الصفـحة الرئيـسية باحث التشريعات باحث النقض باحث الدستورية باحث الإدارية العليا
إيقافتشغيل / السرعة الطبيعيةللأعلىللأسفلزيادة السرعة تقليل السرعة


إذا كنت

(محامياً ، قاضياً ، أو تعمل في الحقل القانوني، نتعهد بنقل معلوماتكم القانونية إلى مستويات قياسية)

بصوت متهالك من الحزن، وملامح عذبها القهر وغلبتها قلة الحيلة، تتابعت المآسى للعديد من النساء عن رحلتهن بين جنبات أقسام الشرطة وأروقة المحاكم، أملاً فى الحصول على ميراثهن الشرعى الذى كفلته لهن جميع الشرائع السماوية، لكن وقفت الأعراف والتقاليد والموروثات الثقافية الخاطئة حائلا دون الحصول عليه.

«المصرى اليوم» ذهبت إلى هؤلاء النسوة فى أقاصى الصعيد للاستماع إليهن، والوقوف على سبب معاناتهن، كما رصدت عددًا من الشكاوى التى تلقاها المجلس القومى للمرأة، باعتباره الجهة الأكثر مساندة لحقوق النساء، إلى جانب استطلاع آراء العديد من المنظمات الحقوقية والنسوية، وما الذى قدمته تلك المنظمات للنساء المحرومات من الميراث ، كما تواصلت مع عدد من علماء الدين والمتخصصين من أساتذة علم النفس والاجتماع للتحدث عن الظاهرة وطرق علاجها، بالإضافة إلى عدد من القانونيين، كما رصدت أعلى نسب لحرمان المرأة من ميراثها فى المحافظات.

رقية.. سنوات من الحرمان بلا زوج ولا ميراث
رقية امام منزلها


على بعد أميال من القاهرة، وتحديدًا فى أحد نجوع الصعيد، حيث تعيش «رقية» ذات الخمسين ربيعًا فى قرية العلايقات بمركز قوص فى قنا، فى انتظار الفرج، وكلها أمل بعد أن ضاع شبابها وأنهكت قواها فى المحاكم بحثًا عن حقها الشرعى فى ميراث والدها.

ما زالت تنتظر رقية محمد سليمان، تفعيل قانون «المواريث» الذى صدر فى يناير 2016 بتعديل بعض أحكام القانون رقم 77 لسنة 1943 بشأن المواريث، حيث ينص صراحةً على تجريم الامتناع العمدى عن تسليم محل الميراث أو ريعه أو حجب سندات استحقاق الميراث للوارث أيًا كان نوعه، ويعاقب بالحبس مدة لا تقل عن ستة أشهر وبغرامة لا تقل عن عشرين ألف جنيه، ولا تجاوز مائة ألف جنيه أو بإحدى هاتين العقوبتين كل من امتنع عمدًا عن تسليم أحد الورثة نصيبه الشرعى من الميراث.

تجلس «رقية» أمام منزلها وكلها أمل فى أن يعود إليها حقها الشرعى فى ميراثها الذى فقدته لمجرد كونها أنثى ضعيفة وابنة وحيدة، فى الصعيد. ورغم صعوبة الظهور الإعلامى لنساء الصعيد للدفاع عن حقوقهن الشرعية، بحكم العادات والتقاليد والخطر الذى يهددهن من عائلاتهن، إلى جانب مخاوف من قطع صلة الرحم، فإن رقية تحدت عادات «الصعيد الجوانى» معتمدة على كونها صاحبة حق مستعينة بحديث «الساكت عن الحق شيطان أخرس».. إنها سيدة ضعيفة منهكة ترتدى ملابس سوداء تحمل ملامح وجهها حزنا وشقاء داما سنوات كثيرة، تبين أثرهما من العذاب والكفاح فى أروقة المحاكم، تشكو إلى الله حقها الشرعى الذى استولى عليه أشقاؤها مرددة «حسبى الله ونعم الوكيل» والدموع فى عينيها، وتردد «ضاعت حياتى لا زوج ولا أسرة ولا أهل، وبقيت فى نظر الجميع مجنونة، لأنى طالبت بحقى فى طين أبويا».المزيد

سمية: أعمامى لا يتركون «فرضا».. ويأكلون مال اليتامى
سمية تتحدث للمصري اليوم

لا يختلف نساء الوجه البحرى عن الوجه القبلى كثيرًا فى الموروث الثقافى الخاطئ بحرمان المرأة من ميراثها الشرعى، سوى أن النسبة أقل بشكل طفيف، وفى حالة سمية إسماعيل غانم البالغة من العمر 33 سنة، والمقيمة بقرية النسامية مركز المنزلة بمحافظة الدقهلية، اغتصب أعمامها حقها لكونها يتيمة، حيث يبلغ الميراث الخاص بها 3 أفدنة ونصف، ووصلت قضيتها إلى الشروع فى قتلها، حتى إن أبناء أعمامها وأعمامها تعدوا عليها وعلى أشقائها لمجرد مطالبتهم بحقها فى ميراثها، وتلقى اثنان من أشقائها طلقات نارية.

