الصفـحة الرئيـسية باحث التشريعات باحث النقض باحث الدستورية باحث الإدارية العليا
إيقافتشغيل / السرعة الطبيعيةللأعلىللأسفلزيادة السرعة تقليل السرعة

بسم الله الرحمن الرحيم
باسم الشعب
مجلس الدولة
محكمة القضاء الإداري
الدائرة الأولى

بالجلسة المنعقدة علنًا فى يوم الثلاثاء الموافق 17/ 1/ 2012 م
برئاسة السيد الأستاذ المستشار/ عبد السلام عبد المجيد النجار نائب رئيس مجلس الدولة
وعضوية السيد الأستاذ المستشار/ نائب رئيس مجلس الدولة
والسيد الأستاذ المستشار/ نائب رئيس مجلس الدولة
وحضور السيد الأستاذ المستشار/ تامر يوسف مفوض الدولة
وسكرتارية السيد/ سامى عبد الله خليفة أمين السر

أصدرت الحكم الآتي
فى الدعوى رقم 31668 لسنة 65ق
المقامة من:

محمد صفى الدين عبد الله خليل

ضـد

1 - وزير الداخلية بصفته
2 - مدير مصلحة وثائق السفر والهجرة والجنسية بصفته
3 - مدير الإدارة العامة للجوازات والهجرة والجنسية بصفته


(الوقائع)

أقام المدعى دعواه الماثلة بصحيفة أودعت قلم كتاب هذه المحكمة بتاريخ 7/ 5/ 2011، طالبًا فى ختامها الحكم بقبول الدعوى شكلاً، وبوقف تنفيذ القرار المطعون فيه بإدراج اسمه واستمرار إدراجه ضمن قوائم الممنوعين من السفر وما يترتب على ذلك من آثار، وبرفع أسماء من لم يصدر فى حقهم أى أحكام قضائية احترامًا للقانون مع الأمر بتنفيذ الحكم بمسودته الأصلية وبدون إعلان، وفى الموضوع برفع اسمه من قوائم الممنوعين من السفر وبرفع اسماء من لم يصدر فى حقهم أى أحكام قضائية، مع إلزام المدعى عليهم بأن يؤدوا له تعويضًا مناسبًا عن الأضرار المادية والأدبية وتفويت الفرصة والتى لحقت به من جراء القرار المطعون فيه، وإلزام الجهة الإدارية المصروفات ومقابل أتعاب المحاماة.
وقال المدعى شرحًا لدعواه أنه قد صدر قرار من المدعى عليه الأول بصفته بمنعه من السفر، وكذا إدراج اسمه على قوائم الممنوعين من السفر، حيث أتى هذا القرار فى بداية دون أسباب تبرره واستمر إلى تاريخه دونما أسباب تبرره أيضًا، وهو ما أوجد قرارًا سلبيًا بالامتناع من جهة الإدارة عن رفع اسمه من قوائم الممنوعين من السفر. وأن التعسف بدأ فى حقه منذ عام 1983 حينما كان طالبًا بالسنة الأولى بكلية الشريعة والقانون بجامعة صنعاء بجمهورية اليمن الشقيقة، ففى ذاك العام تم إدراجه على قوائم الممنوعين من السفر، وحصل على حكم من محكمة القضاء الإدارى بوقف تنفيذ وإلغاء قرار عدم تسليمه جواز سفره وإدراج اسمه على قوائم الممنوعين من السفر، إلا أن جهة الإدارة امتنعت عن تنفيذ الحكم الصادر لصالحه.
وأضاف المدعى أن القرار المطعون فيه قد أصابه بأضرار مادية وأدبية أدت إلى إصابته بجلطة فى المخ نتيجة الحزن والحسرة من جراء إدراجه على قوائم الممنوعين من السفر، الأمر الذى حدا به إلى إقامة دعواه الماثلة بغية الحكم بالطلبات سالفة البيان.
وحددت المحكمة جلسة 14/ 6/ 2011 لنظر الشق العاجل من الدعوى، حيث قدم الحاضر عن المدعى بجلسة 26/ 7/ 2011 حافظة مستندات طويت على المستندات المعلاة بغلافها، كما أودع الحاضر عن الدولة بذات الجلسة حافظة مستندات طويت على كتاب جهة الإدارة المؤرخ 11/ 7/ 2011 المتضمن قيامها برفع اسم المدعى من قوائم ترقب السفر مع عدم السماح قبل العرض، وأصبح بذلك غير مدرج حاليًا على كافة القوائم، وكذا مذكرة دفاع طلب فى ختامها الحكم بالنسبة للطلب الأول أصليًا: بعدم قبول الدعوى لانتفاء القرار الإدارى. واحتياطيًا: بعدم قبول الدعوى لانتفاء شرط المصلحة. أما بخصوص الطلب الثانى أصليًا: ببطلان صحيفة الدعوى للتجهيل. واحتياطيًا: بعدم قبول الطلب لإبدائه من غير ذى صفة أو مصلحة، مع إلزام المدعى المصروفات فى أى من الحالات. وبجلسة 1/ 11/ 2011 حضر المدعى بشخصه وقدم مذكرة دفاع صمم فيها على طلب الحكم بذات الطلبات الواردة بصحيفة الدعوى.
وبتلك الجلسة - 1/ 11/ 2011 - قررت المحكمة إصدار الحكم بجلسة 20/ 12/ 2011، ثم قررت مد أجل النطق بالحكم لجلسة 3/ 1/ 2012 لإتمام المداولة، وقررت مد أجل النطق بالحكم مجددًا بجلسة اليوم لإتمام المداولة، وفيها صدر وأودعت مسودته المشتملة على أسبابه عند النطق به.


