الصفـحة الرئيـسية باحث التشريعات باحث النقض باحث الدستورية باحث الإدارية العليا
إيقافتشغيل / السرعة الطبيعيةللأعلىللأسفلزيادة السرعة تقليل السرعة

بسم الله الرحمن الرحيم
باسم الشعب
مجلس الدولة
محكمة القضاء الإداري
الدائرة الأولى

بالجلسة المنعقدة علنًا فى يوم الثلاثاء الموافق 3/ 4/ 2012 م
برئاسة السيد الأستاذ المستشار/ على فكرى حسن صالح نائب رئيس مجلس الدولة ورئيس المحكمة
وعضوية السيد الأستاذ المستشار/ سامى رمضان درويش نائب رئيس مجلس الدولة
والسيد الأستاذ المستشار/ هلال صابر محمد العطار نائب رئيس مجلس الدولة
وحضور السيد الأستاذ المستشار/ أحمد درويش مفوض الدولة
وسكرتارية السيد/ سامى عبد الله خليفة أمين السر

أصدرت الحكم الآتي
فى الدعوى رقم 35279 لسنة 65 ق
المقامة من:

سعد عبده ترك

ضـد

وزير الداخلية بصفته


"الوقائع"

أقام المدعى الدعوى الماثلة بصحيفة أودعت قلم كتاب المحكمة بتاريخ 25/ 5/ 2011 وطلب فى ختامها الحكم بوقف تنفيذ و إلغاء القرار السلبى بالامتناع عن الارشاد عن مكان نجله/ محمد سعد عبده ترك المقبوض عليه بواسطة تابعى المدعى عليه مع ما يترتب على ذلك من آثار.
وذكر المدعى شرحا للدعوى أن أبنه محمد سعد عبده ترك كان طالبا بكلية طب الأسنان بجامعة الاسكندرية وقبضت مباحث أمن الدولة عليه يوم 26/ 7/ 2009 قبل زيارة رئيس الجمهورية السابق التى كان مقررا لها يوم 30/ 7/ 2009 ومنذ ذلك التاريخ انقطعت أخباره ولم يعثر له على أى أثر فى السجون المصرية أو فى أماكن الاحتجاز التابعة لأمن الدولة وأضاف المدعى أنه تقدم ببلاغات إلى جهات الإدارة لمعرفة مكان نجلة إلا أن وزير الداخلية امتنع عن الارشاد عن نجله ونعى المدعى على القرار المطعون فيه مخالفه أحكام الدستور والقانون والاتفاقيات الدولية التى وقعت عليها مصر، كما نعى عليه كذلك التعسف فى استعمال السلطة وفى ختام الصحيفة طلب الحكم بالطلبات المشار إليها.
وتداولت المحكمة نظر طلب وقف تنفيذ القرار المطعون فيه على الوجه الثابت بمحاضر الجلسات حيث اودع الحاضر عن الدولة حافظة مستندات ومذكرة دفاع وأودع المدعى مذكرة دفاع، وبجلسة 6/ 3/ 2012 قررت المحكمة حجز الدعوى للحكم لجلسة اليوم،حيث صدر الحكم و أودعت مسودته المشتملة على اسبابه عند النطق به.


