الصفـحة الرئيـسية باحث التشريعات باحث النقض باحث الدستورية باحث الإدارية العليا
إيقافتشغيل / السرعة الطبيعيةللأعلىللأسفلزيادة السرعة تقليل السرعة

بسم الله الرحمن الرحيم
مجلس الدولة
محكمة القضاء الإداري
دائرة المنازعات الاقتصادية والاستثمار
الدائرة السابعة.
الحكم الصادر بجلسة 28/ 3/ 2015
في الدعوى رقم 27011 لسنة 67 ق

المقامة من/
" رمضان على أحمد منصور " بصفته رئيس مجلس الإدارة والممثل القانوني لشركة الصحابة ترافيل.
ضـــــــــــــــــــــــد/
1 - وزير السياحة..................................... - بصفته -
2 - رئيس هيئة تنشيط السياحة.................... - بصفته -
3 - رئيس غرفة شركات السياحة ووكالات السفر - بصفته -


الوقـائع

أقام المدعي - بصفته - دعواه الماثلة بموجب عريضة أودعت قلم كتاب هذه المحكمة بتاريخ 17/ 2/ 2013، وطلب في ختامها الحكم " أولاً: بقبول الدعوى شكلاً، ثانيًا: إلزام الجهة الإدارية بأن تؤدى للشركة التي يمثلها مبلغًا وقدره ستون ألف دولار أمريكي قيمة التبرع المسدد كمساهمة في صندوق تنشيط السياحة مع إلزام جهة الإدارة بالمصروفات ".
وذكر شرحًا لدعواه، أنه تقدم لوزير السياحة بصفته وكيلاً للمؤسسين بطلب للموافقة على تأسيس شركة سياحة عامة فقرة ( أ ) وفقًا لأحكام القانون 38 لسنة 1977 المعدل بالقانون 125 لسنة 2008 الخاص بتنظيم الشركات السياحية، ثم قام بتقديم كافة الأوراق وجميع المستندات المطلوبة قانونًا لترخيص الشركة، ولكن جهة الإدارة رفضت الإستلام معللة الرفض بضرورة قيام الشركة التى يمثلها المدعى بالتبرع لصالح صندوق تنشيط السياحة بمبلغ ستين ألف دولار أمريكي، ولذلك اضطر المدعى لدفع مبلغ التبرع المطلوب بموجب إيصال السداد رقم 68602 بتاريخ 10/ 8/ 2010 الصادر من غرفة شركات السياحة ووكالات السفر، وعقب ذلك صدر له ترخيص مزاولة المهنة برقم 2089 لسنة 2010 (نشاط سياحة عامة) فقرة ( أ ).
وقد أكد المدعى - بصفته - على عدم أحقية جهة الإدارة في إجبار شركات السياحة على التبرع لصندوق تنشيط السياحة، لذا فقد حاول إقناع القائمين على الجهة الإدارية بوجوب رد ذلك المبلغ دون جدوى، لذلك أقام دعواه الماثلة بالطلبات سالفة البيان.
وقد جرى تحضير الدعوى لدى هيئة مفوضي الدولة على النحو الثابت بالأوراق، حيث أودعت تقريرًا مسببًا بالرأي القانوني في الدعوى ارتأت فيه الحكم " بقبول الدعوى شكلاً وفى الموضوع بإلزام الجهة الإدارية المدعى عليها بأن تؤدى للمدعى بصفته مبلغ ستون ألف دولار أمريكي قيمة مساهمته الإجبارية في خطة تنشيط السياحة، وبإلزام الجهة الإدارية المصروفات ".
ونظرت الدعوى أمام هذه المحكمة وتداولت نظرها على النحو الثابت بمحاضر جلساتها، وبتاريخ 9/ 9/ 2013 قدم الحاضر عن المدعى صحيفة معلنة بتصحيح شكل الدعوى متضمنًا تعديل إسم المدعى ليصبح (رمضان على أحمد منصور) بدلاً من (أحمد على أبوزيد على)، ثم قررت المحكمة بجلسة 24/ 1/ 2015 حجز الدعوى لإصدار الحكم فيها بجلسة اليوم، وفيها صدر الحكم وأودعت مسودته المشتملة على منطوقه وأسبابه لدى النطق به.

