الصفـحة الرئيـسية باحث التشريعات باحث النقض باحث الدستورية باحث الإدارية العليا
إيقافتشغيل / السرعة الطبيعيةللأعلىللأسفلزيادة السرعة تقليل السرعة

بسم الله الرحمن الرحيم
باسم الشعب
مجلس الدولة
محكمة القضاء الإداري
الدائرة الأولى

بالجلسة المنعقدة علنًا فى يوم الثلاثاء الموافق 2/ 28/ 2012 م
برئاسة السيد الأستاذ المستشار/ على فكرى حسن صالح نائب رئيس مجلس الدولة ورئيس المحكمة
وعضوية السيد الأستاذ المستشار/ جمال محمد محمد أحمد نائب رئيس مجلس الدولة
والسيد الأستاذ المستشار/ عبد السيد على نائب رئيس مجلس الدولة
وحضور السيد الأستاذ المستشار/ أحمد خليفة مفوض الدولة
وسكرتارية السيد/ سامى عبد الله خليفة أمين السر

أصدرت الحكم الآتي
فى الدعوى رقم 2234 لسنة63ق
المقامة من:

فهمى أحمد حسين زكي

ضـد

1 - وزير الإعلام "بصفته"
2 - وزير الداخلية "بصفته"
3 - مدير الرقابة على المطبوعات والصحف بوزارة الاعلام "بصفته"


"الوقائع"

أقام المدعى هذه الدعوى بإيداع صحيفتها قلم كتاب المحكمة 25/ 10/ 2008 وطلب فى ختامها الحكم بقبول الدعوى شكلا، وبصفة مستعجلة بوقف تنفيذ قرار الجهة الإدارية بوقف ترخيص مجلة الاستثمار ومنعها من التداول مع ما يترتب على ذلك من آثار، وفى الموضوع بإلغاء القرار المطعون فيه، وإلزام الجهة الإدارية بالمصروفات.
وذكر المدعى شرحا لدعواه أنه رئيس مجلس إدارة مجلة الاستثمار وهى صحيفة أجنبية صادرة بترخيص أجنبى من لندن وحاصلة على جميع الموافقات الأمنية والإدارية من جميع الجهات ومن وزارة الداخلية والاعلام وذلك بموجب ترخيص مصدق عليه من وزارة الخارجية يحمل رقم 4264658 بتاريخ 31/ 8/ 2008 كما أن الجريدة مسجلة بمصلحة السجل التجارى بالقاهرة برقم إيداعى 11244 لسنة 2004بقيد 361237 مرخص لها بمزاولة التجارة فى 10/ 6/ 2003 كما أنها صادر لها بطاقة ضريبية برقم 270/ 298/ 723 وذلك منذ بداية النشاط فى 10/ 6/ 2002 وقد تم تداول المجلة داخل مصر قرابة ستة أعوام، وصدر منها العديد من الأعداد وتلتزم المجلة بجميع القوانين السارية داخل البلاد ولم يصدر عنها أو العاملين بها أيا من التجاوزات الإدارية أو الصحيفة، ويعمل بها العديد من الصحفيين والإداريين والعمال،وهى تصدر بشكل منتظم ولم يصدر ضدها أية مخالفات أو شكاوى أو أحكام قضائية سواء ضد الجريدة أو أى من العاملين بها، إلا أنه فوجئ ومن غير سابق إنذار بصدور قرار غير معلن يمنع تداول المجلة ووقف ترخيصها دون سبب أو مبرر قانونى ودون سابق إعلان , وينعى المدعى على القرار المطعون فيه مخالفته للقانون مشوبا بعيب الانحراف بالسلطة وفى غير الحالات التى بينها القانون.
وخلص المدعى الى طلب الحكم بطلباته سالفة البيان.
وتدوول نظر الشق العاجل من الدعوى أمام المحكمة على النحو الثابت بمحاضر الجلسات حيث قدم الحاضر عن المدعى حافظة مستندات طويت على المستندات المعلاة على غلافها،وقدم الحاضر عن جهة الإدارة حافظة مستندات ومذكرة دفاع، وبجلسة 17/ 1/ 2012 قررت المحكمة حجز الدعوى للحكم بجلسة اليوم، وفيها صدر الحكم وأودعت مسودته المشتملة على أسبابه لدى النطق به.


