المكتب الفني - أحكام النقض - مدني
السنة 57 - صـ 738
جلسة 27 من نوفمبر سنة 2006
برئاسة السيد المستشار/ يحيى إبراهيم عارف نائب رئيس المحكمة وعضوية السادة المستشارين/ مصطفى عزب، سمير حسن، محمد محمد المرسي نواب رئيس المحكمة وعبد السلام المزاحي.
(137)
الطعن رقم 11248 لسنة 65 القضائية
(1) نقض " الخصوم في الطعن ". دعوى " ترك الخصومة ".
الاختصام في الطعن بالنقض. شرطه. اختصام من كان طرفًا في الحكم المطعون فيه. ثبوت ترك أحد المطعون ضده للخصومة. أثره. عدم قبول الطعن بالنسبة له.
(2) أمر على عريضة. اختصاص " اختصاص نوعى ".
الأوامر على عرائض. ماهيتها. التظلم منها إلى ذات المحكمة أو القاضي الآمر. المواد 194، 197، 199 مرافعات المعدل بالقانون 23 لسنة 1992.
(3 - 6) تحكيم " اتفاق التحكيم " " إجراءات التحكيم " " حكم التحكيم: ميعاد إصداره " " هيئة التحكيم: سلطتها في تحديد مدة التحكيم ". حكم.
(3) عدم صدور حكم التحكيم في الميعاد المحدد. أثره. لأي من الطرفين أن يطلب من رئيس المحكمة أن يصدر أمرًا على عريضة بتحديد ميعاد إضافي أو إنهاء إجراءات التحكيم. خضوع هذا الأمر للقواعد العامة في التظلم من الأوامر على العرائض. الاستثناء. صدور الأمر واستنفاد طرق الطعن فيه المقررة في قانون المرافعات. مؤداه. للطرفين رفع الدعوى أمام المحكمة المختصة أصلاً بنظرها. المادتان 9، 45 ق 27 لسنة 1994.
(4) التحكيم. ماهيته. طريق استثنائي لفض الخصومات. اختصاص هيئة التحكيم بالفصل في النزاع المعروض عليها. أساسه القانون. أثره. سلب ولاية القضاء.
(5) قيام التحكيم. شرطه. رضاء الأطراف به كوسيلة تحسم كل أو بعض المنازعات التي نشأت أو يمكن أن تنشأ بينهم. مفاده. إرادة المتعاقدين توجده وتحدد نطاقه.
(6) اتفاق الطرفين على إعمال قواعد تحكيم اليونسترال وتفويض هيئة التحكيم في تحديد مدته. صدور أمر بإنهاء إجراءات التحكيم لعدم إصدار الحكم في الميعاد المحدد بالمادتين 9، 45 من القانون 27 لسنة 1994. خطأ. انتهاء الحكم المطعون فيه إلى هذه النتيجة. صحيح. علة ذلك.
1 - المقرر - في قضاء محكمة النقض - أنه لا يجوز أن يختصم في الطعن بالنقض إلا من كان خصمًا في النزاع الذي فصل فيه الحكم المطعون فيه. وإذ كان الثابت أن الحكم المطعون فيه قضى بإثبات ترك الخصومة بالنسبة للمطعون ضده الثاني، وبذلك لم يعد خصمًا في النزاع الذي فصل فيه ويتعين عدم قبول الطعن بالنسبة له.
2 - النص في المواد 194، 197، 199 من قانون المرافعات - مفاده - أن الأوامر على العرائض هي الأوامر التي يصدرها قضاة الأوامر بما لهم من سلطة ولائية بناء على الطلبات المقدمة إليهم من ذوى الشأن على عرائض وتصدر تلك الأوامر في غيبة الخصوم ودون تسبيب في الأحوال المحددة في القانون على سبيل الحصر وأجاز المشرع التظلم من الأمر لنفس القاضي الآمر أو للمحكمة المختصة التابع لها وهذه قواعد عامة تنطبق على كافة الأحوال التي يجوز فيها إصدار أمر على عريضة.
