الصفـحة الرئيـسية باحث التشريعات باحث النقض باحث الدستورية باحث الإدارية العليا
إيقافتشغيل / السرعة الطبيعيةللأعلىللأسفلزيادة السرعة تقليل السرعة

بسم الله الرحمن الرحيم
باسم الشعب
مجلس الدولة
محكمة القضاء الإداري
الدائرة الأولى

بالجلسة المنعقدة علنًا فى يوم الثلاثاء الموافق 10/ 4/ 2012 م
برئاسة السيد الأستاذ المستشار/ على فكرى حسن صالح نائب رئيس مجلس الدولة ورئيس محاكم القضاء الإدارى
وعضوية السيد الأستاذ المستشار/ هلال صابر محمد العطار نائب رئيس مجلس الدولة والسيد الأستاذ المستشار/ عبد العزيز السيد على نائب رئيس مجلس الدولة
وحضور السيد الأستاذ المستشار/ أحمد خليفة مفوض الدولة
وسكرتارية السيد/ سامى عبد الله خليفة أمين السر

أصدرت الحكم الآتي
فى الدعوى رقم 56045 لسنة 65 ق
المقامة من:

1 - محمد رشاد أحمد حسن

ضـد:

1 - رئيس المجلس الأعلى للقوات المسلحة
2 - وزير الداخلية.
3 - النائب العام.
4 - رئيس مصلحة السجون.


(الوقائع)

أقام المدعى الدعوى الماثلة بموجب عريضة أودعت قلم كتاب هذه المحكمة بتاريخ 25/ 9/ 2011, وطلب فى ختامها الحكم بقبول الدعوى شكلاً وبوقف تنفيذ وإلغاء القرار السلبى الصادر من المدعى عليه الأول بالامتناع عن إصدار قرار بالعفو عن باقى العقوبة السالبة للحرية المحكوم بها على المدعى,مع ما يترتب على ذلك من آثار,وإلزام جهة الإدارة المصروفات.
وذكر المدعى شرحًا لدعواه أنه محبوس حاليا بسجن المرج على ذمة القضية رقم 6 لسنة 2003 كلى المنيا, وبتاريخ 10/ 3/ 2011 أصدر رئيس المجلس الأعلى للقوات المسلحة بصفته المخولة له بإدارة شئون البلاد فى الوقت الراهن القرار رقم 27 لسنة 2011 والذى تضمن العفو عن باقى العقوبة السالبة للحرية المحكوم بها على المسجونين الذين أمضوا نصف مدة العقوبة المحكوم بها,وأنه مسجون قبل 8/ 3/ 2011 ونفذ أكثر من ستة أشهر وقد أمضى أكثر من نصف المدة المحكوم بها عليه إلا أنه لم يتم الإفراج عنه حتى تاريخه بدون وجه حق,وأنه لا يجوز القول بأن ذلك القرار يطبق على من أمضى نصف العقوبة قبل يوم 8/ 3/ 2011 وأن من أمضاها بعد ذلك لا يطبق عليه القرار لأن فى ذلك تمييز غير قانونى نهى عنه الدستور والقانون.
وأضاف المدعى أنه بتاريخ 19/ 4/ 2011 صدر قرار المجلس الأعلى للقوات المسلحة رقم 70 لسنة 2011 وتضمن تطبيق العفو بنصف المدة على جرائم معينة دون الأخرى حيث تم تطبيق العفو على جرائم مثل المخدرات والدعارة العسكريين ولم يشمل باقى الجرائم ومنها قضايا الأموال العامة وقضايا التزوير والشيكات بالرغم من أن هذه الجرائم ليست لها خطورة بالمقارنة بالجرائم التى شملها العفو,الأمر الذى دفعه إلى إقامة دعواه الماثلة ابتغاء الحكم له بطلباته سالفة البيان.
ونظرت المحكمة الشق العاجل من الدعوى بجلسات المرافعة على النحو المبين بمحاضرها,حيث قدم الحاضر عن الدولة حافظة طويت على المستندات المعلاة على غلافها, ومذكرة دفاع طلب فى ختامها الحكم أصليًا: بعدم اختصاص المحكمة ولائيًا بنظر الدعوى,واحتياطيا:بعدم قبول الدعوى لانتفاء القرار الإداري,ومن باب الاحتياط:برفض الدعوى بشقيها العاجل والموضوعى,وبجلسة 20/ 3/ 2012 قررت المحكمة إصدار الحكم فى الشق العاجل من الدعوى بجلسة اليوم,وفيها صدر وأودعت مسودته المشتملة على أسبابه عند النطق به.


