمعية العمومية هي التي تختارهم بطريق الانتخاب... فإن الحكم إذ اعتد بقرار المد الصادر من مجلس النقابة العامة بعد أن زالت ولايته وقضى على أساسه برفض الدفع يكون قد خالف القانون وأخطأ في تطبيقه.
وحيث إن هذا النعي في شقة الأول غير سديد، ذلك أنه وإن كانت المادة 37 من قانون المحاماة رقم 61 سنة 1968 المعدل بالقانون رقم 65 لسنة 1970 تنص على أن يتولى شئون النقابة الفرعية مجلس يؤلف من رئيس وستة أعضاء إلا أنه لما كانت المادة 28 من القانون سالف الذكر قد ناطت بمجلس النقابة اقتراح النظام الداخلي للنقابة ونقاباتها الفرعية وما يرى إدخاله عليه من تعديلات واختصت المادة التاسعة - الجمعية العمومية بالتصديق على النظام الداخلي للنقابة... كما نصت المادة الخامسة والأربعين على أن يبين النظام الداخلي للنقابة إجراءات تشكيل اللجان الفرعية ومجالسها واختصاصها... فإن موافقة مجلس النقابة العامة على النظام الداخلي لنقابة الدقهلية بجلسة 5/ 10/ 1972 وتصديق الجمعية العمومية على هذا النظام بجلسة 6/ 10/ 1972 يسبغ على هذا النظام صفة التشريع المكمل لقانون المحاماة طالما أن هذا النظام قد صدر بمقتضى التفويض المخول لمجلس النقابة والجمعية العمومية بنصوص القانون وفي حدود هذا التفويض لما كان ذلك وكانت المادة 45 من النظام الداخلي لنقابة الدقهلية تنص على أن يعتبر انعقاد مجلس النقابة الفرعية صحيحاً إذا حضره ثلاثة أعضاء على الأقل وكان القرار الصادر بتقدير أتعاب المطعون عليه قد صدر من لجنة قوامها ثلاثة أعضاء فإن ما ينعاه الطاعن على الحكم المطعون فيه بهذا الوجه يكون على غير سند من القانون.
والنعي في الوجه الثاني هو الآخر غير سديد، ذلك أن النص في المادة الثانية من قانون المحاماة رقم 61 لسنة 1968 على أن للنقابة شخصية اعتبارية ويتولى شئونها مجلس تنتخبه الجمعية العمومية. وفي المادة 30 - على أن تشكل نقابة فرعية في دائرة كل محكمة ابتدائية بقرار من مجلس النقابة وتكون لها شخصية اعتبارية في حدود اختصاصها. وفي المادتين 43/ 5، 110 على أن يختص مجلس النقابة الفرعية في دائرة النقابة بتقدير أتعاب المحامين بناء على طلبه أو طلب الموكل وذلك عند عدم الاتفاق عليها كتابة. مفاده أن مجلس النقابة الفرعية هو الذي يتولى جميع الاختصاصات التي خولها القانون سواء في ذلك الاختصاصات الإدارية أو القضائية ومن بينها تقدير أتعاب المحامي بناء على طلبه أو طلب الموكل في حالة عدم الاتفاق عليها كتابة وإذ كانت المادة 19 من القانون رقم 61 لسنة 1968 المعدل بالقانون رقم 65 لسنة 1970 قد نصت على أن تكون عضوية النقيب وأعضاء مجلس النقابة أربع سنوات فليس معنى ذلك أنه بتمام هذه المدة تزول ولاية المجلس نهائياً ويتوقف نشاط النقابة حتى يتم اختيار المجلس الجديد إذ أن المادة 18 منه جعلت للمجلس تعيين لجنة أو أكثر للإشراف على الانتخابات وفرز الأصوات ونصت المادة 39 منه على أن يجرى الانتخاب وفرز الأصوات في النقابات الفرعية بواسطة لجنة تشكل من ثلاثة من المحامين يندبهم مجلس النقابة؛ ومؤدى ذلك أن مجلس النقابة العامة ومجلس النقابة الفرعية تظل لهما كافة الصلاحيات التي خولها لهما القانون في الفترة ما بعد انتهاء مدة العضوية وحتى يتم انتخاب المجالس الجديدة ومباشرتها للعمل ولا محل للتفرقة بين الأعمال الإدارية والأعمال القضائية و إلا توقف العمل بالنقابة في تلك الفترة وهو ما لا يتصور انصراف قصد الشارع إليه وكان قرار تقدير أتعاب المطعون عليه قد صدر من اللجنة المختصة بالنقابة الفرعية في فترة امتداد صلاحيات مجلس تلك النقابة حتى يتم انتخاب المجلس الجديد فإنه يكون صحيحاً ومبرءاً من البطلان الذي نعاه عليه الطاعن في هذا الوجه لما كان ذلك فإن ما قرره الحكم المطعون فيه من أن مجلس النقابة العامة قد أصدر قراراً في 22/ 12/ 1972 يمد مدة عضوية أعضاء جميع المجالس الفرعية التي كانت قد انقضت في شهر أكتوبر لحين انتخاب المجالس الجديدة وإن ذلك كان في نطاق الاختصاصات المخولة له بمقتضى المادة 30/ 1 من قانون المحاماة تزيد يستقيم الحكم بدونه ويكون النعي عليه بهذا الوجه غير منتج ولا جدوى منه.
