أحكام النقض - المكتب الفني - مدني العدد الثالث - السنة 5 - صـ 819
جلسة 29 من إبريل سنة 1954 (122) القضية رقم 57 سنة 21 القضائية برياسة السيد الأستاذ عبد العزيز محمد وكيل المحكمة: وبحضور السادة الأساتذة سليمان ثابت وعبد العزيز سليمان وأحمد العروسي ومحمود عياد المستشارين. ( أ ) إثبات. عبء الإثبات. من يدعي خلاف الظاهر. عليه إثبات ادعائه. مثال. (ب) تقادم. تقادم خمسي. سبب صحيح. عقد القسمة. لا يعتبر سبباً صحيحاً. 1 - على من يدعي خلاف الظاهر عبء إثبات ادعائه. وإذن فمتى كان المدعي قد طلب الحكم بصحة ونفاذ عقده وتسليمه العين مشتراه، وكان دفاع المدعى عليه أن هذه العين قد اشتراها مورثه بعقد مسجل وأنه وضع يده عليها المدة الطويلة المكسبة للملكية، وكان الخبير المنتدب في الدعوى قد انتهى في تقريره إلى أن العين تدخل في مستندات تمليك البائعين للمدعي ولا تدخل في مستندات تمليك المدعى عليه، وكان الظاهر في هذه الحالة مؤيداً دعوى المدعي ونافياً لدفاع المدعى عليه، فإن الحكم إذ كلف المدعى عليه بإثبات وضع يده على العين موضوع النزاع المدة الطويلة المكسبة للملكية لا يكون قد خالف القانون. 2 - لا يصح اعتبار عقد القسمة سبباً صحيحاً للتملك بالتقادم الخمسي، ذلك أن القسمة وفقاً للمادة 457 من القانون المدني القديم والمادة 843 من القانون المدني الجديد تعتبر مقررة للحق لا منشئة له، وبشرط في السبب الصحيح أن يكون من شأنه نقل الملك لو أنه صدر من المالك الحقيقي لا تقريره.
المحكمة بعد الاطلاع على الأوراق وسماع تقرير السيد المستشار المقرر ومرافعة المحامي عن الطاعنين والنيابة العامة وبعد المداولة. من حيث إن الطعن قد استوفى أوضاعه الشكلية. ومن حيث إن الوقائع حسبما يبين من الحكمين المطعون فيهما ومن سائر أوراق الطعن تتحصل في أنه في 17 و23 من يناير سنة 1945 و10 من فبراير سنة 1945 أقام الطاعن الدعوى رقم 1421 سنة 1945 مدني شبين الكوم الجزئية على الطاعن الأول وعلى إبراهيم أفندي حسني وأمين أفندي عبد الفتاح والسيدة عائشة محمد حلمي - قال في صحيفة افتتاحها أنه اشترى من "المدعى عليهم" الثلاثة الأخيرين 22 ط و6 س كائنة بناحية كفر حجازي مركز الشهداء بحوض الغرقان رقم 1 جزائر فصل ثاني قطعة رقم 25 مبينة حدودها بالعريضة مقابل ثمن مقداره 100 جنيه وذلك بمقتضى عقد بيع محرّر في شهر يناير سنة 1943 وإن البائعين إليه كانوا مالكين لهذه الأطيان بمقتضى عقد البيع الصادر إليهم من الآنسة جان يوسفيان والمسجل في 12 من يوليو سنة 1934 وأنهم لم يسلموه الأطيان المبيعة وأن الطاعن الأول متعرض له في ملكيتها وطلب في دعواه الحكم بصحة ونفاذ العقد المشار إليه وبتسليمه الأطيان المبيعة - ثم تدخلت الطاعنتان الثانية والثالثة في الدعوى وطلبتاهما والطاعن الأول رفضها استناداً إلى أن الأطيان موضوع النزاع قد اشتراها مورثهم المرحوم أحمد بك حبيب ضمن أطيان