(المحكمة)

بعد الاطلاع على الأوراق، وسماع المرافعات، وبعد المداولة.
وحيث إن المدعى يطلب الحكم بقبول الدعوى شكلاً، وفى الموضوع: أولاً: بوقف تنفيذ وإلغاء القرار المطعون فيه فيما تضمنه من إدراج اسمه على قوائم الممنوعين من السفر مع ما يترتب على ذلك من آثار. ثانيًا: برفع اسماء من لم يصدر فى حقهم أى أحكام قضائية من قوائم الممنوعين من السفر. ثالثًا: بتعويضة التعويض المناسب جبرًا للأضرار المادية والأدبية التى لحقت به من جراء صدور القرار المطعون فيه، وإلزام جهة الإدارة المصروفات.
وحيث إن الطلب الأول قد استوفى سائر أوضاعه الشكلية المقررة قانونًا، فإنه يكون مقبولاً شكلاً.
وحيث إنه عن طلب وقف تنفيذ القرار المطعون فيه - الطلب الأول - فإنه من المقرر قانونًا وقضاءًا أنه يلزم للقضاء به توافر ركنين مجتمعين هما ركن الجدية بأن يكون إدعاء الطالب قائمًا على أسباب جدية يرجح معها إلغاء القرار، والركن الثانى الاستعجال بأن يترتب على تنفيذ القرار نتائج يتعذر تداركها، ويتعين أن يتوافر الركنين معًا.
وحيث إنه عن ركن الجدية، فإن المادة (8) من الإعلان الدستورى الصادر فى 30/ 3/ 2011 تنص على أن " الحرية الشخصية حق طبيعى وهى مصونة لا تمس، وفيما عدا التلبس لا يجوز القبض على أحد أو تفتيشه أو حبسه أو تقييد حريته بأى قيد أو منعه من التنقل إلا بأمر تستلزمه ضرورة التحقيق وصيانة أمن المجتمع، ويصدر هذا الأمر من القاضى المختص أو النيابة العامة، وذلك وفقًا لأحكام القانون...." كما تنص المادة (14) من ذات الإعلان على أنه " لا يجوز أن تحظر على أى مواطن الإقامة فى جهة معينة، ولا يلزم بالإقامة فى مكان معين إلا فى الأحوال المبينة فى القانون".
وحيث إن المشرع الدستورى قد ارتقى بالحرية فى السفر والتنقل فى مدارج المشروعية ورفعها إلى مصاف الحقوق والحريات العامة، فجعل من حرية السفر والتنقل - بوصفها أحد مظاهر الحرية الشخصية - حقًا دستوريًا مقررًا للفرد لا يجوز المساس به دون مسوغ أو الانتقاص منه بغير مقتضى، ولا أن يتخذ من تنظيم هذا الحق ذريعة للعصف به أو التغول عليه. كما أحاط هذه الحرية بسياج قوى من الضمانات التى تكفل رعايتها مع تحقيق التوازن بين مصالح الأفراد والمصلحة العامة للجماعة.
وحيث إنه متى كان ما تقدم، وكان البادى من ظاهر الأوراق أن جهة الإدارة أفادت فى معرض ردها على الدعوى ضمن حافظة المستندات المقدمة منها بجلسة 26/ 7/ 2011، أن المدعى يتعاون مع الأجهزة الأمنية اليمنية خلال سفره لاستكمال دراسته بكلية الشريعة بجامعة صنعاء بهدف اختراق الجالية المصرية، إلا أن هذا القول جاء مرسلاً دون دليل يؤديه من واقع الأوراق، وهو ما لا يصلح سببًا لحمل القرار المطعون فيه على سند يبرره قانونًا، باعتبار أنه لا يجوز حرمان المدعى من حقه الدستورى فى السفر طالما لم يصدر فى شأنه ما يوجب ذلك وفقًا لأحكام القانون، هذا من ناحية. ومن ناحية أخرى فإنه لا يجوز التذرع بأن المدعى تم رفع اسمه مؤخرًا من على قوائم ترقب السفر، وأنه غير مدرج على كافة