الصفـحة الرئيـسية باحث التشريعات باحث النقض باحث الدستورية باحث الإدارية العليا
إيقافتشغيل / السرعة الطبيعيةللأعلىللأسفلزيادة السرعة تقليل السرعة

بسم الله الرحمن الرحيم
باسم الشعب
مجلس الدولة
محكمة القضاء الإداري
الدائرة الأولى

بالجلسة المنعقدة علناً في يوم الثلاثاء الموافق 17/ 2/ 2015 م
برئاســة السيد الأستاذ المستشار/ يحيى أحمد راغب دكروري نائب رئيس مجلس الدولة
ورئيس محكمة القضاء الإداري
وعضوية السيد الأستاذ المستشـار/ عبد المجيد أحمد حسن المقنن نائب رئيس مجلس الدولة
والسيد الأستـاذ المستشـار/ محمد عبد الفتاح عباس محمود القرشي نائب رئيس مجلس الدولة
وحضور السيد الأستاذ المستشار الدكتور/ محمد الدمرداش العقالي مفوض الدولة
وسكرتاريـــة السيـــــد / سامي عبد الله خليفة أمين السر

أصــــدرت الحكـــم الآتــي
في الدعوى رقم 13406 لسنة67ق

المقامة من:

ضـد
1- وزير العدل بصفته
2- وزير الداخلية بصفته
3- النائب العام بصفته


الوقائع

أقام المدعيان هذه الدعوى بصحيفة أودعت قلم كتاب المحكمة بتاريخ 13/ 12/ 2012 وطلبا في ختامها الحكم بقبولها شكلاً، وبوقف تنفيذ ثم إلغاء قرار إدراجهما على قوائم المنع من السفر مع ما يترتب على ذلك من آثار.
وذكر المدعيان شرحاً للدعوى أن شكوى قدمت ضدهما وآخرين كأعضاء مجلس إدارة جمعية عمر بن الخطاب بزعم وجود مخالفات مالية وقيدت برقم 198 لسنة 2001 بلاغات أموال عامة وبرقم 591 لسنة 2001 حصر أموال عامة عليا وبدأت النيابة العامة التحقيق فيها وتم إدراجهما على قوائم الممنوعين من السفر مُنذ عام 2001 ولم يستطيعا أداء الحج عام 2004 حيث علما بالإدراج في المطار ثم صدر قرار برقم 1 لسنة 2008 من المدعي الاشتراكي بمنعهما من التصرف في أموالهم وإحالتهما لمحكمة القيم في دعوى فرض الحراسة رقم 2 لسنة 38ق. والتي قضى برفضها بجلسة 21/ 3/ 2009 ومع ذلك مازال الإدراج قائماً مُنذ عام 2001 بالمخالفة لقرار وزير الداخلية رقم 975 لسنة 1983 فضلاً عن مخالفته للدستور والقانون وللمبادئ التي استقرت عليه أحكام القضاء خاصة وأنه لا يقوم على سند يبرره.
واختتم المدعيان صحيفة الدعوى بطلباتهما سالفة البيان.
وقد نظرت المحكمة الشق العاجل من الدعوى بالجلسات على النحو المبين بمحاضرها، حيث قدم الحاضر عن الجهة الإدارية بجلسة 26/ 3/ 2013 حافظة بها رد وزارة الداخلية على الدعوى بأن كلا المدعيين كان ضابطاً بالقوات المسلحة وأحيل للمعاش وأنه متهم في القضية رقم 198 لسنة 2001 بلاغات أموال عامة - استيلاء وأدرجا بناء على قرار من النائب العام، وقدم مذكرة أشار فيها إلي أن هذه القضية لم يتم الفصل فيها بعد وهو ما يبرر استمرار الإدراج خشية هروب المدعيين خارج البلاد وانتهى في ختامها إلي طلب الحكم برفض الدعوى وبالجلسة المذكورة صرحت المحكمة للمدعيين باستخراج بيان رسمي من النيابة العامة بالقضية المتهمين فيها سالفة الذكر وأجلت الدعوى لأكثر من مرة لهذا السبب ولم يقدما شيئاً، وبجلسة 1/ 10/ 2013 قررت المحكمة إصدار الحكم بجلسة 19/ 11/ 2013 ، وصرحت بمذكرات ومستندات خلال ثلاثة أسابيع قدم المدعيان خلالها مذكرة لم يخرج ما ورد بها عن مضمون ما ورد بصحيفة الدعوى وبالجلسة المذكورة حكمت المحكمة بقبول الدعوى شكلاً وبرفض طلب وقف تنفيذ القرار المطعون فيه وألزمت المدعي مصروفاته وأمرت بإحالة الدعوى إلي هيئة مفوضي الدولة لإعداد تقرير بالرأي القانوني فيها. وأودعت الهيئة تقريراً ارتأت فيه الحكم برفض الدعوى.
وتدوولت الدعوى أمام المحكمة عقب إيداع هيئة مفوضي الدولة لتقريرها وذلك على النحو الثابت بمحاضر جلساتها حيث قدم الحاضر عن الدولة مذكرة دفاع، وبجلسة 13/ 1/ 2015 قررت المحكمة إصدار الحكم بجلسة اليوم ومذكرات في أسبوع وخلال الأجل المحدد لم تودع ثمة مذكرات من أي من طرفي الخصومة، وبجلسة اليوم صدر الحكم وأودعت مسودته المشتملة على أسبابه عند النطق به.

