أحكام النقض - المكتب الفني - جنائي
السنة 49 - صـ 1407
جلسة 7 من ديسمبر سنة 1998
برئاسة السيد المستشار/ محمد محمد زايد نائب رئيس المحكمة وعضوية السادة المستشارين/ محمد حسام الدين الغرياني ومحمد شتا نائبي رئيس المحكمة. وأسامة توفيق وهشام البسطويسي.
(200)
الطعن رقم 26136 لسنة 66 القضائية
(1) نقض "التقرير بالطعن وإيداع الأسباب. ميعاده".
عدم تقديم الطاعنين أسباباً لطعنهما. أثره: عدم قبول طعنهما شكلاً. أساس ذلك؟
(2) تلبس. قبض. مأمورو الضبط القضائي "سلطاتهم".
لمأمور الضبط القضائي القبض على المتهم في أحوال التلبس بالجنايات. متى وجدت دلائل كافية على اتهامه. المادة 34 إجراءات.
(3) إثبات "بوجه عام". تلبس. مأمورو الضبط القضائي "سلطاتهم". محكمة الموضوع "سلطتها في تقدير حالة التلبس".
تقدير توافر حالة التلبس أو انتفاؤها. موضوعي. التلبس صفة تلازم الجريمة. لا شخص مرتكبها.
(4) سرقة بالإكراه. تلبس. قبض. مأمورو الضبط القضائي. حكم "تسبيبه. تسبيب غير معيب".
مشاهدة مأمور الضبط القضائي السيارة المبلغ بسرقتها وبها المتهمون الثلاثة. تتوافر به حالة التلبس بالجناية. يبيح له القبض.
إطلاق الحكم على الإجراءات التي اتخذها مأمور الضبط القضائي وصف التحريات أو أن يكون اعتراف المتهمين بالوقائع المسندة إليهم فور استيقافهم أو بعد مواجهتهم بالمجني عليه. سواء. ما دام لا أثر له في منطق الحكم واستدلاله على توافر حالة التلبس وصحة إجراءات القبض.
(5) دفوع "الدفع بعدم الاختصاص المكاني". اختصاص "الاختصاص المكاني". نقض "أسباب الطعن. ما لا يقبل منها".
الدفع بعدم الاختصاص المكاني. عدم جواز إثارته لأول مرة أمام النقض ولو تعلق بالنظام العام. علة ذلك؟
(6) دفاع "الإخلال بحق الدفاع. ما لا يوفره". نقض "أسباب الطعن. ما لا يقبل منها". أسباب الإباحة ومانع العقاب "موانع العقاب".
السُكر المبطل للاعتراف. ماهيته؟
النعي على المحكمة قعودها عن الرد على دفاع لم يثر أمامها. غير جائز.
التحدي بالدفاع الموضوعي لأول مرة أمام النقض. غير مقبول.
(7) إثبات "اعتراف". دفوع "الدفع ببطلان الاعتراف". محكمة الموضوع "سلطتها في تقدير الدليل". نقض "أسباب الطعن. ما لا يقبل منها".
الاعتراف في المسائل الجنائية من عناصر الاستدلال. لمحكمة الموضوع كامل الحرية في تقدير صحتها وقيمتها في الإثبات.
إثارة الطاعن ترك الإكراه إصابات به لأول مرة أمام النقض. غير جائز وإن قرر بها بتحقيقات النيابة. علة ذلك؟
(8) إثبات "اعتراف". محكمة الموضوع "سلطتها في تقدير الدليل". نقض "أسباب الطعن. ما لا يقبل منها".
حضور رجال المباحث استجواب المتهم بالنيابة لا يفيد في قيام الإكراه. علة ذلك؟
(9) دفوع "الدفع بتلفيق الاتهام وعدم معقولية تصوير الواقعة". محكمة الموضوع "سلطتها في تقدير أدلة الدعوى". نقض "أسباب الطعن. ما لا يقبل منها".
الدفع بتلفيق التهمة وعدم معقولية تصوير الواقعة. موضوعي. لا يستوجب رداً.
استفادة الرد ضمناً من أدلة الثبوت التي أوردها الحكم.
