الصفـحة الرئيـسية باحث التشريعات باحث النقض باحث الدستورية باحث الإدارية العليا
إيقافتشغيل / السرعة الطبيعيةللأعلىللأسفلزيادة السرعة تقليل السرعة

باسم الشعب
مجلس الدولة
الدائرة الأولى - موضوع

بالجلسة المنعقدة علنا يوم السبت الموافق 16/ 4/ 2011م
برئاسة السيد المستشار/ مجدى حسين محمد العجاتى
نائب رئيس مجلس الدولة ورئيس المحكمة
وعضوية السادة الأساتذة المستشارين/ حسين محمد عبد المجيد بركات وأحمد عبد التواب محمد موسى وأحمد عبد الحميد حسن عبود وشحاتة على أحمد أبو زيد نواب رئيس مجلس الدولة
بحضور السيد الأستاذ المستشار/ عادل عطية الله رسلان نائب رئيس مجلس الدولة ومفوض الدولة
وحضور السيد/ كمال نجيب مرسيس سكرتير المحكمة

أصدرت الحكم الآتى

فى الطعون أرقام 20030، 20279، 20459 لسنة 57 القضائية عليا
المقام أولهما من السيد/ أحمد بيومى الفضالى بصفته رئيس حزب السلام الديمقراطى

ضـد

1 - رئيس المجلس الأعلى للقوات المسلحة بصفته
2 - وزير الداخلية ( بصفته)
المقام ثانيهما من السيد - محمود حسن أبو العينين

ضـد

1 - رئيس المجلس الأعلى للقوات المسلحة بصفته.
2 - رئيس مجلس الوزراء (بصفته).
3 - رئيس المجلس الأعلى للصحافة (بصفته).
4 - وزير الداخلية (بصفته).
والمقام ثالثهما من السيد/ محمد مصطفى بكرى

ضـد

نائب رئيس مجلس الوزارء( بصفته)


الإجراءات

بتاريخ 10/ 3/ 2011 أقام الاستأذ أحمد بيومى الفضالى بصفته رئيس حزب السلام الديمقراطى الدعوى رقم 20030 لسنة 57 ق عليا طالبًا الحكم بحل الحزب الوطنى الديمقراطى وما يترتب عليه من آثار وأخصها رد المقار الرئيسية وكافة مقار فروع الحزب إلى الدولة وبتاريخ 13/ 3/ 2011 أقام الأستاذ/ محمود حسن أبو العينين الدعوى 20279 لسنة 57 ق عليا طالبا الحكم بقبولها شكلاً وبصفة عاجلة بوقف تنفيذ القرار السلبى للجهة الإدارية بالامتناع عن إصدار قرار بحل الحزب الوطنى الديمقراطى مع التصريح بتنفيذ الحكم بالمسودة، وفى الموضوع بإلغاء هذا القرار وما يترتب عن هذا من آثار أهمها مصادرة ممتلاكته ومقاره على مستوى الجمهورية ومصادرة أمواله وأصوله العقارية والسائلة لتضاف إلى خزينة الدولة وكذلك حرمان أعضائه والمنتمين إليه من ممارسة أى نشاط سياسى وحزبى خلال المرحلة القادمة وبتاريخ 14/ 3/ 2011 أقام الاستاذ/ محمد مصطفى بكرى الدعوى رقم 20459 لسنة 57 ق عليا طالبًا الحكم بفبولها شكلاً وفى شق عاجل بوقف القرار السلبى للدكتور نائب/ رئيس مجلس الوزراء بصفته بالامتناع عن إصدار قرار بتجميد ووقف نشاط الحزب الوطنى الديمقراطى ووقف نشاط قيادته وقرارتهم وأقامت الدعوى اللازمة أمام المحكمة الإدارية العليا لحله وتصفية أمواله وتحديد الجهة التى تؤول إليها وفى الموضوع بإلغاء القرار السلبى المشار إليه والقضاء بحل الحزب الوطنى وتصفية أمواله وتحديد الجهة التى تؤول إليها.
وجرى إعلان الدعاوى سالفة الذكر على النحو المبين بالأوراق.
وأعدت هيئة مفوضى الدولة ثلاثة تقارير فى الدعاوى الثلاث ارتأت فيها الحكم بقبول الدعاوى شكلاً وفى الموضوع بحل الحزب الوطنى الديمقراطى وتصفية أمواله وأيلولتها إلى الدولة وألزمت المدعى عليهم فى كلا من هذه الدعاوى المصروفات وقد نظرت الدعاوى بجلسة 26/ 3/ 2011 على النحو الثابت بمحاضرها وبجلسة 16/ 4/ 2011 دفع الحاضر عن الحزب بعدم قبول الدعوى لإقامتها من غير ذى صفة وبعدم قبولها لرفعها قبل الأوان ولرفعها بغير الطريق الذى رسمه القانون، كما دفع الحاضر عن الدولة أصليًا بعدم قبولها لرفعها على غير ذى صفة بالنسبة لرئيس المجلس الأعلى للقوات المسلحة ووزير الداخلية ونائب رئيس مجلس الوزارء ورئيس المجلس الأعلى للصحافة بصفاتهم ومن باب الاحتياط الكلى عدم قبول الدعوى لانتفاء القرار يتقدم كلا من الدكتور/ عبد العزيز فؤاد أحمد صالح وسعد محمد عيد صالح بالتدخل إلى جانب المدعين ثم قررت المحكمة ضم الدعويين رقمي 20279، 20459 لسنة 57 ق عليا إلى الدعوى رقم 20030 لسنة 57 ق عليا للارتباط وليصدر فيها حكم واحد وبذات الجلسة تقرر النطق بالحكم آخر الجلسة وحيث صدر الحكم وأودعت مسودته المشتملة على أسبابه عند النطق به.