المحكمة

بعد الإطلاع على الأوراق وسماع الإيضاحات والمداولة قانونًا.
وحيث أن المدعي - بصفته - يهدف من دعواه للحكم " بقبول الدعوى شكلاً، وبإلغاء قرار وزارة السياحة بالإمتناع عن رد مبلغ 60,000 " ستون ألف " دولار أمريكي قيمة التبرع الذي دفعه كمساهمة في جهود التنشيط السياحي، وإلزام الجهة الإدارية المصروفات ".
ومن حيث إن الدعوى قد استوفت سائر أوضاعها الشكلية المقررة قانونًا، فمن ثم فهي مقبولة شكلاً.
وحيث إنه عن الموضوع: فإن المادة (1) من القانون رقم 1 لسنة 1973 في شأن المنشآت الفندقية والسياحية تنص على أنه " تسري أحكام هذا القانون على المنشات الفندقية والسياحية. وتعتبر منشأة فندقية في تطبيق أحكام هذا القانون الفنادق والبنسيونات والقرى السياحية والفنادق العائمة والبواخر السياحية...................".
وتنص المادة (2) من ذات القانون على انه " لا يجوز إنشاء أو إقامة المنشات الفندقية والسياحية أو إستغلالها أو إدارتها إلا بترخيص من وزارة السياحة طبقًا للشروط والإجراءات التي يصدر بها قرار من وزير السياحة، وتؤول إلى وزارة السياحة الإختصاصات المنصوص عليها في القانون رقم 371 لسنة 1956 في شأن المحال العامة، والقانون رقم 372 لسنة 1956 في شأن الملاهي بالنسبة إلى تلك المنشآت..................".
وتنص المادة (26) من ذات القانون علي أن " يصدر وزير السياحة القرارات اللازمة لتنفيذ أحكام هذا القانون "0
والمستفاد من جماع النصوص المتقدمة أن المشرع في القانون المذكور قد عرف المنشات الفندقية والسياحية وحدد أنواعها ومنها الفنادق العائمة، وقد حظر إنشاء أية منشأة فندقية أو سياحية أو إقامتها أو استغلالها أو إدارتها إلا بعد الحصول على الترخيص اللازم من وزارة السياحة طبقا للشروط ووفقا للإجراءات المحددة في هذا الشأن، وقد أوكل القانون إلى وزير السياحة سلطة إصدار القرارات اللازمة لتنفيذ القانون.
ومن حيث أن الثابت بالأوراق أن الشركة المدعية التي يمثلها المدعى تقدمت بطلب لوزير السياحة للترخيص لها بمزاولة النشاط السياحي من الفئة ( أ )، ودفعت مبلغ (60000) ستين ألف دولار أمريكي لوزارة السياحة بموجب إيصال استلام نقدية برقم 68602 بتاريخ 10/ 8/ 2010 تحت مسمى المساهمة من الشركة المدعية في خطة التنشيط السياحي، وبعد دفع هذا التبرع الذي يستهدف من ورائه تنشيط المجال السياحي وافق وزير السياحة على إصدار ترخيص سياحي فقرة ( أ ) تحت رقم 1975 بتاريخ 30/ 5/ 2010 باسم الشركة المدعية، ثم أقامت الشركة دعواها الماثلة بغية استرداد مادفعته من تبرع.
ومن حيث إن المقصود بالتبرع أو الهبة في الإصطلاح الفقهي، هو تمليك ذي منفعة لوجه المعطى له بغير عوض، فإن كانت لوجه الله فهي صدقة، وإن كانت لوجه القابض دون قصد ثواب الآخرة، فهي هبة.
ويعرف التبرع أو الهبة قانونًا بأنه التفضل على الغير ولو بغير مال، وهو عقد من العقود التي أباحتها الشريعة الإسلامية ورغبت فيها، يتصرف بمقتضاه الواهب في مال له دون عوض ويجوز أن يفرض الواهب على الموهوب له القيام بالتزام معين.
والتبرع عقد ملزم لجانب واحد هو جانب الواهب، ولكن إذا اشترط المتبرع أو الواهب عوضًا لهبته كانت الهبة ملزمة للجانبين، ووجدت التزامات مقابلة في جانب الموهوب له.
