الصفـحة الرئيـسية باحث التشريعات باحث النقض باحث الدستورية باحث الإدارية العليا
إيقافتشغيل / السرعة الطبيعيةللأعلىللأسفلزيادة السرعة تقليل السرعة

بسم الله الرحمن الرحيم
باسم الشعب
مجلس الدولة
محكمة القضاء الإداري
الدائرة الأولى

بالجلسة المنعقدة علنًا فى يوم الثلاثاء الموافق 3/ 1/ 2012م
برئاسة السيد الأستاذ المستشار/ على فكرى حسن صالح نائب رئيس مجلس الدولة ورئيس محكمة القضاء الإداري
وعضوية السيد الأستاذ المستشار/ عبد العزيز السيد علي نائب رئيس مجلس الدولة
والسيد الأستاذ المستشار/ محمد حازم البهنسي نائب رئيس مجلس الدولة
وحضور السيد الأستاذ المستشار/ تامر يوسف مفوض الدولة
وسكرتارية السيد/ سامى عبد الله خليفة أمين السر

أصدرت الحكم الآتي
فى الدعوى رقم 34298 لسنة 65ق
المقامة من:

1 - عصام حسين عبد الحميد عبد الجواد البحراوي.
2 - إبراهيم خليل نصر الدين الرشيدي.

ضـد

1 - رئيس هيئة الرقابة الإدارية
2 - وزير الداخلية "بصفتهما"


(الوقائع)

أقام المدعيان الدعوى الماثلة بصحيفة موقعة من محام أودعت قلم كتاب المحكمة بتاريخ 21/ 5/ 2011 طالبًا فى ختامها الحكم بصفة مستعجلة بوقف تنفيذ القرار السلبى الصادر من المطعون ضدهما بالامتناع عن رفع اسمهما من أجهزة البحث الخاصة بالكمبيوتر وكارت المعلومات الجنائية والتسجيل الجنائى فى القضية رقم 8559 لسنة 2009 إدارى قسم الجيزة، وفى الموضوع بإلغاء القرار المطعون فيه مع ما يترتب على ذلك من آثار وإلزام الجهة الإدارية المصروفات والأتعاب.
وقال المدعيان شرحًا لدعواهما أنهما اتهما فى القضية رقم 8559 لسنة 2009 إدارى قسم الجيزة على زعم ارتكابهما لجريمة رشوة لفقت لهما بمعرفة الرقابة الإدارية. وبتاريخ 6/ 3/ 2010 صدر قرار نيابة أمن الدولة العليا بالحفظ لاستبعاد شبهة الجناية فى التهمة الملفقة لهما، وبتاريخ 15/ 3/ 2011 توجها إلى الجهات الإدارية المطعون ضدها لرفع اسميهما من أجهزة البحث الخاصة بالكمبيوتر وكارت المعلومات والتسجيل الجنائى بوزارة الداخلية والرقابة الإدارية إلا أنهما رفضتا تنفيذ طلبهما وأختتما المدعيان صحيفة دعواهما بالطلبات سالفة الذكر.
وعين لنظر الشق العاجل من الدعوى أمام المحكمة جلسة 28/ 6/ 2011 وفيها قدم الحاضر عن المدعيين حافظة مستندات، وبجلسة 26/ 3/ 2011 قدم الحاضر عن الدولة حافظة مستندات، وبجلسة 11/ 9/ 2011 قدم الحاضر عن الدولة مذكرة بالدفاع، وبجلسة 6/ 12/ 2011 قدم الحاضر عن المدعيين حافظة مستندات.
وبذات الجلسة قررت المحكمة حجز الدعوى للحكم لجلسة اليوم وفيها صدر وأودعت مسودته المشتملة على أسبابه ومنطوقه عند النطق به.