أخرى بعقد بيع مسجل في 20 من مارس سنة 1911 ووضع يده عليها واستمر وضع يده إلى أن توفي ثم قسمت تركته وخصصت الأطيان موضوع النزاع للطاعنين بمقتضى حكم المحكم الصادر في 25 من يونيو سنة 1931 والمسجل في 29 من يناير سنة 1933 واستمر الطاعنون واضعو اليد عليها حتى تاريخ رفع الدعوى من المطعون عليه - وفي 12 من نوفمبر سنة 1945 حكمت المحكمة الجزئية تمهيدياً بندب خبير زراعي لتطبيق مستندات الطرفين على الأرض المتنازع عليها وبيان ما إذا كانت تدخل في ملكية البائعين إلى المطعون عليه أم في ملكية الطاعنين وبيان من الواضع اليد عليها وسبب وضع اليد وكلفت المطعون عليه بإيداع الأمانة إلا أنه لم يودعها في الميعاد المحدد لإيداعها فحكمت المحكمة تمهيدياً في 21 من يناير سنة 1946 بإحالة الدعوى على التحقيق ليثبت الطاعنون أنهم هم ومورثهم وضعوا اليد على الأطيان موضوع النزاع وضع يد هادئ ومستمر وظاهر وبنية التملك المدة الطويلة المكسبة للملكية وصرحت للمطعون عليه هو والبائعين إليه بنفي ذلك - ثم أودع المطعون عليه أمانة الخبير فقام هذا بأداء مأموريته وقدّم تقريراً خلص من نتيجته إلى أن الأرض المتنازع عليها داخلة ضمن مستندات تمليك البائعين إلى المطعون عليه وقال إنه لم يذكر بمستندات الطاعنين حدود ملكهم بحوض الغرقان رقم 1 جزائر فصل ثاني ولهذا كلف المطعون عليه باستحضار كشف من سجلات المساحة باسمهم فاستحضره وتبين منه أن الـ 6 ف و1 ط و8 س الواردة بعقود الطاعنين واقعة بالقطع 49 و120 و36 وليست في القطعة رقم 25 التي تقع فيها الأرض موضوع النزاع كما قال الخبير أن الطاعنين وضعوا يدهم على القطعة المتنازع عليها بعد سنة 1933 - ثم نفذ الحكم التمهيدي الصادر في 21 من يناير سنة 1946 بسماع شهود طرفي الخصومة وفي 14 من مارس سنة 1949 حكمت المحكمة للمطعون عليه بطلباته. فرفع الطاعنون استئنافاً عن هذا الحكم لدى محكمة شبين الكوم الابتدائية قيد في جدولها الاستئنافي برقم 292 سنة 1949. وفي 23 من مايو سنة 1950 حكمت المحكمة بهيئتها الاستئنافية بقبول الاستئناف شكلاً وتمهيدياً بإحالة الدعوى على التحقيق ليثبت الطاعنون أنهم ومورثهم من قبل وضعوا اليد على العين موضوع النزاع بصفة هادئة ومستمرة وبنية التملك المدة الطويلة المكسبة للملكية، وذلك بكافة طرق الإثبات القانونية بما فيها البينة وأجازت للمستأنف عليهم - المطعون عليه هو والبائعين إليه - النفي بالطرق ذاتها. وبعد سماع شهود الطرفين حكمت في 26 من ديسمبر سنة 1950 بتأييد الحكم المستأنف، وألزمت المستأنفين - الطاعنين - بالمصروفات وبمبلغ مائتي قرش مقابل أتعاب المحاماة. فقرر الطاعنون بالطعن بطريق النقض في هذا الحكم هو والحكم التمهيدي الاستئنافي الصادر في 23 من مايو سنة 1950. ومن حيث إن الطعن بني على أربعة أسباب يتحصل أولها في أن الحكم التمهيدي الاستئنافي الصادر في 23 من مايو سنة 1950 قد خالف