المحكمة

بعد الاطلاع على الأوراق، وسماع الإيضاحات، وبعد إتمام المداولة.
من حيث إن المدعى يهدف من دعواه الى الحكم بقبولها شكلاً وبوقف تنفيذ و إلغاء قرار جهة الادارة بمنع مجلة الاستثمار من والتداول مع ما يترتب على ذلك من آثار وإلزام الجهة الإدارية بالمصروفات 0
ومن حيث إنه شكل الدعوى، فإن أوراق الدعوى قد خلت مما يفيد تاريخ صدور القرار المطعون فيه ولم تقدم الجهة الإدارية ما يفيد علم المدعى بصدور القرار فى وقت سابق على إقامته لدعواه ومن ثم تكون الدعوى قد أقيمت خلال المواعيد المقررة قانونا, وإذ استوفت الدعوى سائر أوضاعها الشكلية والإجرائية - فإنها تكون مقبولة شكلا.
ومن حيث إنه يشترط للقضاء بوقف تنفيذ القرار الإدارى توافر ركنين مجتمعين هما: ركن الجدية بأن يكون ادعاء الطالب قائمًا بحسب الظاهر من الأوراق على أسباب يرجح معها الحكم بإلغاء القرار المطعون فيه عند الفصل فى الموضوع، وركن الاستعجال بأن يترتب على تنفيذ القرار نتائج قد يتعذر تداركها فيما لو قضى بإلغائه.
ومن حيث إنه عن ركن الجدية: فإن المادة (13) من الاعلان الدستورى الصادر بتاريخ 30/ 3/ 2012 تنص على أن " حرية الصحافة والطباعة والنشر ووسائل الإعلام مكفولة والرقابة على الصحف محظورة وإنذارها أو إيقافها أو إلغاؤها بالطريق الإدارى محظور، ويجوز استثناء فى حالة إعلان الطوارىء أو زمن الحرب أن يفرض على الصحف والمطبوعات ووسائل الإعلام رقابة محددة فى الأمور التى يتصل بالسلامة العامة أو أغراض الأمن القومى، وذلك كله وفقا للقانون " 0
ومن حيث إن المادة الأولى من القانون رقم 20/ 1936 بشأن المطبوعات تنص على أن" فى تطبيق هذا القانون يقصد بكلمة "مطبوعات" كل الكتابات أو الرسوم أو القطع الموسيقية أو الصور الشمسية أو غير ذلك...... فأصبحت بذلك قابلة للتداول.
ويقصد بكلمة "التداول" بيع المطبوعات أو عرضها للبيع أو توزيعها أو إلصاقها بالجدران أو عرضها فى شبابيك المحلات أو أى عمل آخر يجعلها بوجه من الوجوه فى متناول عدد من الأشخاص.
ويقصد بكلمة "جريدة" كل مطبوع يصدر باسم واحد بصفة دورية فى مواعيد منتظمة أو غير منتظمة...... ".
وتنص المادة (7) من ذات القانون على أن " لا يجوز لأحد أن يتولى بيع أو توزيع مطبوعات فى الطريق العام أو فى اى محل عمومى آخر ولو كان ذلك بصفه عارضه أو مؤقتة إلا بعد الحصول على رخصة بذلك من وزارة الداخلية " 0
وتنص المادة (9) من القانون سالف الذكر - الفقرة الثانية مضافة بالقانون رقم 199 لسنة 1983 - على أن " يجوز محافظة على النظام العام أن تمنع مطبوعات صادرة فى الخارج من الدخول والتداول فى مصر، ويكون هذا المنع بقرار خاص من مجلس الوزراء ويترتب على ذلك منع إعادة طبع هذه المطبوعات ونشرها وتداولها فى داخل البلاد ".
كما تنص المادة (10) من ذات القانون على إنه " يجوز لمجلس الوزراء أن يمنع أيضا من التداول فى مصر المطبوعات المثيرة للشهوات وكذلك المطبوعات التى تتعرض للأديان تعرضا من شأنه تكدير السلم العام ".
وتنص المادة (21) منه على أن " يجوز محافظة على النظام العام أن يمنع عدد معين من جريدة تصدر فى الخارج من الدخول والتداول فى مصر وذلك بقرار من وزير الداخلية ".
ومن حيث إنه صدر قرار رئيس الجمهورية بالقانون رقم 283 لسنة 1956 بإدخال بعض التعديلات على التشريعات القائمة مقررًا فى مادته الأولى " يستبدل بعبارتى " رئيس مجلس الوزراء " و" مجلس الوزراء" فى جميع القوانين وغيرها من التشريعات القائمة عبارة " رئيس الجمهورية " وكذلك يستبدل بعبارة " رئاسة مجلس الوزراء " عبارة " رئاسة الجمهورية ".