((المحكمة))

بعد الاطلاع على الأوراق، وسماع الإيضاحات، وبعد المداولة.
ومن حيث أن حقيقة طلبات المدعيين طبقًا للتكييف القانونى السليم هو الحكم بقبول الدعوى شكلاً، وبوقف تنفيذ وإلغاء قرار جهة الإدارة بقيد اسميهما بوحدة التسجيل الجنائى بوزارة الداخلية فى القضية رقم 8559 لسنة 2009 إدارى قسم الجيزة مع ما يترتب على ذلك من آثار وإلزام الجهة الإدارية المصروفات.
ومن حيث أنه عن طلب المدعى الثاني/ إبراهيم خليل نصر الدين الرشيدى وقف تنفيذ وإلغاء قرار تسجيله جنائيًا فى القضية المشار إليها سلفًا.
ومن حيث أن المستقر فى قضاء المحكمة الإدارية العليا أن الخصومة فى دعوى الإلغاء هى خصومة عينية مناطها اختصام القرار الإدارى فى ذاته استهدافًا لمراقبة مشروعيته. ولما كان القرار الإدارى على هذا النحو هو موضوع الخصومة فى دعوى الإلغاء فإنه يتعين أن يكون قائمًا منتجًا أثاره عند إقامة الدعوى فإذا تخلف هذا الشرط كانت الدعوى غير مقبولة إذ لم تنصب على قرار إدارى قائم عند رفعها ولم تصادفا بذلك محلاً.
(طعن رقم 420 لسنة 37ق جلسة 4/ 1/ 1994)
ومن حيث أنه لما كان ما تقدم وأن الثابت من كتاب الجهة الإدارية بحافظة مستندات الحاضر عن الدولة بجلسة 26/ 7/ 2011 أنه لم يستدل على معلومات جنائية مسجلة بالنسبة للمدعى الثانى فى الدعوى الماثلة وإذ لم يقدم المدعى الثانى ثمة دليل يناهض به ما قدمته جهة الإدارة فمن ثم فإنه لا يوجد ثمة قرار إدارى قائم عند رفع الدعوى توجه إليه الخصومة ومن ثم فإنه يتعين القضاء والحالة كذلك بعدم قبول الدعوى لانتفاء القرار الإدارى بالنسبة للمدعى الثانى وإلزامه المصروفات عملاً بحكم المادة 184 مرافعات.
ومن حيث أنه عن طلب المدعى الأول/ عصام حسين عبدالحميد عبد الجواد البحراوى وقف تنفيذ وإلغاء قرار تسجيله جنائيًا فى القضية رقم 8559 لسنة 2009 مع ما يترتب على ذلك من آثار.
ومن حيث أنه إذ استوفت الدعوى سائر أوضاعها الشكلية المقررة قانونًا فمن ثم فإنها مقبولة شكلاً.
ومن حيث إنه يشترط للقضاء بوقف تنفيذ القرار الإدارى توافر ركنين مجتمعين: هما ركن الجدية: بأن يكون إدعاء الطالب قائمًا بحسب الظاهر من الأوراق على أسباب يرجح معها الحكم بإلغاء القرار المطعون فيه عند الفصل فى الموضوع، وركن الاستعجال بأن يترتب على تنفيذ القرار نتائج قد يتعذر تداركها فيما لو قضى بإلغائة.
ومن حيث إنه عن ركن الجدية فإن القواعد المنظمة للتسجيل الجنائى أو ما يطلق عليها كارت المعلومات الجنائية قد اعتبرت أن الشخص يعتبر مجرمًا خطرًا تسرى عليه الأحكام المنظمة للتسجيل الجنائى فى الأحوال المحددة بتلك القواعد والتى قسمها ذلك النظام إلى ثلاث فئات وفقًا للخطورة الإجرامية للشخص وعلى النحو الوارد بالقواعد المنظمة للتسجيل الجنائى كالتالى:
- الفئة ( أ ) ويسجل عليها أعلى الأشخاص خطورة، ومدرج بها عدة حالات تبدأ برؤساء العصابات أيًا كان نوع نشاطها وتنتهى بالبلطجة وفرض السيطرة والابتزاز بالإرهاب أو التهديد.
- الفئة (ب) ويسجل عليها الأشخاص الأقل خطورة، ومدرج بها عدة حالات تبدأ بمرتكبى أفعال القتل العمد وتنتهى بالجرائم المضرة بالأمن العام كتسفير العمالة بطريق غير شرعى وتهريب الأشخاص عبر الحدود.