3 - النص في المادة 45/ 2 من القانون رقم 27 لسنة 1994 على أن " إذا لم يصدر حكم التحكيم خلال الميعاد المشار إليه بالفقرة السابقة جاز لأي من الطرفين أن يطلب من رئيس المحكمة المشار إليها في المادة التاسعة من القانون أن يصدر أمرًا بتحديد ميعاد إضافي أو بإنهاء إجراءات التحكيم ". ومن ثم فإن الأمر الصادر على عريضة من المحكمة المشار إليها بالمادة التاسعة من قانون التحكيم المشار إليه يخضع للقاعدة العامة في التظلم من الأوامر على العرائض من جواز الطعن عليه أمام المحكمة المختصة والتي لم يحظرها المشرع، ولا يغير من ذلك ما ورد بنهاية البند الثاني من المادة 45 سالفة البيان من أن يكون لأي من الطرفين عندئذ رفع دعواه إلى المحكمة المختصة أصلاً بنظرها لأن ذلك يكون في حالة صدور الأمر واستنفاد طرق الطعن فيه بالطريق المقرر في قانون المرافعات.
4 - المقرر - في قضاء محكمة النقض - أن التحكيم طريق استثنائي لفض الخصومات قوامه الخروج عن طرق التقاضي العادية وما تكفله من ضمانات، واختصاص هيئة التحكيم بالفصل في النزاع المعروض عليها يرتكن أساسًا إلى حكم القانون الذي أجاز سلب ولاية جهات القضاء.
5 - التنظيم القانوني للتحكيم إنما يقوم على رضاء الأطراف وقبولهم به كوسيلة لحسم كل أو بعض المنازعات التي نشأت أو يمكن أن تنشأ بينهم بمناسبة علاقة قانونية معينة عقدية أو غير عقدية، فإرادة المتعاقدين هي التي تُوجِد التحكيم وتحدد نطاقه من حيث المسائل التي يشملها والقانون الواجب التطبيق وتشكيل هيئة التحكيم وسلطاتها وإجراءات التحكيم وغيرها.
6 - إذ كان الثابت من الأوراق أن محضر الجلسة المنعقدة بمركز القاهرة الإقليمي للتحكيم التجاري الدولي في الثامن عشر من فبراير 1993 في التحكيم بين طرفي النزاع قد تضمن اتفاق الطرفين في البند الثالث منه أن التحكيم دولي يجرى وفقًا لقواعد اليونسترال، كما تضمن البند التاسع منه على أن الطرفين فوضا هيئة التحكيم في إصدار حكمها خلال سنة من تاريخ هذا المحضر، إلا إذا تراءى للهيئة ضرورة مد هذه المدة فإن لها السلطة في ذلك ويقرر الطرفان بقبولهما قرار الهيئة كأنه قرارهما وتنازلهما عن أى شرط يخالف ذلك. مما مؤداه أن طرفي التحكيم قد حددا بإرادتهما القانون الواجب التطبيق على التحكيم القائم بينهما وهى قواعد تحكيم اليونسترال، كما اتجهت إرادة الطرفين إلى تفويض هيئة التحكيم بشأن مدة إصدار حكمها في التحكيم. مما يكون معه إصدار الأمر بإنهاء إجراءات التحكيم استنادًا لعدم إصدار هيئة التحكيم حكمها خلال الميعاد المحدد وفقًا لأحكام المادتين 9، 45 من القانون رقم 27 لسنة 1994 في شأن التحكيم في المواد المدنية والتجارية يكون قد أهدر إرادة ما اتفق عليه الطرفان، ومن ثم فإن ما انتهى إليه الحكم المطعون فيه يكون قد وافق صحيح القانون.
المحكمة
بعد الاطلاع على الأوراق وسماع التقرير الذي تلاه السيد المستشار المقرر والمرافعة وبعد المداولة.
وحيث إن الوقائع وعلى ما يبين من الحكم المطعون فيه وسائر الأوراق تتحصل في أن الطاعن بصفته تقدم إلى السيد رئيس محكمة استئناف القاهرة بطلب على عريضة قيد برقم .... لسنة .... لإصدار الأمر بإنهاء إجراءات التحكيم في القضية رقم .... لسنة .... المقامة عليه من المطعون ضدهما أمام مركز القاهرة للتحكيم التجاري الدولي وفقًا لأحكام المادة 45 من القانون رقم 27 لسنة 1994 في شأن التحكيم في المواد المدنية والتجارية لعدم إصدار هيئة التحكيم حكمًا أو قرارًا في النزاع خلال الأجل المقرر اتفاقًا أو قانونًا. أصدر رئيس المحكمة أمرًا بإجابة الطاعن إلى طلبه. تظلم المطعون ضدهما من هذا الأمر أمام محكمة استئناف القاهرة وقيد تظلمهما برقم .... لسنة .....، وبتاريخ 20/ 9/ 1995 قضت المحكمة بإلغاء الأمر المتظلم منه واعتباره كأن لم يكن. طعن الطاعن بصفته في هذا الحكم بطريق النقض، وقدمت النيابة مذكرة أبدت فيها الرأي برفض الطعن، وإذ عُرض الطعن على هذه المحكمة في غرفة مشورة حددت جلسة لنظره وفيها التزمت النيابة رأيها.
