الصفـحة الرئيـسية باحث التشريعات باحث النقض باحث الدستورية باحث الإدارية العليا
إيقافتشغيل / السرعة الطبيعيةللأعلىللأسفلزيادة السرعة تقليل السرعة

مجلة المحاماة - العدد الرابع
السنة السادسة - يناير

في حل مجلس النواب واجتماع البرلمان
في 21 نوفمبر سنة 1925
أسباب القرار
الذي أصدره مجلس نقابة المحامين بتاريخ 16 ديسمبر 1925 وصادقت عليه الجمعية العمومية التي انعقدت في يوم 18 ديسمبر سنة 1925

إن المراسيم الصادرة في شهر نوفمبر سنة 1924 وفي 4 ديسمبر سنة 1924 وفي 23 مارس سنة 1925 بتأجيل دور انعقاد مجلس النواب ثم بحله قد أحدثت قلقًا شديدًا على مصير الدستور وعلى الضمانات التي كفلها الحكم النيابي ترتب عليه رفع جملة عرائض لصاحب الجلالة الملك بالتماس العودة للحياة الدستورية ونشر جملة احتجاجات على الوزارة بشأن حل المجلس والاستمرار على خطة الحكم الفردي.
وقد اشترك المحامون في هذه الحركة حيث رفعوا التماسًا لصاحب الجلالة الملك بإقالة الوزارة الحاضرة التي لا هم لها سوى العمل على هدم الدستور.
غير أن الوزارة استمرت على خطتها وصممت على تعديل قانون الانتخاب لتتمكن من الاستمرار على تعطيل الحياة النيابية، لهذا رأى نواب الأمة أن يجمعوا البرلمان في نزل الكونتننتال معتمدين على بطلان مرسوم الحل الصادر في 23 مارس سنة 1925 بطلانًا من شأنه عودتهم للوظائف النيابية وتنفيذهم الوكالة التي استمدوها من الأمة.
وبمناسبة هذه الحوادث وقرب انعقاد الجمعية العمومية للمحامين أشار بعض الزملاء على مجلس النقابة بأن يفحص هذه المسألة من الوجهة القانونية حتى تتمكن الجمعية العمومية عند الاقتضاء أن تقول هي الأخرى كلمتها في صحة هذا الاجتماع - فرأى المجلس النظر في هذا الاقتراح لما فيه من الفائدة.
هذا وأن هناك سببًا خاصًا يدعو مجلس النقابة للاهتمام بهذه المسألة فإن لدى المجلس جملة مشروعات وقوانين خاصة بحياة المحاماة الداخلية قد أصبحت معطلة بسبب حل مجلس النواب.

المسائل المطلوب حلها

1 - إذا كان حل مجلس النواب الصادر به مرسوم 23 مارس سنة 1925 شرعيًا.
2 - إذا كان هذا الحل قد أصبح باطلاً لعدم دعوة الناخبين للانتخاب والبرلمان للانعقاد في المواعيد الواردة في الدستور.
3 - الآثار التي تترتب على عدم مشروعية حل المجلس أو بطلان هذا الحل.

