الصفـحة الرئيـسية باحث التشريعات باحث النقض باحث الدستورية باحث الإدارية العليا
إيقافتشغيل / السرعة الطبيعيةللأعلىللأسفلزيادة السرعة تقليل السرعة

بسم الله الرحمن الرحيم
باسم الشعب
مجلس الدولة
محكمة القضاء الإداري
الدائرة الأولى

بالجلسة المنعقدة علناً في يوم الثلاثاء الموافق 17/ 2/ 2015 م
برئاســة السيد الأستاذ المستشار/ يحيى أحمد راغب دكروري نائب رئيس مجلس الدولة
ورئيس محكمة القضاء الإداري
وعضوية السيد الأستاذ المستشـار/ عبد المجيد أحمد حسن المقنن نائب رئيس مجلس الدولة
والسيد الأستـاذ المستشـار/ مصطفى حسين السيد أبو حسين نائب رئيس مجلس الدولة
وحضور السيد الأستاذ المستشار الدكتور/ محمد الدمرداش العقالي مفوض الدولة
وسكرتاريـــة السيـــــد / سامي عبد الله خليفة أمين السر

أصــــدرت الحكـــم الآتــي
في الدعوى رقم 2147 لسنة67ق

المقامة من:

ضـد
1- رئيس الجمهورية بصفته
2- رئيس مجلس الوزراء بصفته
3- وزير الخارجية بصفته
4- وزير البترول بصفته


