الصفـحة الرئيـسية باحث التشريعات باحث النقض باحث الدستورية باحث الإدارية العليا
إيقافتشغيل / السرعة الطبيعيةللأعلىللأسفلزيادة السرعة تقليل السرعة

بسم الله الرحمن الرحيم
باسم الشعب
مجلس الدولة
محكمة القضاء الإداري
الدائرة الأولى

بالجلسة المنعقدة علنًا فى يوم الثلاثاء الموافق 14/ 2/ 2012 م
برئاسة السيد الأستاذ المستشار/ على فكرى حسن صالح نائب رئيس مجلس الدولة ورئيس المحكمة
وعضوية السيد الأستاذ المستشار/ هلال صابر محمد العطار نائب رئيس مجلس الدولة
والسيد الأستاذ المستشار/ جمال محمد محمد أحمد نائب رئيس مجلس الدولة
وحضور السيد الأستاذ المستشار/ تامر يوسف مفوض الدولة
وسكرتارية السيد/ سامى عبد الله خليفة أمين السر

أصدرت الحكم الآتي
فى الدعوى رقم 50389 لسنة65ق
المقامة من:

إيهاب عبد الله نصر الله علي

ضـد

1 - وزير الداخلية "بصفته"
2 - رئيس مصلحة السجون "بصفته"


"الوقائع"

أقام المدعى هذه الدعوى بصحيفة أودعت قلم كتاب المحكمة بتاريخ 22/ 8/ 2011 وطلب فى ختامها الحكم بقبول الدعوى شكلا، وبصفة مستعجلة بوقف تنفيذ القرار الصادر من المدعى عليهما بترحيله الى فلسطين مع ما يترتب على ذلك من آثار أهمها تجديد الإقامة له حيث إنه لاجئ فلسطينى ومن أم مصرية، وفى الموضوع بإلغاء القرار المطعون فيه، مع إلزام الجهة الإدارية المصروفات.
وذكر المدعى شرحا لدعواه أنه فلسطينى الجنسية ومولود من أم مصرية وأب فلسطينى الجنسية، وتزوج من مصرية وأنجب أطفالا حصلوا على الجنسية المصرية، واستخراج جواز سفر مصرى يفيد أنه لاجئ فلسطينى وتجدد إقامته بصفة مستمرة إلا أنه تم اعتقاله فى 29/ 9/ 2009 بدون ذنب جناه شأنه شأن آلاف المصريين الذين تم اعتقالهم من قبل مباحث أمن الدولة فى ظل النظام البائد، وظل معتقلا حتى قيام ثورة الخامس والعشرين من يناير المجيدة فصدر قرار من المدعى عليه الأول بالإفراج عن جميع المعتقلين السياسيين بما فيهم المدعى، إلا أن هذا القرار تضمن الإفراج عنه مع الترحيل إلى فلسطين رغم أنه يحق له الحصول على الجنسية المصرية طبقا للقانون رقم 154 لسنة 2004، الأمر الذى حدا به إلى إقامة دعواه الماثلة ابتغاء الحكم له بطلباته سالفة البيان.
ونظرت المحكمة طلب وقف تنفيذ القرار المطعون فيه على الوجه الثابت بمحاضر الجلسات، حيث أودع وكيل المدعى حافظتى مستندات ومذكرة دفاع صمم فيها على طلباته وأودع الحاضر عن الدولة حافظة مستندات ومذكرة دفاع طلب فى ختامها الحكم أصليا: بعدم قبول الدعوى للرفعها بعد الميعاد القانونى، واحتياطيا: برفض الدعوى بشقيها العاجل والموضوعى مع إلزام المدعى المصروفات، وبجلسة 10/ 1/ 2012 قررت المحكمة حجز الدعوى للحكم بجلسة اليوم، حيث صدر وأودعت مسودته المشتملة على أسبابه عند النطق به.