القوائم، بحسبان أن عبارة "مع عدم السفر قبل العرض" تنال من حقه لضرورة عرضة على الجهات المختصة قبل سفره، وبذلك لا يكون المدعى قد رفع اسمه نهائيًا من على قوائم ترقب السفر حسبما ورد فى كتاب الجهة الإدارية المؤرخ 11/ 7/ 2011، ومن ثم فإنه لا يزال - فى هذه الحالة - قرار إدراجه على قوائم المنع من السفر قائمًا ومحققًا لآثاره القانونية فى هذا الشأن. وإذ استبان للمحكمة أن القرار المطعون فيه - بحسب الظاهر - صدر مفتقدًا لسند جدى يبرره، نظرًا لكون الحق فى السفر هو حق دستورى أصيل لا يجوز المساس به أو الانتقاص منه دون مسوغ قانونى، الأمر الذى يتوافر معه ركن الجدية فى طلب وقف تنفيذه.
أما بالنسبة لركن الاستعجال فهو متوافر بدوره، بحسبان أن مجرد المساس بحرية من الحريات الشخصية - ومنها حرية التنقل والسفر - تتحقق معه حالة الاستعجال التى تبرر وقف تنفيذ القرار المطعون فيه.
وإذ توافر ركنا الجدية والاستعجال على النحو المتقدم، فإن طلب وقف تنفيذ هذا القرار يكون قد استوى قائمًا على ساقيه، مما لا مناص معه والحالة هذه من القضاء بوقف تنفيذ القرار المطعون فيه مع ما يترتب على ذلك من آثار، وإلزام الجهة الإدارية - تبعًا لذلك مصروفات هذا الطلب.
وحيث إنه بالنسبة للطلب الثانى، فإن المادة (12) من قانون مجلس الدولة الصادر بالقانون رقم 47 لسنة 1972 تنص على أنه " لا تقبل الطلبات الآتية:
أ - الطلبات المقدمة من أشخاص ليست لهم فيها مصلحة شخصية..
ب - .............
وحيث إنه قد غدا من المسلمات أن قبول الدعوى رهين بتوافر المصلحة الشخصية، وأنه يتعين توافرها ابتداءً عند رفع الدعوى، وأن تستمر قائمة حتى صدور حكم نهائى فيها، وعلى القاضى أن يتحقق من توافر المصلحة وصفة الخصوم والأسباب التى بنيت عليها الطلبات ومدى جدوى الاستمرار فى الخصومة فى ضوء تغيرالمراكز القانونية لأطرافها حتى لا يشغل القضاء الإدارى بخصومات لا جدوى من ورائها.
وحيث إنه متى كان ذلك، فإن الطلب الثانى المتمثل فى رفع أسماء من لم يصدرفى حقهم أى أحكام قضائية من قوائم المنع من السفر، فإنه لا توجد ثمة مصلحة شخصية وصفة للمدعى فى هذا الطلب طبقًا لنص المادة (12) من قانون مجلس الدولة المشار إليه، الأمر الذى تقضى معه المحكمة بعدم قبول هذا الطلب لانتفاء شرط الصفة وألزمت المدعى مصروفات طلبه.
وحيث إنه بالنسبة للطلب الثالث والمتمثل فى طلب التعويض عن الأضرار المادية والأدبية التى حاقت بالمدعى من جراء صدور القرار المطعون فيه، فإن المحكمة تأمر بإحالته إلى هيئة مفوضى الدولة لتحضيره وإعداد تقرير بالرأى القانونى فيه.

(فلهذه الأسباب)

حكمت المحكمة: أولاً: بقبول الطلب الأول شكلاً، وبوقف تنفيذ القرار المطعون فيه مع ما يترتب على ذلك من آثار وألزمت الجهة الإدارية مصروفات هذا الطلب، وأمرت بإحالته والطلب الثالث إلى هيئة مفوضى الدولة لتحضيرهما وإعداد تقرير بالرأى القانونى فى موضوعهما. ثانيًا: بعدم قبول الطلب الثانى، وألزمت المدعى مصروفات هذا الطلب.

سكرتير المحكمة رئيس المحكمة