الوقائع

أقام المدعون هذه الدعوى بموجب صحيفة أودعت قلم كتاب المحكمة بتاريخ 13/ 10/ 2012 طالبين في ختامها قبولها شكلاً، والحكم بالآتي:
أولاً: بشكل مستعجل بالنسبة لإسرائيل:
1- وقف سرقة الغاز والنفط من حقلي لفياثان وشمشون ، وذلك يكون بقيام وزارة البترول بإنذار جميع شركات التنقيب والحفر ، وعلى رأسها شركة نوبل إنرجي الأمريكية من المضي قدماً في عمليات الحفر وتنمية الحقول في المنطقة التي أعلنت عنها إسرائيل اكتشاف حقلي لفياثان وشمشون ، والتأكيد على عزم مصر توقيع عقوبات على الشركات التي تنقب على الغاز والبترول في الحقلين واتخاذ الإجراءات القانونية اللازمة لذلك.
2- مطالبة وزارة البترول باتخاذ خطوات سريعة لعرض مناطق المياه الاقتصادية المصرية للتنقيب بواسطة الشركات العالمية، واتباع سياسة الأمر الواقع كما تفعل إسرائيل خاصة وأن لمصر حقوقها في مياهها الاقتصادية واتخاذ الإجراءات القانونية اللازمة لذلك.
3- أن تتخذ وزارة الخارجية اللازم تجاه الولايات المتحدة الأمريكية كضامن لاتفاقية كامب ديفيد ، لأن هناك خرقاً من الجانب الاسرائيلي خاصة ، وأن الاتفاقية تنص على ضرورة التعاون بين مصر وإسرائيل وأنه عندما توقع إسرائيل على اتفاقية مع قبرص فيها تعد على حقوق مصر فهذا يعد خرق للاتفاقية، كما أن تعدي إسرائيل على حقوق مصر في المياه الاقتصادية الخالصة لمصر من جانب إسرائيل فيه خرق لاتفاقية كامب ديفيد مما يجعل مصر في حل من الالتزام باتفاقية كامب ديفيد.
ثانياً: بالنسبة لقبرض:
1- وقف سرقة الغاز من حقل أفروديت شرق البحر المتوسط ، والواقع في نفس منطقة امتياز نيميد التي حفرت ونقبت فيها شركة شل ، ويكون ذلك بقيام وزارة البترول بإنذار جميع شركات التنقيب والحفر وعلى رأسها شركة نوبل إنرجي الأمريكية من المضي قدماً في عمليات الحفر وتنمية حقل أفروديت الواقع في المنطقة الاقتصادية الخالصة لمصر واتخاذ الإجراءات القانونية اللازمة لذلك.
2- مطالبة وزارة البترول باتخاذ خطوات سريعة لعرض هذه المنطقة للتنقيب بواسطة الشركات العالمية.
وفي الموضوع:
أولاً: مقاضاة شركة رويال داتش شل العالمية ، لانسحابها من امتياز نيميد في شرق البحر المتوسط في مارس 2011 دون تنفيذ بنود العقد ودون إبداء أسباب موضوعية مع علمها بوجود احتياطي غير مسبوق في منطقة الامتياز ، وهو ما أعلنته عام 2004 وعام 2007 وتطبيق الشرط الجزائي عليها.
ثانياً: اللجوء إلي التحكيم الدولي وفقاً للاتفاقية الدولية لقانون البحار الموقعة عليها مصر وقبرص عام 1982.
ثالثاً: عرض الموضوع على مجلس الأمن أو الأمم المتحدة بالأسلوب الذي تراه المحكمة المصرية والسيد رئيس الجمهورية مع طلب توجيه إنذار دولي لكل من إسرائيل وقبرص لقيامهم بالتعدي على المنطقة الاقتصادية الخالصة لمصر في الحوض الشرقي للبحر الأبيض المتوسط في جنوب سفح جبل إراتوستينس المصري المثبت ملكيته منذ عام 200 قبل الميلاد.
رابعاً: إعادة ترسيم الحدود مع دولة قبرص لدخول طرف ثالث هو إسرائيل في اتفاقية معها تعرض مصالح مصر للخطر والاعتداء وفي حالة عدم التزام قبرص بذلك وفقاً لقواعد اتفاقية قانون البحار تعتبر اتفاقية ترسيم الحدود مع قبرص لاغية.
خامساً: ترسيم الحدود البحرية مع إسرائيل ومن الممكن أن يكون ذلك عبر الأمم المتحدة.
سادساً: التواجد العسكري المكثف بشرق البحر المتوسط وعمل الدوريات العسكرية اللازمة لحماية هذه المنطقة مع سرعة إتمام صفقة الغواصتين النوويتين الألمانيتين من ألمانيا أسوة بإسرائيل حتى تستطيع قواتنا المسلحة حماية آبارنا وثرواتنا من السرقة والاغتصاب والاعتداء عليها من قبل كل من إسرائيل وقبرص.
سابعاً: إلغاء القرار الإداري الصادر من وزير البترول المصري في 1 يناير 2012 مع ما يترتب على ذلك من آثار.
وذكر المدعون شرحاً لدعواهم أن شرق البحر المتوسط يشهد فترة تحول تاريخية لتحول الخليج العربي في وسط القرن العشرين من الصيد إلي إنتاج النفط، وتتغلب فيه قوانين القوى حيث بدأت تلك التغيرات المتسارعة مع ظهور تقنيات تنقيب وحفر بحري حديثة في مطلع القرن الحادي والعشرين تمكن من الحفر تحت مياه عمقها 2000م ، ولذات السبب تشهد البرازيل طفرة اقتصادية مماثلة. وأن حقلي الغاز المتلاصقين مثل لفياثان الذي اكتشفته إسرائيل في عام 2010 وحقل افروديت الذي اكتشفته قبرص عام 2011 باحتياطي تقدر قيمة باكورة الاكتشافات بأكثر من 200 مليار دولار يقعان ، في المياه الاقتصادية الخالصة لمصر. فحقل الغاز لفياثان يقع على بعد 190 كيلو متراً شمال دمياط ، بينما يبعد 188 كيلو متراً من ليماسول في قبرص في حين أن الطرف الجنوبي لقبرص هو شبه جزيرة أكروتيري التابعة لبريطانيا ، وبالتالي لا يدخل في حساب المسافات أو ترسيم حد المنتصف لو اضطرت إليه مصر. وأن حقلي افياثان وافروديت يقعان في السفح الجنوبي لجبل أراتوستنس الغاطس المثبت مصريته منذ عام 200 قبل الميلاد.
كما أن اتفاقية ترسيم الحدود البحرية مع دولة قبرص تمت عام 2003 بدون ترسيم الحدود من جهة الشرق مع إسرائيل ، وهو ما يجعل هذه الاتفاقية تتنافى مع الواقع والضرورات المطلوبة لترسيم الحدود ويجعلها لاغية لعدم مشروعيتها. فضلاً عن قيام إسرائيل بالتنقيب في مياهنا الإقليمية في حقل غاز شمشون الذي يبعد 114 كم شمال دمياط، الأمر الذي دفع المدعون لإقامة دعواهم الماثلة، بالصحيفة المشار إليها. منتهيين فيها إلي طلباتهم الختامية سالفة البيان.
وقد عُين لنظر الشق العاجل من الدعوى جلسة 1/ 1/ 2012 ، وتدوول نظرها بالجلسات على النحو الثابت بمحاضرها، حيث قدم الحاضر عن الدولة مذكرة دفاع وحافظة مستندات، وبجلسة 6/ 7/ 2013 قررت المحكمة إحالة الدعوى إلي هيئة مفوضي الدولة لإعداد تقرير بالرأي القانوني فيها. وتنفيذاً لذلك أودعت الهيئة تقريراً ارتأت فيه الحكم بعدم الاختصاص ولائياً بنظر الدعوى، مع إلزام المدعين المصروفات ومقابل أتعاب المحاماة، واستمر تداول الدعوى بالجلسات، وبجلسة 20/ 1/ 2015 قررت المحكمة إصدار الحكم بجلسة اليوم، مع التصريح بمذكرات في أسبوع، وخلاله لم يجر تقديم أية مذكرات ، وفي هذا اليوم صدر الحكم وأودعت مسودته المشتملة على أسبابه عند النطق به.