المحكمة

بعد الاطلاع على الأوراق، وسماع الإيضاحات، و بعد المداولة.
ومن حيث إن المدعى يطلب الحكم بقبول الدعوى شكلا وبوقف تنفيذ و إلغاء القرار المطعون عليه بترحيله الى فلسطين مع ما يترتب على ذلك من آثار،مع إلزام الجهة الإدارية المصروفات.
ومن حيث إنه عن الدفع المبدى من الجهة الادارية بعدم قبول الدعوى لرفعها بعد الميعاد - فإن المادة (24) من قانون مجلس الدولة تنص على" ميعاد رفع الدعوى أمام المحكمة فيما يتعلق بطلبات الإلغاء ستون يومًا من تاريخ نشر القرار الادارى المطعون فيه فى الجريدة الرسمية أو فى النشرات التى تصدرها المصالح العامة أو إعلان صاحب الشأن به..."
ومن حيث إن مفاد ما تقدم أن ميعاد رفع الدعوى فيما يتعلق بطلبات الإلغاء ستون يوما من تاريخ نشر القرار المطعون فيه، وقد استقر قضاء المحكمة الإدارية العليا على أن ميعاد رفع دعوى الإلغاء لا يجرى فى حق صاحب الشأن إلا من التاريخ الذى يتحقق معه إعلامه عما تضمنه القرار المطعون فيه ومن ثم يتعين أن يثبت علمه به علما يقينا لا ظنيا أو افتراضيا وأن يكون هذا العلم شاملا لجميع عناصر القرار على نحو يتحقق معه لصاحب الشأن استبيان مركزه القانونى بالنسبة للقرار المطعون فيه.
وهديا على ما تقدم وإذ خلت الأوراق مما يفيد علم المدعى اليقينى بقرار ترحيله المطعون عليه فى تاريخ سابق على رفع الدعوى فإن الدعوى تكون قد رفعت فى الميعاد، وإذ استوفت كافة أوضاعها الشكلية فإنها تكون مقبولة شكلا، ويكون الدفع المبدئ من جهة الإدارة بعدم قبول الدعوى لرفعها بعد الميعاد غير قائم على سند صحيح من القانون مما يتعين القضاء برفضه وتكتفى المحكمة بإثبات ذلك فى الأسباب دون المنطوق.
ومن حيث إنه عن طلب وقف تنفيذ القرار المطعون فيه فإنه يشترط للحكم بوقف تنفيذ القرار الإدارى طبقا لنص للمادة (49) من قانون مجلس الدولة الصادر بقرار رئيس الجمهورية رقم 47 لسنة 1972 توافر ركنى الجدية والاستعجال بأن يكون القرار بحسب الظاهر من الأوراق غير مشروع ويرجح الحكم بإلغائه عند الفصل فى موضوع الدعوى وأن يترتب على تنفيذه نتائج يتعذر تداركها.
ومن حيث إنه عن ركن الجدية فإن المادة (8) من الإعلان الدستورى الصادر بتاريخ 30/ 3/ 2011 تنص على أن:
"الحرية الشخصية حق طبيعى وهى مصونة لا تمس، وفيما عدا حالة التلبس لا يجوز القبض على أحد أو تفتيشه أو حبسه أو تقييد حريته بأى قيد أو منعه من التنقل إلا بأمر يستلزمه ضرورات التحقيق وصيانة أمن المجتمع، ويصدر هذا الأمر من القاضى المختص أو النيابة العامة وذلك وفقا لأحكام القانون....."
وتنص المادة (1) من قرار رئيس الجمهورية بالقانون رقم 69 لسنه 1980 فى شأن دخول وإقامة الأجانب بأراضى الجمهورية والخروج منها و المعدل بالقانون رقم 88 لسنة 2005 تنص على أن: "يعتبر أجنبيآ فى حكم هذا القانون , كل من لا يتمتع بجنسية جمهورية مصر العربية ".