وحيث إنه - وعلى ما جرى به قضاء هذه المحكمة - لا يجوز أن يختصم في الطعن بالنقض إلا من كان خصمًا في النزاع الذي فصل فيه الحكم المطعون فيه. وإذ كان الثابت أن الحكم المطعون فيه قضى بإثبات ترك الخصومة بالنسبة للمطعون ضده الثاني، وبذلك لم يعد خصمًا في النزاع الذي فصل فيه ويتعين عدم قبول الطعن بالنسبة له.
وحيث إن الطعن بالنسبة للمطعون ضده الأول استوفى أوضاعه الشكلية.
وحيث إن الطعن أقيم على سبب واحد، ينعى الطاعن بالوجه الأول منه على الحكم المطعون فيه الخطأ في تطبيق القانون، وفى بيان ذلك يقول إن الأمر الصادر من رئيس محكمة استئناف القاهرة بإنهاء إجراءات التحكيم لا يعد من قبيل الأوامر على العرائض بل هو أمر نهائي لا يقبل الطعن فيه أمام أية جهة قضائية ولا سبيل لأي من الطرفين سوى اللجوء إلى المحكمة المختصة قانونًا بنظر النزاع، وإذ خالف الحكم المطعون فيه ذلك واعتبر ذلك الأمر من قبيل الأوامر على العرائض التي يجوز التظلم فيها رغم عدم وجود النص القانوني الذي يبيح ذلك، فإنه يكون معيبًا مما يستوجب نقضه.
وحيث إن هذا النعي غير سديد، ذلك أن النص في المادة 194 من قانون المرافعات بعد تعديلها بالقانون رقم 23 لسنة 1992 على أنه " في الأحوال التي ينص فيها القانون على أن يكون للخصم وجه في استصدار أمر يقدم عريضة بطلبه إلى قاضى الأمور الوقتية بالمحكمة المختصة أو إلى رئيس الهيئة التي تنظر الدعوى ..... " وفى المادة 197 على أن " لذوى الشأن الحق في التظلم إلى المحكمة المختصة إلا إذا نص القانون على خلاف ذلك " وفى المادة 199 من ذات القانون على أن " يكون للخصم الذي صدر عليه الأمر بدلاً من التظلم للمحكمة المختصة الحق في التظلم منه لنفس القاضي الآمر ". ومفاد هذه النصوص أن الأوامر على العرائض هي الأوامر التي يصدرها قضاة الأوامر بما لهم من سلطة ولائية بناء على الطلبات المقدمة إليهم من ذوى الشأن على عرائض وتصدر تلك الأوامر في غيبة الخصوم ودون تسبيب في الأحوال المحددة في القانون على سبيل الحصر وأجاز المشرع التظلم من الأمر لنفس القاضي الآمر أو للمحكمة المختصة التابع لها وهذه قواعد عامة تنطبق على كافة الأحوال التي يجوز فيها إصدار أمر على عريضة. وأن النص في المادة 45/ 2 من القانون رقم 27 لسنة 1994 على أن " إذا لم يصدر حكم التحكيم خلال الميعاد المشار إليه بالفقرة السابقة جاز لأي من الطرفين أن يطلب من رئيس المحكمة المشار إليها في المادة التاسعة من القانون أن يصدر أمرًا بتحديد ميعاد إضافي أو بإنهاء إجراءات التحكيم. ومن ثم فإن الأمر الصادر على عريضة من المحكمة المشار إليها بالمادة التاسعة من قانون التحكيم المشار إليه يخضع للقاعدة العامة في التظلم من الأوامر على العرائض من جواز الطعن عليه أمام المحكمة المختصة والتي لم يحظرها المشرع، ولا يغير من ذلك ما ورد بنهاية البند الثاني من المادة 45 سالفة البيان من أن يكون لأي من الطرفين عندئذ رفع دعواه إلى المحكمة المختصة أصلاً بنظرها " لأن ذلك يكون في حالة صدور الأمر واستنفاد طرق الطعن فيه بالطريق المقرر في قانون المرافعات، وإذ كان التظلم المقدم من الطاعن استند فيه إلى نص المادة 194 من قانون المرافعات، وإلى نص 45 من قانون التحكيم، فإنه يكون جائزًا التظلم فيه أمام المحكمة المختصة المشار إليها بالمادة التاسعة من القانون الأخير وإذ التزم الحكم المطعون فيه هذا النظر، فإنه يكون قد وافق صحيح القانون ويضحى النعي على غير أساس.
