الصفـحة الرئيـسية باحث التشريعات باحث النقض باحث الدستورية باحث الإدارية العليا
إيقافتشغيل / السرعة الطبيعيةللأعلىللأسفلزيادة السرعة تقليل السرعة

بسم الله الرحمن الرحيم
باسم الشعب
مجلس الدولة
محكمة القضاء الإداري
الدائرة الأولى

بالجلسة المنعقدة علنًا فى يوم الثلاثاء الموافق 7/ 2/ 2012 م
برئاسة السيد الأستاذ المستشار/ على فكرى حسن صالح نائب رئيس مجلس الدولة ورئيس محاكم القضاء الإداري
وعضوية السيد الأستاذ المستشار/ جمال محمد محمد أحمد نائب رئيس مجلس الدولة والسيد الأستاذ المستشار/ عبد العزيز السيد على نائب رئيس مجلس الدولة
وحضور السيد الأستاذ المستشار/ أحمد درويش مفوض الدولة
وسكرتارية السيد/ سامى عبد الله خليفة أمين السر

أصدرت الحكم الآتي
فى الدعوى رقم 49688 لسنة 65 ق
المقامة من:

جميل محمد غريب حسن

ضـد:

1 - رئيس المجلس الأعلى للقوات المسلحة "بصفته"
2 - وزير الداخلية "بصفته"
3 - النائب العام "بصفته"
4 - رئيس مصلحة السجون "بصفته"


(الوقائع)

أقام المدعى هذه الدعوى بموجب صحيفة أودعت فى 17/ 8/ 2011 يطلب فى ختامها الحكم أولاً:بقبول الدعوى شكلاً,وثانيًا: وبصفة مستعجلة بوقف تنفيذ القرار السلبى بعدم العفو عن باقى العقوبة المحكوم بها على الطالب فى القضية رقم 1233 لسنة1995 كلى شمال بنها.
وذلك لاستيفائه شروط العفو الواردة بقرارى المجلس الأعلى للقوات المسلحة رقم 27/ 2011,مع ما يترتب على ذلك من آثار أخصها إخلاء سبيل الطالب,ثالثًا:وفى الموضوع بإلغاء هذا القرار وإلزام الجهة الإدارية المصروفات.
وذكر المدعى شرحًا للدعوى أنه تم القبض عليه على ذمة القضية رقم 1233 لسنة 1995 كلى شمال بنها والمحكوم عليه فيها بالإشغال الشاقة المؤبدة واستمر سجنه تنفيذًا للعقوبة المقضى بها,وفى 8/ 3/ 2011 أصدر المجلس الأعلى للقوات المسلحة القرار رقم 27/ 2011 متضمنًا العفو عن باقى العقوبات السالبة للحرية المحكوم بها على المسجونين الذين أمضوا نصف مدة العقوبة المحكوم بها.
وقد استوفى المدعى شروط الإعفاء ,إلا أن القرار لم يشمله بهذا الإعفاء بالمخالفة للإعلان الدستوري,الأمر الذى دعاه إلى إقامة هذه الدعوى.
وانتهى المدعى فى ختام صحيفة الدعوى إلى طلباته سالفة البيان.
وتدوول نظر الدعوى بالجلسات على النحو الثابت بالمحاضر حيث قدم وكيل المدعى مذكرة وحافظتى مستندات كما قدم الحاضر عن الجهة الإدارة مذكرة.
وحجزت الدعوى ليصدر فيها الحكم بجلسة اليوم,وفيها صدر وأودعت مسودته المشتملة على أسبابه عند النطق به.