القانون إذ ألقى عبء إثبات وضع اليد على عاتق الطاعنين ذلك أن الطاعنين دفعوا دعوى المطعون عليه من بادئ الأمر بأن الأرض موضوع النزاع هي جزء من 6 فدادين و1 قيراطاً و8 أسهم تملكها مورثهم المرحوم أحمد بك إبراهيم حبيب بعقد بيع صادر إليه من عبد الله أفندي مصطفى مسجل في 20 من مارس سنة 1911 واقترن شراؤه لها مفرزة محدّدة بوضع يده عليها إلى أن توفي في سنة 1913 فحل محله ورثته في وضع اليد ثم قسمت العقارات المخلفة عنه ومنها الأرض موضوع النزاع بمقتضى حكم المحكم الصادر في سنة 1931 والمسجل في سنة 1933 والذي خصص للطاعنين الـ 6 فدادين و1 قيراط و8 أسهم التي تدخل ضمنها الأرض المتنازع عليها واستمروا واضعي اليد عليها حتى رفع المطعون عليه الدعوى الابتدائية في 10 من فبراير سنة 1945 وقدم الطاعنون إثباتاً لدفاعهم عقد تمليك مورثهم وحكم المحكم المشار إليهما واكتفى المطعون عليه في إثبات دعواه بتقديم العقد العرفي الصادر من البائعين إليه والعقد الصادر إلى هؤلاء البائعين والمسجل في سنة 1934 مع اعترافه ضمناً في صحيفة افتتاح دعواه بأن البائعين إليه لم يضعوا يدهم على المقدار المبيع وقوله إن يد الآنسة جان يوسفيان البائعة إلى البائعين إليه قد رفعت عن العين موضوع النزاع في سنة 1934 ولهذا يكون التكييف القانوني لحالة الدعوى أن المطعون عليه قدم سند تمليكه وسند تمليك البائعين إليه وطلب تسليم العين المتنازع عليها فعارضه الطاعنون وقدموا مستندات تمليكهم فانتفت عنهم بذلك قرينة الغضب وأصبحوا أحق من المطعون عليه بالاستمرار في الحيازة وصاروا في مركز الدفاع باعتبارهم واضعي اليد فعلاً، وكان يتعين لذلك تكليف المطعون عليه بإثبات أن حيازة الطاعنين هم ومورثهم كانت غامضة أو لم تتوفر لها الشروط التي يتطلبها القانون وأن مدة وضع اليد التي يتمسك بها الطاعنون قد انقطعت بوضع يد البائعة إلى البائعين للمطعون عليه قبل سنة 1934. ومن حيث إن هذا السبب مردود أولاً بأنه يبين من أسباب الحكم المستأنف ومن أسباب الحكم التمهيدي المطعون فيه أن الخبير الذي ندبته محكمة الدرجة الأولى لتطبيق مستندات الطرفين على العين موضوع النزاع قد انتهى في تقريره إلى أن هذه العين تدخل في مستندات تمليك البائعين إلى المطعون عليه ولا تدخل في مستندات تمليك الطاعنين. ولما كان الظاهر في هذه الحالة مؤيداً لدعوى المطعون عليه نافياً لدفاع الطاعنين وكان المدعي خلاف الظاهر هو المكلف بإثبات ادعائه فإن الحكم التمهيدي المطعون فيه إذ كلف الطاعنين بإثبات وضع يدهم على العين موضوع النزاع المدة الطويلة المكسبة للملكية لا يكون قد خالف القانون. ومردود ثانياً بأنه يستفاد من وقائع الحكم التمهيدي المطعون فيه ومما ورد في صحيفة الاستئناف المرفوع من الطاعنين. والمقدمة صورتها الرسمية منهم بملف هذا الطعن. أنهم تمسكوا أصلياً بتملك العين موضوع النزاع بوضع اليد عليها خمس سنين بناء على