المحكمة

بعد الاطلاع على الأوراق، وسماع الإيضاحات، وبعد المداولة.
من حيث إن قضاء المحكمة الإدارية العليا قد استقر على أن تحديد حقيقة طلبات الخصوم في الدعوى أمر مرجعه إلي المحكمة ، إذ أنها لا تتقيد بما أوردوه من عبارات وألفاظ لا تتحقق من خلال معناها الظاهر حقيقة نواياهم ، وغاياتهم ، ومقاصدهم من المنازعة الإدارية، ذلك أنه من المسلمات أن العبرة بالمقاصد والمعاني وليس بالألفاظ والمباني.
ومن حيث إن حقيقة طلبات المدعين في الدعوى الماثلة ، حسبما تنبئ عنه أوراقها ، هو الطعن على اتفاق تحديد المنطقة الاقتصادية الخالصة المبرم بين حكومتي جمهورية مصر العربية والجمهورية القبرصية ، والموقع في القاهرة بتاريخ 17/ 2/ 2003 ، والصادر بالموافقة عليه قرار رئيس الجمهورية رقم 115 لسنة 2003 والمصدق عليه من مجلس الشعب بتاريخ 31/ 5/ 2003 ، طلباً للحكم بوقف تنفيذها مع ما يترتب على ذلك من آثار، وفي الموضوع بإلغائها ، مع ما يترتب على ذلك من آثار، وإلزام المدعى عليهم المصروفات.
ومن حيث إنه عن الدفع المبدى بعدم الاختصاص الولائي للمحكمة بنظر الدعوى، فإن المادة (17) من قانون السلطة القضائية الصادر بالقانون رقم 46 لسنة 1972 تنص على أنه "ليس للمحاكم أن تنظر بطريقة مباشرة أو غير مباشرة في أعمال السيادة".
وتنص المادة (11) من قانون مجلس الدولة الصادر بالقانون رقم 47 لسنة 1972 على أن " لا تختص محاكم مجلس الدولة بالنظر في الطلبات المتعلقة بأعمال السيادة".
ومن حيث إن مفاد هذين النصين ، أن المشرع لاعتبارات قدرها أخرج من ولاية القضاء سواء العادي أم الإداري النظر في الطلبات المتعلقة بأعمال السيادة، سواء بطريق مباشر أو غير مباشر. وقد استقرت أحكام القضاء الإداري على أن أعمال السيادة هي تلك الأعمال التي تباشرها الحكومة باعتبارها سلطة حكم في نطاق وظيفتها السياسية. وهذه الأعمال لا تمتد إليها الرقابة القضائية لا لأن هذه الأعمال فوق الدستور أو القانون، ولكن لأن ضوابط ومعايير الفصل في مشروعيتها لا تتهيأ للسلطة القضائية، هذا بالإضافة إلي عدم ملاءمة طرح هذه المسائل علناً في ساحات القضاء ، ومن هذه المسائل علاقات الدولة الخارجية بالدول الأخرى والتي تشمل العلاقات الدبلوماسية والقنصلية وإبرام المعاهدات الدولية معها وتعديلها وإلغائها.
ومن حيث إن محل النزاع في هذه الدعوى هو الاتفاق المبرم بين كل من جمهورية مصر العربية والجمهورية القبرصية لتحديد المنطقة الاقتصادية الخالصة بين الدولتين ، حيث يطلب المدعون وقف تنفيذ هذا الاتفاق والحكم بإلغائه ، استناداً للأسباب التي فصلها في صحيفة دعواه. ولما كان هذا الاتفاق إنما ينظم علاقة جمهورية مص العربية بالجمهورية القبرصية في المجال المذكور، الأمر الذي يندرج في عداد أعمال السيادة التي استقر عليها القضاء، فلا ينعقد له الاختصاص بنظر المنازعات المتعلقة بها، وبذلك فإن النزاع الماثل يخرج عن نطاق الاختصاص الولائي لهذه المحكمة ، مما يتعين معه القضاء بعدم اختصاص المحكمة ولائياً بنظر الدعوى.
ومن حيث إن الحكم بعدم الاختصاص بنظر هذه الدعوى ينهي الخصومة فيها حيث لا توجد محكمة أخرى تختص بنظرها يمكن الإحالة إليها، الأمر الذي يتعين معه إلزام المدعين المصروفات.

فلهذه الأسباب

حكمت المحكمة:بعدم اختصاصها ولائياً بنظر الدعوى، وألزمت المدعين المصروفات.
سكرتير المحكمة رئيس المحكمة