المسألة الأولى

يعرف العلماء حل المجالس النيابية بأنه الحق المخول للسلطة التنفيذية بتقصير مدة وكالة الهيئة التشريعية المنتخبة - أما علة منح هذا الحق للسلطة التنفيذية وأسباب مشروعيته فقد ذكرها المسيو ميلران رئيس الجمهورية الفرنسية سابقًا في جلسة عقدها مجمع العلوم الأدبية والسياسية في 29 مارس سنة 1924 إذ قال ما يأتي: 
(إن الموازنة بين السلطات المختلفة لازمة لحرية الأمة وسلطتها فلا بد لضمان هذه الموازنة ضمانًا تامًا أن يكون إزاء السلطة التي تتمتع بها الهيئة التشريعية سلاح بيد السلطة التنفيذية يتكافأ مع هذه السلطة ولا سلاح سوى رفع الأمر للأمة التي لها ولاية الأمر وهذا هو ما يسمى حق الحل).
وما دام حق الحل ليس هو إلا الالتجاء إلى رأي الأمة الأسمى فإذا أصدرت الأمة حكمها فيما تطرحه عليها السلطة التنفيذية من أوجه الخلاف فلا بد من احترام هذا الحكم ولا يتحقق هذا الأمر إلا بمنع هذه السلطة من تكرار حل المجلس لسبب واحد.
وهذا المبدأ مقرر في الدستور المصري، ألا ترى أن المادة (38) من الدستور قد نصت على أنه لا يجوز حل مجلس النواب مرتين لسبب واحد.
وإذا كان الأمر كذلك فلم يبقَ سوى النظر في الأسباب التي دعت إلى حل المجلس في 24 ديسمبر سنة 1924 فإذا كانت هي بعينها التي بني عليها الحل الثاني الصادر به مرسوم 23 مارس سنة 1925 فإن هذا الحل يكون مخالفًا للدستور.
إذا رجعنا لملحق الجريدة الرسمية الصادر في 24 ديسمبر سنة 1924 فإننا نجد به نص المذكرة التي رفعتها الوزارة لصاحب الجلالة الملك وفيها أن السبب الذي تبني الوزارة طلبها عليه هو الخلاف بينها وبين المجلس خاصًا بالعلاقات بين مصر وبريطانيا وضرورة عرض هذا الخلاف على الأمة.
وإذا رجعنا إلى المذكرة الخاصة بالحل الصادر به مرسوم 23 مارس سنة 1925 فإننا لا نجد سببًا آخر غير هذا السبب حيث جاء بالمذكرة ما معناه أن المجلس أظهر لأول وهلة أنه مصمم على نفس الخطة السياسية السابقة.
وعلى ذلك لا يمكننا أن نتردد في القول بأن حل المجلس الذي صدر به مرسوم 23 مارس سنة 1925 غير شرعي ومخالف للدستور لأنه بني على نفس السبب الذي ترتب عليه الحل الأول الصادر به مرسوم 24 ديسمبر سنة 1924.
وهذا الحل ليس مخالفًا للدستور لهذا السبب فقط بل لأن مرسوم الحل صدر ولم يكن قد أبدى المجلس الجديد رأيه في أي أمر بل وقبل أن تُعرض عليه مسألة من المسائل.
ليس طبيعيًا أن تلجأ الحكومة لسلطة الأمة لإبداء رأيها فيما وقع من الخلاف بينها وبين النواب ولا تحترم ما تبديه هذه الهيئة من الرأي.
والذي حدث أشد من هذا فإن الحكومة لم تمكن الأمة من إبداء رأيها في هذا الخلاف فإن هذا التصرف من جهة الحكومة لا يعتبر حلاً للمجلس ولكنه يعتبر طردًا لوكلاء الأمة ونوابها.
قال الأستاذ ماتر في كتابة المسمى (حل الجمعيات السياسية صحيفة 26) ما يأتي: 
(إذا حلت الحكومة هيئة المجلس قبل انعقاده كان عملها هذا امتناعًا عن سماع رغبات البلاد ومثلها في ذلك مثل الذي يطلب من آخر أن يوفد إليه رسولاً ليفضي إليه برأيه في أمر معين فإذا حضر الرسول طرده ولم يسمح بمقابلته فكأنما تريد الحكومة أن ترغم المندوبين على انتخاب أشخاص معينين).
وقد علق الأستاذ الكبير ليون دجوى عميد كلية الحقوق المصرية في مؤلفه على القانون النظامي على هذه المسألة بما يأتي: 
(ومع ذلك ولو أن الشارع النظامي لم يذكر شيئًا في هذا الخصوص فإنه يظهر لي أن هناك قيدًا شرعيًا يقيد حق حل الجمعيات السياسية،
ليس لرئيس الجمهورية أن يأمر بحل مجلس على أثر تمام انتخابه ولا يستطيع ذلك إلا بعد أن يتشكل المجلس ويصدر قرارًا،
نعم لرئيس الحكومة حق حل المجالس غير أنه لا يجوز أن يكون ذلك لهدم ما تقضي به الأمة وتقره الانتخابات العامة بل لعرض ما يقع بين الحكومة وبين مجلس النواب من الخلاف على الأمة،
فإذا أمر رئيس الجمهورية بحل مجلس على أثر الانتخابات وقبل أن يصدر قرارًا في مسألةٍ ما فإن هذا الحل لا يكون موجهًا للمجلس بل لهيئة الناخبين نفسها فهو هدم لحكمها وفيه مخالفة للقانون النظامي (انظر الجزء الرابع صحيفة 577)).
هذا ما قرره هذا العالم الكبير فإذا طبقناه على حادثتنا وجدنا أن مرسوم الحل مخالف للقواعد الدستورية، ذلك لأن هذا المرسوم صدر وكان المجلس قد أوشك أن ينتهي من انتخاب هيئة مكتبه ولم يكن أصدر ولا قرارًا واحدًا والأمر في ذلك ظاهر لأن المجلس لا يمكن أن يبت في أمر قبل أن تتشكل هيئته المكتبية التي من وظيفتها إدارة المناقشات والإشراف على إبداء الآراء.