الجدل الموضوعي في تقدير أدلة الدعوى أمام محكمة النقض. غير جائز.
(10) نقض "المصحة في الطعن". عقوبة "العقوبة المبررة". ارتباط.
نعى الطاعنين على الحكم بالقصور بشأن جريمة مقاومة السلطات. غير مجد. ما دام قد أوقع عليهم عقوبة السرقة بإكراه في طريق عام مع حمل سلاح باعتبارها الجريمة الأشد.
1 - لما كان المحكوم عليهما الأول والثاني وإن قررا بالطعن في الحكم بطريق النقض في الميعاد إلا أنهما لم يقدما أسباباً لطعنهما ومن ثم يتعين الحكم بعدم قبول طعنها شكلاً عملاً بالفقرة الثانية من المادة 34 من قانون حالات وإجراءات الطعن أمام محكمة النقض الصادر بالقانون رقم 57 لسنة 1959.
2 - من المقرر أن المادة 34 من قانون الإجراءات الجنائية المعدلة بالقانون رقم 37 لسنة 1972 المتعلق بضمان حريات المواطنين، قد أجازت لمأمور الضبط القضائي في أحوال التلبس بالجنايات أن يقبض على المتهم الحاضر الذي توجد دلائل كافية على اتهامه.
3 - لما كان تقدير توافر حالة التلبس أو عدم توافرها من الأمور الموضوعية البحتة التي توكل بداءة لرجل الضبط القضائي على أن يكون تقديره خاضعاً لرقابة سلطة التحقيق تحت إشراف محكمة الموضوع - وفق الوقائع المعروضة عليها - بغير معقب، ما دامت النتيجة التي انتهت إليها تتفق منطقياً مع المقدمات والوقائع التي أثبتتها في حكمها، كما أن التلبس صفة تلازم ذات الجريمة لا شخص مرتكبها.
4 - لما كان ما رتبه الحكم - على الاعتبارات السائغة التي أوردها - من إجازة القبض على الطاعن صحيحاً في القانون وذلك على تقدير توافر حالة التلبس بجناية السرقة بإكراه حين انتقل فور إبلاغه بوقائعها حيث شاهد السيارة المبلغ بسرقتها وبها المتهمون الثلاثة فقد توافرت بذلك حالة التلبس بالجناية التي تبيح لمأمور الضبط القضائي عليهم، ويستوي بعد ذلك أن يكون الحكم قد أطلق على الإجراءات التي اتخذها مأمور الضبط القضائي وصف التحريات أو أن يكون اعتراف المتهمين بالوقائع المسندة إليهم فور استيقافهم أو بعد مواجهتهم بالمجني عليه الرابع في قسم الشرطة ما دام أن ذلك - بفرض صحته - لا أثر له في منطق الحكم واستدلاله على توافر حالة التلبس وصحة إجراءات القبض على المتهمين.
5 - لما كان نعي الطاعن على الحكم بأنه أغفل في رده على الدفع ببطلان القبض ما أثاره من عدم الاختصاص المكاني لضابط الواقعة مردوداً بأنه لما كان الطاعن أو المدافع عنه لم يدفع بعدم اختصاص الضابط مكانياً بضبطه وكانت مدونات الحكم خالية مما ينفي هذا الاختصاص ويظاهر ما يدعيه في هذا الخصوص فلا يجوز له أن يثير هذا الدفع لأول مرة أمام محكمة النقض ولو تعلق بالنظام العام لكونه يحتاج إلى تحقيق موضوعي يخرج عن وظيفتها.