المحكمة

بعد الاطلاع على الأوراق، وسماع المرافعات، و بعد المداولة.
ومن حيث إن المدعى يطلب الحكم بوقف تنفيذ و إلغاء قرار وزارة الداخلية السلبى بالامتناع عن الإرشاد عن نجله المختفي/ محمد سعد عبده ترك مع ما يترتب على ذلك من آثار.
ومن حيث إن الدعوى استوفت أوضاعها الشكلية فمن ثم يتعين قبولها شكلا.
ومن حيث إنه عن طلب وقف تنفيذ القرار المطعون فيه فإنه يشترط للحكم بوقف تنفيذ القرار الإدارى طبقا لنص المادة (49) من قانون مجلس الدولة الصادر بقرار رئيس الجمهورية بالقانون رقم 47 لسنة 1972 توافر ركنى الجدية والاستعجال بأن يكون القرار بحسب ظاهر الأوراق غير مشروع ويرجح الحكم بإلغائه عند الفصل فى موضوع الدعوى، وأن يترتب على تنفيذه نتائج يتعذر تداركها.
ومن حيث إنه عن ركن الجدية فإن المادة (8) من الإعلان الدستورى الصادر بتاريخ 30/ 3/ 2011 تنص على أن: " الحرية الشخصية حق طبيعى وهى مصونه لا تمس، وفيما عدا حالة التلبس لا يجوز القبض على أحد أو تفتيشه أو حبسه أو تقييد حريته بأى قيد أو منعه من التنقل إلا بأمر تستلزمه ضرورة التحقيق و حماية أمن المجتمع ويصدر هذا الأمر من القاضى المختص أو النيابة العامة وذلك وفقا لأحكام القانون.....".
وتنص المادة (55) من الإعلان الدستورى المشار إليه على أن:" الشرطة هيئة مدنية نظامية تؤدى واجبها فى خدمة الشعب وتكفل للمواطنين الطمأنينة والأمن، وتسهر على حفظ النظام والأمن العام والآداب وفقا للقانون...."
وتنص المادة (3) من قانون هيئة الشرطة الصادر بقرار رئيس الجمهورية بالقانون رقم 109 لسنة 1971 على أن:" تختص هيئة الشرطة بالمحافظة على النظام والأمن العام والآداب، وبحماية الأرواح والأعراض والأموال وعلى الأخص منع الجرائم وضبطها كما تختص بكفالة الطمأنينة والأمن للمواطنين فى كافة المجالات، وبتنفيذ ما تفرضه عليها القوانين واللوائح من واجبات."
ومفاد ما تقدم أن الدساتير المصرية حتى الإعلان الدستورى المشار إليه كفلت الحرية الشخصية وحظرت القبض على أحد أو تفتيشه أو تقييد حريته بأى قيد إلا بأمر تستلزمه ضرورة التحقيق وصيانة أمن المجتمع يصدر من القاضى المختص أو النيابة العامة وفقا لأحكام القانون وأسند الإعلان الدستورى فى المادة (55) وقانون هيئة الشرطة فى المادة (3) المشار إليها إلى الشرطة الاختصاص بخدمة الشعب عن طريق كفالة الطمأنينة والأمن للمواطنين، ويقع عليها واجب المحافظة على النظام العام والأمن العام والآداب،وتلتزم بحمايه الأرواح والأعراض والأموال.
ومن حيث إن البادى من ظاهر الأوراق وبالقدر اللازم للفصل فى الشق العاجل من الدعوى أن نجل المدعى محمد كان طالبا بكلية طب الأسنان بجامعة الاسكندرية وأنه اختفى يوم 26/ 7/ 2009 بعد مغادرة منزله بمدينة رشيد متوجها الى مكان دراسته، وقد برر المدعى سبب اختفاء نجله بأن مباحث أمن الدولة قبضت عليه قبيل زيارة رئيس الدولة السابق لمدينة رشيد والتى كان مقررًا لها يوم 30/ 7/ 2009 وقد تضمن تقرير الإدارة العامة للمباحث الجنائية لمنطقة غرب الدلتا فرع البحيرة المؤرخ 17/ 10/ 2011 أن المدعى أبلغ مركز شرطة رشيد بتاريخ 28/ 7/ 2009 بغياب نجله المذكور وتم تحرير محضر الشرطة رقم 5186 لسنة 2009 إدارى رشيد وأن التحريات أفادت أن نجل المدعى يعانى من مرض نفسى وانه بالاستعلام من مصلحة الجوازات وقطاع السجون و إدارة التدابير بقطاع مصلحة السجون لم يستدل على بيانات نجل المدعى، و أن المدعى تقدم شكوى الى النائب العام بتاريخ 12/ 3/ 2011 قيدت برقم 36663 عرائض لبيان ما إذا كان نجله من بين الجثث والهياكل العظمية التى تردد فى وسائل الإعلام أنه تم العثور عليها بمقر فرع جهاز مباحث أمن الدولة بمحافظة البحيرة،ولم يتضمن رد وزارة الداخلية ما يؤكد أو ينفى العثور على جثة نجل المدعى فى المقبرة المشار إليها.