المحكمة

بعد الاطلاع على الأوراق، وسماع الإيضاحات، والمداولة.
من حيث إن المدعيين يطلبان الحكم - في نطاق الشق الموضوعي من الدعوى - الحكم بإلغاء قرار إدراجهما على قوائم الممنوعين من السفر مع ما يترتب على ذلك من آثار.
ومن حيث إنه سبق أن قضت المحكمة عند الفصل في الشق العاجل بقبول الدعوى شكلاً، وبالتالي فلا يجوز معاودة الفصل فيه مرة أخرى.
ومن حيث إن الدساتير المصرية المتعاقبة قد درجت على أن الحرية الشخصية بجميع صنوف أوجه ممارستها ، وسائر دروب أوجهها بما في ذلك حرية التنقل سواء داخل البلاد أو إلي خارجها ، مصونة ومكفولة دستورياً، بما تكون معه عصية على النيل منها بحرمان، أو تقييد لأوجه ممارستها بافتئات ، حيث حظر المشرع ما يؤدي بها إلي أي مما ذكر مضيقاً من ولوج أي طريق أو اتخاذ أي إجراء مآله تقييد الحرية بما في ذلك منع الشخص من التنقل إلا إذا كان ثمة ضرورة استلزمها التحقيق معه صيانة لأمن المجتمع وبحيث يصدر بذلك أمر وفقاً لأحكام القانون من القاضي المختص أو النيابة العامة ، كما هو صريح النص المشار إليها.
ومن حيث إنه في ضوء إعلاء شأن الحرية الشخصية دستورياً، وما انتهجته الدساتير المصرية وترسماً لخطاها جميعاً فيما رسخته من أن حرية الانتقال منخرطة في مصاف الحريات العامة لا سيما الحرية الشخصية بما يجعل تقييدها دون مقتضى مشروع تجريداً لهذه الحرية من بعض أوجه ممارستها بل من بعض خصائصها ، فلا مندوحه - حتى لا يكون ثمة نيل منها بانتقاص أو حرمان - من أن يكون ثمة قانون منظم لموجبات تقييد حرية الشخص في الانتقال ومغادرة البلاد بما لا يقوضها ، ومبين لحدود استخدام سلطة المنع من التنقل، وموضح ضمانات عدم استحالة إصدار الأمر بذلك إلي سلطة مطلقة عن الضوابط التي تنأى بها عن إساءة استعمالها، ومحدد المدة المنع حتى لا تستحيل مدة مطلقة عن التأقيت.
(حكم المحكمة الإدارية العليا دائرة توحيد المبادئ الصادر بجلسة 6/ 4/ 2013 في الطعن رقم 12251 لسنة 57ق.ع)
ومن حيث إن للمحكمة الدستورية العليا قضاء في ظل دستور 1971 ذهبت فيه بجلسة 4 من نوفمبر سنة 2000 في القضية رقم 243 لسنة 21ق الدستورية إلي عدم دستورية نصي المادتين 8، 11 من القانون رقم 97 لسنة 1959 في شأن جوازات السفر، وسقوط نص المادة (3) من قرار وزير الداخلية رقم 3937 لسنة 1996 ، استناداً إلي أن حرية الانتقال تنخرط في مصاف الحريات العامة، وأن تقييدها دون مقتض مشروع إنما يجرد الحرية