6 - ولئن كان السُكر من العوامل التي تفقد الشعور والإدراك، فيبطل الاعتراف إذا كان السكر نتيجة لتناول المعترف للخمر قهراً عنه، أما إذا كان تناوله باختياره، فلا يبطل الاعتراف، إلا إذا كان السُكر قد أفقده الشعور والإدراك تماماً، أما إذا لم يفقده الشعور والإدراك تماماً فيصح الأخذ به. وإذ كان الحكم المطعون فيه لم يرتب على اعتراف الطاعن وحده الأثر القانوني للاعتراف وإنما أقام قضاءه على ما يعززه من أدلة الدعوى الأخرى وكان الثابت من مطالعة محضر جلسة المحاكمة أن الطاعن أو المدافع عنه لم يدع أنه كان وقت ارتكاب الجريمة متناولاً مادة مسكرة قهراً عنه أو على غير علم منه بحقيقة أمرها بل أطلق القول بأن الطاعن كان في حالة سُكر أثناء سؤاله في محضري الشرطة والنيابة العامة دون أن يبين ماهية هذه الحالة ودرجتها ومبلغ تأثيرها في إدراك الطاعن وشعوره وبغير أن يقدم دليلاً على أنها أفقدته تماماً الإدراك والشعور أثناء اعترافه، فإنه لا يكون للطاعن من بعد النعي على المحكمة قعودها عن الرد على دفاع لم يثر أمامها ولا يقبل منه التحدي بذلك الدفاع الموضوعي لأول مرة أمام محكمة النقض ويضحى نعيه في هذا الخصوص على غير أساس.
7 - لما كان من المقرر أن الاعتراف في المسائل الجنائية عنصر من عناصر الاستدلال التي تملك محكمة الموضوع كامل الحرية في تقدير صحتها وقيمتها في الإثبات، ولما كانت المحكمة قد أطرحت دفاع الطاعن ببطلان اعترافه لخلو الأوراق من دليل على صحته، واستخلصت سلامة اعترافه، فإن نعي الطاعن على الحكم في هذا الخصوص يكون غير سديد، ولا يقدح في ذلك ما قرره الطاعن في أسباب طعنه من أن الإكراه قد ترك بالطاعن إصابات في ظهره قرر بها في تحقيقات النيابة العامة ذلك بأنه لم يثر هذه الواقعة أمام محكمة الموضوع لتقول كلمتها في الصلة بين الاعتراف وبين تلك الإصابات المقول بها، بما لا يجوز للطاعن أن يثيرها لأول مرة أمام محكمة النقض، بخاصة أن الحكم المطعون فيه لم يشر إلى وجود إصابات بالمتهم على نحو يرشح إلى وجود صلة بينها وبين اعترافه.
8 - من المقرر أن ما يثيره الطاعن من أن استجوابه بالنيابة العامة قد تم في حضور رجال المباحث ومنهم ضابط الواقعة لا يفيد في قيام الإكراه لأن مجرد حضورهم وخشيته منهم لا يعد قرين الإكراه المبطل للاعتراف لا معنى ولا حكماً.
9 - لما كان من المقرر أن الدفع بتلفيق الاتهام وعدم معقولية تصوير الواقعة من أوجه الدفاع الموضوعية التي لا تستوجب في الأصل من المحكمة رداً صريحاً ما دام الرد يستفاد ضمناً من القضاء بالإدانة استناداً إلى أدلة الثبوت التي أوردها الحكم، ومن ثم فإن ما يثيره الطاعن في هذا الشأن ينحل إلى جدل موضوعي حول حق محكمة الموضوع في تقدير أدلة الدعوى مما لا يجوز إثارته أمام محكمة النقض.
10 - لما كان الحكم لم يوقع على الطاعن والمحكوم عليهما الآخرين سوى العقوبة المقررة لجريمة السرقة بإكراه في طريق عام حال حمل كل من الآخرين سلاحاً باعتبارها الجريمة الأشد فإنه لا جدوى مما يثيره الطاعن عن قصور الحكم فيما يتعلق بجريمة مقاومة السلطات ما دامت أسبابه وافية لا قصور فيها بالنسبة إلى جريمة السرقة بإكراه التي دانه بها.