المحكمة

بعد الاطلاع على الأوراق، وسماع الإيضاحات، والمداولة قانونًا.
حيث إن المدعى يطلب الحكم - وفقا للتكييف القانونى الصحيح - بقبول الدعوى شكلاً وبوقف تنفيذ وإلغاء قرارى رئيس المجلس الأعلى للقوات المسلحة رقم 27, 70 لسنة 2011 فيما تضمناه من عدم شمول المدعى بالعفو عن باقى العقوبة السالبة للحرية المحكوم بها عليه,مع ما يترتب على ذلك من آثار,وإلزام جهة الإدارة المصروفات.
ومن حيث إنه عن الدفع المبدى بعدم اختصاص المحكمة ولائيًا بنظر الدعوى على سند من أن القرارين المطعون فيهما يعدا من أعمال السيادة, فإنه دفع غير سديد,ذلك أن القرارين المطعون فيهما اكتملت لهما عناصر ومقومات القرار الإدارى,وهما صادران عن رئيس المجلس الأعلى للقوات المسلحة بوصفه سلطة إدارة وليس سلطة حكم,إذ يظل العفو عن باقى العقوبة المحكوم بها عملاً إداريا خالصًا يخضع لرقابة قاضى المشروعية باعتباره صاحب الولاية والقاضى الطبيعى المختص بنظر الطعون فى القرارات الإدارية شأنها شأن سائر المنازعات الإدارية التى ما فتئ القضاء الإدارى قائمًا عليها باسطًا ولايته على مختلف أشكالها وصورها, وهو الأمر الذى يغدو معه الدفع الماثل قائمًا على غير سند جديرا بالرفض,وتكتفى المحكمة بالاشارة إلى ذلك فى الأسباب دون المنطوق.
ومن حيث إنه عن الدفع المبدى بعدم قبول الدعوى لانتفاء القرار الإدارى, فهو غير جدير بالقبول,وقد تكفل الرد على الدفع السابق ببيان ذلك,وتقضى المحكمة برفضه كذلك, وتكتفى بالإشارة إلى ذلك فى الأسباب دون المنطوق.
ومن حيث إن الدعوى استوفت أوضاعها الشكلية فهى مقبولة شكلاً.
ومن حيث إن الفصل فى الشق العاجل من الدعوى يستلزم وفقًا للمادة 49 من قانون مجلس الدولة رقم 47 لسنة 1972 توافر ركنين مجتمعين: - هما ركن الجدية: - بأن يكون ادعاء المدعى قائم بحسب الظاهر من الأوراق على أسباب جدية من شأنها أن يكون القرار غير مشروع ومرجح الإلغاء عند الفصل فى طلب الإلغاء وركن الاستعجال بأن يترتب على الاستمرار فى تنفيذ القرار نتائج يتعذر تداركها.
ومن حيث إنه عن ركن الجدية فإن المادة (7) من الإعلان الدستورى الصادر فى 30 مارس 2011 تنص على أن المواطنون لدى القانون سواء، وهم متساوون فى الحقوق والواجبات العامة، لا تمييز بينهم فى ذلك بسبب الجنس أو الأصل أو اللغة أو الدين أو العقيدة."
وتنص المادة (19) من ذات الإعلان على أن" العقوبة شخصية,ولا جريمة ولا عقوبة إلا بناء على قانون,ولا توقع إلا بحكم قضائى.......".
وتنص المادة (56) منه على أن "يتولى المجلس الأعلى للقوات المسلحة إدارة شئون البلاد,وله فى سبيل ذلك مباشرة السلطات الآتية:
1 - ............ 2 - ......................
9 - العفو عن العقوبة أو تخفيفها أما العفو الشامل فلا يكون إلا بقانون).
ومن حيث إن المادة (74) من قانون العقوبات تنص على أن:(العفو عن العقوبة المحكوم بها يقضى إسقاط كلها أو بعضها....).
كما تنص المادة (49) من قانون السجون رقم 396/ 1956 على أن (يفرج عن المسجون ظهر اليوم التالى لانتهاء مدة العقوبة).
ومن حيث إن المستفاد مما تقدم أن المواطنين أمام القانون سواء فلكل منهم ذات الحقوق وعليه نفس الواجبات والالتزامات ولا تجوز التفرقة بين المواطنين من أصحاب المراكز القانونية المتماثلة بأى حال من الأحوال,  وأن التمييز بينهم غير جائز بأى حال وإلا كان هذا المسلك مخالفًا لأحكام الدستور فضلاً عن مخالفة القانون.