ومن حيث إن اختفاء بعض المواطنين من الظواهر التى يشهدها المجتمع ويثير الاختفاء حالة من اللهفة واللوعة والخوف فى قلوب ذوى المختفى مردها الجهل بمصير المختفى، والتعلق بالأمل فى حياته و انتظار عودته، أو الاستسلام الى اليأس من تلك العودة دون الوصول إلى يقين فى شأن حياته أو موته، الأمر الذى يخل بحق المواطنين فى الطمأنينة والأمن، ويجب على وزارة الداخلية بما يقع على عاتقها من التزام بكفالة الطمأنينة والأمن للمواطنين طبقا لنص المادة (55) من الاعلان الدستورى والمادة (3) من قانون هيئة الشرطة وبما تملكه من وسائل البحث والتحرى المقررة طبقا للقوانين واللوائح وما يتوافر لديها من قدرات بشرية وفنية أن ترشد عن المختفين والمفقودين طالما استمرت حالة الاختفاء أو الفقد حتى يعودوا إلى أسرهم أو يعرف مصيرهم على وجه اليقين،ويشكل امتناعه عن الإرشاد عن المفقودين قرارا سلبيا بالامتناع عن أمر أوجبه عليها القانون.
ومن حيث إن البادى من ظاهر الاوراق أن وزارة الداخلية لم ترشد المدعى عن مصير نجله المختفى محمد سعد عبده ترك المختفى منذ 26/ 7/ 2009 حتى الاًن، ومهما كان السبب فى اختفاء نجل المدعى وما إذا كان يرجع إلى القبض عليه بمعرفة مباحث أمن الدولة كما ذكر المدعى أو يرجع الى إصابته بحاله نفسية كما ذكرت وزارة الداخلية فى ردها، أو الى أى سبب آخر فإن وزارة الداخلية تظل ملتزمة بالبحث عن نجل المدعى والإرشاد عن مصيره طالما ظل مختفيا، ويشكل مسلكها بالامتناع عن إرشاد المدعى الى مصير نجله - بحسب ظاهر الأوراق - قرارا سلبيا مخالفا للقانون ويرجح الحكم بإلغائه عند الفصل فى موضوع الدعوى الأمر الذى يتوافر معه ركن الجدية كما إن ركن الاستعجال متحقق لما يترتب على عدم معرفة المدعى مصير نجله المفقود من أذى نفسى وإهدار لحقه فى الأمن والطمأنينة وهى من الحقوق الدستورية التى يترتب على الإخلال بها قيام حالة الاستعجال.
ومن حيث إن طلب وقف تنفيذ القرار المطعون استوفى ركنى الجدية والاستعجال فمن ثم يتعين الحكم بوقف تنفيذ قرار جهة الإدارة السلبى بالامتناع عن الإرشاد عن نجل المدعى محمد سعد عبده ترك المختفى منذ 26/ 7/ 2009 مع ما يترتب على ذلك من آثار وأخصها تكثيف البحث عن نجل المدعى وتحديد مكانه إذا كان حيا أو بيان ما إذا كان قد توفى إلى رحمة الله تعالى وبيان سبب وفاته ومكان دفنه و إخطار المدعى بحقيقه أمر نجله.
ومن حيث إن من يخسر الدعوى يلزم المصاريف طبقا لنص المادة 184 من قانون المرافعات.

فلهذه الأسباب

حكمت المحكمة: بقبول الدعوى شكلا وبوقف تنفيذ القرار المطعون فيه مع ما يترتب على ذلك من آثار على الوجه المبين بالأسباب، وألزمت جهة الادارة مصاريف الطلب العاجل، وأمرت بإحالة الدعوى إلى هيئة مفوضى الدولة لتحضيرها و إعداد تقرير بالرأى القانونى فى الموضوع.

سكرتير المحكمة رئيس المحكمة