المحكمة

بعد الاطلاع على الأوراق، وسماع الإيضاحات، والمداولة قانونًا.
حيث إن المدعى يهدف من دعواه - وفقًا للتكيف القانونى الصحيح لطلباته - إلى الحكم بقبول الدعوى شكلاً,وبصفة مستعجلة بوقف تنفيذ قرار رئيس المجلس الأعلى للقوات المسلحة رقم 27/ 2011 ,فيما تضمنته من عدم شموله بالعفو عن باقى العقوبة السالبة للحرية المحكوم بها عليه فى القضية رقم 1233 لسنة 1995,مع ما يترتب على ذلك من آثار,وإلزام الجهة الإدارية المصروفات.
وحيث إنه عن الدفع المدى بعد اختصاص المحكمة ولائيًا بنظر الدعوى على سند من أن القرار المطعون فيه يعد من أعمال السيادة ,فإنه دفع غير سديد ذلك أن القرار المطعون فيه اكتملت له عناصر ومقومات القرار الإداري,وهو صادر عن رئيس المجلس الأعلى للقوات المسلحة بوصفه سلطة إدارة وليس سلطة حكم,وإذ يظل العفو عن باقى العقوبة المحكوم بها عملاً إداريًا خالصًا يخضع لرقابة قاضى المشروعية باعتباره صاحب الولاية والقاضى الطبيعى المختص بنظر الطعون فى القرارات الإدارية شأنها شأن سائر المنازعات الإدارية التى ما فتئ القضاء الإدارى قائمًا عليها باسطًا ولايته على مختلف أشكالها وصورها,ومن ثم يضحى الدفع المشار إليه خليقًا بالرفض.
وحيث إنه عن الدفع المبدى بعدم قبول الدعوى لانتفاء القرار الإداري,فهو غير جدير بالقبول وقد تكفل الرد على الدفع السابق ببيان ذلك,وتقضى المحكمة برفضه كذلك.
وإذ استوفت الدعوى سائر أوضاعها الشكلية المقررة ومن ثم تكون مقبولة شكلاً.
وحيث إنه عن طلب وقف تنفيذ القرار المطعون فيه,وإذ كان المقرر أنه يلزم للقضاء بوقف تنفيذ القرار الإدارى توافر ركنين متلازمين:يتعلق أحدهما بمبدأ المشروعية وهو ركن الجدية,بأن يكون الطعن على القرار الطعين قائمًا - بحسب الظاهر من الأوراق - على أسباب جدية يرجح معها القضاء بإلغائه عند نظر موضوع الدعوى,والآخر هو ركن الاستعجال بأن يترتب على الاستمرار فى تنفيذ القرار المطلوب وقف تنفيذه نتائج يتعذر تداركها,فإذا استجمع طلب وقف التنفيذ هذين الركنين - معًا - وجب القضاء به.
وحيث إنه عن ركن الجدية ,وإذ ينص الإعلان الدستورى الصادر فى 30 مارس 2011 فى المادة (7) على أن (المواطنون لدى القانون سواء,وهم متساوون فى الحقوق والواجبات العامة,لا تمييز بينهم فى ذلك بسبب الجنس أو الأصل أو اللغة أو الدين أو العقيدة),وينص فى المادة (19)على أن (العقوبة شخصية ,ولا جريمة ولا عقوبة إلا بناء على قانون ,ولا توقع إلا بحكم قضائى...) وتنص المادة (56) منه على أن (يتولى المجلس الأعلى للقوات المسلحة إدارة شئون البلاد,وله فى سبيل ذلك مباشرة السلطات الآتية:.
1 - .............. 2 - ...............
9 - (العفو عن العقوبة أو تخفيفها أما العفو الشامل فلا يكون إلا بقانون).
وحيث إن المادة (74) من قانون العقوبات تنص على أن:(العفو عن العقوبة المحكوم بها يقتضى إسقاط كلها أو بعضها).
وتنص المادة (49) من قانون السجون رقم 396/ 1956 على أن (يفرج عن المسجون ظهر اليوم التالى لانتهاء مدة العقوبة).
وبتاريخ 8/ 3/ 2011 صدر قرار المجلس الأعلى للقوات المسلحة رقم 27/ 2011 المطعون فيه والذى قرر فى مادته الأولى أن (يعفى عن باقى العقوبات السالبة للحرية المحكوم بها على المسجونين الذين أمضوا نصف مدة العقوبة المحكوم بها عليهم,والبالغ عددهم ستون محكومًا عليهم أولهم/ فايز عبد الله أحمد المطرى وآخرهم/ حسين جمال الدين أحمد جودة والواردة أسماؤهم وبياناتهم القضائية بالكشف المرفق وذلك وفقًا لما يلى: أولاً:المحكوم عليهم بالإشغال الشاقة المؤبدة(السجن المؤبد) إذا كانت المدة المنفذة حتى 8/ 3/ 2011 (خمس عشرة سنة ميلادية).
