الصفـحة الرئيـسية باحث التشريعات باحث النقض باحث الدستورية باحث الإدارية العليا
إيقافتشغيل / السرعة الطبيعيةللأعلىللأسفلزيادة السرعة تقليل السرعة

بسم الله الرحمن الرحيم
باسم الشعب
مجلس الدولة
محكمة القضاء الإداري
الدائرة الأولى

بالجلسة المنعقدة علنًا فى يوم الثلاثاء الموافق 3/ 4/ 2012 م
برئاسة السيد الأستاذ المستشار/ على فكرى حسن صالح نائب رئيس مجلس الدولة ورئيس محاكم القضاء الإدارى
وعضوية السيد الأستاذ المستشار/ سامى رمضان درويش نائب رئيس مجلس الدولة والسيد الأستاذ المستشار/ هلال صابر محمد العطار نائب رئيس مجلس الدولة
وحضور السيد الأستاذ المستشار/ أحمد خليفة مفوض الدولة
وسكرتارية السيد/ سامى عبد الله خليفة أمين السر

أصدرت الحكم الآتي
فى الدعوى رقم 5141 لسنة 66 ق
المقامة من:

1 - سلامة محمد سلامة إبراهيم

ضـد:

1 - وزير الداخلية "بصفته"
2 - مساعد أول الوزير مدير مصلحة الأمن العام "بصفته"


(الوقائع)

أقام المدعى الدعوى الماثلة بموجب عريضة أودعت قلم كتاب هذه المحكمة بتاريخ 30/ 10/ 2011, وطلب فى ختامها الحكم بصفة مستعجلة بإلغاء القرار السلبى بامتناع الجهة الإدارية عن رفع ومحو اسم والده من أجهزة البحث الجنائى بالكمبيوتر وكارت المعلومات الجنائية فى القضايا أرقام 1663 لسنة 1969,  1386 لسنة 1973,  1861 لسنة 1978 جنح مخدرات جهينة سوهاج والتى قضى فيها نهائيا بالبراءة.
وذكر المدعى شرحا للدعوى أنه حاصل على بكالوريوس تجارة ويمتلك شركة للإنشاءات العقارية وله سجل تجارى ويرغب فى إلحاق نجله بإحدى الكليات العسكرية, وأن والده توفى بتاريخ 22/ 3/ 2006 وكان مزارعا وعائلته من ذوى السمعة الطيبة, وقد تقدم بطلب إلى إدارة المعلومات بمصلحة الأمن العام بوزارة الداخلية للكشف عن المعلومات المسجلة تبين أن والده سبق اتهامه فى القضايا أرقام 1663 لسنة 1969,  1386 لسنة 1973,  1861 لسنة 1978 جنح مخدرات جهينة سوهاج وأنه مسجل خطر بالرغم من عدم ارتكابه لهذه القضاي, وأنه قضى فيها نهائيا بالبراءة, وأنه تقدم بطلب لرفع اسم والده من الإدراج فى أجهزة البحث الجنائى الخاصة بالكمبيوتر وكارت المعلومات إلا أن وزارة الداخلية ومصلحة الأمن العام امتنعت, مما يشكل قرار سلبيا مخالفا للقانون.
واختتم المدعى عريضة دعواه بطلباته آنفة البيان.
وعينت المحكمة لنظر الشق العاجل من الدعوى جلسة 20/ 12/ 2011 وجرى تداولها على النحو الموضح بمحاضر الجلسات, وبجلسة 31/ 1/ 2012 قدم الحاضر عن المدعى عريضة معلنه بتصحيح طلباته وإضافة طلب جديد حيث طلب فى ختامها الحكم بقبول الدعوى شكلاً,  وبوقف تنفيذ وإلغاء القرار السلبى بامتناع الجهة الإدارية عن رفع ومحو اسم والده من أجهزة البحث الجنائى بالكمبيوتر وكارت المعلومات الجنائية فى القضايا أرقام 1663 لسنة 1969,  1386 لسنة 1973,  1861 لسنة 1978 جنح مخدرات جهينة سوهاج والتى قضى فيها نهائيا بالبراءة.
كما قدم الحاضر عن المدعى حافظة مستندات ومذكرة دفاع صمم فيها على الطلبات الواردة بعريضة تعديل طلباته, وبجلسة 6/ 3/ 2012 أودع الحاضر عن جهة الإدارة حافظة مستندات ومذكرة دفاع طلب فى ختامها الحكم بعدم قبول الدعوى لانتفاء القرار الإدارى, واحتياطيا برفض الدعوى بشقيها,  وإلزام المدعى المصروفات فى أى من الحالتين, وبذات الجلسة قررت المحكمة حجز الدعوى ليصدر فيها الحكم بجلسة اليوم وفيها صدر وأودعت مسودته عند الحكم به.