وتنص المادة (16) من ذات القانون على أن "على كل أجنبى مقيم بجمهورية مصر العربية أن يكون حاصلا على ترخيص بإقامته بها وعليه أن يغادرها حال انتهاء مدة إقامته ".
وتنص المادة (17) من ذات القانون على أن يقسم الأجانب من حيث الإقامة إلى ثلاث فئات: -
1 - أجانب ذوى إقامة خاصة.
2 - أجانب ذوى إقامة عادية.
3 - أجانب ذوى إقامة مؤقتة.
كما تنص المادة (20) من ذات القانون على أن (الأجانب ذوى الإقامة المؤقتة، وهم الذين لا يتوافر فيهم الشروط السابقة، ويجوز بقرار من مدير مصلحة وثائق الهجرة والجنسية منح أفراد هذه الفئة ترخيصًا فى الإقامة مدة أقصاها سنة قابلة للتجديد، ومع ذلك يجوز بقرار من وزير الداخلية منح الترخيص فى الإقامة لمدة أقصاها خمس سنوات قابلة للتجديد وفقا للشروط والأوضاع التى يصدر بها قرار منه.
وتنص المادة (1) من قرار وزير الداخلية رقم 8180 لسنة 1996 بتنظيم إقامة الأجانب بأراضى جمهورية مصر العربية على أن:يكون الترخيص فى الإقامة المؤقتة لمدة خمس سنوات يجوز تجديدها للأجانب من الفئات الآتية:
1 - ........................
2 - ........................
3 - الأبناء وهم:
( أ ) أبناء الأم المصرية.
(ب) الأبناء الذين منح آباؤهم الجنسية المصرية.
(ج)الأبناء البالغون سن الرشد بكفالة أمهاتهم المرخص لهن فى الإقامة الخاصة أو العادية أو الخماسية بصفتهن الشخصية فى حالة وفاة الأب.
4 - .......................
ومن حيث إن مفاد ما تقدم أن المشرع حرصا على حماية البلاد وتمسكا بحق الدولة فى السيادة على أراضيها وضع تنظيما لدخول الاجانب وإقامتهم بأراضى جمهورية مصر العربية، وهذا التنظيم يقيم نوعا من الموائمة بين مبدأ سيادة الدولة والتغيرات والمواثيق الدولية التى انضمت إليها مصر وخاصة تلك المتعلقة بالحقوق المدنية والسياسية والضامنة لحقوق الأفراد وطنيين وأجانب، وتحرر القيود المفروضة على الأجانب من أيه قيود إلا تلك التى ينظمها القانون الداخلى والتى تعتبر لازمة لحماية الأمن الوطنى، وغنى عن البيان أن اتساع السلطة التقديرية لوزير الداخلية لا تعنى بحال من الاحوال تحلل هذه السلطة عن رقابة القضاء أو إلباسها ثوبا تضحى معه سلطة مطلقة معصومة من رقابة القضاء تمحيصا لمشروعيتها واستملاء لمداها و ملاءمتها على وجه يحفظ للحقوق القائمة على تنظيمها قوامها الذى كان صوغا للمبادئ الدستورية والإعلانات العالمية لحقوق الانسان هذا فضلا عن البعد الاجتماعى والانسانى و الاقتصادى والذى لا ينفصل فى جلال هدفه وطيب مقصده عن هدف المحافظة على الأمن العام بعناصره المختلفة.
ومن حيث إنه ولما كان المشرع قد قسم الأجانب من حيث الإقامة إلى ثلاث فئات منها الأجانب ذوى الإقامة المؤقتة وحددهم بمن لا تتوافر فيهم شروط الإقامة الخاصة والعادية، وحدد مدة إقامتهم لسنة، كما رخص لوزير الداخلية منح الترخيص فى الإقامة لمدة أقصاها خمس سنوات قابلة للتجديد وفقًا لشروط وأوضاع حددها قرار لائحى يصدر عنه، وقد صدر قرار وزير الداخلية رقم 8180 لسنة 1996 محددًا حالات الترخيص فى