الشخصية من بعض خصائصها ، ويقوض صحيح بنيانها ، كما أن الدستور بنص المادة (41) منه عهد إلي السلطة التشريعية وحدها تقدير هذا المقتضى ، ولازم ذلك أن الأصل هو حرية التنقل ، والاستثناء هو المنع منه، وأن المنع من التنقل لا يملكه إلا قاض أو عضو نيابة عامة يعهد إليه القانون بذلك، وينظم القواعد الشكلية والموضوعية لإصدار الأمر بذلك، في ضوء الضوابط التي وضع الدستور أصولها، وعلى هذا فإن أي نص يخالف هذه الأصول يعتبر منسوخاً حتماً بقوة الدستور نفسه، باعتباره القانون الوضعي الأسمي.
ومن حيث إنه وفي ضوء ضرورة تدخل المشرع بتنظيم المنع من السفر على النحو الذي رسمته المواد الدستورية المشار إليها، فإن قضاء هذه المحكمة قد استقر على أنه إزاء هذا الفراغ التشريعي فإنه لا مناص من إعمال قضاء المشروعية على ما يصدر من قرارات المنع من السفر سداً لهذا الفراغ التشريعي وممارسة لدور القضاء الإداري في صون الحقوق والحريات العامة.
ومن حيث إن قضاء هذه المحكمة قد جرى على أن الإدارة إذا ذكرت سبباً لقرارها من تلقاء ذاتها كان القانون يلزمها بتسبيب قرارها فإن ما تبديه من أسباب يكون خاضعاً لرقابة القضاء الإداري ، وله في سبيل ذلك أن يمحص هذه الأسباب للتحقيق من مطابقتها للقانون، وأثر ذلك من النتيجة التي انتهى إليها القرار وهذه الرقابة تجد حدها الطبيعي في التأكيد مما إذا كانت هذه النتيجة مستخلصة استخلاصاً سائغاً من أصول تنتجها مادياً وقانونياً فإذا كانت منتزعه من أصول غير موجودة أو كانت مستخلصة من أصول لا تنتجها كان القرار فاقداً لركن السبب ووقع مخالفاً للقانون.
ومن حيث إن الثابت من الأوراق أن كلا المدعيين متهم في القضية رقم 198 لسنة 2001 بلاغات أموال عامة استيلاء والتي لم يُفصل فيها بعد طبقاً لما ورد بمستندات ودفاع الجهة الإدارية المقدم من محاميها أمام هذه المحكمة وهو ما لم يدحضه المدعيان أو يقدما خلافه رغم أن المحكمة صرحت لهما باستخراج بيان عما تم في هذا الاتهام من النيابة العامة المختصة ، وبالتالي يكون القرار المطعون فيه قد استند إلي هذه القضية في إدراجهما على قوائم الممنوعين من السفر قائماً على سببه المبرر له ومتفقاً مع الواقع والقانون ويضحى طلب إلغائه لا سند له جديراً بالرفض مع إلزام المدعيين مصروفاته مناصفة عملاً بنص المادة 184 مرافعات.

فلهذه الأسباب

حكمت المحكمة:برفض الدعوى وألزمت المدعيين المصروفات.
سكرتير المحكمة رئيس المحكمة