- الفئة (ج) وهى الأدنى فى درجات الخطورة، ويسجل عليها كل النوعيات الأخرى من الجرائم ومن يطلب تسجيله أمنيًا للشهرة.
وقد نظمت تلك القواعد الإجراءات الخاصة بتسجيل المجرمين جنائيًا وإجراءات التظلم من ذلك التسجيل وأحوال رفع الشخص من عداد المسجلين وقد بينت هذه القواعد الضوابط الحاكمة للتسجيل الجنائى والمقدمة من الجهة الإدارية والمحددة بالفقرة الثامنة تحت عنوان " أهم الضوابط الحاكمة للتسجيل الجنائى وهى:
أولاً: أن التسجيل الجنائى يعد بمثابة قاعدة بيانات يدون فيها كل من سبق ارتكابه أو اتهم أو اشتهر عنه ارتكاب نوع معين من الجرائم.
ثانيًا: أن التسجيل الجنائى يعتبر قاعدة معلومات للأجهزة الأمنية لا يتم تداولها إلا بين العاملين بتلك الأجهزة.
ثالثًا: أنه من الواجب أن يعاد النظر فى تسجيل الاتهامات الجنائية فى ضوء القواعد والضوابط الواردة بذلك النظام.
رابعًا: أنه يتم استبعاد تلك التسجيلات حال إعدامها أو محوها من نطاق الرصد والبحث القانونى لمعلومات صاحبها ولا يتم النظر إليها لترتيب أية آثار قانونية عليها، ويقتصر حال الرجوع إليها للاستهداء بما قد تنطوى عليه من أساليب إجرامية أثناء الاشتباه فى ارتكاب جرائم مماثلة للوقوف على مدى تطابقها مع الأساليب المرصودة فى الجرائم الجديدة المرتكبة لحصر دائرة الاشتباه فيمن تدور حوله الشبهات لأسباب موضوعية تعتمد فى وجودها على دلائل كافية.
خامسًا: أن قيمة تلك التسجيلات الجنائية المعلوماتية أنه " لا يتم التعويل عليها إطلاقًا حال طلب أية رؤية أمنية تتعلق بأى شخص أثناء تقدمه لاكتساب أى حق قانونى فى شغل أية وظيفة إلا إذا كانت تلك المعلومات ترتقى إلى مستوى الاتهامات التحقيقية المؤثمة أو الأحكام القضائية الصادرة.
سادسًا: أن تلك المعلومات الجنائية المسجلة تقتصر على صاحبها فحسب دون امتداد آثارها بأى شكل من الأشكال لغيره من ذويه أو المرتبطين بأية علاقة أسرية مهما كانت درجتها وذلك تأسيسًا على كون الاتهام والمساءلة والعقاب تبعات قانونية ذات طبيعة شخصية لا تمتد إلى غير مرتكبها والمسئول عنها.
سابعًا: أنه وفقًا للقواعد والضوابط المنظمة للتسجيل الجنائى فقد حددت قواعد رفع الخطرين من عداد المسجلين جنائيًا وذلك فى العديد من الحالات ومنها الوفاة، وحالتى العجز الكلى أو الجزئى وحالات توقف نشاط المسجل وانقطاع صلة الخطر بالجهة المسجل بها والتى أولتها تلك الضوابط رعاية معينة من حيث الإجراءات والمدد التى يتعين إنقضاؤها لأعمال تلك الضوابط وهى:
- المسجل على الفئة ( أ ) يرفع مباشرة إذا ثبت أنه توقف نشاطه إداريًا لمدة تسع سنوات متصلة.
- المسجل على الفئة (ب) يرفع إذا ثبت توقف نشاطه لمدة ست سنوات متصلة.
- .....