ومن حيث إنه عن موقف الفقه الإسلامي من مدي جواز الرجوع في الهبة فهو منقسم بصدد هذه المسألة إلى رأيين، الأول يمثله الأحناف الذين يرون أن من حق الواهب أن يرجع في هبته، وإن كان الرجوع في الهبة مكروهًا تحريمًا على الراجح أو تنزيهًا، بينما يرى الجمهور (المالكية والشافعية والحنابلة) عدم جواز رجوع الواهب في هبته خصوصًا بعد قبضها من الموهوب له.
ومن حيث إنه عن مدي جواز الرجوع في الهبة في القانون المدني المصري، فطبقًا للمادة 500 من هذا القانون فإنه يجوز للواهب أن يرجع في الهبة إذا قبل الموهوب له ذلك، فإذا لم يقبل الموهوب له جاز للواهب أن يطلب من القضاء الترخيص له في الرجوع، متى كان يستند في ذلك إلى عذر مقبول ولم يوجد مانع من الرجوع.
أما الأعذار التي خول المشرع للواهب التمسك بها للرجوع في الهبة فتتمثل حسبما جاء في المادة 501 من القانون المدني المصري في عدة حالات من بينها أن يخل الموهوب له بما يجب عليه نحو الواهب، أو أن يصبح الواهب عاجزًا عن أن يوفر لنفسه أسباب المعيشة التي تتفق ومكانته الإجتماعية .
وطبقًا للمادة 502 من هذا القانون فإنه يرفض طلب الرجوع في الهبة إذا وجد مانع من الموانع التي تنص عليها هذه المادة، ومنها إذا حصل للشيء الموهوب زيادة متصلة موجبة لزيادة قيمته، أو إذا مات أحد طرفي الهبة، أو إذا تصرف الموهوب له في الشيء الموهوب تصرفًا نهائيًا، أو إذا قدم الموهوب له عوضًا عن الهبة، أو إذا هلك الشيء الموهوب في يد الموهوب له. وعلي ذلك فإنه إذا تحققت إحدي هذه الحالات، تصبح الهبة لازمة ويمتنع على الواهب الرجوع سواء بالتراضي أو بالتقاضي.
وفي هذا الصدد فقد ذهب قضاء محكمة النقض إلي أنه متى التزم الطاعن بتمليك الوحدة المحلية المذكورة الأرض موضوع التداعي لإقامة موقف للسيارات الأجرة عليها، وقد قبلت الجهة الإدارية ذلك منه وتسلمت هذه الأرض وأقامت بها المشروع المتفق عليه، فإن التعاقد الذي تم بين طرفيه هو عقد من عقود المعاوضة غير المسماة، ولا يعتبر عقد هبة فلا تجب الرسمية لانعقاده ولا يجوز الرجوع فيه، وذلك على الرغم مما يكون واردًا فيه من ألفاظ التبرع أو التنازل أو الهبة، إذ أن هذه الألفاظ إنما تساق لبيان الباعث وراء التصرف دون أن تؤثر بحال على كيان العقد وحقيقته سالفة البيان. ولمحكمة النقض تصحيح هذا التكييف القانوني للعقد.
(الطعن رقم 3669 لسنه 58 ق جلسة 1/ 6/ 1997).
كما ذهبت إلى أنه: "حيث أن الهبات التي يشترط فيها مقابل لا تعتبر من التبرعات المحضة. فإذا كان العقد مشتملاً على التزامات متبادلة بين طرفيه، فإذا التزم أحدهما أن يملك الآخر (مجلس مديرية المنيا) قطعة أرض بشرط أن يقيم عليها مؤسسة خيرية فإنه لا يكون عقد تبرع، وإنما هو عقد غير مسمى، فلا تجب له الرسمية ولا يجوز الرجوع فيه، وذلك على الرغم مما هو وارد في عقد الاتفاق من ألفاظ التنازل والهبة والتبرع، فإن كل هذه الألفاظ إنما سيقت لبيان الباعث الذي حدا بصاحب الأرض إلي تمليك المجلس إياها".
(الطعن رقم 89 لسنة 9 ق جلسة 1940/ 4/ 11) و(الطعن رقم 1941 لسنة 52 ق جلسة 1987/ 5/ 24).