سبب صحيح هو حكم المحكم الصادر في سنة 1931 وتمسكوا احتياطياً بتملكها بوضع يدهم عليها هم ومورثهم المدة الطويلة المكسبة للملكية وقد انتهى الحكم التمهيدي المطعون فيه إلى أن الطاعنين لا يجوز لهم التمسك بتملك العين موضوع النزاع بوضع اليد المدة القصيرة لأن سندهم في هذا وهو حكم المحكم الذي قسم الأطيان بينهم وبين باقي الورثة لا يعتبر سبباً صحيحاً ثم رأى الحكم في خصوص تمسك الطاعنين بالتملك بمضي المدة الطويلة إحالة الدعوى على التحقيق لاستظهار وجه الحق في دفاعهم هذا وكلفهم بإثبات وضع اليد تحقيقاً لدفاعهم واستجابة لطلبهم فلا يجوز لهم بعد ذلك التشكي من أن الحكم أحال الدعوى على التحقيق لإثبات وضع يدهم وإثبات ما دفعوا به الدعوى من تملك العين موضوع الدعوى بالتقادم. أما ما ورد في سبب النعي من أن المطعون عليه قد اعترف في صحيفة افتتاح دعواه ضمناً بعدم وضع يد البائعين إليه فمردود بأن هذه الصحيفة. وصورتها الرسمية مقدمة بملف الطعن لا يستفاد منها هذا الاعتراف الضمني المدعى به ذلك أن ما ورد بها في هذا الخصوص لا يعدو قول المطعون عليه أن البائعين له لم يسلموه الأطيان المبيعة وليس في هذا القول اعتراف ضمني بعدم وضع يد هؤلاء البائعين. ومن حيث إن السبب الثاني يتحصل في أن الحكمين المطعون فيهما إذ اعتبرا أن عقد القسمة لا يعتبر سبباً صحيحاً للتملك بمضي مدة خمس سنين لأن هذا العقد مقرر للملكية لا منشئ لها قد خالف القانون ذلك أن عقد القسمة ليس مقرراً للحق فحسب بل هو مقرر للحق ومنشئ له في نفس الوقت لأن كل شريك على الشيوع يملك قبل القسمة في كل ذرة من العقار بنسبة حصته ولأن القسمة تتضمن أن كل شريك قد تنازل إلى باقي شركائه عن حصته فيما خصص لهم أو باع إليهم هذه الحصة أو تبادل معهم عليها مقابل تنازلهم له عن حصصهم فيما خصص له أو بيعها إليه أو التبادل عليها معه. ومن حيث إن هذا السبب مردود بأن القسمة تعتبر قانوناً مقررة للحق لا منشئة له إذ نصت المادة 457 من القانون المدني الأهلي القديم على أن: "كل حصة وقعت بموجب القسمة في نصيب أحد الشركاء تعتبر أنها كانت دائماً ملكاً له قبل القسمة وبعدها ويعتبر أنه لم يملك غيرها من الأموال التي قسمت" كما نصت المادة 843 من القانون المدني الجديد على أنه: "يعتبر المتقاسم مالكاً للحصة التي آلت إليه منذ أن تملك بالشيوع وأنه لم يملك شيئاً غيرها في بقية الحصص". والقسمة على هذا لا يصح أن تعتبر سبباً صحيحاً للتملك بالتقادم الخمسي إذ يشترط في السبب الصحيح أن يكون من شأنه نقل الملك - لا تقريره - لو أنه صادر من المالك الحقيقي. ومن حيث إن السببين الثالث والرابع يتحصلا في تعييب الحكم الصادر في 26 من ديسمبر سنة 1950 بقصور أسبابه وتناقضه وخطأ إسناده ذلك أولاً: أنه اعتمد تقرير الخبير الذي ندبته المحكمة الاستئنافية بعد أن كان قد أطرح هذا التقرير قائلاً إن الطاعنين لا يحاجون بإجراءات