كذلك فإنه لما للحرية الشخصية من أهمية بارزة فى حياة الإنسان باعتبارها ملاك الحياة كلها,  فقد حرص المشرع الدستورى على كفالتها وصونها, فلا توقع عقوبة تسلبها إلا بناء على قانون وبحكم قضائى فى حدود ما تحويه الشرائع والقوانين من تنظيم لها بحسبان أن هذه الشرائع والقوانين لا تخلقها ولا توجدها بل تنظمها وتوفق بين شتى مناحيها تحقيقًا لخير الجماعة ورعاية للصالح العام,  وحتى تلك العقوبة السالبة للحرية فقد أجاز المشرع الدستورى العفو عنها أو تخفيفها رعاية تغليبًا لحقوق الأفراد وحرياتهم, وإدراكًا لحقيقة إنسانية الإنسان وحماية لحقه فى حياة كريمة استهداء بما يرجى من نفع وصالح عام للمجتمع.
ولما كان المستقر عليه أن عيب إساءة استعمال السلطة هو من العيوب القصدية التى يجب أن يقوم الدليل عليها من الأوراق وأن يظهر ذلك للمحكمة من واقع الدعوى.
ومن حيث إنه استنادًا إلى ما تقدم فقد أصدر رئيس المجلس الأعلى للقوات المسلحة القرار المطعون فيه رقم 27 لسنة 2011 بتناريخ 10/ 3/ 2011,ونص فى مادته الأولى على أن"يعفى عن باقى العقوبات السالبة للحرية المحكوم بها على المسجونين الذين أمضوا نصف مدة العقوبة المحكوم بها عليهم والبالغ عددهم ستون محكومًا عليهم أولهم.....وذلك وفقًا لما يلى: أولاً:المحكوم عليهم بالإشغال الشاقة المؤبدة(السجن المؤبد) إذا كانت المدة المنفذة حتى 8/ 3/ 2011 (خمس عشرة سنة ميلادية.........................".
ثانيًا: المحكوم عليهم بعقوبة سالبة للحرية قبل 25/ 4/ 2011 متى كان المحكوم عليه قد نفذ حتى هذا التاريخ نصف مدتها ميلاديًا وبشرط ألا تقل مدة التنفيذ عن ستة أشهر.....................".
كما أصدر رئيس المجلس الأعلى للقوات المسلحة القرار المطعون فيه رقم 70 لسنة 2011 بتاريخ 19/ 4/ 2011,ونص فى مادته الأولى على أن" يعفى عن باقى العقوبة السالبة للحرية بالنسبة إلى الفئات التالية: أولاً:المحكوم عليهم بالإشغال الشاقة المؤبدة(السجن المؤبد) إذا كانت المدة المنفذة حتى 25/ 4/ 2011 (خمس عشرة سنة ميلادية.........................".
ثانيًا: المحكوم عليهم بعقوبة سالبة للحرية قبل 25/ 4/ 2011 متى كان المحكوم عليه قد نفذ حتى هذا التاريخ نصف مدتها ميلاديًا وبشرط ألا تقل مدة التنفيذ عن ستة أشهر.....................".
ومن حيث إنه بالبناء على ما تقدم ولما كان البادى من ظاهر الأوراق وبالقدر اللازم للفصل فى الشق العاجل من الدعوى أن المدعى قد حكم عليه بالسجن المشدد لمدة خمس سنوات فى القضية رقم 6 لسنة 2003, وبدأ تنفيذ العقوبة بتاريخ 15/ 2/ 2010,ومن ثم فإن المدعى بذلك لم يكن قد نفذ حتى 8/ 3/ 2011 أو حتى 25/ 4/ 2011 نصف مدة العقوبة المحكوم عليه بها,وبالتالى ينتفى مناط سريان المعايير التى تضمنها القرارين رقمى 27, 70 لسنة 2011 بشأن المدعى,وهو الأمر الذى يغدو معه القراران المطعون فيهما فيما تضمناه من عدم شمول المدعى بالعفو عن باقى العقوبة السالبة للحرية المحكوم بها عليه - وبحسب الظاهر - قائمين على سببهما المبرر لهما غير مرجحين الإلغاء مما ينتفى معه ركن الجدية, ويتعين والحال كذلك القضاء برفض طلب وقف تنفيذ القرارين المطعون فيهما دون حاجة لبحث ركن الاستعجال لعدم جدواه.
ومن حيث إن من يخسر الدعوى يلزم بالمصروفات عملاً بالمادة (184) من قانون المرافعات.

فلهذه الأسباب

حكمت المحكمة:
بقبول الدعوى شكلاً, وبرفض طلب وقف تنفيذ القرارين المطعون فيهما,وألزمت المدعى مصروفات هذا الطلب, وأمرت بإحالة الدعوى إلى هيئة مفوضى الدولة لتحضيرها وإعداد تقرير بالرأى القانونى فى طلب الإلغاء.

سكرتير المحكمة رئيس المحكمة