الصفـحة الرئيـسية باحث التشريعات باحث النقض باحث الدستورية باحث الإدارية العليا
إيقافتشغيل / السرعة الطبيعيةللأعلىللأسفلزيادة السرعة تقليل السرعة

بسم الله الرحمن الرحيم
باسم الشعب
مجلس الدولة
محكمة القضاء الإداري
الدائرة الأولى

بالجلسة المنعقدة علنًا فى يوم الثلاثاء الموافق 13/ 3/ 2011 م
برئاسة السيد الأستاذ المستشار/ على فكرى صالح حسن نائب رئيس مجلس الدولة و رئيس المحكمة
وعضوية السيد الأستاذ المستشار / عبد العزيز السيد على نائب رئيس مجلس الدولة
والسيد الأستاذ المستشار / أحمد محمد أحمد الإبيارى نائب رئيس مجلس الدولة
وحضور السيد الأستاذ المستشار/ محمد النجار مفوض الدولة
وسكرتارية السيد / سامى عبد الله خليفة أمين السر

أصدرت الحكم الآتي
فى الدعوى رقم 53521 لسنة 65 ق
المقامة من:

عادل فتحى هزاع

ضـد

1 - رئيس المجلس العسكرى بصفته.
2 - رئيس مجلس الوزراء بصفته.
3 - وزير الخارجية بصفته.


"الوقائع"

أقام المدعى هذه الدعوى بصحيفة أودعها قلم كتاب هذه المحكمة بتاريخ 14/ 9/ 2011 طالبًا فى ختامها بصفة مستعجلة بوقف تنفيذ القرار السلبى بالامتناع عن مطالبة السلطات السعودية لفتح تحقيق قضائى مستقل بين البلدين ومحاسبة المسئول عن هذه الواقعة وذلك عما حدث من إهانة وضرر للمعتمرين المصريين بمطار جدة خلال الفترة من 27 رمضان 1432ه وحتى 4 شوال 1432 ه وفى الموضوع بإلغاء هذا القرار.
وقال المدعى شرحا لدعواه أنه تم احتجاز ألاف المصريين المعتمرين بمطار جدة بالمملكة العربية السعودية خلال الفترة من 27 رمضان الموافق 27 أغسطس 2011 وعلى مدى ما يقرب من خمسة أيام فى صالة لا تسع لأكثر من ألف شخص بلا طعام ولا ماء بعد قيام شركة الخطوط الجوية السعودية بإلغاء ما يقرب من عشر رحلات فى اليوم الواحد دون سابق إنذار وبدلا من أن تقوم السلطات السعودية بالاعتذار بهؤلاء الركاب ونقلهم الى أحد الفنادق ورعايتهم لحين تجهيز الطائرات لسفرهم الى القاهرة قامت بالتعدى على بعضهم بالضرب لمطالبتهم بأبسط حقوقهم المشروعة، إلا أن السفارة المصرية لم تحرك ساكنا لنجدتهم.
وأضاف المدعى أنه بعد ما يقرب من أربعة أيام ذاق خلالها المصريين إذلالاً متعمدا قامت السلطات السعودية بإحضار طائرتين من نيجيريا لنقل هؤلاء المعتمرين الى مطار القاهرة بدون حقائبهم بمقولة ذهابهم الى المطار فى غير ميعاد سفرهم وهو ما يخالف الحقيقة لقبول دخولهم صالة السفر حسب التذاكر المدون بها رقم الرحلة وتاريخها إلا أن السلطات المصرية لم تتقدم باحتجاج أو طلب تحقيق فى هذه الواقعة لمنع حدوث تكرارها مستقبلا الأمر الذى يمثل فى حقيقته امتناعا سلبيا عن إصدار قرار إدارى بمطالبة السلطات السعودية بفتح تحقيق جنائى وفورى لما حدث من إهانة متعمدة للمعتمرين المصريين ومحاسبة المتسبب فى الأمر وكذا تعويض المتضررين من هذا الاعتداء المهين على كرامتهم وحياتهم وشجب هذا الاعتداء للحفاظ على كرامة المصريين.
وأختتم المدعى صحيفة دعواه بطلب الحكم بالطلبات سالفة البيان.
وحددت المحكمة جلسة 15/ 11/ 2011 لنظر الشق العاجل من الدعوى حيث حضر المدعى بشخصة تلك الجلسة وقدم حافظة مستندات كما أودعت الدولة مذكرة بدفاعها طلبت فيه الحكم - على سبيل الاحتياط الكلى برفض الدعوى بشقيها العاجل والموضوعى مع إلزام المدعى المصروفات.
وبجلسة 24/ 1/ 2012 قررت المحكمة إصدار الحكم بجلسة اليوم، وفيها صدر وأودعت مسودته المشتملة على أسبابه عند النطق به.