الوقائع
اتهمت النيابة العامة الطاعنين بأنهم أولاً: المتهمان الأول والثاني: 1 - سرقا السيارة رقم..... أجرة القاهرة والمبينة وصفاً وقيمة بالأوراق والمملوكة لـ..... وكان ذلك بإحدى الطرق العامة (شارع.... بدائرة قسم النزهة) وبطريق الإكراه الواقع على المجني عليه سالف الذكر بأن استقلا سيارته بزعم نقلهما إلى ميدان الحجاز واتخذ الأول مجلسه خلف المجني عليه والثاني بجواره حيث أشهرا في رقبته وجانبه سلاحين أبيضين (سكين وموسى) وأمراه بالتخلي عن سيارته وتمكنا بذلك من الاستيلاء عليها تحت التهديد باستخدام ما بحوزتهما من سلاح. 2 - أحرز كل منهما سلاحاً أبيض "سكين - موسي" في غير الأحوال المصرح بها قانوناً. ثانياً: المتهمون جميعاً: 1 - سرقوا الأشياء والأموال المبينة وصفاً وقيمة بالأوراق والمملوكة لـ...... و..... و..... وكان ذلك ليلاً وبإحدى الطرق العامة (شارع جسر السويس) وحالة كونهم ثلاثة أشخاص الأول والثاني منهما حاملين لأسلحة بيضاء (سكينتان) مخبأة وبطريق الإكراه الواقع على المجني عليهم سالفي الذكر بأن قاد المتهم الثالث السيارة موضوع السرقة الأولى وجلس المتهمان الأول والثاني بمقعدهما الخلفي واستدرجوا كلاً من المجني عليهم سالفي الذكر إلى داخلها حيث قام الأول والثاني بشد وثاقهم وشل مقاومتهم واضعين بجنوبهم ورقابهم سلاحهما الأبيض لحمله على إخراج ما لديهم من مال وتمكنوا بذلك من الاستيلاء على المسروقات سالفة الذكر تحت التهديد باستعمال السلاح. 2 - استعملوا القوة والتهديد مع ثلاثة من الموظفين العموميين (النقيب/ ...... وأميني الشرطة.... و....... لحملهم بغير حق على الامتناع عن أداء عمل من أعمال وظيفتهم وهو ضبطهم عقب ارتكابهم الجرائم سالفة الوصف ولم يبلغوا بذلك مقصدهم حال كونهم حاملين لأسلحة بيضاء وكان ذلك بأن قاد المتهم الثالث السيارة المسروقة مسرعاً ولاذوا بالفرار معرضاً حياة الأشخاص والأموال للخطر بينما طفق الأول والثاني يعدوان حاملين لسلاحيهما الأبيضين وحيث هدد المتهم الأول المجني عليهم سالفي الذكر باستعماله. ثالثاً: المتهم الثالث: 1 - قاد السيارة الأجرة رقم..... أجرة القاهرة بدون رخصتي قيادة وتسيير. 2 - ضبط في الطريق العام وهو في حالة سكر بين وأحالتهم إلى محكمة جنايات القاهرة لمعاقبتهم طبقاً للقيد والوصف الواردين بأمر الإحالة. والمحكمة المذكورة قضت حضورياً عملاً بالمواد 137/ 1، 2، 315 من قانون العقوبات والمواد 1، 25 مكرراً/ 1، 30 من القانون 394 لسنة 1954 والمعدل بالقانون رقم 26 لسنة 1978 والمواد 1، 2، 3، 4، 32، 75/ 2، 78، 79 من القانون 66 لسنة 1973 والمعدل بالقانون 10 لسنة 1988 والمواد 1، 2، 7، من القانون 63 لسنة 1976 مع إعمال المادتين 17، 32 من قانون العقوبات بمعاقبة كل من المتهمين بالسجن لمدة عشر سنوات عما أسند إلى كل منهم ومصادرة السلاح الأبيض المضبوط.
فطعن المحكوم عليهم في هذا الحكم بطريق النقض وقدمت مذكرة بأسباب الطعن عن الطاعن الثالث..... إلخ.
المحكمة
من حيث إن المحكوم عليهما الأول والثاني وإن قررا بالطعن في الحكم بطريق النقض في الميعاد إلا أنهما لم يقدما أسباباً لطعنهما ومن ثم يتعين الحكم بعدم قبول طعنها شكلاً عملاً بالفقرة الثانية من المادة 34 من قانون حالات وإجراءات الطعن أمام محكمة النقض الصادر بالقانون رقم 57 لسنة 1959.
ومن حيث إن الطعن المقدم من المحكوم عليه الثالث استوفى الشكل المقرر في القانون.