وحيث إن حاصل السبب الثاني والثالث والخامس أن الحكم المطعون فيه قد شابه القصور في التسبيب والخطأ في فهم القانون وفي الاستدلال وفي بيان ذلك يقول إنه دفع أمام المحكمة بأن المطعون عليه لا يستحق مبلغ المائتي جنيه المقدرة أتعاباً له عن مباشرة الاستئنافين رقمي 87 لسنة 14، 518 سنة 25 ق المنصورة لأنه غير مقيد أمام محاكم الاستئناف ولا تجوز له المرافعة أمامها كنص المادة 74 من قانون المحاماة وأن هذين الاستئنافين لم يفصل فيهما بعد إلا أن الحكم المطعون فيه أيد هذا التقدير دون أن يعرض لدفاعه أو يرد عليه كما دفع بأنه هو الذي حرر بنفسه عقود البيع وقام بطبعها في القاهرة وأن المطعون عليه لم يحرر منها شيئاً ورغم ذلك قضى الحكم له بمبلغ ألف جنيه أتعاباً عن جهده في تلك العقود، دون أن يرد على هذا الدفاع أو يبين المصدر الذي استقى منه الدليل على قيام المطعون عليه بتحرير تلك العقود كما أن الحكم قضى له بالأتعاب التي طلبها عن مباشرة القضايا التي ذكرها في طلبه مع أنه لم يفصل بعد في جميع تلك القضايا إذ أن ثلاث قضايا منها أحداها مستعجلة رفعت عليه من الغير وقضى بشطبها والاستئنافان رقما 87 سنة 14 و518 سنة 25 ق المنصورة ليس للمطعون عليه حق الحضور فيهما وقضية منظورة أمام محكمة الجيزة وقد أقر المطعون عليه بأنه لم يحضر فيها وإذ أيد الحكم القرار الصادر بتقدير مبلغ 500 جنيه أتعاباً عن مباشرة المطعون عليه لتلك القضايا لأسبابه دون أن تطلع المحكمة على القضايا لتقف على ما بذله المطعون عليه من جهد فيها قبل تقديرها للأتعاب كنص المادة 114 من قانون المحاماة فإن الحكم يكون قد شابة القصور - ولما كان مفاد نص المادة 120 من قانون المحاماة على أن يقضى للمحامي الذي يعزل من الوكالة بكامل أتعابه إلا إذا كان عزله بسبب غير مشروع وكانت الأتعاب متفقاً عليها مسبقاً، فإن الحكم المطعون فيه إذ قضى للمطعون عليه بكامل أتعابه عن القضايا على أساس نص المادة سالفة الذكر مع عدم وجود اتفاق مسبق بين الطرفين على أتعاب محددة عنها، فإن الحكم يكون قد أخطأ في فهم القانون بما يوجب نقضه.