وبتاريخ 9/ 10/ 1983 صدر قرار رئيس الجمهورية رقم 402 لسنة 1983بتفويض وزير الدولة للإعلام فى بعض الاختصاصات، حيث نص فى مادته الأولى على أن " يفوض وزير الدولة للإعلام فى مباشرة اختصاصات رئيس الجمهورية الواردة فى المادتين 9، 10 من المرسوم بقانون رقم 20 لسنة 1936 المشار إليه.
ومن حيث إن مفاد ما تقدم أن الاعلان الدستورى الصادر فى 30 مارس 2011 كفل حرية الصحافة والطباعة والنشر ووسائل الإعلام، بحسبانها المظهر الأسمى لحرية التعبير، وحظر فرض أى رقابة على الصحف، كما حظر إنذار الصحف أو إيقافها أو إلغاؤها بالطريق الإدارى، وبهذه المثابة بات تدعيم كل من حرية التعبير وحرية الصحافة والطباعة وفك أغلالهما مظهرًا من مظاهر الأنظمة الديمقراطية بإعتبارهما مرآة الشعب والوسيلة المثلى لإستكشاف الرأى العام - وهو دور فاعل لتحقيق التقدم والرخاء، وهذه الحماية الدستورية لحرية الصحافة والطباعة توصد باب الاعتداء عليها من قبل أى من سلطات الدولة باعتبار أن هذه الحرية لا يقف أثرها عند حد القائمين عليها وإنما يمتد أثرها إلى واجب حماية المصلحة العامة وتحقيق آمال الجماهير وبسط مشكلاتهم أمام القائمين على شئون البلاد.
ومن حيث إن البين من مطالعة القواعد الحاكمة لدخول المطبوعات التى تصدر فى الخارج ومنها الجرائد والمجلات التى تطبع فى خارج البلاد سواء كانت مملوكة لأجانب أو مصريين وتسويقها فى مصر، أن المشرع فى قانون المطبوعات المشار اليه لم يحظر - بحسب الأصل - دخول تلك المطبوعات وتوزيعها داخل البلاد، وإنما نظم مسألة تداولها بمصر بهدف إثراء الإعلام والمحافظة على النظام العام، وذلك مواكبة منه لمتطلبات عصر العلم والمعرفة والفضائيات وإنسجامًا مع حقيقة أن العالم صار قرية صغيرة تترابط أوصالها وتتدفق أخبارها من خلال التكنولوجيا الحديثة وأجهزة الاستقبال من الأقمار الاصطناعية والهواتف النقالة، فأضحى حق وحرية الوصول إلى المعلومات وتدوالها وإتاحتها وضمان تدفقها الدائم من خلال وسائلها المختلفة من الحقوق الأساسية للإنسان، مما مؤداه أن حرية الصحافة والطباعة كمبدأ دستورى ستكون مجردة من جميع فعاليتها إذا لم يستطع الناس الوصول إلى المعلومات من خلال وسائل الإعلام المختلفة، كما وأن وصول المعلومات وضمان حرية تداولها بات أمرًا جوهريًا فى طريقة الحياة الديمقراطية وضروريًا للإسهام فى خلق مجتمعٍ منفتح وديمقراطى وفى مواجهة الفساد وتقليص الفقر والشفافية.
ومن حيث إنه ولئن كان ما تقدم إلا أن أحكام قانون المطبوعات قد نظمت - أيضًا - حالات تدخل الإدارة بإجراءاتها الضبطية، بحسبان التداول للمطبوعات التى تصدر فى الخارج فى مصر ليس مطلقًا بل تجب موازنته بالحاجة إلى حماية بعض الحقوق والحريات أو حماية المصلحة العامة الأوسع، ونزولاً على الاعتبارات المتقدمة أجاز المشرع للسلطة المختصة (رئيس الجمهورية الذى فوض وزير الدولة للأعلام) منع مطبوعات صادرة فى الخارج من الدخول والتداول فى مصر محافظةً على النظام العام أو إذا كانت تلك المطبوعات مثيرة للشهوات أو تتعرض للأديان تعرضًا من شأنه تكدير السلم العام (المادتان 9، 10)، وكذا سلطة منع عدد معين من جريدة تصدر فى الخارج من الدخول أو التداول فى البلاد (م21)، ولا ريب أن ثمة خلاف فى نطاق السلطة التقديرية الممنوحة لوزير الإعلام - بناء على تفويضه بالقرار الجمهورى رقم 402 لسنة 1983 - والاختصاص الممنوح لوزير الداخلية والذى تقتصر سلطته على منع عدد معين بذاته من المطبوعات يرى فيه خروجًا على النظام العام، وهذه السلطة التقديرية المقررة لهما تخضع لرقابة القضاء الإدارى الذى بسط رقابته على ما أبدته الإدارة من أسباب فى ضوء ظروف الدعوى وملابساتها، خاصة وأن المرسوم بقانون المشار إليه قد تكفل بعقوبات وإجراءات أخرى لغير هذه المخالفات ليبقى المنع من التداول بنوعيه المطلق أو المحدد قاصرًا على حالاته ردا لقاعدة حرية تداول المطبوعات التى سطرتها أحكام التشريعات والتى استظلت بالمبادئ الدستورية المتقدم بيانها.