ومن حيث إن مبنى الطعن هو أن الحكم المطعون فيه إذ دان الطاعن مع آخرين بجرائم السرقة بإكراه في طريق عام ليلاً مع حمل سلاح ومقاومة السلطات والسُكر البين قد شابه القصور في التسبيب والخطأ في الإسناد وانطوى على الفساد في الاستدلال والإخلال بحق الدفاع ذلك بأن الحكم أطرح دفوعه ببطلان القبض لعدم صدور إذن من النيابة العامة به ولانتفاء حالة التلبس ولعدم إجراء تحريات سابقة على القبض ولعدم اختصاص ضابط الواقعة مكانياً بمقولة اطمئنان المحكمة لما تم من تحريات ومن اعتراف المتهمين للضابط عند القبض عليهم في حين أن الأوراق خلت من أية تحريات وأنهم لم يعترفوا إلا بعد مواجهتهم بالمجني عليهم، كما أطرح دفعه ببطلان الاعتراف لوجوده في حالة سُكر بين ولتعرضه لإكراه مادي ثابت بالتحقيقات وإكراه معنوي لحضور ضابط الواقعة تحقيقات النيابة العامة بمقولة إن المحكمة اطمأنت لسلامة الاعتراف ولأن سُكر الطاعن كان اختيارياً في حين أنه أكره عليه من المحكوم عليهما الآخرين، وهو ما لا يصلح لإطراحها، كما أن الحكم لم يعرض لدفاع الطاعن القائم على استحالة حدوث الواقعة وفقاً لتصوير ضابطها وأن الاتهام ملفق، فضلاً عن عدم توافر أركان جريمة مقاومة السلطات في حقه إذ لم ينسب له الحكم فعلاً من أفعال المقاومة ولم يضبط معه ثمة أسلحة مما يعيب الحكم بما يوجب نقضه.
وحيث إن الحكم المطعون فيه حصل واقعة الدعوى بما مجمله أن المحكوم عليهما الآخرين استوقفا - ليلة 5/ 12/ 1995 - السيارة رقم..... أجرة القاهرة بقيادة المجني عليه..... وركبا معه ليقلهما إلى ميدان الحجاز بمصر الجديدة، وفي الطريق أرغماه على التوقف بسيارته وأكرهاه على النزول منها تحت تهديد السلاح الأبيض الذي حمله كل منهما، وأسرعا فارين بسيارته فلم يتمكن من اللحاق بهما، ثم اصطحبا معهما الطاعن الذي تولى قيادة السيارة، فأشار لهم المجني عليه...... طالباً توصيله، وإذ جلس بالمقعد الأمامي بجوار الطاعن قام المحكوم عليهما الآخران الجالسان بالمعقد الخلفي بتهديده بسكين واستولى - ثلاثتهم - على ساعة يده ومبلغ نقدي وأنزلوه في عرض الطريق بشارع جسر السويس وكرروا ذات الواقعة مع كل من المجني عليهما..... و..... فبادر النقيب.... رئيس مباحث قسم النزهة - فور تلقيه بلاغات المجني عليهم وفحصها - بإعداد أكمنة بشارع جسر السويس بدائرة القسم الذي كان مسرحاً لجميع الوقائع المبلغ بها فشاهد - في مكمنه - السيارة المبلغ بسرقتها يستقلها المتهمون الثلاثة ولما أمر قائدها - الطاعن - بالتوقف، لم يمتثل وأسرع بالسيارة محاولاً الفرار ومعرضاً المارة للخطر مما حمل الضابط وأحد مرافقيه على إطلاق عدة أعيرة نارية في الهواء فتوقف الطاعن بالسيارة على جانب الطريق وقام بضبط كل من الطاعن والمحكوم عليه الثاني بينما حاول المحكوم عليه الأول الفرار مهدداً ضابط الواقعة بسلاحه الأبيض فأطلق الأخير أعيرة نارية في الهواء لإرهابه فلم يذعن فأطلق عياراً آخر تجاه قدمه فأصاب منه القدم اليسرى وتمكن من ضبطه وتعرف المجني عليه الرابع الذي كان موجوداً بالقسم على المتهمين. ثم أورد الحكم