المقرر - وعلى ما جرى به قضاء هذه المحكمة - أن لكل مالك على الشيوع حق الملكية في كل ذرة من العقار المشتاع، فإذا انفرد بوضع يده على هذا العقار فإنه لا يعد غاصباً له ولا يستطيع أحد من الشركاء انتزاع هذا الجزء منه بل كل ما له أن يطلب قسمة العقار أو أن يرجع على واضع اليد بما يزيد على حصته بمقابل الانتفاع عن القدر الزائد
وقررت محكمة النقض في حكمها
بعد الاطلاع على الأوراق وسماع التقرير الذي تلاه السيد المستشار المقرر والمرافعة وبعد المداولة.
حيث إن الطعن استوفى أوضاعه الشكلية.
وحيث إن الوقائع - على ما يبين من الحكم المطعون فيه وسائر الأوراق - تتحصل في أن الطاعنين أقاموا على المطعون ضدهما الدعوى رقم 893 لسنة 1979 مدني سوهاج الابتدائية بطلب الحكم بطردهما من الأرض الزراعية المبينة بصحيفتها وبأن يؤديا إليهم ريعها عن سنتي 1977 و1978 ومقداره خمسون جنيهاً، وذلك تأسيساً على أنهم يمتلكون هذه الأرض البالغة مساحتها عشرة قراريط وواحد وعشرون سهماً بموجب العقد المسجل رقم 2110 لسنة 1977 سوهاج وأن المطعون ضدهما يضعان اليد عليها اغتصاباً، دفع هذان الأخيران الدعوى بأنهما اشتريا هذه المساحة من.... الشريك على الشيوع للبائعتين للطاعنتين بموجب عقود عرفية قضي بصحتها ونفاذها في الدعوى رقم 20 لسنة 1978 مدني ساقلتا وأن هذا البيع نفذ بوضع يدهما على المبيع منذ سنة 1960 بنية التمليك. ندبت المحكمة خبيراً ثم حكمت بتاريخ 4 من نوفمبر سنة 1980 للطاعنين بطلباتهم في الدعوى. استأنف المطعون ضدهما هذا الحكم لدى محكمة استئناف أسيوط "مأمورية سوهاج" بالاستئناف رقم 427 لسنة 55 قضائية. ندبت المحكمة خبيراً فأودع تقريره ثم أحالت الدعوى إلى التحقيق واستمعت إلى شهود الطرفين وبتاريخ 8 من إبريل سنة 1987 حكمت بإلغاء الحكم المستأنف ورفض الدعوى طعن الطاعنون في هذا الحكم بطريق النقض، وقدمت النيابة العامة مذكرة أبدت فيها الرأي برفض الطعن، وإذ عرض الطعن على المحكمة في غرفة مشورة حددت جلسة لنظره وفيها التزمت النيابة رأيها.
وحيث إن الطعن أقيم على سببين بهما ينعى الطاعنون على الحكم المطعون فيه مخالفة القانون والخطأ في تطبيقه والفساد في الاستدلال، وفي بيان ذلك يقولون أنه أقام قضاءه برفض الدعوى تأسيساً على أن المستفاد من أقوال شهود الطرفين أمام محكمة الاستئناف أن البائعين للقدر المفرز لكل من طرفي الخصومة يمتلكون على الشيوع الأرض التي يقع فيها هذا القدر محل النزاع بطريق الميراث عن والدهم...... وأن القسمة لم تتم بينهم، وأن المصرف ببيعه بموجب العقود العرفية للمطعون ضدهما صحيح وصادر ممن يملكه. هذا في حين أن هذه العقود العرفية ليس من شأنها نقل ملكية القدر المبيع مفرزاً إلى المطعون ضدهما بل أن ملكيته انتقلت إلى الطاعنين بتسجيل عقد البيع الصادر لهم من الشريكتين على الشيوع للبائع للمطعون ضدهما بصرف النظر عن عدم إجراء قسمة بين الشركاء المشتاعين، ولهذا يعتبر تصرف البائع للمطعون ضدهما في هذا القدر باطلاً لصدوره من غير مالك، مما يستوجب رفع يدهما عنه باعتبارهما غاصبين وتسليمه إلى الطاعنين وإلزامهما بريعه، خلافاً لما ذهب إليه الحكم المطعون فيه مما يعيبه.
وحيث إن هذا النعي مردود ذلك بأن من المقرر - وعلى ما جرى به قضاء هذه المحكمة - أن لكل مالك على الشيوع حق الملكية في كل ذرة من العقار المشتاع، فإذا انفرد بوضع يده على هذا العقار فإنه لا يعد غاصباً له ولا يستطيع أحد من الشركاء انتزاع هذا الجزء منه بل كل ما له أن يطلب قسمة العقار أو أن يرجع على واضع اليد بما يزيد على حصته بمقابل الانتفاع عن القدر الزائد. وإذ كان النص في الفقرة الثانية من المادة 826 من القانون على أنه إذا كان التصرف منصباً على جزء مفرز من المال الشائع ولم يقع هذا الجزء عند القسمة في نصيب المتصرف انتقل حق المتصرف إليه من وقت التصرف إلى الجزء الذي آل إلى المتصرف بطريق القسمة...... يدل على أن للشريك على الشيوع أن يبيع ملكه محدداً مفرزاً وليس من شأن ذلك بطلان البيع وهو وإن كان لا ينفذ في حق باقي الشركاء بل تظل حالة التحديد هذه معلقة على نتيجة القسمة إلا أن البيع يعتبر صحيحاً وينتج كافة آثاره القانونية في حق الشريك البائع ولو كان العقد غير مسجل متى كان ذلك وكان الحكم المطعون فيه قد حصل من تقرير الخبير المقدم لمحكمة الاستئناف ومن أقوال الشهود أمامها أن كلاً من طرفي التداعي قد تلقى التصرف في القدر المبيع مفرزاً من مالك في حدود حصته قبل إجراء القسمة، وأن البائع للمطعون ضدهما كان منفرداً بهذا القدر ضمن حصته دون بقية الشركاء في الشيوع ثم قام بتسليمها إليهما بناء على عقد البيع الصادر منه إليهما، ثم خلص الحكم من ذلك إلى أن حيازة المطعون ضدهما لهذا القدر المبيع مفرزاً ترتد إلى سبب مشروع هو عقد بيع صحيح صادر ممن يملكه من شأنه نفي الغصب عن هذه الحيازة وإن ظل معلقاً على نتيجة القسمة، فإنه يكون قد التزم صواب القانون، ولا ينال منه قول الطاعنين بأن تسجيل عقدهما من شأنه نقل ملكية القدر المبيع إليهم مفرزاً وتسليمه ذلك لما هو مقر مقرر في قضاء هذه المحكمة من أنه لا يجوز للمشتري لقدر مفرز من المال الشائع أن يطالب قبل القسمة بالتسليم مفرزاً لأن البائع لم يكن يملك وضع يده على حصة مفرزه قبل القسمة إلا برضاء باقي الشركاء ولا يمكن أن يكون للمشتري من الحقوق أكثر مما كان لسلفه، هذا إلى ما يترتب على القضاء بالتسليم في هذه الحالة من إفراز لجزء من المال الشائع على خلاف الطريق الذي رسمه القانون. لما كان ذلك فإن النعي بهذين السببين يكون على غير أساس.
ولما تقدم يتعين رفض الطعن.