المحكمة

بعد الاطلاع على الأوراق، وسماع المرافعة، و بعد المداولة قانونا.
وحيث إن حقيقة طلبات المدعى - وفقا للتكييف القانونى الصحيح - الحكم بقبول الدعوى شكلاً وبوقف تنفيذ وإلغاء قرار وزارة الخارجية بالامتناع عن اتخاذ اللازم حيال مطالبة السلطات السعودية بفتح تحقيق قضائى مستقل لمحاسبة المسئول عن واقعة احتجاز المعتمرين المصريين بمطار جده خلال الفترة من 27 رمضان حتى 4 شوال 1432 ه
مع ما يترتب على ذلك من آثار وإلزام الجهة الادارية المصروفات.
وحيث إن البحث فى اختصاص المحكمة والفصل فيه يلزم أن يكون سابقا على البحث فى شكل الدعوى وفى موضوعها والفصل فيهما، اعتبارا بأن فقدان الولاية مانع أصلاً - من نظر الدعوى شكلا وموضوعًا.
وحيث إن المادة (17) من قانون السلطة القضائية الصادر بالقانون رقم 46 لسنة 1972 تنص على أن " ليس للمحاكم أن تنظر بطريق مباشر أو غير مباشر فى أعمال السيادة"
وتنص المادة (1) من قانون مجلس الدولة الصادر بالقانون رقم 47 لسنة 1972 على أن " لا تختص محاكم مجلس الدولة بالنظر فى الطلبات المتعلقة بأعمال السيادة"
وحيث إن مفاد النصين المتقدمين أن المشرع قد أخرج الأعمال التى تتصف بأعمال السيادة (سواء الداخلية أو الخارجية) من ولاية المحاكم سواء أكانت محاكم مجلس الدولة أو محاكم القضاء العادى، وهو ما يعنى أنه لا يجوز لهذه المحاكم أن تنظر فى أية دعوى تتعلق بأعمال السيادة، لتعلق هذه الأعمال بسلطة الحكومة والسياسة العليا للدولة حيث تصدر عن الدولة بصفتها سلطة حكم وليس بصفتها سلطة إدارة علما ً بأن اعمال السيادة استثناء يمثل خروجًا على مبدأ المشروعية ويخضع القاعدة التفسير الضيق وعدم القياس وبالتالى فإن القائمة القضائية لما يعد من قبيل هذه الاعمال يسير فى اتجاه مضاد لا تساع دائرة الحقوق والحريات العامة.
وأخذًا بهذا الفكر القانونى وإعمالا لمقتضاه جرى قضاء المحكمة الادارية العليا على أن لأعمال التى تباشرها باعتبارها سلطة حكم تعد من أعمال السيادة تميزًا لها عن الاعمال التى تباشرها الحكومة باعتبارها سلطة إدارة تخضع للرقابة القضائية. وأن معيار التفرقة بين الاعمال الادارية وأعمال السيادة مرده الى القضاء الذى ترك له المشرع سلطة تقرير الوصف القنونى للعمل المعروض عليه، وما إذا كان عملاً إداريا يختص بنظره أو عملاً من أعمال السيادة يمتنع عليه النظر فيه، ومن الأعمال التى تمارسها الدولة باعتبارها سلطة حكم العلاقات الخارجية والدبلوماسية بين جمهورية مصر العربية والدول الأخرى فيما يتعلق بشئون هذه الدول الداخلية.
والحكمة من استبعاد أعمال السيادة من الولاية القضائية أن هذه الأعمال تتصل بسيادة الدولة فى الداخل والخارج لما يحيط بها من اعتبارات سياسية تبرر تخويل السلطة المختصة سلطة أوسع مدى وأبعد نطاقًا تحقيقًا لصالح الوطن وأمنه وسلامته دون تخويل القضاء سلطة التعقيب على ما تتخذه من إجراءات فى هذا الشأن لان النظر فيها أو التعقيب عليها يقتضى توافر معلومات وعناصر وموازين تقدير مختلفة لا تتاح للقضاء فى إطار دوره المحدد دستوريًا وهديا بمبدأ الفصل المرن بين السلطات.
وحيث إنه فى ضوء ما تقدم، ولما كان الثابت بالأوراق أن عدم اتخاذ وزارة الخارجية ثمة إجراء حيال مطالبة السلطات السعودية بفتح تحقيق قضائى بخصوص واقعة احتجاز المعتمرين المصريين بمطار جدة خلال الفترة المشار إليها، قد صدر فى إطار السياسة العامة للدولة وعلاقتها الدبلوماسية بدولة عربية أى باعتبارها سلطة حكم، ومن ثم يعد من أعمال السيادة التى تنأى عن الاختصاص الولائى لمحاكم مجلس الدولة والقضاء عمومًا الأمر الذى يتعين معه الحكم بعدم اختصاص المحكمة ولائيًا بنظر الدعوى مع إلزام المدعى تبعًا لذلك المصروفات.

فلهذه الأسباب

حكمت المحكمة: بعدم اختصاصها ولائيًا بنظر الدعوى، وألزمت المدعى المصروفات.

سكرتير المحكمة رئيس المحكمة