على ثبوت الواقعة في حق الطاعن والمتهمين الآخرين أدلة مستمدة من أقوال شهود الإثبات واعتراف المتهمين بمحضري الاستدلالات وتحقيقات النيابة العامة وهي أدلة من شأنها أن تؤدى إلى ما رتبه الحكم عليها، ثم رد على الدفع المبدى من الطاعن ببطلان القبض عليه لعدم جدية التحريات ولعدم وجود إذن من النيابة العامة ولانتفاء حالة التلبس بأن ضابط الواقعة انتقل - فور تلقيه بلاغات المجني عليهم الثلاثة الأوائل وفحصها - وأعد الأكمنة اللازمة وإذ شاهد السيارة الأجرة بسرقتها وتأكد من رقمها أمر قائدها (الطاعن) بالوقوف فلم يمتثل فطاردهم حتى تمكن من إيقافهم فاعترفوا له بسرقة تلك السيارة فقام بالقبض عليهم. لما كان ذلك، وكانت المادة 34 من قانون الإجراءات الجنائية المعدلة بالقانون رقم 37 لسنة 1972 المتعلق بضمان حريات المواطنين، قد أجازت لمأمور الضبط القضائي في أحوال التلبس بالجنايات أن يقبض على المتهم الحاضر الذي توجد دلائل كافية على اتهامه. وكان تقدير توافر حالة التلبس أو عدم توافرها من الأمور الموضوعية البحتة التي توكل بداءة لرجل الضبط القضائي على أن يكون تقديره خاضعاً لرقابة سلطة التحقيق تحت إشراف محكمة الموضوع - وفق الوقائع المعروضة عليها - بغير معقب، ما دامت النتيجة التي انتهت إليها تتفق منطقياً مع المقدمات والوقائع التي أثبتتها في حكمها، كما أن التلبس صفة تلازم ذات الجريمة لا شخص مرتكبها. وإذ كان ما رتبه الحكم - على الاعتبارات السائغة التي أوردها - من إجازة القبض على الطاعن صحيحاً في القانون وذلك على تقدير توافر حالة التلبس بجناية السرقة بإكراه حين انتقل فور إبلاغه بوقائعها حيث شاهد السيارة المبلغ بسرقتها وبها المتهمون الثلاثة فقد توافرت بذلك حالة التلبس بالجناية التي تبيح لمأمور الضبط القضائي عليهم، ويستوي بعد ذلك أن يكون الحكم قد أطلق على الإجراءات التي اتخذها مأمور الضبط القضائي وصف التحريات أو أن يكون اعتراف المتهمين بالوقائع المسندة إليهم فور استيقافهم أو بعد مواجهتهم بالمجني عليه الرابع في قسم الشرطة ما دام أن تلك - بفرض صحته - لا أثر له في منطق الحكم واستدلاله على توافر حالة التلبس وصحة إجراءات القبض على المتهمين. لما كان ذلك، وكان نعي الطاعن على الحكم بأنه أغفل في رده على الدفع ببطلان القبض ما أثاره من عدم الاختصاص المكاني لضابط الواقعة مردوداً بأنه لما كان الطاعن أو المدافع عنه لم يدفع بعدم اختصاص الضابط مكانياً بضبطه وكانت مدونات الحكم خالية مما ينفي هذا الاختصاص ويظاهر ما يدعيه في هذا الخصوص فلا يجوز له أن يثير هذا الدفع لأول مرة أمام محكمة النقض ولو تعلق بالنظام العام لكونه يحتاج إلى تحقيق موضوعي يخرج عن وظيفتها. لما كان ذلك، ولئن كان السكُر من العوامل التي تفقد الشعور والإدراك، فيبطل الاعتراف إذ كان السكر نتيجة لتناول المعترف للخمر قهراً عنه، أما إذا كان تناوله باختياره، فلا يبطل الاعتراف، إلا إذا كان السكر قد أفقده الشعور والإدراك تماماً، أما إذا لم يفقده الشعور والإدراك تماماً فيصح الأخذ به. وإذ كان الحكم المطعون فيه لم