وحيث إن هذا النعي في غير محله ذلك أن مجلس النقابة الفرعية واللجان التي يشكلها من بين أعضائه تختص بتقدير أتعاب المحامي عند الخلاف على قيمتها وذلك في حالة عدم وجود اتفاق كتابي عليها بناء على طلب المحامي أو الموكل كنص المادة 110 من قانون المحاماة والمادة 45 من النظام الداخلي للنقابة الفرعية وتقدير اللجنة المختصة للأتعاب يكون بمراعاة أهمية الدعوى والجهد الذي بذله المحامي والنتيجة التي حققها، ويجب إلا تزيد الأتعاب على 20% ولا تقل عن 5% من قيمة ما حققه المحامي من فائدة لموكله في العمل موضوع التقدير كنص المادة 114 من قانون المحاماة. كما ينظر إلى العوامل الأخرى التي يكون من شأنها أن تعين على تحديد مقدار الأتعاب تحديداً عادلاً، ومن ذلك القيمة الفنية للعمل وما استغرقه من وقت ومكانة المحامي وشهرته العامة ونتيجة الدعوى، ولما كان يبين من الحكم المطعون فيه أنه قدر للمطعون عليه مبلغ 1000 ج أتعاباً عن الجهد الذي بذله في تحرير عقود البيع باعتبار أن ذلك العمل يدخل في مهنة المحاماة وما قال به الطاعن من اشتراكه مع المطعون عليه في إعداد عقود البيع غي منتج، لأن ذلك أن صح لا يقلل من جهد المطعون عليه، كما أيد الحكم المطعون عليه قرار النقابة في تقديره لأتعاب المطعون عليه عن القضايا التي باشرها على أساس أن الطاعن لم يجادل في أن المطعون عليه قد باشر تلك الأعمال القضائية بتكليف من الطاعن حسبما هو واضح من المذكرات ومن محاضر الجلسات ولا يحول دون ذلك أن بعض القضايا لا يجوز للمطعون عليه الحضور فيها لعدم قيده أمام محاكم الاستئناف لأن للمحامي أن يستعين بمحامين آخرين لإنهاء العمل متى كلف به. لما كان ذلك وكان لقاضي الموضوع السلطة في تحصيل فهم الواقع في الدعوى وحسبه أن يبين الحقيقة التي اقتنع بها وأن يقيم قضاءه على أسباب سائغة تكفي لحمله ولا عليه بعد ذلك أن يتتبع الخصوم في مختلف أقوالهم وحججهم وطلباتهم ويرد استقلالاً على كل قول أو حجة أو طلب أثاروه ما دام أن قيام الحقيقة التي اقتنع بها وأورد دليلها فيه الرد الضمني المسقط لتلك الأقوال والحجج والطلبات فإن النعي على الحكم المطعون فيه بما ورد بهذه الأسباب يكون على غير أساس.
وحيث إن الطاعن بصفته ينعى على الحكم المطعون فيه بالسبب الرابع التناقض وفي بيان ذلك يقول إن الحكم المطعون فيه اعتبر أعمال المزاد أعمالاً تجارية متعلقة بالسمسرة التي لا يجوز للمطعون عليه أن يباشرها أو يطلب أتعاباً عنها لمخالفتها للقانون مما يسوغ الطاعن الحق في وكالته له ويحرم المطعون عليه من المطالبة بكامل أتعابه عنها على سند من نص المادة 120 من قانون المحاماة خلاقاً لما انتهى إليه قرار مجلس النقابة؛ فإذا أيد الحكم المطعون فيه بعد ذلك تقدير النقابة للأتعاب عن القضايا حالة أن هذا التقدير بني على أساس أن الطاعن عزل المطعون عليه من الوكالة لسبب غير مشروع ودون أن يبحث الحكم سبب العزل من جديد فإنه يكون مشوباً بالتناقض.
وحيث إن هذا النعي في غير محله، ذلك أن الحكم المطعون فيه وإن انتهى - خطأ إلى أن الأعمال الخاصة بالمزاد من الأعمال التجارية المتعلقة بالسمسرة لا يجوز للمطعون عليه ممارستها والمطالبة بأتعاب عنها إلا أن المادة 52 من قانون المحاماة وإن نصت على عدم جواز الجمع بين المحاماة وبين الاشتغال بالتجارة، فإن كل ما يترتب على هذا الحظر هو توقيع الجزاءات التأديبية التي نصت عليها المادة 142 مما مفاده أن المشرع لم يحرم المحامي الاشتغال بالتجارة لعدم مشروعية محل الالتزام. بل نص على هذا الحظر لاعتبارات قدرها تتعلق بمهمة المحاماة ومن ثم فإن الأعمال التي يقوم بها المحامي تعتبر صحيحة ويجوز للمطعون عليه وهو محام المطالبة بالأجر الذي يستحقه عن عمل السمسرة متى قام بها على الوجه الذي يتطلبه القانون. إلا أنه لما كان الحكم لم يقل بأن مطالبة المطعون عليه بأتعاب يعتبر عملاً غير مشروع يبرر عزله من الوكالة وكان التناقض الذي يبطل الحكم هو ما تتعارض فيه الأسباب وتتهاتر فتتماحى ويسقط بعضها بعضاً بحيث لا يبقى منها ما يقيم الحكم ويحمله، فإن النعي على الحكم المطعون فيه بهذا السبب يكون على غير أساس.
ولما تقدم يتعين رفض الطعن.