تقول سمية إن والدتها تزوجت من والدها وأنجبتها هى وشقيقها محمد، وعندما توفى والدها إسماعيل تزوجت والدتها من شقيقه «سامى» وأنجبت منه 4 أبناء، ليصبحوا أشقاء سمية، ورغم أن أخاها الشقيق محمد حصل على جزء من ميراثه إلا أن أعمامها رفضوا منحها أى جزء من الميراث.المزيد

وفاء.. 22 عامًا فى المحاكم والمحصلة «صفر»
وفاء أمين

حرمان المرأة من الميراث لا يكون من الأب أو الأخ دائمًا، ولكنه فى بعض الأحيان قد يأتى من شقيق الزوج، هذا ما حدث مع وفاء أمين، البالغة من العمر 60 عامًا والمقيمة بمركز طامية بمحافظة الفيوم والتى روت لـ«المصرى اليوم» تفاصيل مأساتها قائلة: «أنا محرومة من ميراث زوجى، وكان عنده عقارين، وعندى ولدين ذكور اتحرموا من ميراث أبوهم، بعد أن استولى أعمامهم على ميراثهم، ليأكلوا مال اليتامى». وتضيف: «زوجى كان يعمل فى التدريس، وسافر عدة دول عربية منها السعودية والأردن، وفى إحدى الإجازات اشترى أرضا وبنى عليها بيتا، وعددا من المحال التجارية، ولدينا أوراق تثبت ذلك، وأثناء حياتى مع زوجى وقعت بينى وبينه خلافات بسبب أسرته، حيث سعوا للتفريق بينى وبينه، وأخذوا أمواله، وحاولوا تزويجه من امرأة أخرى، وقام شقيقه بفتح ورشة نجارة بأحد محال منزلنا، وعندما شعر بطمعهم عاد إلىّ واشترينا شقة بعيدًا عن المنزل الذى نمتلكه، لكنه أصابه المرض، بسبب القهر الذى تعرض له من أسرته فمات وهو فى عمر 36 سنة».المزيد

ليلى.. قبلت «الرضوة» خوفا من غضب أشقائها
المرأة الصعيدية تواجه مشكلات فى الحصول علي ميراثها - صورة أرشيفية

إلى نجع حمادى بقنا لم يختلف حال ليلى شكرى سليمان، ذات الأربعين ربيعًا، عن حال بقية فتيات الصعيد المحرومات، سوى أنها رفضت الظهور إعلاميا لتتحدث عن معاناتها، فطالبت زوجها عاطف محمود، رئيس الاتحاد الإقليمى لنقابات جنوب الصعيد، بأن يكون بديلا لها فى إيصال معاناتها خوفا من غضب أشقائها، والذى سرد قصتها قائلا: «زوجتى الأخت الرابعة بين ولدين وبنت أخرى، والدها يمتلك أربعة أفدنة، لكن والدها حرمها من ميراثها مثلما يفعل أغلب الآباء، حيث كتب الأرض باسم ولديه، رغم أن زوجتى طبقا للشرع لها فدان، لكن شقيقها دفع لها رضوة تقدر بحوالى 30 ألف جنيه، رغم أن الفدان ثمنه الحقيقى 720 ألف جنيه، وقد تساوى قيمته المليون جنيه». ويضيف عاطف: «لم أستطع المطالبة بحقها لأنهم وقتها سيطالبوننى بالانفصال عنها، وقد يقتلونها، وحتى إن لجأت للمحاكم لن تحصل على شىء لأنها محرومة من الميراث بأمر والدها، الذى طالبته أثناء احتضاره بإعطائها حقها خوفا من الحساب، فرد قائلا على فراش الموت «دى عاداتنا وتقاليدنا، وربنا هو اللى هيحاسبنى، وأنا وهو أحرار».المزيد

«علماء الدين»: الميراث حق شرعى للمرأة.. وحرمانها منه «جاهلية»
جمال قطب

أكد علماء الدين أحقية المرأة فى حصولها على الميراث الشرعى.. وقال الدكتور جمال قطب، رئيس لجنة الفتوى السابق بالأزهر الشريف، إن حرمان المرأة من ميراثها حرام شرعًا، مشيرًا إلى أن الله أوجب للرجل والمرأة نصيبًا مقدرًا من تركة من تربطه بها علاقة تعد سببا من أسباب الإرث، إلا أن عددا كبيرًا، بسبب الطمع وعادات الجاهلية، يجتهد فى حرمان بعض الورثة من حقه فى تركة مورثه، وأكثر ما يكون هذا بالنسبة للإناث، خاصة فى المجتمعات الريفية، لافتا إلى أن سورة النساء تضم أكثر آيات المواريث وتقرر حق الأنثى فى الميراث، بقول الله تعالى: «يُوصِيكُمُ اللّهُ فى أَوْلاَدِكُمْ لِلذَّكَرِ مِثْلُ حَظِّ الأُنثَيَيْنِ».