وحيث إن الطاعن ينعى بالوجه الثاني من سبب الطعن على الحكم المطعون فيه الخطأ في تطبيق القانون، وفى بيان ذلك يقول إن الثابت من محضر الجلسة المنعقدة بمركز القاهرة الإقليمي للتحكيم التجاري الدولي في 18/ 2/ 1993 في التحكيم بين الطاعن والمطعون ضدهما أنهما اتفقا على أن التحكيم دولي ويجرى وفقًا لقواعد تحكيم اليونسترال وأنهما يفوضان هيئة التحكيم أن تصدر حكمها خلال سنة من هذا التاريخ، والتي يحق لها مد هذه المدة، وإذ انقضت المدة دون صدور حكم أو قرار بالمد بل وجاوزت مدة الاثني عشر شهرًا المنصوص عليها في قانون التحكيم رقم 27 لسنة 1994 فإن صدور الأمر بإنهاء إجراءات التحكيم يكون قد اتفق وصحيح القانون، وإذ خالف الحكم المطعون فيه هذا النظر وقضى بإلغاء الأمر المتظلم منه مخالفًا بذلك قواعد تحكيم اليونسترال وقانون التحكيم المصري فإنه يكون معيبًا مما يستوجب نقضه.
وحيث إن هذا النعي غير سديد، ذلك أن المقرر في قضاء هذه المحكمة أن التحكيم طريق استثنائي لفض الخصومات قوامه الخروج عن طرق التقاضي العادية وما تكفله من ضمانات، وإذ كان اختصاص هيئة التحكيم بالفصل في النزاع المعروض عليها يرتكن أساسًا إلى حكم القانون الذي أجاز سلب ولاية جهات القضاء إلا أن التنظيم القانوني للتحكيم إنما يقوم على رضاء الأطراف وقبولهم به كوسيلة لحسم كل أو بعض المنازعات التي نشأت أو يمكن أن تنشأ بينهم بمناسبة علاقة قانونية معينة عقدية أو غير عقدية، فإرادة المتعاقدين هى التي تُوجِد التحكيم وتحدد نطاقه من حيث المسائل التي يشملها والقانون الواجب التطبيق وتشكيل هيئة التحكيم وسلطاتها وإجراءات التحكيم وغيرها. لما كان ذلك، وكان الثابت من الأوراق أن محضر الجلسة المنعقدة بمركز القاهرة الإقليمي للتحكيم التجاري الدولي في الثامن عشر من فبراير 1993 في التحكيم بين طرفي النزاع قد تضمن اتفاق الطرفين في البند الثالث منه أن التحكيم دولي يجرى وفقًا لقواعد اليونسترال، كما تضمن البند التاسع منه على أن الطرفين فوضا هيئة التحكيم في إصدار حكمها خلال سنة من تاريخ هذا المحضر، إلا إذا تراءى للهيئة ضرورة مد هذه المدة فإن لها السلطة في ذلك ويقرر الطرفان بقبولهما قرار الهيئة كأنه قرارهما وتنازلهما عن أي شرط يخالف ذلك. مما مؤداه أن طرفي التحكيم قد حددا بإرادتهما القانون الواجب التطبيق على التحكيم القائم بينهما وهى قواعد تحكيم اليونسترال، كما اتجهت إرادة الطرفين إلى تفويض هيئة التحكيم بشأن مدة إصدار حكمها في التحكيم. مما يكون معه إصدار الأمر بإنهاء إجراءات التحكيم استنادًا لعدم إصدار هيئة التحكيم حكمها خلال الميعاد المحدد وفقًا لأحكام المادتين 9، 45 من القانون رقم 27 لسنة 1994 في شأن التحكيم في المواد المدنية والتجارية يكون قد أهدر إرادة ما اتفق عليه الطرفان، ومن ثم فإن ما انتهى إليه الحكم المطعون فيه يكون قد وافق صحيح القانون ويضحى النعي على غير أساس.
ولما تقدم يتعين رفض الطعن.