المسألة الثانية
بطلان حل المجلس لعدم دعوة المندوبين
الناخبين وهيئة المجلس للانعقاد في الميعاد القانوني

قال المسيو ماتر في كتابه (حل الهيئات السياسية) صحيفتي 30، 31 ما يأتي: 
(يجب أن يشتمل أمر الحل على الشروط الموضوعية التي يشترطها الدستور، وأكثر هذه الشروط شيوعًا هو ملاحظة المواعيد المشترطة لدعوة الناخبين ولعقد المجلس الجديد فإن اجتماع المندوبين وانعقاد المجلس هو مظهر الفرق بين طرد هيئة النواب وبين حق حل المجلس).
وهذا الشرط الذي يشير إليه المسيو (ماتر) قد قرره الدستور المصري في المادة (89) حيث يتعين حسب نص هذه المادة أن يدعى الناخبون في ميعاد لا يتجاوز الشهرين وأن يدعى المجلس الجديد للانعقاد في بحر العشرة الأيام التالية لانتهاء عملية الانتخاب.
وفي حالتنا أرجأت الحكومة هذه الدعوة إلى آجال لا نهاية لها ولهذا يصبح حل المجلس باطلاً لعدم تحقق الشروط الواردة في المادة (89) المذكورة وسنشرح هذه النقطة عند الكلام على المسألة الثالثة.