المحكمة

بعد الاطلاع على الأوراق وسماع الإيضاحات والمداولة قانونًا.
من حيث إن عناصر هذه المنازعة تخلص - حسبما تبين من الأوراق فى أن المدعيين الثلاث كانوا قد أقاموا دعاويهم ابتغاء الحكم لهم بطلباتهم سالفة الذكر وذكر - شارحًا لذلك - أنه بعد ثورة 25 يناير 2011 تساقطت قوى الفساد التى ظلت جاسمة على البلاد أكثر من ثلاثين عامًا وتكشف الكثير من الفساد والاستبداد التى أدت إلى تخلف البلاد وتزايد معدلات الفقر وانتشار الرشوة والمحسوبية والزواج الآثم بين السلطة والثروة وتبنى سياسات اقتصادية خاطئة وقد لعب الحزب المذكور منذ تأسيسه عام 1978 الدور الأساسى فى اختيار الحكومات الفاسدة وتمرير القوانين المتناقضة مع الدستور وتعطيل تنفيذ الأحكام القضائية وتبنى سياسات معادية للوطن ومصالح الجماهير كما أنه تسبب فى إفساد الحياة السياسية وإضرار الوحدة الوطنية وبذلك يكون الحزب المشار إليه قد فقد شروط استمراره كحزب لتعارض مبادئه وأهدافه وبرامجه وسياسته وأساليبه فى ممارسة نشاطه مع الدستور ومقتضيات الحفاظ على الوحدة الوطنية والسلام الاجتماعى والنظام الديقراطى مستوجبًا حله وتصفية أمواله.
ومن حيث إن مسألة كل من الاختصاص والقبول تعتبر مطروحة دائمًا على المحكمة إذ يتعين عليها ومن تلقاء ذاتها أن تفصل فيهما حتى لا تتصدى لموضوع دعوى حال كونها غير مختصة بنظرها وكانت غير مقبولة لسبب من أسباب عدم القبول.
ومن حيث إنه بعد إقامة الدعاوى الماثلة وأثناء نظرها صدر المرسوم بقانون رقم 12 لسنة 2011 بتعديل بعض أحكام القانون رقم 40 لسنة 1977 الخاص بنظام الأحزاب السياسية والمعمول به اعتبارًا من 29/ 3/ 2011 (اليوم التالى لتاريخ نشره فى الجريدة الرسمية) وبموجبه استمر الاختصاص برقابة المشروعية فيما يتعلق بجميع شئون الأحزاب بدءًا من تكوينها وحتى انقضائها للدائرة الأولى بالمحكمة الإدارية العليا منفردة بعد استبعاد الشخصيات العامة من تشكيلها وذلك بموجب المادة 17 من القانون بعد تعديلها بالمرسوم بالقانون المشار إليه.
ومن حيث أن البادى من هذا التعديل أنه يقوم على إدراك أن تكوين الأحزاب السياسية وتعددها هو أحد المقومات التى يقوم عليها المجتمع المصرى على نحو ما كان منصوصًا عليه فى المادة (5) من دستور 1971 وأكده الإعلان الدستورى الصادر فى 30/ 3/ 2011 حينما نص فى الفقرة الأخيرة من المادة (4) منه على أن للمواطنين حق تكوين الجمعيات وإنشاء النقابات والاتحادات والأحزاب وذلك على الوجه المبين فى القانون وهو بهذه المثابة يدخل فى رحاب المقومات الأساسية التى حرصت هذه المحكمة فى حكمها الصادر فى الطعن رقم 37967 لسنة 55 ق عليا بجلسة 19/ 2/ 2011 على التأكيد على ذلك لأنه حق يتأبى على الانتقاص منه والمساس به..
