الصفـحة الرئيـسية باحث التشريعات باحث النقض باحث الدستورية باحث الإدارية العليا
إيقافتشغيل / السرعة الطبيعيةللأعلىللأسفلزيادة السرعة تقليل السرعة

بطلان المخطط الاستراتيجى لمدينتى دمنهور وكوم حمادة لانفراد وزير الإسكان بالقرار القضاء على العشوائيات يستلزم المشاركة الشعبية لحماية الحق العام للمواطنين فى التمتع بمدينتهم قضت محكمة القضاء الإدارى بالإسكندرية الدائرة الأولى بالبحيرة قبل قليل، برئاسة المستشار الدكتور محمد عبد الوهاب خفاجى نائب رئيس مجلس الدولة، بإلزام الحكومة بوضع المخطط الاستراتيجى للمدن للقضاء على العشوائيات واعادة القيم البنائية فى المجتمع المصرى، بمشاركة شركاء التنمية والمجتمع المدنى والجمعيات الأهلية.

صدر الحكم برئاسة المستشار الدكتور محمد عبد الوهاب خفاجى نائب رئيس مجلس الدولة وعضوية المستشارين صالح كشك ووائل المغاورى نائبى رئيس مجلس الدولة. وقضت المحكمة اليوم بإلغاء قرارى وزير الإسكان والمرافق والتنمية العمرانية رقمى 101 لسنة2010، فيما تضمناه من اعتماد المخطط الاستراتيجى العام لمدينة دمنهور و 103 لسنة 2010 فيما تضمنه من اعتماد المخطط الاستراتيجى العام لمدينة كوم حمادة بمحافظة البحيرة، وما يترتب على ذلك من آثار، أخصها الاعتداد بالاشتراطات البنائية السارية قبل تاريخ العمل به، حتى يمكن استيفاء كافة الشروط المتطلبة قانونا، وألزمت الجهة الإدارية المصروفات. حيثيات الحكم وقالت المحكمة إنه نظراً لما يبتغيه المخطط الاستراتيجى العام للمدينة من تبيان الاحتياجات المستقبلية للتوسع العمرانى ومشروعات وخطط التنمية الاقتصادية والاجتماعية والبيئية والعمرانية اللازمة لتحقيق التنمية المستدامة على المستوى المحلى، فى إطار الرؤية المستقبلية لمخطط المحافظة، التى تضم تلك المدينة، فقد أولاه المشرع بالغ الأهمية راسماً مراحل وإجراءات إعداده، والتى تبدأ بقيام الإدارة العامة للتخطيط والتنمية العمرانية بالمحافظة، بإعداد تقرير يتضمن تحديد احتياجات وأولويات التنمية العمرانية على المستوى المحلى فى إطار الأهداف والسياسات الإقليمية والمحلية، واقتراح المشروعات اللازمة وخطة العمل لتحقيقها.

ثم ترفع هذا التقرير بعد اعتماده من رئيس المدينة إلى المركز الإقليمي للتخطيط والتنمية التابع للهيئة العامة للتخطيط العمرانى، والذى يتولى إعداد مشروع المخطط بواسطة من يعهد إليهم من الخبراء والاستشاريين والجهات الهندسية والاستشارية المتخصصة المقيدين لدى الهيئة، ويقوم المركز بعد مراجعة المشروع بإرساله إلى الإدارة العامة للتخطيط والتنمية العمرانية بالمحافظة، والتى تقوم بعرضه فى اجتماع عام بحضور القائم على أعمال التخطيط وممثل عن المركز الإقليمى للتخطيط والتنمية العمرانية، يدعى إليه شركاء التنمية بالمدينة من مواطنين وممثلى المجتمع المدنى والقطاع الخاص والجمعيات الأهلية وجميع الإدارات المعنية بالادارة المحليةوالمجلس الشعبي المحلي المختص.

وسائل الدعوة على أن تتم هذه الدعوة من خلال وسيلتين، الأولى: الإعلان فى جريدتين يوميتين واسعتى الانتشار، محدداً فيه موعد جلسة الاستماع، والثانية: الإعلان عن المخطط ومخرجاته فى لوحات زجاجية بمكان واضح بمبنى الجهة الإدارية لمدة لا تقل عن خمسة عشر يوماً من تاريخ بدء الإعلان، ويعرض الحاضرون فى هذا الاجتماع ملاحظاتهم على المخطط ومخرجاته على القائم بأعمال التخطيط، الذى يقوم بالرد عليها أثناء الاجتماع ذاته.

ثم يقوم المركز الإقليمى للتخطيط والتنمية بالمراجعة الفنية الأولية للمخطط، وإجراء ما يلزم من تعديلات، فى ضوء ما تم إبداؤه من ملاحظات على الوجه المتقدم، ثم يقوم بإرساله إلى الهيئة العامة للتخطيط العمرانى، والتى تتولى مراجعته بشكل نهائى، وتقوم بعد الحصول على موافقة كل من لجنة الأحوزة العمرانية والجهات المختصة بوزارة الدفاع لإبداء وجهة النظر العسكرية ومقتضيات سلامة الدفاع عن الدولة، وذلك بالنسبة للمخططات الاستراتيجية للمدن والقرى التى بها تمركزات عسكرية، بإرساله إلى المحافظ المختص لعرضه على المجلس الشعبى المحلى المختص. وبعد استيفاء تلك المراحل والإجراءات يعرض المخطط على وزير الإسكان والمرافق والتنمية العمرانية، أو من يفوضه لاعتماده، وينشر قرار الاعتماد فى الوقائع المصرية.