المسألة الثالثة
ما هي آثار عدم مشروعية حل المجلس
أو بطلان أمر الحل

إذا كان حل المجلس ليس شرعيًا فطبعي أن لا يترتب على صدور أمر به أي أثر قانوني أو سياسي وفي هذه الحالة يعتبر المجلس لا يزال موجودًا.
قال الأستاذ ليون دجوى في كتابه على القانون النظامي جزء (4) صحيفة 584 ما يأتي:
(إن رئيس الجمهورية الذي يصدر أمرًا غير شرعي بحل المجلس ينتهك حرمة الدستور ولكن بما أن بيده زمام القوة المسلحة فإنه يستطيع أن يشتت شمل نواب الأمة وفي هذه الحالة لا يبقى النصر حليف الحق بل يصبح تابعًا للقوة، والمسألة هنا تكون راجعة إلى ضمان تنفيذ قواعد القانون الأساسي حيث لا يوجد لهذا القانون ضمان فعلي مباشر. 
وليس معنى هذا أن منع انعقاد مجلس النواب المحلول حلاً باطلاً بالقوة يجعله غير موجود لأنه إذا كان اجتماعه أصبح في الواقع متعذرًا فإن وجوده قانونًا أمر لا شبهة فيه).
أما الحالة التي تمتنع الحكومة فيها بعد أمر الحل عن دعوة المندوبين الناخبين للانتخاب والمجلس للانعقاد في مواعيده فإن شراح القانون النظامي مختلفون في الآثار التي تترتب على هذا الامتناع.
قال المسيو ماتر في كتابه السابق ذكره صحيفتي 30، 31 في هذا الشأن ما يأتي: 
(يجب التفرقة بين حالتين، الأولى إذا كان الدستور قد حتم أن يشتمل أمر الحل على بيان ميعاد اجتماع الناخبين وانعقاد المجلس فإنه إذا خلا أمر الحل من هذه البيانات يكون باطلاً من تلقاء نفسه. 
والثانية أنه إذا كان الدستور قد اكتفى بالإشارة إلى ضرورة إجراء الانتخابات وعقد المجلس في ميعاد معين دون أن يشترط ذكر ذلك في أمر الحل فيجب الانتظار في هذه الحالة حتى تنقضي المواعيد المذكورة، وفي هذه اللحظة إذا لم يكن قد دُعي الناخبون للانتخاب ولا المجلس للانعقاد يكون أمر الحل باطلاً وتعود الحياة إلى المجلس القديم، وهذه النظرية التي رسمها المسيو (مونييه) في الجمعية التأسيسية المنعقدة في 4 سبتمبر سنة 1889 قد قررها الكتاب الفرنسيون في منتصف هذا القرن واستمروا على تأييدها وقد أخذ بها أيضًا المؤلفون الأجانب وخصوصًا شراح القانون الإيطالي (راجع روسي جزء رابع صحيفة 48 وبيران سان برى صحيفة 315)). 
ويظهر أن الأستاذ ليون دجوى ليس على هذا الرأي فقد ذكر في مؤلفه السالف الذكر جزء رابع صحيفة 583 ما يأتي: 
(وقد تساءل بعضهم عما يترتب على امتناع الحكومة عن احترام هذا النص فلم تدعُ الناخبين للانتخاب في مدة شهرين، ولم تدعُ المجلس للانعقاد في العشرة الأيام التالية لنهاية عملية الانتخاب. 
إنه من المتعذر الإجابة على هذا السؤال لأنه هو بعينه مسألة ضمان تنفيذ قواعد الدستور حيث لا يوجد لذلك ضمان فعلي مباشر - وعلى كل حال فإنني لا أستطيع أن أقبل ما قرره بعضهم أحيانًا وهو أن يعود المجلس المنحل إلى التكوين والانعقاد لأن المفروض هو أن حل المجلس كان شرعيًا وعلى ذلك فإن المجلس قد أصبح معدومًا ويظهر لي لهذا السبب أن انتهاك الحكومة للدستور ليس من شأنه أن يعيد الحياة للمجلس المنحل).
ولكن رغم هذا الخلاف بين علماء القانون الفرنسي فإننا لا نتردد في أن نقول إن اجتماع 21 نوفمبر سنة 1925 كان صحيحًا وذلك للأسباب الآتية:
إذا كان بعض العلماء الفرنسيين قد اعتبروا المجلس المحلول معدوم الحياة فذلك لأنه ليس في الدستور الفرنسي نفسه أي نص يفرض للمجلس أي وجود في أي حالة من الأحوال ولكن الدستور المصري يعتبر للمجلس المذكور وجودًا قانونيًا وفعليًا في أحوال متعددة وإليك بيان هذه الأحوال: 