يرتب على اعتراف الطاعن وحده الأثر القانوني للاعتراف وإنما أقام قضاءه على ما يعززه من أدلة الدعوى الأخرى وكان الثابت من مطالعة محضر جلسة المحاكمة أن الطاعن أو المدافع عنه لم يدع أنه كان وقت ارتكاب الجريمة متناولاً مادة مسكرة قهراً عنه أو على غير علم منه بحقيقة أمرها بل أطلق القول بأن الطاعن كان في حالة سكر أثناء سؤاله في محضري الشرطة والنيابة العامة دون أن يبين ماهية هذه الحالة ودرجتها ومبلغ تأثيرها في إدراك الطاعن وشعوره وبغير أن يقدم دليلاً على أنها أفقدته تماماً الإدراك والشعور أثناء اعترافه، فإنه لا يكون للطاعن من بعد النعي على المحكمة قعودها عن الرد على دفاع لم يثر أمامها ولا يقبل منه التحدي بذلك الدفاع الموضوعي لأول مرة أمام محكمة النقض ويضحى نعيه في هذا الخصوص على غير أساس. لما كان ذلك، وكان الثابت من محضر جلسة المحاكمة أن الطاعن قد أورد الدفع ببطلان اعترافه لأنه وليد الإكراه في عبارة عامة مرسلة لا تستند إلى وقائع محددة. لما كان ذلك، وكان من المقرر أن الاعتراف في المسائل الجنائية عنصر من عناصر الاستدلال التي تملك محكمة الموضوع كامل الحرية في تقدير صحتها وقيمتها في الإثبات، ولما كانت المحكمة قد أطرحت دفاع الطاعن ببطلان اعترافه لخلو الأوراق من دليل على صحته، واستخلصت سلامة اعترافه، فإن نعي الطاعن على الحكم في هذا الخصوص يكون غير سديد، ولا يقدح في ذلك ما قرره الطاعن في أسباب طعنه من أن الإكراه قد ترك بالطاعن إصابات في ظهره قرر بها في تحقيقات النيابة العامة ذلك بأنه لم يثر هذه الواقعة أمام محكمة الموضوع لتقول كلمتها في الصلة بين الاعتراف وبين تلك الإصابات المقول بها، بما لا يجوز للطاعن أن يثيرها لأول مرة أمام محكمة النقض، بخاصة أن الحكم المطعون فيه لم يشر إلى وجود إصابات بالمتهم على نحو يرشح إلى وجود صلة بينها وبين اعترافه. هذا فضلاً عن أنه لو صح ما يثيره الطاعن من أن استجوابه بالنيابة العامة قد تم في حضور رجال المباحث ومنهم الواقعة لا يفيد في قيام الإكراه لأن مجرد حضورهم وخشيته منهم لا يعد قرين الإكراه المبطل للاعتراف لا معنى ولا حكماً. لما كان ذلك، وكان من المقرر أن الدفع بتلفيق الاتهام وعدم معقولية تصوير الواقعة من أوجه الدفاع الموضوعية التي لا تستوجب في الأصل من المحكمة رداً صريحاً ما دام الرد يستفاد ضمناً من القضاء بالإدانة استناداً إلى أدلة الثبوت التي أوردها الحكم، ومن ثم فإن ما يثيره الطاعن في هذا الشأن ينحل إلى جدل موضوعي حول حق محكمة الموضوع في تقدير أدلة الدعوى ما لا يجوز إثارته أمام محكمة النقض. لما كان ذلك، وكان الحكم لم يوقع على الطاعن والمحكوم عليهما الآخرين سوى العقوبة المقررة لجريمة السرقة بإكراه في طريق عام حال حمل كل من الآخرين سلاحاً باعتبارها الجريمة الأشد فإنه لا جدوى مما يثيره الطاعن عن قصور الحكم فيما يتعلق بجريمة مقاومة السلطات ما دامت أسبابه وافية لا قصور فيها بالنسبة إلى جريمة السرقة بإكراه التي دانه بها. لما كان ما تقدم، فإن الطعن برمته يكون على غير أساس متعيناً رفضه موضوعاً.