ومن حيث إن قضاء هذه المحكمة جرى على إنه يتعين عقد مواءمة بين حق الجهة الإدارية فى الحفاظ على الأمن العام واستخدام التكنولوجيا الحديثة (كارت المعلومات) فى رصد تحركات المجرمين لمنع الجريمة قبل وقوعها وإيجاد الوسائل للحيلولة دون أن يتحول ما يثبت فى التسجيل الجنائى عن السلوك الإجرامى إلى مخاطر تضر بالمجتمع وهى لا ريب غايات سامية تسعى إليها الجهات القائمة على الأمن وبين الحفاظ على حريات المواطنين واحترام الأحكام القضائية الصادرة لصالحهم أو القواعد القانونية الحاكمة التى تمنح لهم حقًا، وهو ما يفرض قيدًا على الجهة الأمنية التى تقوم بإدراج الخطرين على الأمن العام فيما يسمى كارت المعلومات الجنائية مؤداه مراعاة التحديث المستمر للبيانات التى قامت بإدراجها ومتابعة ما يتم بشأنها لدى الجهات المعنية (النيابة العامة أو المحكمة الجنائية) لرصد ما صدر منها من أوامر بحفظ القضايا أو أحكام بالبراءة أو برد الاعتبار هذا فضلاً عن ضرورة إعمال قواعد رد الاعتبار القانونى مع الأخذ فى الاعتبار دومًا أن التسجيل الجنائى هو إجراء وقائى احترازى تقوم به جهة الإدارة ويتعين ألا يمتد أثر للنيل من حقوق الأفراد وحرياتهم أو اتخاذة وسيلة للتنكيل بهم.
ومن حيث أنه هديًا بما تقدم وأن البين من ظاهر الأوراق وبالقدر اللازم للفصل فى الشق العاجل من الدعوى أن السيد/ عثمان أحمد عثمان أبلغ الرقابة الإدارية أن المدعى الأول بصفته محامى ببنك التنمية والائتمان الزراعى طلب منه رشوة مقابل تنازله عن البلاغ المحرر عنه المحضر رقم 8391 لسنة 2009 جنح قسم الجيزة والذى اتهم فيه - بصفته ممثلاً عن البنك - شقيق المبلغ وآخرين بالاستيلاء على الحافلة رقم 960 التى مازالت ملك البنك وتم ضبطهم وحبسهم احتياطيًا.
وقد أجرت نيابة أمن الدولة العليا تحقيقاتها فى هذا الاتهام المنسوب إليه بالقضية رقم 5889 لسنة 2009 إدارى قسم الجيزة والمقيدة برقم 708 لسنة 2009 حصر أمن الدولة العليا والتى انتهت فى مذكرتها المؤرخة فى 6/ 3/ 2010 إلى استبعاد شبهة جناية الرشوة وحفظ القضية إداريًا.
ومن حيث إنه لما كان لا يوجد ثمة اتهام يمكن نسبته إلى المدعى بشأن القضية التى كانت محل اتهام فيها بعد استبعاد النيابة العامة لشهبة جناية الرشوة وحفظها إداريًا فمن ثم فإن تسجيلها جنائيًا بكارت المعلومات للمدعى الأول يكون - بحسب الظاهر من الأوراق - مخالفًا للقانون مما يتوافر معه ركن الجدية فى طلب وقف التنفيذ.
ومن حيث أنه عن ركن الاستعجال فإنه متوافر أيضًا لأنه يترتب على تنفيذ القرار المطعون فيه نتائج يتعذر تداركها تتمثل فى الإساءة إلى سمعته فى مجال عمله وداخل أسرته باستمرار وجود اسمه بوحدة التسجيل الجنائى بوزارة الداخلية دون وجه حق لها فى ذلك.
ومن حيث إنه وإذ توافر لطلب وقف تنفيذ القرار المطعون فيه ركناه وهما الجدية والاستعجال فمن ثم فإنه يتعين القضاء به مع ما يترتب على ذلك من آثار أخصها محو اسم المدعى من وحدة التسجيل الجنائى عن القضية المشار إليها.
ومن حيث أن من يخسر الدعوى يلزم بمصروفاتها عملاً بحكم المادة 184 مرافعات.

(فلهذه الأسباب)

حكمت المحكمة: "أولاً: بعدم قبول الدعوى لانتفاء القرار الإدارى بالنسبة للمدعى الثانى وألزمته المصروفات".
ثانيًا: بقبول الدعوى شكلاً بالنسبة للمدعى الأول وبوقف تنفيذ القرار المطعون فيه مع ما يترتب على ذلك من آثار على النحو المبين بالأسباب وألزمت جهة الإدارة مصروفات الطلب العاجل وأمرت بإحالة الدعوى إلى هيئة مفوضى الدولة لتحضيرها وإعداد تقرير بالرأى القانونى فى الموضوع.

سكرتير المحكمة رئيس المحكمة