الإقامة المؤقتة لمدة خمس سنوات، وكان رائده فى تحديد هذه الفئات اعتبارات منها الاعتبارات الاجتماعية مثل أبناء الأم المصرية وهؤلاء يتمتعون بحق الإقامة المؤقتة لمدة خمس سنوات قابلة للتجديد بغض النظر عن كفالة أمهاتهم لهم، فهذا البعد الاجتماعى لحق أبناء الأم المصرية فى الإقامة بالبلاد بصفة مؤقتة يعد أحد حقوقهم الطبيعية المكتسبة من واقعة الميلاد لأم مصرية وهو يختلف عن حق الأبناء البالغون لسن الرشد بكفالة أمهاتهم المرخص لهن فى الإقامة، والتى تنتهى إقامتهم بنهاية إقامة الأم الكفيلة.
ومن حيث إن البادى من ظاهر الأوراق أن المدعى مولود لأم مصرية ويقيم بمصر وحاصل على ليسانس الآداب والتربية بقسم اللغة الإنجليزية دور يونيو سنة 2003 من جامعة 6 أكتوبر وأنه قد تم اعتقاله بتاريخ 5/ 10/ 2009 وتم الإفراج عنه فى 25/ 2/ 2011 وأن الجهة المدعى عليها قد أصدرت قرارا بترحيله الى خارج البلاد تأسيسا على أنه سبق رصد نشاط له وشقيقه/ محمود عبد الله بمجال تهريب البضائع والأموال لصالح حركة حماس بقطاع غزة عبر الأنفاق الأرضية وتم ضبطهما عام 2009 وصدر قرار وزير الداخلية الأسبق باعتقالهما لفترة لنشاطهما المشار إليه، ولما كان القرار المطعون فيه غير قائم على سبب يبرره، بحسبان أن مجرد التحريات المرسلة لا تصلح سببا لحرمان أحد الأفراد من حق كفله له القانون والمواثيق الدولية، لأن الأصل طبقا لنص المادة (20) من الإعلان الدستورى أن المتهم بريء حتى تثبت إدانته فى محاكمة قانونية تكفل له فيها ضمانات الدفاع عن نفسه ولم يتبين أن المذكور قد تم اتهامه فى القضية أو أدين بحكم قضائى نهائى أو أن استمرار وجوده فى مصر سيشكل خطرا على أمن مصر ومن ثم فإنه لم يتوافر السبب الذى يبرر ترحيل المذكور لاسيما وأن ما استندت إليه جهة الإدارة لإصدار القرار المطعون فيه مجرد كلام مرسل لا يوجد من المستندات ما يؤيده ومن ثم يكون قرار جهة الإدارة المطعون فيه بترحيل المذكور إلى خارج مصر قد صدر - بحسب الظاهر من الأوراق - غير قائم على أسباب صحيحة وبالمخالفة لأحكام القانون ويرجح الحكم بإلغائه مما يتوافر معه ركن الجدية.
ومن حيث إنه عن ركن الاستعجال فإنه متوافر بالنظر إلى أن تنفيذ القرار المطعون فيه سيترتب عليه المساس بحق المدعى فى الاستقرار فى البلد الذى اختار الإقامة فيه وارتبطت به مصالحه وتعلقت به مشاعره ويوجد به أسرته، ويكون طلب وقف تنفيذ القرار المطعون فيه قد استوفى ركنيه ويتعين الحكم بوقف تنفيذ قرار ترحيل المدعى مع ما يترتب على ذلك من آثار.
ومن حيث إن من يخسر الدعوى يلزم المصاريف طبقًا لنص المادة (184) من قانون المرافعات.

فلهذه الأسباب

حكمت المحكمة: بقبول الدعوى شكلا، وبوقف تنفيذ القرار المطعون فيه، مع ما يترتب على ذلك من آثار، وألزمت الجهة الإدارية مصروفات هذا الطلب،وأمرت بإحالة الدعوى إلى هيئة مفوضى الدولة لإعداد تقرير بالرأى القانونى فى طلب الإلغاء.

سكرتير المحكمة رئيس المحكمة