وذهبت إلى أنه:" من المقرر وعلى ما جرى به قضاء هذه المحكمة أن الهبة التي يشترط فيها المقابل لا تعتبر من التبرعات المحضة، وان التبرع بتقديم عقار لجهة إدارية لإقامة مشروع ذي نفع عام على أن تتحمل الإدارة بقيمة النفقات وإقامة المشروع، لا يعتبر عقد هبة يخضع للأحكام المقررة في القانون المدني من وجوب إفراغه فى ورقة رسمية، وإنما تعتبر عقدًا إداريًا تطبق عليه الأحكام والقواعد الخاصة بالعقود الإدارية".
(الطعن رقم 1276 لسنة 47 ق جلسة 1984/ 12/ 25).
وأن الهبة التي يشترط فيها المقابل لا تعتبر من التبرعات المحضة التي يجب أن توثق بعقد رسمي، وأن التبرع بتقديم عقار لجهة إدارية لإقامة مشروع ذي نفع عام على أن تتحمل الإدارة بقيمة النفقات وإقامة المشروع، لا يعتبر عقد هبة.
(الطعن رقم 3669 لسنه 58 ق جلسة 1/ 6/ 1997).
ومن حيث إنه متي كان ما تقدم وكان الثابت بالأوراق أن مجلس الوزراء سبق أن وافق على إلزام الشركات طالبة الترخيص بمزاولة النشاط السياحي بأداء مساهمة مالية لصالح صندوق تنشيط السياحة دعما لخطط تنشيط السياحة، وهو الغرض الذي يعود نفعه علي الشركات السياحية التي تستقدم السائحين ويروج نشاطها إضطرادًا برواج أعمال هذا الصندوق، وهذا الأمر ولئن لم يتطلبه القانون إلا أنه يكاد يكون لازمًا وفقًا لطبيعة النشاط السياحي، الذي تضطلع فيه الدولة بالهدف العام وهو تنشيط السياحة وما له من مردود غير مباشر علي الإقتصاد القومي، في حين تتولي الشركات السياحية أداء الدور التنفيذي باستقدام السائحين وترتيب البرامج السياحية لهم، وما يعود عليها من جراء ذلك من ربح يتعاظم مع نجاح أعمال هذا الصندوق، ومن ثم فإن ما دفعته الشركة المدعية لا يعد في حقيقته تبرعًا ماليًا أو هبة منها، بل هو معاوضة غير مسماة في مجال الترخيص لها بمباشرة النشاط السياحي.
هذا فضلاً عن أنه بسداد هذا المبلغ يتم التصرف فيه وإنفاقه علي تنشيط السياحة وترتد آثاره مباشرة علي الشركات السياحية ومنها الشركة المدعية، لتحصل علي مقابله ربحًا ونفعًا، وهو ما لا يجوز معه الرجوع بالمطالبة باسترداده حتي بحسبانه تبرعًا، نظرًا للتصرف فيه أولاً والحصول علي مقابل له ثانيًا، تطبيقًا لأحكام القانون المدني سالفة البيان.
ومن حيث أنه لا مراء في أن الشركة المدعية كان بوسعها إذا ما رأت حقًا لها في الحصول علي الترخيص المشار إليه دون سداد مبلغ المساهمة محل المطالبة الماثلة أن تلوذ بحقها في التقاضي لنيل ترخيصها، أما أن تسدد هذا المبلغ لصالح صندوق تنشيط السياحة ويتم إنفاقه دعما للتنشيط السياحي، وتحصد الشركة ثماره رواجًا لعملها وزيادة لأرباحها، ثم تطالب باسترداده من الجهة الإدارية وموازنتها العامة علي سند من القول باضطرارها سداده استيفاءً لشروط نيل الترخيص، ودون النظر لما حصلت عليه من نفع مقابل ذلك فهو مما يجافي اعتبارات العدالة ويخل بمصالح وحقوق الشعب في الحفاظ علي المال العام، كما يخل بسير المرفق السياحي، وخطط التنشيط التي يبتني عليها، الأمر الذي ينتفي معه حق الشركة المدعية في استرداد المبلغ الذي دفعته للمساهمة في خطة التنشيط السياحي بموجب إيصال استلام نقدية برقم 68602 بتاريخ 10/ 8/ 2010 ، وهو ما يتعين معه القضاء برفض الدعوى.
ومن حيث إن من خسر الدعوى يلزم بمصروفاتها عملاً بحكم المادة 184/ 1من قانون المرافعات.

فلهذه الأسباب

حكمت المحكمة " بقبول الدعوى شكلاً، ورفضها موضوعًا، وألزمت الشركة المدعية المصروفات ".