المساحة التي استند إليها الخبير في تقريره وإن جلاء الحقيقة إنما يكون نتيجة التحقيق - ثانياً: إنه ورد في أسباب الحكم التمهيدي الاستئنافي المشار إليه أن المحكمة الاستئنافية استبانت من أقوال شهود الطرفين أمام محكمة الدرجة الأولى أن الطاعنين يضعون اليد على قطعة واحدة مساحتها 6 أفدنة وقيراط و8 أسهم في الحوض الذي تقع به الأرض موضوع النزاع وأن التحقيق الذي أجرته محكمة الدرجة الأولى لم يعن باستجلاء موقع ال 22 قيراطاً و5 أسهم موضوع الدعوى وتعيينها للشهود ولتحديد أقوالهم في شأنها مع ما ثبت من تقرير الخبير مع أنها تفصل قطعتين أخريين على ملك المستأنفين - الطاعنين - وفي وضع يدهم، ولم يعن التحقيق كذلك باستجلاء مدة وضع اليد - ومؤدى هذا الذي ورد في أسباب الحكم التمهيدي أن المحكمة الاستئنافية قد ضيقت دائرة النزاع ورأت إحالة الدعوى على التحقيق لمجرد استيفاء النقص الذي سجلته على الحكم المستأنف في أسباب حكمها وقد قرر شهود الطاعنين الذين سمعت أقوالهم تنفيذاً لهذا الحكم أن الطاعنين ومورثهم من قبلهم واضعو اليد على ستة أفدنة وكسور قطعة واحدة تدخل ضمنها العين المتنازع عليها كما قرر شهود النفي أن الطاعنين واضعو اليد على ستة أفدنة قطعة واحدة وأن وضع يد الخواجة يوسفيان - حتى سنة 1934 كان على قطعة تجاور أطيان عائلة حبيب وعلى ذلك يكون ما أظهره التحقيق تنفيذاً لهذا الحكم في صالح الطاعنين ولكن الحكم الموضوعي المطعون فيه استند في قضائه إلى وقائع لم يقل بها أحد من الشهود. ثالثاً: إن هذا الحكم الموضوعي إذ أقر أسباب الحكم المستأنف قد شابه التناقض ذلك أن الحكم المستأنف كان قد استند في قضائه إلى التحقيق الذي قامت بإجرائه محكمة الدرجة الأولى والذي يبين منه أن الطاعنين واضعو اليد على الستة أفدنة قطعة واحدة فلما رفع الاستئناف لاحظت المحكمة الاستئنافية أن هذا الذي ورد في التحقيق يتعارض مع ما ثبت بتقرير الخبير من أن أرض النزاع تفصل قطعتين من ملك الطاعنين وفي وضع يدهم ولهذا قضت بإعادة الدعوى إلى التحقيق مما يفيد أنها أطرحت ما ورد بتحقيقات محكمة الدرجة الأولى في هذا الخصوص ولم يكن يجوز لها عند صدور حكمها الموضوعي أن تعود فتعدل عن رأيها هذا. ومن حيث إن هذين السببين مردودان أولاً بأن الحكم الاستئنافي التمهيدي الصادر في 23 من مايو سنة 1950 لا يبين من أسبابه أن المحكمة الاستئنافية قد أبدت رأيها بعدم الأخذ بما ورد في تقرير الخبير وبأنه لم يقض في أسبابه بأن إجراءات المساحة التي استند إليها الخبير في تقريره لا يرتبط بها الطاعنون وإنما سجل الحكم ذلك على أنه دفاع الطاعنين لا قضاء من المحكمة. ومردودان ثانياً: بأن المحكمة الاستئنافية إذا كانت قد لاحظت قصوراً في التحقيق الذي قامت بإجرائه محكمة الدرجة الأولى فأعادت الدعوى إلى التحقيق فليس معنى هذا أنها ضيقت دائرة النزاع على الوجه المبين في سبب النعي يدل على ذلك