إجراءات إعداد مشروع المخطط الاستراتيجى وأضافت المحكمة أن مراحل وإجراءات إعداد مشروع المخطط الاستراتيجى العام للمدينة وصولاً لصدور قرار باعتماد المخطط ونشره فى الوقائع المصرية على الوجه السالف بيانه، ليست إجراءات مقصودة لذاتها، وإنما بهدف تحقيق التنمية العمرانية والاقتصادية والاجتماعية والبيئية، بغية التعامل مع كافة المقومات والعناصر الطبيعية الواقعة فى حدود المدينة، ومن ثم تعتبر تلك المراحل والإجراءات والتى تنتهى بنشر قرار اعتماد مخططها الاستراتيجى العام تنظيماً متعلقاً بالنظام العام للمبانى، لأن غايتها الأساسية حماية الحق العام للمواطنين في التمتع بمساحات مخططة ومنظمة مستكملة المرافق والشوارع والخدمات ومنع البناء العشوائي بما يكفل لهم الصحة والسكينة العامة والهدوء وحسن سير مرافق المرور والمياه والصرف الصحي والكهرباء وتوفير غير ذلك من الخدمات اللازمة للحياة المتمدينة.

وعليه فان إهدار ما أوجبه المشرع من مراحل وإجراءات رسمها بدقة وعناية تحقيقاً للهدف المنشود من اعتماد المخطط الاستراتيجى العام للمدينة، لا يترتب عليه عدم المشروعية وإهدار سيادة القانون فحسب، وإنما تعويق الخطط العامة للتطوير والتنمية المستدامة على المستوى المحلى، في إطار الرؤية المستقبلية لمخطط المحافظة التى تضم تلك المدينة، وهى أركان ضرورية لازمة لتطوير سبل الحياة والتقدم، ولا يجوز لفرد أو جهة أو هيئة الاستئثار بها أو المساس بحق المواطنين فيها على أى وجه، وأى قرار يصدر على غير ذلك يعد انقضاضاً ظاهراً وعارياً من كل سند قانونى على النظام العام، وتحدياً لمصالح الأفراد المشروعة في المجتمع. والقضاء الإدارى فى مقام إعمال رقابة المشروعية على مثل تلك القرارات وما سبقها من مراحل وإجراءات لا يحده سوى وضع أحكام القانون موضع التطبيق، وإعلاء سيادة القانون فوق كل إرادة إعمالاً لأحكام الدستور والقانون. وذكرت المحكمة أن وزير الإسكان والمرافق والتنمية العمرانية قد أصدر قراريه رقمى 101 لسنة 2010 و 103 لسنة 2010 بالمخطط الاستراتيجى العام لمدينتى دمنهور و كوم حمادة بمحافظة البحيرة، دون أن يستجمع فى هذين القرارين مراحل وإجراءات إصدارهما، إذ لم تتم دعوة شركاء التنمية بمدينتى دمنهور وكوم حمادة من مواطنين وممثلى المجتمع المدنى والقطاع الخاص والجمعيات الأهلية، لحضور الاجتماع المنعقد لمناقشة مشروع المخطط الاستراتيجى العام للمدينتين ومخرجاتهما، بل تم فى غيبة منهم ودون شراكة بينهم، وذلك بالمخالفة للقانون، بحسبان مثل هذا الاجتماع يمثل نواة المشاركة الشعبية فى صياغة الملامح الرئيسية لمشروع المخطط ومخرجاته، من خلال إبداء ما يعن لهم من ملاحظات عليه، ضماناً لكي يصدر هذا المخطط انعكاساً صادقاٌ وتعبيراً واضحاً عن رؤية المواطنين والجهات ذات الصلة في المستقبل العمراني لمدينتهم.

علاوة على عدم حضور ممثل عن المركز الإقليمى للتخطيط والتنمية العمرانية التابع للهيئة لهذا الاجتماع، فضلاً عن خلو الأوراق مما يفيد صدور خطاب من المركز المذكور بصلاحية الإجراءات والخطوات التى تمت لإعداد المخطط واستيفائه للدراسات طبقاً لدليل العمل، وبهذه المثابة فإن القرارين المطعون فيهما يكون كلاهما قد صدرا مفتقرا لإجراء جوهرى، ومغفلا غاية أساسية حرص المشرع على ضمان استيفائها قبل إصدارهما، فضلا عن مساسهما بحقوق المواطنين وأصحاب الأراضى بتلك المدينة، ومن بينهم المدعين ، ويضحى كلاهما من ثم فاقداً لسند مشروعيته مخالفاً لصحيح حكم القانون مما يتعين معه الحكم بالغائهما وما يترتب على ذلك من آثار، أخصها الاعتداد بالاشتراطات البنائية السارية قبل تاريخ العمل به حتى يمكن استيفاء كافة الشروط المتقدمة.

واختتمت المحكمة حكمها الهام بأن المشرع الدستورى ألزم الدولة بوضع خطة وطنية للإسكان، تراعى الخصوصية البيئية، وتكفل إسهام المبادرات الذاتية والتعاونية فى تنفيذها، وتنظيم استخدام أراضى الدولة ومدها بالمرافق الأساسية، فى اطار تخطيط عمرانى شامل للمدن والقرى واستراتيجية لتوزيع السكان بما يحقق الصالح العام وتحسين نوعية الحياة للمواطنين ويحفظ حقوق الاجيال القادمة كما الزم الدولة بوضع خطة قومية شاملة لمواجهة مشكلة العشوائيات تشمل اعادة التخطيط وتوفير البنية الاساسية والمرافق وتحسين نوعية الحياة والصحة العامة كما تكفل توفير الموارد اللازمة للتنفيذ خلال مدة زمنية محددة .

اليوم السابع