ومن حيث إنه ولئن كان حق ممارسة رقابة المشروعية على نحو ما تضمنه تعديل المادة (17) سالفة الذكر يتمثل فى الرقابة التى تسلطها هذه المحكمة على طلب حل الحزب الذى يصدره رئيس لجنة الأحزاب السياسية بعد موافقتها إذا ثبت لها من تقرير النائب العام - بعد تحقيق يجريه -تخلف وزوال شرط من الشروط المنصوص عليها فى المادة(4) من القانون إلا أن هذا الوجه من رقابة المشروعية يفترض انصرافه بحكم اللزوم إلى حزب قائم قانونًا وواقعًا أما إذا كان الحزب قد زال عن الوجود القانونى والواقع المادى فإن ولاية هذه المحكمة تنصرف إلى الكشف عن حقيقة هذا الزوال مع ترتيب الآثار القانونية عليه وتتمثل فى تصفية أمواله وتحديد الجهة التى تؤول إليها هذه الأموال.
ومن حيث إن قضاء هذه المحكمة قد استقر على أنها هى التى تهيمن على تكييف الدعوى وتحديد حقيقة الطلبات فيها بما يتفق مع نية المدعى من وراء إبدائها وكل ذلك مع مراعاة حدود الاختصاص المنوط بقاضى المشروعية مكملاً فى الدعوى الماثلة بإرادة الشعب المصرى مصدر السلطات والذى يسمو على الدستور والقوانين والذى منح المجلس الأعلى للقوات المسلحة شرعية إدارة شئون البلاد بصفة مؤقتة حتى يكتمل بناء المؤسسات الدستورية وهى الإرادة التى استند إليها المجلس الأعلى ذاته فى إصدار الإعلان الدستورى بتاريخ 13/ 2/ 2011 والذى بمقتضاه تم حل مجلس الشعب والشورى وتعطيل أحكام دستور 1971 فى أعقاب قيام ثورة 25يناير المجيدة مستهدفًا منها إسقاط نظام الحكم والحزب الذى أفسده والذى تحقق بتخلى رئيس الدولة والذى هو فى الوقت ذاته رئيس الحزب الوطنى الحاكم عن السلطة.
ومن حيث إن إسقاط النظام يستتبع بالضرورة وبحكم اللزوم والجزم سقوط أدواته التى كان يمارس من خلالها سلطاته بحيث لا ينفك عنها وأهم هذه الأدوات ذلك الحزب الحاكم الذى ثبت بيقين إفساده للحياة السياسية والاقتصادية والاجتماعية وهو أحجم عند إقراره عن الكشف عنه وبحق المجلس الأعلى للقوات المسلحة حتى لا يتهم بأنه اغتصب سلطة هذه المحكمة المنوط بها دون غيرها الكشف عن حل الحزب وتصفيته وتحديد الجهة التى تؤول إليها أمواله وذلك احترامًا منه للسلطة القضائية ولمبدأ الفصل بين السلطات ومن ثم واجبًا على هذه المحكمة الكشف عن ذلك السقوط وما يترتب على ذلك من آثار.
ومن حيث إنه بالبناء على ما تقدم فإن طلبات المدعين استكانها لنيتهم من وراء إبدائها أنه يطلبون من هذه المحكمة إنزال صحيح حكم القانون على واقع ما كان يسمى (الحزب الوطنى الديمقراطى) وتقرير سقوطه (أو الكشف عن هذا السقوط) بعد أن سقط وانحل وأصبح هباء مع ترتيب الآثار القانونية لذلك طبقًا لما ينظمه قانون الأحزاب السياسية المشار إليه.
ومن حيث إن الدعوى بهذه المثابة قد استوفت أوضاع الاختصاص المقررة وقواعد قبولها لرفعها فى مواجهة ممثل السلطة التنفيذية حتى يمكن أن يقوم بتنفيذ ما يترتب على هذا الحكم الصادر فيها من آثار.