ومن حيث إن المستقر عليه أنه تجب التفرقة بين وجوب تسبيب القرار الادارى كأجراء شكلى قد يتطلبه القانون وبين وجوب قيامه على سبب يبرره صدقا وحقا كركن من أركان وجوده وترتيب آثاره على القانون، فلئن كانت الإدارة غير ملزمة بتسبيب قرارها إلا إذا أوجب القانون ذلك عليها وعندئذ يتعين عليها تسبيب قرارها وإلا كان معيبا بعيب شكلى، أما إذا لم يوجب القانون تسبيب القرار فلا يلزمها ذلك كأجراء شكلى لازم لصحة القرار، بل ويحمل القرار على قرينة الصحة أى يفترض فيه ابتداء قيامه على سبب صحيح ومع ذلك فإن القرار الإدارى سواء أكان لازما تسبيبه كإجراء شكلى أم لم يكن هذا التسبيب لازما يجب أن يقوم على سبب يبرره صدقا وحقا أى فى الواقع وفى القانون، وذلك كركن من أركان وجوده ونفاذه، بإعتبار القرار تصرفا قانونيا، ولا يقوم أى تصرف قانونى بغير سببه، والسبب فى القرار الادارى هو حاله واقعية أو قانونية تحمل الإدارة على التدخل بقصد إحداث أثر قانونى هو محل القرار ابتغاء وجه الصالح العام الذى هو غاية القرار " يراجع فى ذلك الحكم الصادر من المحكمة الإدارية العليا فى الطعن رقم 3471 سنة قضائية 32 بجلسة 29/ 12/ 1990 ".
ومن حيث إن البين من ظاهر الأوراق - وفى حدود الفصل فى الشق العاجل من الدعوى ودون مساس بأصل طلب الإلغاء - أن مجلة "الاستثمار" حاصلة على ترخيص أجنبى من لندن وحاصلة على موافقة الجهات المعنية وتعامل معاملة المطبوع الأجنبى الوارد من الخارج وذلك طبقا لما ورد بكتاب مدير عام الشئون الفنية بجهاز المطبوعات والصحافة والموجه إلى المدعى باعتباره رئيس مجلس إدارة مجلة الاستثمار وذلك بتاريخ 22/ 11/ 2003 كما أن شركة التوزيع المتحدة تقوم بتوزيع المجلة داخل جمهورية مصر العربية طبقا للشهادة الصادرة عن شركة التوزيع بتاريخ 29/ 7/ 2006 وإذ أجدبت الأوراق من أية أسباب لمنع المجلة - محل الدعوى - من التداول فى مصر (كالأسباب المنصوص عليها فى المادتين 9، 10 من قانون المطبوعات) كما لم تقدم جهة الإدارة ثمة أسباب تبرر منع المجلة المذكورة من التداول داخل مصر، ومن ثم فإن القرار المطعون فيه يكون - بحسب الظاهر من الاوراق - غير قائم على سند صحيح من الواقع أو القانون ومرجح الإلغاء لدى الفصل فى موضوع الدعوى، ويكون طلب المدعى وقف تنفيذه قائما على أساس سليم من القانون مما يتوافر معه ركن الجدية.
ومن حيث إنه عن ركن الاستعجال فقد استقر قضاء هذه المحكمة على أن كل اعتداء على حقوق الإفراد وحرياتهم الدستورية يقوم به ركن الاستعجال، وإذ نال القرار الطعين من حرية الصحافة والطباعة وحق المدعى فى تداول المجلة محل الدعوى طبقًا لأحكام القانون، وأن تنفيذه يترتب عليه نتائج قد يتعذر تداركها فيما لو قضى بإلغائه تتمثل فى الخسائر المادية التى يتكبدها المدعى مقابل إيجار مقر المجلة ومرتبات الصحفيين والعاملين بها.
وبهذه المثابة فإن طلب وقف التنفيذ يكون مستويًا على ركنيه قائمًا على ما يبرره واقعًا وقانونًا، الأمر الذى يتعين معه القضاء بوقف تنفيذ القرار المطعون فيه مع ما يترتب على ذلك من آثار.
ومن حيث إن من خسر الدعوى يلزم مصروفاتها عملاً بحكم المادة 184 مرافعات.

فلهذه الأسباب

حكمت المحكمة: بقبول الدعوى شكلا، وبوقف تنفيذ القرار المطعون فيه، مع ما يترتب على ذلك من آثار، وألزمت الجهة الإدارية مصروفات الطلب العاجل،وأمرت بإحالة الدعوى إلى هيئة مفوضى الدولة لإعداد تقرير بالرأى القانونى فى طلب الإلغاء.

سكرتير المحكمة رئيس المحكمة