المحكمة

بعد الاطلاع على الأوراق، وسماع الإيضاحات، وبعد المداولة قانونًا.
ومن حيث إن المدعى يهدف من دعواه إلى الحكم بقبول الدعوى شكل, وبوقف تنفيذ ثم إلغاء القرار السلبى بالامتناع عن رفع اسم والده من التسجيل الجنائى ومحو بياناته من أجهزة الحاسب الآلى بوزارة الداخلية مع ما يترتب على ذلك من آثار.
ومن حيث إنه عن الدفع بعدم قبول الدعوى لانتفاء القرار الإدارى فإنه مردود بأنه من المستقر عليه أنه لا يشترط فى القرار الإدارى شكل معين وإنما هو باعتباره تعبيرًا صادرًا عن جهة الإدارة بقصد إحداث أثر قانونى معين وذلك بتعديل مركز قانونى أو إلغائه وبالتالى فإنه يمكن استخلاصه من تصرفات جهة الإدارة وسلوكها حيال موقف أو طلب معين من أحد المواطنين, ولا ريب فى أن إدراج اسم المدعى على كارت المعلومات الجنائية (الالكترونية) بفئاتها المختلفة المدون أمامه اتهامه فى إحدى الجرائم التى تؤثر فى مركزه القانونى فى كل ما يرتبط بذلك الاتهام,  وعليه فإن ذلك الإدراج يمثل قرارًا إداريًا متكامل الأركان يكون من حق صاحب الشأن الطعن فيه دون أن ينال من ذلك ما تردده الجهة الإدارية من أن هذه المعلومات إنما يتم الاستفادة بها فى التحريات وأعمال البحث الجنائى بحسبان أن أثر ذلك القيد إنما ينال يقينًا من المركز القانونى للمدعى وبذلك يتوافر فى هذا الإدراج كامل أركان القرار الإدراى الذى يجوز الطعن عليه(فى هذا المعنى إدارية عليا الطعن رقم 3619 لسنة 46ق جلسة 26/ 3/ 2005, والطعن رقم 6559 لسنة 47ق جلسة 3/ 7/ 2005, والحكم الصادر من هذه الدائرة فى الدعوى رقم 18577 لسنة 58ق جلسة 19/ 12/ 2006),  الأمر الذى تقضى معه المحكمة برفض الدفع المبدى فى هذا الخصوص.
ومن حيث إن الدعوى استوفت سائر أوضاعها الشكلية والإجرائية ومن ثم تكون مقبولة شكلاً.
ومن حيث إنه عن الشق العاجل من الدعوى فإنه من المستقر عليه إنه يلزم لوقف تنفيذ القرار الإدارى توافر ركنين مجتمعين أولهما ركن الجدية بأن يستند طلب المدعى إلى أسباب جدية تبرره, وثانيهما ركن الاستعجال بأن يترتب على تنفيذ القرار نتائج قد يتعذر تداركها.
ومن حيث إنه عن ركن الجدية:فإن المادة (7) من الإعلان الدستورى الصادر بتاريخ 30/ 3/ 2011 تنص على أن "المواطنون لدى القانون سواء وهم متساوون فى الحقوق والواجبات العامة....".
وتنص المادة (19) من الإعلان الدستورى على أن" العقوبة شخصية ولا جريمة ولا عقوبة إلا بناء على قانون, ولا توقع عقوبة إلا بحكم قضائى......".وتنص المادة (20) من الإعلان الدستورى المشار إليه على أن" المتهم برئ حتى تثبت إدانته....".