وأضاف «قطب» لـ«المصرى اليوم» أن جميع الأبناء لابد أن يرثوا آباءهم، طبقا للشرع وعدل الله، «ومن يقرر أن الميراث من عقارات وأراض للرجال فقط فهذا فكر جاهلى غير عادل وعادات تتوراثها الأجيال بموروث ثقافى خاطئ، والدليل على ذلك أن عددًا كبيرًا من عائلات المجتمعات الريفية والصعيدية يرثون مقابر عائلاتهم ويحرمون بناتهم حينما يتوفين من الدفن بها، مبررين ذلك بأن البنت تدفن عند زوجها، وحينما لا تنجب وقتها يسمحون بدفنها فى مقابر أبويها، وهذا أيضًا تقليد سائد فى بعض المجتمعات، يدل على التفرقة بين الذكر والأنثى فى الحقوق والواجبات».المزيد

نائبات فى البرلمان: مواريث النساء على رأس أولوياتنا
امنة نصير

الدكتورة آمنة نصير، أستاذ العقيدة والفلسفة بجامعة الأزهر وعضو مجلس النواب، تقول إنه لتفعيل قانون المواريث لابد من طرحه لحوار مجتمعى قبل إقراره، ونشر حملات توعية بحق المرأة فى ميراثها، حتى لا يصطدم بالموروثات الثقافية الخاطئة، مضيفة أن تفعيل القوانين فى مصر للأسف وتطبيقها لا يصل إلى نسبة 5%، وذلك يعود إلى الثقافة المجتمعية السائدة، وخاصة فى الصعيد، حيث تخجل المرأة وتشعر بالعار إذا طالبت بحقها الشرعى.

وتضيف «نصير» لـ«المصرى اليوم» «كثير من العائلات تزوج بناتها لأبناء الأعمام حبًا فى الأرض وحتى لا يذهب الميراث لغريب قادم من عائلة أخرى، وكثير من كبراء العائلات يجلسون ببناتهم، ويؤكدون لهن (إذا تزوجت من الخارج ليس لك ميراث)، ويلجأون إلى المراضاة فى المواريث، التى لا ترقى لأى نسبة من الميراث الحقيقى»، موضحة أن الموروث الثقافى الخاطئ يتصدى لقانون المواريث، لأن العرف والعادات الموروثة تتغلب على النص.المزيد

منظمات حقوقية: مقترح القانو ن الجديد يقنن «سرقة الميراث»
نهاد أبو القمصان

قوبل مقترح قانون المواريث الجديد بالعديد من الانتقادات واعترفت الدكتورة فاطمة بدران، مدير مشروعات باتحاد نساء مصر، بأن قانون المواريث سيصادف إشكالية فى التطبيق، خاصة فى النجوع وقرى الصعيد، قائلة إن 95% من نساء جنوب الصعيد محرومات من الميراث، خاصة فى محافظات قنا وسوهاج وأسيوط، مشيرة إلى أن مطالبة المرأة بميراثها تؤثر بالسلب فى علاقاتها الاجتماعية والأسرية وعائلتها الأم، وتصل إلى درجة المقاطعة والامتهان، كما تُتهم المرأة ببيع أهلها من أجل شراء أسرة زوجها.

وأضافت «بدران» أن نسب حرمان المرأة من ميراثها تتفاوت فى محافظات الصعيد، لكن أعلاهم فى النسبة هى قنا وسوهاج وأسيوط بنسبة 95%، بينما تصل فى المنيا وبنى سويف إلى 60%.

