لما كان لمأمور الضبط القضائي عملاً بالمادة 29 من قانون الإجراءات الجنائية أن يسأل المتهم عن التهمة المسندة إليه دون أن يستجوبه تفصيلاً، والاستجواب المحظور عليه هو مجابهة المتهم بالأدلة المختلفة قبله ومناقشتها مناقشة تفصيلية كيما يفندها إن كان منكراً لها أو أن يعترف بها إذا شاء الاعتراف وكان يبين من الاطلاع على محضر جمع الاستدلالات وأن محرره لم يتعد حدود سؤال الطاعن عما أسند إليه وإثبات اعترافه، ولم يجئ - على خلاف ما يدعيه الطاعن - مواجهة بينه وبين المجني عليهم، فإن النعي على الحكم في هذا الصدد يكون في غير محله.
وقررت محكمة النقض في حكمها
من حيث إن الطاعن الأول وإن قرر بالطعن في الميعاد إلا أنه لم يقدم أسباباً فيكون طعنه غير مقبول شكلاً.
ومن حيث إن الطعن المقدم من الطاعن الثاني استوفى الشكل المقرر في القانون.
ومن حيث إن مبنى الطعن أن الحكم المطعون فيه إذ دان الطاعن بجريمة السرقة بطريق الإكراه شابه قصور في التسبيب وأخطأ في تطبيق القانون، ذلك بأن الطاعن دفع ببطلان القبض عليه في يوم 30/ 5/ 1989 بعد انتهاء مهلة الأيام الثلاثة المحددة لتنفيذ أمر النيابة العامة الصادر بتاريخ 21/ 5/ 1989، ودفع ببطلان استجوابه من مأمور الضبط القضائي ومواجهته إياه بالمجني عليهم وببطلان اعترافه لصدوره وليد إكراه، كما دفع بعدم جدية التحريات التي بنى عليها أمر النيابة بالقبض عليه بدليل أنها أجريت بعد صدور ذلك الأمر، فرد الحكم على سائر دفوعه بما لا يصلح لإطراحها، وجاء مسلك الحكم حيال الدفع ببطلان الاعتراف تكراراً للمخالفة التي كانت سبب نقض الحكم السابق صدوره في الدعوى، وذلك بما يعيب الحكم المطعون فيه ويستوجب نقضه.
ومن حيث إن الحكم المطعون فيه عرض للدفع ببطلان القبض على المتهمين وتفتيش مساكنهم لوقوعه بعد نفاذ الأجل المحدد بالأمر الصادر فرد عليه بقوله أن القبض "تم في خلال مدة الإذن الصادر من النيابة بهذا الشأن" وكان يبين من الاطلاع على المفردات أن الأمر الصادر من النيابة بتاريخ 21/ 5/ 1989 بالقبض على الطاعن قد نفذ في خلال الأجل المحدد، (اثنين وسبعين ساعة) إلا أن الطاعن عرض على نيابة المطرية في القضية رقم..... لسنة...... المطرية وأمرت بحبسه احتياطياً على ذمتها وظل كذلك حتى تاريخ عرضه على نيابة مصر الجديدة في القضية الماثلة صحبة محضر جمع الاستدلالات المؤرخ 30/ 5/ 1989 ومن ثم فإن الدفع المذكور يكون على غير أساس من الواقع ويكون رد الحكم عليه بالعبارة المشار إليها مبرأ من قاله القصور. لما كان ذلك وكان لمأمور الضبط القضائي عملاً بالمادة 29 من قانون الإجراءات الجنائية أن يسأل المتهم عن التهمة المسندة إليه دون أن يستجوبه تفصيلاً، والاستجواب المحظور عليه هو مجابهة المتهم بالأدلة المختلفة قبله ومناقشتها مناقشة تفصيلية كيما يفندها إن كان منكراً لها أو أن يعترف بها إذا شاء الاعتراف. وكان يبين من الاطلاع على محضر جمع الاستدلالات وأن محرره لم يتعد حدود سؤال الطاعن عما أسند إليه وإثبات اعترافه، ولم يجئ - على خلاف ما يدعيه الطاعن - مواجهة بينه وبين المجني عليهم. فإن النعي على الحكم في هذا الصدد يكون في غير محله. لما كان ذلك، وكان الطاعن ينعى على الحكم المطعون فيه من الخطأ في القانون لمخالفة قضاء محكمة النقض، وكانت هذه المخالفة - بفرض وقوعها - لا يصح أن تكون وجهاً للطعن إلا إذا كان محل المخالفة المدعاة يصح في ذاته لأن يكون وجهاً للطعن على الحكم، ومع ذلك فإن الحكم المطعون فيه - على خلاف الحكم السابق نقضه - قد عرض للدفع ببطلان اعتراف الطاعن وأطرحه لعدم وجود دليل على وقوع إكراه مادي أو معنوي مما زعمه الدفاع، وإذ كان الثابت من المفردات أن ما أثاره الدفاع بشأن الإكراه المدعى به لا يسانده واقع حسبما تشهد به الأوراق فإنه يكون ظاهر البطلان، ولم يكن بالحكم حاجة في إطراحه إلى أكثر مما ذكره في عبارته المجملة. لما كان ذلك، وكان من المقرر أن تقدير جدية التحريات وكفايتها لإصدار أمر النيابة العامة بالقبض أو بالتفتيش هو من المسائل الموضوعية التي يوكل الأمر فيها إلى سلطة التحقيق تحت إشراف محكمة الموضوع. وكان الحكم المطعون فيه قد أعرب عن اطمئنان المحكمة إلى جدية التحريات التي بنى عليها أمر القبض وأطرح الدفع ببطلانه وكان استمرار مأمور الضبط القضائي في تحرياته بعد صدور الأمر، مفاده تعقب المتهم والوقوف على مكان وجوده تمهيداً لتنفيذ الأمر وتحيناً لفرصة ضبطه وليس معناه عدم جدية التحريات السابقة على صدور الأمر، فإن النعي على الحكم في هذا الصدد بدوره يكون غير سديد. لما كان ما تقدم فإن الطعن برمته يكون على غير أساس متعيناً رفضه موضوعاً.