ومن حيث إن المادة (15) من قانون الإجراءات الجنائية وفقًا للتعديلات التى أدخلت عليهما تنص على أن" تنقضى الدعوى الجنائية فى مواد الجنايات بمضى عشر سنين من يوم وقوع الجريمة وفى مواد الجنح بمضى ثلاث سنين وفى مواد المخالفات بمضى سنة ما لم ينص القانون على خلاف ذلك, ......".
وتنص المادة (528) من ذات القانون على أنه"تسقط العقوبة المحكوم بها فى جناية بمضى عشرين سنة ميلادية...وتسقط العقوبة المحكوم فيها فى جنحة بمضى خمس سنين....".
وتنص المادة (454) من قانون المذكور آنفًا على أنه" تنقضى الدعوى بالنسبة للمتهم المرفوعة عليه والوقائع المسندة فيها إليه بصدور حكم نهائى بالبراءة أو بالإدانة".
ومن حيث إن صحيفة الحالة الجنائية - وفقًا لأحكام القانون رقم 36 لسنة 1958 وقرارات وزير الداخلية الصادرة تنفيذًا له - تعتبر بمثابة شهادة ببيان الأحكام الجنائية المسجلة بمصلحة تحقيق الأدلة الجنائية, وهى تختلف عن نظام التسجيل الجنائى الذى تنظمه قواعد إدارية متطورة تصدر عن قطاع مصلحة الأمن العام(الإدارة العامة للمعلومات والمتابعة الجنائية) حيث تقتصر صحف الحالة الجنائية على الأحكام الجنائية الصادرة فى الجنايات والجنح فى حين أن التسجيل الجنائى أو ما يطلق عليه كارت المعلومات الجنائية يشمل الاتهامات بغض النظر عن نتيجة التحقيق أو الحكم الصادر به, ويلزم أن يكون التسجيل الجنائى قاصرًا فى التعامل على الجهات الداخلية المعنية بوزارة الداخلية بينما صحيفة الحالة الجنائية يطلبها من يشاء من المواطنين بعد سداد الرسوم المقررة لتقديمها إلى الجهات الإدارية التى تستلزم تقديمها ضمن أوراق الحصول على بعض الخدمات أو التقدم لبعض الوظائف, ومن ثم فإنه وفقًا للمبادئ الدستورية والقانونية فإنه يتعين عقد المواءمة بين حق الجهة الإدارية فى الحفاظ على الأمن العام واستخدام التكنولوجيا(كارت المعلومات) فى رصد تحركات المجرمين لمنع الجريمة قبل وقوعها وإيجاد الوسائل للحيلولة دون أن يتحول ما يثبت فى التسجيل الجنائى من السلوك الإجرامى إلى مخاطر تضر بالمجتمع وهى لا ريب غايات سامية تسعى إليها الجهات القائمة على الأمن,  وبين الحفاظ على حريات المواطنين واحترام الأحكام القضائية الصادرة لصالحهم أو القواعد القانونية الحاكمة التى تمنح لهم حقً, وهو ما يفرض قيودًا على الجهة الأمنية فلا تقوم إلا بإدراج الخطرين على الأمن العام فيما يسمى كارت المعلومات الجنائية, وأن تراعى التحديث المستمر للبيانات التى قامت بإدراجها ومتابعة ما يتم بشأنها لدى الجهات المعينة (النيابة العامة أو المحاكم الجنائية) لرصد ما صدر منها من استبعاد الشخص من الاتهام, وأوامر الحفظ أو الأمر بألا وجه لإقامة الدعوى