نصت المادة (52) من الدستور بأنه عند وفاة الملك يجتمع البرلمان بغير دعوة في ميعاد العشرة الأيام التالية لإعلان الوفاة، وإذا كان مجلس النواب معطلاً بسبب صدور أمر بحله وكان تاريخ دعوة المجلس الجديد للانعقاد تقع بعد العشرة الأيام المذكورة فإن المجلس القديم يستعيد وظيفته إلى أن ينعقد المجلس الذي يحل محله.
ونصت المادة (54) فقرة رابعة (وإذا كان مجلس النواب معطلاً بسبب حله وقت خلو العرش فإنه يستعيد وظيفته إلى أن ينعقد المجلس الذي يحل محله).
ونصت المادة (114) فقرة ثانية (وإذا تقرر إجراء الانتخابات في الميعاد المذكور فإن وظيفة المجلس تستمر إلى أن تنتهي هذه الانتخابات). 
فيؤخذ من ذلك أن المجلس المحلول يستعيد وظيفته في ثلاثة أحوال وذلك رغم صدور أمر بحله أو انتهاء مدة نيابة أعضائه، وعلى ذلك يمكننا أن نقول إن حل مجلس النواب في الدستور المصري لا يترتب عليه انعدام سلطته كما هو الحال في القانون الفرنسي، فكأنما حل المجلس يكون معلقًا دائمًا على شرط أساسي هو اجتماع مجلس جديد فإذا تحقق هذا الشرط فإن نتائج الحل تصبح صحيحة بمعنى أن الأمر الصادر بالحل يصبح صحيحًا.
ولكن إذا لم يتحقق هذا الشرط بمعنى أن تؤخر الانتخابات ويؤجل انعقاد المجلس في المواعيد المشترطة قانونًا فإن أمر الحل يكون قد وقع باطلاً وتعود للمجلس القديم وظيفته.
لهذه الأسباب يمكننا أن نقرر بأن انعقاد البرلمان في 21 نوفمبر سنة 1925 كان انعقادًا دستوريًا صحيحًا.
إلى هنا قد أجبنا على الأسئلة الثلاثة المبينة قبل غير أن هناك مسألة أخرى ألفتت الجمعية العمومية نظرنا إليها وهي تتعلق بما ترد به الحكومة على الآراء التي بسطناها، فإن الحكومة لتبرر تأجيل الانتخابات وانعقاد المجلس تتعلل بضرورة إعداد دفاتر الانتخاب وإتمام الإجراءات اللازمة لتنفيذ قانون الانتخاب الجديد فنقول إنه ما دام للسلطة التنفيذية في غيبة البرلمان أن تصدر قوانين، وما دامت الحكومة بمقتضى هذا الحق قد أصدرت قانونًا جديدًا للانتخاب، وما دام تنفيذ هذا القانون يقتضي أعمالاً تحضيرية ضرورية فلا يمكن أن يقال عن الحكومة إنها تنتهك حرمة الدستور أو إنها تخالف الشروط الخاصة بحل مجلس النواب.
من هذا القول يتبين أن المسألة الواجب البحث فيها هي هل للسلطة التنفيذية في أثناء تعطيل البرلمان بسبب حل مجلس النواب أن تصدر قوانين أم ليس لها هذا الحق.
وللجواب على هذا السؤال لا نجد أحسن من أن نترك الكلام فيه لأستاذين فرنسيين من علماء القانون هما الأستاذ (بارتلمي عضو المجمع الفرنسي وعميد كلية الحقوق بباريس) والأستاذ (باروفان المدرس بالكلية المذكورة والعضو الشريك في مجمع القانون الدولي) فإن هذين الأستاذين قد حررا أخيرًا استشارة في مسألة تتعلق بقضية مطروحة أمام محكمة استئناف إسكندرية المختلطة نذكر منها الموضع الذي ينكر فيه الأستاذان المذكوران على السلطة التنفيذية حق التشريع أثناء تعطيل البرلمان بسبب حل مجلس النواب.
قال الأستاذان: 
(نصت المادة 24 من الدستور المصري الصادر في سنة 1923 بأن حق التشريع هو لجلالة الملك باشتراك مجلسي الشيوخ والنواب غير أن المادة (41) من الدستور المذكور تنص على أن للملك في بعض أحوال وشروط معينة أن يصدر مراسيم لها قوة القانون.
يلاحظ أولاً بأن الحق الوارد في المادة (41) المذكورة هو استثناء للقواعد المتعلقة بسلطة الهيئة التشريعية المدونة بالمادة (24) المذكورة وهذه الصفة أي استثنائية هذا الحق مستمدة من نص وروح الدستور، فإن ذي الفقار باشا وزير الحقانية يقول في مذكرته على الدستور تعليقًا على نص المادة (41) بأنها تعهد للملك بحق تشريع استثنائي وعلى ذلك فلا يمكن التوسع في تفسير النص المذكور.