ومن حيث أنه عن موضوع الدعوى الماثلة فإنه لما كان رئيس الجمهورية السابق هو ذاته رئيس الحزب الوطنى الديمقراطى ذلك الحزب الذى كان يمارس الحكم منفردًا طوال المدة التى استمر فيها رئيس الجمهورية السابق على قمة نظام الحكم فى البلاد وعلى ذلك ودون الحاجة إلى الخوض فى جدل كان الحزب المذكور لا ينفك عن أن يثيره وهو ما إذا كان هو حزب الحكومة أم هى حكومة الحزب وأيًا كان الأمر فإن الواقع القانوني والفعلي يتحصل فى أن السلطة التشريعية بمجلسيها كانت واقعة تحت الأغلبية المصطنعة للحزب المذكور عن طريق الانتخابات التى شابتها مخالفات جسيمة على مدار السنوات الماضية وآخرها الانتخابات التى أجريت عام 2010 وكشفت التقارير التى أعدت عنها ومنها ما صدر عن المجلس القومى لحقوق الإنسان فى ديسمبر 2010 من أن هذه الانتخابات دمجت بمخالفات جسيمة تخرجها عن أى مفهوم صحيح للعملية الانتخابية ومن ذلك منع الناخبين من غير أعضاء الحزب الوطنى الديمقراطى بالقوة من الإدلاء بأصواتهم وغلق بعض اللجان ومنع الوكلاء المندوبين من دخول اللجان الانتخابية والتواجد غير القانونى لبعض الافراد داخل اللجان الانتخابية فضلاً عن صدور 1300 حكم نهائى واجب النفاذ من محاكم القضاء الإدارى لم ينفذ منها سوى خمسة عشر حكمًا الأمر الذى عصف بمبدأ سيادة القانون وحجية الأحكام.
ومن حيث إنه إذا كانت ثورة 25 يناير 2011 المجيدة قد أزاحت النظام السياسى وأسقطته وأجبرت رئيس الجمهورية السابق الذى هو رئيس الحزب الوطنى الديمقراطى على التنحى فى الحادى عشر من فبراير فإن لازم ذلك قانونًا وواقعًا أن يكون الحزب قد أزيل من الواقع السياسى المصرى رضوخًا لإرادة الشعب ومن ثم فلا يستقيم عقلاً أن يسقط النظام دون أدواته وهو الحزب ولا يكون على هذه المحكمة إلا الكشف عن هذا السقوط حيث لم يعد له وجود بعد الحادى عشر من فبراير لسنة 2011على نحو ما سبق البيان.
ومن حيث إنه طبقًا لحكم المادة (17) من قانون الأحزاب السياسية, المشار إليه, فإن هذه المحكمة لا تتقيد فى تحديد أيلولة أموال الحزب المنقضى إلى جهة معينة وإنما يكون الأمر مرهونًا بما تراه باعتبارها المؤتمنة على شئون الأحزاب.
ومن حيث إن الثابت من العلم العام أن الحزب المذكور نشأ فى كنف السلطة الحاكمة وظل ملتحقًا بسطوتها مستغلاً أموالها بحيث اختلطت أموال الدولة مع أموال الحزب ومن ذلك على سبيل المثال تمويل نشاط الحزب والدعاية له ولمؤتمراته من أموال الدولة وكذلك استيلاء الحزب على مقار له من أملاك الدولة فى مختلف أنحاء الجمهورية ومن ثم فإن المحكمة - وقد راعت كل ذلك - تقضى بأيلولة أموال الحزب - التى هى ابتداء وانتهاء اموال الشعب - إلى الدولة.
ومن حيث إن من خسر الدعوى يلزم مصروفاته عملا بحكم المادة 184مرافعات.

فلهذه الأسـباب

حكمت المحكمة بقبول الدعوى شكلاً وفى الموضوع بانقضاء الحزب الوطنى الديمقراطى وتصفية أمواله وأيلولتها إلى الدولة على النحو المبين بالأسباب وإلزام المدعى عليهم المصروفات.