الجنائية, وما صدر من أحكام بالبراءة أو بسقوط الدعوى الجنائية أو سقوط العقوبة بمضى المدة, أو الحكم برد الاعتبار,  مع الأخذ فى الاعتبار أن التسجيل الجنائى وهو إجراء وقائى احترازى تمارسه جهة الإدارة يتعين ألا يمتد أثره للنيل من حقوق الأفراد وحرياتهم أو اتخاذه وسيله للتنكيل بهم لا سيما وأن الجهة الإدارية لديها وسيلة قاطعة لرصد الأحكام الجنائية وهى صحيفة الحالة الجنائية.
ومن حيث إن البادى من ظاهر الأوراق,  وبالقدر اللازم للفصل فى الشق العاجل من الدعوى دون التغلغل فى الموضوع أن المرحوم/ محمد سلامة إبراهيم والد المدعى قد سبق اتهامه فى القضايا أرقام 1663 لسنة 1969,  1386 لسنة 1973,  1861 لسنة 1978 جنح مستأنف جهينة مخدرات,  وقد أفادت النيابة العامة بأن هذه القضايا قد دشتت بمضى المدة, كما أتهم المذكور فى القضية رقم 3432 لسنة 2000 جنح مستأنف جهينة إيصال أمانة,  وقضى فيها بجلسة 7/ 12/ 2000 غيابيا بثلاث شهور شغل وعشرون جنيها والمصاريف, واستأنف برقم 5775 لسنة 2001 استئناف طهطا وقضى فيها بجلسة 27/ 1/ 2001 بقبول وإلغاء وانقضاء الدعوى الجنائية بالتصالح,  كما أن المذكور كان مسجل خطر تحت رقم 1599 فئة ج مخدرات ورفع بالقرار رقم 1022 فى 23/ 9/ 2006 للوفاة, ولما كان الثابت من الأوراق أن والد المدعى لم يثبت إدانته فى القضايا المذكورة, ومن ثم فإن استمرار إدراجه بالتسجيل الجنائى بمصلحة الأمن العام باعتباره متهما فى تلك القضايا,  إنما يخالف الواقع وإذ يؤثر هذا التسجيل الجنائى على سمعة المدعى ومستقبل أبناءه وأقاربه,  ومن ثم فإن القرار المطعون فيه بامتناع الجهة الإدارية عن محو اسمه والده من هذه السجلات يكون بحسب الظاهر من الأوراق مخالفا للقانون,  وقام بطلب وقف تنفيذه السبب الجدى المبرر له.
ومن حيث إنه عن ركن الاستعجال فإنه يغدو قائمًا بالنظر لما يترتب على تنفيذ القرار المطعون فيه من نتائج يتعذر تداركها والتى تتمثل فى النيل من المركز القانونى المدعى والمساس بسمعته بين أهله وذويه والتأثير على مستقبله وعمله ومستقبل أسرته وأقربائه.
وإذ كان ما تقدم فإن وقف تنفيذ القرار المطعون فيه يكون قد استقام على ركنيه, الأمر الذى تقضى معه المحكمة بوقف تنفيذه.
ومن حيث إن من يخسر الدعوى يلزم بمصروفاتها عملاً بحكم المادة 184 من قانون المرافعات.

فلهذه الأسباب

حكمت المحكمة:
بقبول الدعوى شكل, وبوقف تنفيذ القرار المطعون فيه, مع ما يترتب على ذلك من آثار, وألزمت الجهة الإدارية مصروفات هذا الطلب, وأمرت بإحالة الدعوى إلى هيئة مفوضى الدولة لإعداد تقرير بالرأى القانونى فى طلب الإلغاء.

سكرتير المحكمة رئيس المحكمة