ومن الوجهة القانونية نرى أن الفترة الواقعة بين أدوار انعقاد البرلمان هي غير الفترة التي تلي حل مجلس النواب فإن الأولى تقع بطبيعة الحال بصفة عادية ناتجة من تنفيذ الدستور وأما حل المجلس فوإن كان عملاً شرعيًا إلا أنه استثنائي ولذلك فإن النصوص الخاصة بافتتاح البرلمان وانتهاء أدوار انعقاده (المواد (49)، (96)، (97)) هي غير النصوص الخاصة بحل المجلس المادة (38).
وقد يحدث لمنع التجاوز في استعمال حق الحل أن ينص الدستور على تحريم أمر على رئيس الحكومة أثناء حل المجلس ويكون ذلك الأمر إحالة بين أدوار الانعقاد فإنه يلاحظ أن التشريع الفرنسي يحرم على رئيس الجمهورية أن يصدر قوانين باعتمادات مالية إضافية أو استثنائية قانون (11) ديسمبر سنة 1879 المادة (4)).
فيجب إذن التضييق في تفسير المادة (41) إذ يظهر أنه لا يمكن أن تسري الأحكام الخاصة بالتشريع المباح للملك أثناء أدوار الانعقاد على الحالة التي يكون فيها المجلس معطلاً بسبب الحل.
ويؤيد ذلك الأدوار التي مرّ بها نص المادة (41) فإن المبدأ الذي وضعته لجنة الدستور خاصًا بالسلطة التنفيذية تحت نمرة (1) هو ما يأتي: 
(للملك أن يصدر بين أدوار الانعقاد مراسيم لها قوة القوانين) - ولم يأتِ ذكر لحالة الحل - كذلك نجد في مشروع الدستور الذي وضعته لجنة الثلاثين عبارة بهذا المعنى أقرتها اللجنة بصفة نهائية وهي: 
(إذا أصبح من الضروري بين أدوار الانعقاد) غير أن اللجنة الاستشارية عرضت نصًا أوسع بكثير من النص المذكور يبيح إصدار المراسيم بين أدوار الانعقاد وفي حالة حل مجلس النواب فقالت: (للملك إن يصدر مراسيم في الأحوال التي يكون فيها من الضروري اتخاذ إجراءات مستعجلة لا يمكن تأجيلها، وإن هذه المراسيم يجب عرضها على البرلمان في أول انعقاده)، ولكن هذا النص الواسع لم يقرر وبقيت المادة (41) على حالها وهي لا تسمح للملك بأن يصدر مراسيم إلا في الفترة الواقعة بين أدوار الانعقاد، وهناك ملاحظة أخيرة مستمدة من نص المادة (41) تؤيد عدم جواز إصدار المراسيم في فترة حل مجلس النواب وهي أن نص المادة المذكورة يشير إلى أنه إذا صدرت مراسيم بين أدوار الانعقاد يجب دعوة البرلمان إلى الانعقاد انعقادًا استثنائيًا لتعرض عليه تلك المراسيم في أول انعقاده - وحق البرلمان هذا في الإشراف مباشرةً على أعمال السلطة التنفيذية هو إحدى كفتي التوازن لذلك الحق الاستثنائي المخول للملك، وبما أن انعقاد البرلمان على الفور مستحيل في حالة حله فلا يمكن القول بأن المادة (41) تبيح للملك إصدار المراسيم وقت تعطيل البرلمان بسبب حل المجلس.
بعد هذا البيان علينا أن نتساءل هل كان للسلطة التنفيذية في حالتنا هذه أي أثناء تعطيل البرلمان بسبب حل المجلس الحق في إصدار مرسوم بتعديل قانون الانتخاب.
تناول الأستاذان السالف ذكرهما البحث في نوع المراسيم التي للهيئة التنفيذية إصدارها بين أدوار الانعقاد فقالا: 
(إن المادة (41) لا تبيح للملك أن يصدر بين أدوار انعقاد البرلمان مراسيم في كافة الشؤون، فإنها لا تبيح له ذلك إلا في الأحوال التي يجب فيها اتخاذ إجراءات مستعجلة لا يمكن تنفيذها).
يؤيد ذلك ما جاء في مذكرة ذي الفقار باشا تعليقًا على المادة (41) المذكورة فإنه قال عن خالة الاستعجال المذكورة إنها هي الحالة التي يترتب على تأخير اتخاذ الإجراءات فيها نتائج خطيرة. 
وإنه لمن المتعذر أن يقبل الفعل أن تعديل قانون الانتخاب هو من هذا النوع خصوصًا إذا لاحظنا أن قانون الانتخاب هو من حقوق الأمة الأساسية فلا يمكن تعديله إلا بمعرفة نوابها وفضلاً عن ذلك فإن هذا القانون قد تعدل تعديلاً ملائمًا لحالة البلاد ولرغبات الشعب تعديلاً محققًا للمبادئ الديموقراطية وصدر به قرار البرلمان في سنة 1924.

رئيس الجمعية العمومية للمحامين
أحمد لطفي