أن منطوق الحكم الاستئنافي التمهيدي الصادر في 23 من مايو سنة 1950 قد جرى بما يلي: "حكمت المحكمة بقبول الاستئناف شكلاً وتمهيدياً بإحالة الدعوى إلى التحقيق ليثبت المستأنفون أنهم ومورثهم من قبل واضعو اليد على العين موضوع النزاع بصفة هادئة ومستمرة بنية التملك المدة الطويلة المكسبة للملكية" ومؤدى هذا المنطوق أن المحكمة الاستئنافية رأت أن تقوم بنفسها من جديد بتحقيق شامل لإمكان وضع اليد وشروطه وعناصره - ومردودان ثالثاً: بأنه جاء بأسباب الحكم الاستئنافي الموضوعي في خصوص التحقيق الذي قامت بإجرائه المحكمة الاستئنافية ما يلي: "وحيث إنه تبين من هذا التحقيق أن المستأنف عليه الأول استشهد شهوداً أربع هم أبو العينين محمد السقا وعبد الغني محمد حبيب وحسين الشيخ خليل وعلي عبد الخالق قشطة فأجمعوا بأن العين موضوع النزاع كانت في وضع يد المالك الأصلي جاك يوسفيان حتى سنة 1934 حيث تصرف فيها بالبيع لابنته الآنسة جان يوسفيان بعقد بيع مسجل في 2 يونيو سنة 1934 ثم باعتها هذه الأخيرة للمستأنف عليهما الثانية والثامن ومورث باقي المستأنف عليهم - إبراهيم أفندي - وهؤلاء بدورهم باعوا هذا القدر موضوع النزاع للمستأنف الأول عليه الأول بموجب عقد بيع مؤرخ يناير سنة 1943. وحيث إن المستأنفين بدورهم استشهدوا بكل من مصطفى يوسف الحفناوي وعبد الله عبد اللطيف أبو شعره وعبد العزيز عشماوي الجمل ومحروس إبراهيم المزين فكرروا أقوالهم التي سبق أن أبدوها أمام محكمة أول درجة وأمام الخبير المندوب وتخلص في أن وضع يد المستأنفين ومورثهم من قبل يزيد عن الخمس عشرة سنة - وحيث إنه تبين للمحكمة أن هؤلاء الشهود الذين استشهد بهم المستأنفون من أتباعهم المؤتمرين بأمرهم لأن أولهم خولي زراعتهم والثاني خفير بها والثالث والرابع مستأجرين عندهم ومن ثم لا تطمئن المحكمة إلى شهاداتهم مما يتعين معه إطراحها". ويبين من هذا الذي جاء بالحكم أن المحكمة الاستئنافية قد رأت في حدود سلطتها الموضوعية في تقدير الأدلة أن لا تأخذ بأقوال شهود الطاعنين كما يبين من مقارنة ما أورده الحكم من أقوال الشهود بما ورد في محضر التحقيق المقدمة صورته الرسمية من الطاعنين بملف الطعن أن ما ورد بالحكم لا مسخ فيه ولا تحريف لأقوال هؤلاء الشهود فضلاً عن أن المحكمة أطرحت أقوال شهود الطاعنين لما صرحت به من أنها لا تثق بهم للأسباب التي ذكرتها ولا معقب عليها في ذلك. ومردودان أخيراً بأن ما ينعاه الطاعنون من تناقض الحكم الموضوعي في هذا الخصوص غير مجد طالما كان الثابت أن المحكمة الاستئنافية لم تقم قضاءها على أسباب الحكم المستأنف وحدها بل أقامته أيضاً على أسباب أخرى استندت فيها إلى ما استظهرته من التحقيق الذي قامت بإجرائه هي وإلى تقرير الخبير الذي ندبته محكمة الدرجة الأولى وهي أسباب تكفي بذاتها لحمل قضائها. ومن حيث إنه لما تقدم يكون الطعن بجميع وجوهه على غير أساس ويتعين رفضه. |