ويوضع المفرج عنه تحت مراقبة الشرطة مدة خمس سنوات طبقًا للفقرة الثانية من المادة (75) من قانون العقوبات.
ثانيًا: المحكوم عليهم بعقوبة سالبة للحرية......
وحيث إن المستفاد مما تقدم أن المواطنين أمام القانون سواء فلكل منهم ذات الحقوق وعليه نفس الواجبات والالتزامات ولا تجوز التفرقة بين المواطنين من أصحاب المراكز القانونية المتماثلة بأى حال من الأحوال ,وأن التمييز بينهم غير جائز بأى حال وإلا كان هذا المسلك مخالفًا لأحكام الدستور فضلاً عن مخالفة القانون.
كذلك فإنه لما للحرية الشخصية من أهمية بارزة فى حياة الإنسان باعتبارها ملاك الحياة كلها,فقد حرص المشرع الدستورى على كفالتها وصونها,فلا توقع عقوبة تسلبها إلا بناء على قانون وبحكم قضائى فى حدود ما تحويه الشرائع والقوانين من تنظيم لها بحسبان أن هذه الشرائع والقوانين لا تخلقها ولا توجدها بل تنظمها وتوفق بين شتى مناحيها تحقيقًا لخير الجماعة ورعاية الصالح العام,وحتى تلك العقوبة السالبة للحرية فقد أجاز المشرع الدستورى العفو عنها أو تخفيفها رعاية تغليبًا لحقوق الأفراد وحرياتهم,وإدراكًا لحقيقة إنسانية الإنسان وحماية لحقه فى حياة كريمة استهداء بما يرجى من نفع وصالح عام للمجتمع.
وحيث إن المقرر كذلك أن عيب إساءة استعمال السلطة هو من العيوب القصدية التى يجب أن يقوم الدليل عليها من الأوراق وأن يظهر ذلك للمحكمة من واقع الدعوى.
ومن حيث إنه متى كان ما تقدم وكان البادى من ظاهر الأوراق بالقدر اللازم للفصل فى الشق العاجل أن المدعى قد حكم عليه بالإشغال الشاقة المؤبدة فى القضية رقم 4115/ 1233 لسنة 1995 كلى شمال بنها,وذلك فى جناية قتل عمد مع حيازة سلاح نارى بدون ترخيص وبدء فى تنفيذ العقوبة اعتبارا من 5/ 9/ 1995 وما زال موجودًا بالسجن.
ومن حيث إنه لما كان المدعى قد أمضى بالسجن أكثر من خمسة عشر سنة ميلادية حتى 8/ 3/ 2011 ,وإذ لم يتضمن القرار المطعون فيه شروطًا أخرى للاستفادة من أحكامه سوى شرط المدة المبينة به دون أن يشترط جرائم بعينها ومن تم يتوافر فى المدعى الحق فى إدراج اسمه ضمن الأسماء التى شملها بالقرار المطعون منه بالعفو,وإذ خلا القرار المطعون فيه من اسم المدعى فإنه بحسب الظاهر من الأوراق يكون قد صدر مشوبا بعيب إساءة استعمال السلطة بالمخالفة للقانون مما يتوافر معه ركن الجدية فى طلب وقف التنفيذ.
وحيث إنه عن ركن الاستعجال فهو متحقق بلا جدال لما فى حرمان المدعى من العفو من تقييد لحريته بغير موجب وعلى خلاف ما تقضى به القواعد الدستورية والقانونية المشار إليها وما يمثله ذلك من اعتداء صارخ على حق دستورى واجب الحماية والذود عنه بالوسائل القانونية وهذه جميعًا آثار يتعذر تداركها فيما لو استمر تنفيذ القرار المطعون فيه على الوجه الذى صدر به.
وحيث إنه قد توافر لطلب وقف تنفيذ القرار المطعون فيه ركنى الجدية والاستعجال فقد بات حتمًا إجابة المدعى إلى هذا الطلب مع ما يترتب على ذلك من آثار أخصها الإفراج الفورى عنه بحسبان أنه كان يتوجب على جهة الإدارة أن تفرج عنه اعتبارًا من اليوم التالى لنفاذ القرار الطعين فيما لو صدر على وجهه الصحيح.
ومن حيث إن من خسر الدعوى يلزم مصروفاتها عملاً بحكم المادة 184 مرافعات.

فلهذه الأسباب

حكمت المحكمة:
بقبول الدعوى شكلاً وبوقف تنفيذ القرار المطعون فيه فيما تضمنه من تضمنه من عدم إدراج اسم المدعى ضمن الأسماء التى تضمنها بالعفو عن باقى العقوبة مع ما يترتب على ذلك من آثار على النحو المبين بالأسباب وألزمت الجهة الإدارية مصروفات الشق العاجل وأمرت بإحالة الدعوى إلى هيئة مفوضى الدولة لإعداد تقرير بالرأى القانونى فى طلب الإلغاء.

سكرتير المحكمة رئيس المحكمة