وأوضحت أنه لتفعيل القانون هناك حاجة ماسَّة إلى حملات من جميع منظمات المجتمع المدنى للتوعية فى المحافظات، بالاستعانة برجال الدين، مع التأكيد على وجود شق عقابى لمن يمتنع عن تمكين المرأة من حقوقها، بأنه سيعاقب طبقا للقانون، وعلى السيدة التى تُحرم من ميراثها أن تتقدم بشكوى ولا تتراجع عن المطالبة بحقها، بدعوى أن هذا شقيقها وهؤلاء أهل زوجها ولا يصح مقاضاتهم.المزيد

علماء اجتماع: الجاهلية والثقافة الذكورية سبب حرمان المرأة من ميراثها
هدي زكريا

لا شك أن لحرمان المرأة من حقها فى الميراث آثارا اجتماعية عليها وعلى أبنائها، من بينها ضعف مشاركة المرأة فى الحياة الاقتصادية نتيجة ضعف فرصها المادية، ما يؤدى بدوره إلى عدم العدالة فى توزيع الموارد الاقتصادية بين الأفراد فى المجتمع، وتركيزها فى يد الرجال فقط، وإيجاد طاقات إنتاجية معطلة لعدم وجود موارد مادية واقتصادية لدى هذه المرأة، إلى جانب انتشار بعض مظاهر العنف الأسرى نتيجة الصراع على الملكية.

تقول الدكتورة سامية خضر، أستاذ علم الاجتماع بجامعة عين شمس، إن المحاكم أصبحت مزدحمة بقضايا الميراث، مشيرة إلى أن محكمة الأسرة لها دور كبير فى الوقوف فى صف المرأة، وأن هناك محاميات ساندن المرأة خاصة فى جنوب الصعيد، باعتباره الأعلى نسبة من حيث انتشار الظاهرة، بسبب الموروث الثقافى الخاطئ.

وتضيف «خضر» لـ»المصرى اليوم»: «تجد المرأة صعوبة كبيرة لحصولها على حقها بسبب ضعفها وجهلها والموروث الثقافى الخاطئ، للأسف المرأة تعمل فى الأرض وتحرم من ميراثها فيها».المزيد

«قانونيون» يقترحون.. وضع حراسة على «التركة» لتقسيمها بالعدل
امل عمار

اقترح عدد من القانونيين تغليظ العقوبات فى القانون الجديد وقال ياسر عبدالجواد، باحث قانونى ومستشار مؤسسة قضايا المرأة، إن «هناك مشكلة اجتماعية موجودة فى بعض مناطق الصعيد، وهى عدم توريث المرأة، خاصة إذا كان الميراث عقارًا، أى أرضا أو منزلا مثلا، وفى هذا مخالفة صريحة لقانون المواريث المستمد من الشريعة الإسلامية».

ويضيف «أرى أن جزءًا مهمًا من حل هذه المشكلة إضافة مادة إلى قانون المواريث بتجريم الحرمان من الميراث، ووضع عقوبة جنائية مغلّظة للمتسبب فى ذلك».

وتابع قائلا إنه وضع بمعاونة مجموعة من خبراء القانون مشروعًا لهذا التعديل بعد أن استجابت الحكومة لدعوات تعديل قانون المواريث الصادر فى يناير 2016، ووافقت على مشروع قانون للمواريث، تمهيدا لإرساله إلى مجلس النواب لمناقشته والموافقة عليه، تمهيدا لإصداره». وعن كيفية تفعيل القانون قال «عبدالجواد» إنه لابد من إطلاق حملات لتجريم الحرمان من الميراث، «وهذا هو دور الإعلام والمجتمع المدنى فى التوعية بخطورة هذه الظاهرة، ومخالفتها للقانون وللشريعة الإسلامية»، مبديًا اعتراضه على العقوبة المقترحة من الحكومة ضمن قانون المواريث، حيث طالب بزيادتها على ستة أشهر، وأردف «ليست كافية لذلك كان اقتراح المجتمع المدنى هو أن تتراوح العقوبة بين سنة وثلاث سنوات سجنًا لتكون رادعة».المزيد

إحصائيات وأرقام

95%

من نساء جنوب الصعيد محرومات من الميراث.

96%

من الرجال فى أسيوط يقرون بحق المرأة فى ميراثها.

٩٣%

من الرجال فى سوهاج يقرون بحق المرأة فى ميراثها.

٩٣%

من السيدات فى أسيوط يعرفن حقوقهن فى الميراث.

٨٨%

من السيدات فى سوهاج على دراية بحقوقهن فى الميراث.

٨٤%

من الرجال فى أسيوط لا يؤيدون حصول المرأة على ميراثها.

٨٨%

من الرجال فى سوهاج لا يؤيدون حصول المرأة على ميراثها.

٧٣%

من السيدات فى أسيوط حصلن على ميراثهن لكن لا يستطعن التصرف فيه.

٦٠%

من السيدات فى سوهاج لا يستطعن التصرف فى ميراثهن.

٦٠%

نسبة حرمان المرأة من ميراثها فى المنيا وبنى سويف.

سوهاج وأسيوط الأعلى نسبة فى انتشار ظاهرة حرمان المرأة من الميراث.

المصري اليوم